
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أَيُّ العُيـــونِ تُجــانِبُ الأَقــذاءَ
أَم أَيُّ قَلـــبٍ يَقطَــعُ البُرَحــاءَ
وَالمَـوتُ يَقنِـصُ جَمـعَ كُـلِّ قَبيلَـةٍ
قَنــصَ المَريــعِ جــاذِراً وَظِبـاءَ
يَتَنـاوَلُ الضـَبَّ الخَبيثَ مِنَ الكُدى
وَيَحُــطُّ مِــن عَليائِهـا الشـُغواءَ
تَبكـي عَلـى الدُنيا رِجالٌ لَم تَجِد
لِلعُمــرِ مِـن داءِ المَنـونِ شـِفاءَ
وَالــدَهرُ مُختَــرِمٌ تَشــُنُّ صـُروفُهُ
فــي كُــلِّ يَــومٍ غــارَةً شـَعواءَ
إِنَّ بَنـو الـدُنيا تَسـيرُ رِكابُنـا
وَتُغـــــالِطُ الإِدلاجَ وَالإِســــراءَ
وَكَأَنَّنـا فـي العَيـشِ نَطلُـبُ غايَةً
وَجَميعُنــا يَــدَعُ الســِنينَ وَراءَ
أَيـنَ المَعـاوِلُ وَالغَطارِفَةُ الأولى
هَجَـروا الـدِيارَ وَعَطَّلـوا الأَفناءَ
فَـاِخلِط بِصـَوتِكَ كُـلَّ صـَوتٍ وَاِستَمِع
هَـل فـي المَنـازِل مَن يُجيبُ دُعاءَ
وَاِشـمُم تُـرابَ الأَرضِ تَعلَـم أَنَّهـا
جَربــاءُ تُحــدِثُ كُــلَّ يَــومٍ داءَ
كَــم راحِــلٍ وَلَّيــتُ عَنـهُ وَمَيِّـتٍ
رَجَعَــت يَــدي مِـن تُربِـهِ غَـبراءَ
وَكَـذا مَضـى قَبلـي القُرونُ يَكُبُّهُم
صــَرفُ الزَمــانِ تَســَرُّعاً وَنَجـاءَ
هَــذا أَميــرُ المُــؤمِنينَ وَظِلُّـهُ
يَســَعُ الــوَرى وَيُجَلِّــلُ الأَحيـاءَ
نَظَـرَت إِلَيـهِ مِـنَ الزَمـانِ مُلِمَّـةٌ
كَـاللَيثِ لا يُغضـي الجُفـونَ حَيـاءَ
وَأَصــابَهُ صــَرفُ الــرَدى بِرَزيَّـةٍ
كَالرُمـــحِ أَنهَـــرَ طَعنَــةً نَجلاءَ
مـاذا نُؤَمِّـلُ في اليَراعِ إِذا نَشَت
ريــحٌ تَــدُقُّ الصــَعدَةَ الصــَمّاءَ
عَصــَفَ الــرَدى بِمُحَمَّــدٍ وَمُــذَمَّمٍ
فَكَأَنَّمــا وَجَــدَ الرِجــالَ سـَواءَ
وَمُصـابُ أَبلَـجَ مِـن ذُؤابَـةِ هاشـِمٍ
وَلَــجَ القُبـورَ وَأَزعَـجَ الخُلَفـاءَ
وَتَـرَ الـرَدى مَـن لَو تَناوَلَ سَيفَهُ
يَومـاً لَنـالَ مِـنَ الـرَدى ما شاءَ
غُصـــنٌ طَمـــوحٌ عَطَّفَتــهُ مَنيَّــةٌ
لِلخـــابِطينَ وَطــاوَعَ النَكبــاءَ
يـا راحِلاً وَرَدَ الثَـرى فـي لَيلَـةٍ
كــادَ الظَلامُ بِهــا يَكـونُ ضـِياءَ
لَمّـا نَعـاكَ الناعِيانِ مَشى الجَوى
بَيــنَ القُلــوبِ وَضَعضـَعَ الأَحشـاءَ
وَاِسـوَدَّ شـَطرُ اليَـومِ تَرجُـفُ شَمسُهُ
قَلَقــاً وَجَــرَّ ضــِياؤُهُ الظَلمـاءَ
وَاِرتَــجَّ بَعــدَكَ كُـلُّ حَـيٍّ باكِيـاً
فَكَأَنَّمــا قُلِــبَ الصــَهيلُ رُغـاءَ
قَــبرٌ تَخَبَّــثَ بِالنَســيمِ تُرابُـهُ
دونَ القُبـــورِ وَعَقَّــلَ الأَنــواءَ
تَلقـاهُ أَبكـارُ السـَحابِ وَعونُهـا
تَلقــى الحَيــا وَتُبَـدِّدُ الأَنـداءَ
مُتَهَلِّــلُ الجَنَبــاتِ تَضـحَكُ أَرضـُهُ
فَكَــأَنَّ بَيــنَ فُروجِــهِ الجَـوزاءَ
أَولـى الرِجـالِ بِـرَيِّ قَـبرٍ ماجِـدٍ
غَمَــرَ الرِجــالَ تَبَرُّعــاً وَعَطـاءَ
وَلَـوَ اَنَّ دُفّـاعَ الغَمـامِ يُطيعُنـي
لَجَـرى عَلـى قَـبرِ اللَئيـمِ غُثـاءَ
لازالَ تَنطُــفُ فَـوقَهُ قِطَـعُ الحَيـا
بِمُجَلجِـــلٍ يَــدَعُ الصــُخورَ رَواءَ
وَتَظُــنُّ كُــلَّ غَمامَــةٍ وَقَفَـت بِـهِ
تَبكـــي عَلَيـــهِ تَـــوَدُّداً وَوَلاءَ
وَإِذا الرِيــاحُ تَعَرَّضــَت بِتُرابِـهِ
قُلنــا السـَماءُ تَنَفَّـسُ الصـُعَداءَ
إِيُّهـا تَمَطَّـرَ نَحـوَكَ الـداءُ الَّذي
قَــرَضَ الرِجــالَ وَفَـرَّقَ القُرَبـاءَ
إِنَّ الرِمــاحَ رُزِئنَ مِنــكَ مُشـَيَّعاً
غَمــرَ الــرِداءِ مُهَــذَّباً مِعطـاءَ
وَطَويــلَ عَظـمِ السـاعِدَينِ كَأَنَّمـا
رَفَعَــت بِعِمَّتِــهِ الجِيــادُ لِـواءَ
وَلَقَيــنَ بَعــدَكَ كُـلَّ صـُبحٍ ضـاحِكٍ
يَومــــاً أَغَـــمَّ وَلَيلَـــةً لَيلاءَ
أَنعــاكَ لِلخَيـلِ المُغيـرَةِ شـُزَّباً
وَاليَــومَ يَضـرِبُ بِالعَجـاجِ خِبـاءَ
وَلَخَــوضِ سـَيفِكَ وَالفَـوارِسُ تَـدَّعي
حَربــاً يَجُــرُّ نِــداؤُها الأَسـماءَ
وَغَيابَـــةٍ فَرَّجتَهـــا وَمَقامَـــةٍ
ســـَدَّدتَ فيهـــا حُجَّـــةً غَــرّاءَ
وَخَلَطــتَ أَقـوالَ الرِجـالِ بِمِقـوَلٍ
ذَرِبٍ كَمــا خَلَــطَ الضـَرّابُ دِمـاءَ
وَمَطيَّـــةٍ أَنضـــَيتَها وَكِلاكُمـــا
تَتَنازَعـــانِ الســَيرَ وَالإِنضــاءَ
إِنَّ البُكــاءَ عَلَيــكَ فَـرضٌ واجِـبٌ
وَالعَيــشُ لا يُبكــى عَلَيـهِ رِيـاءَ
بِأَبيــكَ يَطمَـحُ نَحـوَ كُـلِّ عَظيمَـةٍ
طَـــرفٌ تَعَلَّــمَ بَعــدَكَ الإِغضــاءَ
فَاِسـلَم أَميـرَ المُـؤمِنينَ وَلا تَزَل
تُجـري الجِيـادَ وَتُحـرِزُ الغُلـواءَ
فَـإِذا سـَلِمتَ مِـنَ النَوائِبِ أَصبَحَت
تَرضــى وَنَرضــى أَن يَكـونَ فِـداءَ
وَلَئِن تَسـَلَّطَتِ المُنـونُ لَقَـد أَتَـت
مــا رَدَّ لَــومَ اللائِميــنَ ثَنـاءَ
وَهَبَـت لَنـا هَذا الحُسامَ المُنتَضى
فينــا وَهَــذي العِـزَّةَ القَعسـاءَ
نَهنَهــتَ بــادِرَةَ الـدُموعِ تَجَمُّلاً
وَالعَيــنُ تُــؤنِسُ عَــبرَةً وَبُكـاءَ
فَاِستَبِق دَمعَكَ في المَصائِبِ وَاِعلَمن
أَنَّ الـــرَدى لا يُشــمِتُ الأَعــداءَ
وَتَســَلَّ عَــن سـَيفٍ طَبَعـتَ غِـرارَهُ
وَأَعــرتَ شــَفرَتَهُ ســَناً وَمَضــاءَ
وَالصــَبرُ عَـن وَلَـدٍ يَجِـئُ بِمِثلِـهِ
أَولـــى وَلَكــن نَنــدُبُ الآبــاءَ
فَلَقَـد رَجَعـتَ عَـنِ المُطيـعِ بِسَلوَةٍ
مِـن بَعـدِ مـا جَـرَتِ الدُموعُ دِماءَ
وَالإِبـــنُ لِلأَبِ إِن تَعَــرَّضَ حــادِثٌ
أَولـى الأَنـامِ بِـأَن يَكـونَ وِقـاءَ
وَإِذا اِرتَقـى الآبـاءُ أَمنَـعَ نَجوَةٍ
فَــدَع الــرَدى يَسـتَنزِلُ الأَبنـاءَ
وَرَدَ الزَمـانُ بِـهِ وَأَورَدَهُ الـرَدى
بَغيـــاً فَأَحســَنَ مَــرَّةً وَأَســاءَ
وَرَمـى سـِنيهِ إِلـى الحِمامِ كَأَنَّما
أَلقــى بِهــا عَـن مَنكِبَيـهِ رِداءَ
فَلتَعلَــمِ الأَيّـامُ أَنَّـكَ لَـم تَـزَل
تَفــري الخُطـوبَ وَتَكشـِفُ الغَمّـاءِ
خَضـَعَت لَـكَ الأَعـداءُ يَـومَ لَقيتَها
جَلــداً تُجَــرِّدُ لِلمُصــابِ عَــزاءَ
وَتَمَطَّــتِ الزَفــراتُ حَتّــى قَـوَّمَت
ضــِلعاً عَلــى أَضــغانِها عَوجـاءَ
وَمُضـــاعِنٍ مَلآنَ يَكتُـــمُ غَيظَـــهُ
جَزَعـاً كَمـا كَتَـمَ المَـزادُ الماءَ
مُتَحَــرِّقٌ فَــإِذا رَأَتــكَ لِحــاظُهُ
نَســِيَت مَجــامِعُ قَلبِـهِ الشـَحناءَ
وَأَمّــا وجــودُكَ إِنَّـهُ قَسـَمٌ لَقَـد
غَمَــرَ القُلـوبَ وَأَنطَـقَ الشـُعَراءَ
وَأَنـا الَّـذي والَيـتُ فيكَ مَدائِحاً
وَعَبَــأتُ لِلبــاغي عَلَيــكَ هِجـاءَ
وَنَفَضــتُ إِلّا مِــن هَـواكَ خَـواطِري
نَفــضَ المُشــَمِّرِ بِـالعَراءِ وِعـاءَ
فَاِسـلَم وَلا زالَ الزَمـانُ يُعيرُنـي
طَمَعــاً يَمُــدُّ إِلـى نَـداكَ رَجـاءَ
محمد بن الحسين بن موسى، أبو الحسن، الرضي العلوي الحسيني الموسوي.أشعر الطالبيين على كثرة المجيدين فيهم.مولده ووفاته في بغداد، انتهت إليه نقابة الأشراف في حياة والده وخلع عليه بالسواد وجدد له التقليد سنة 403 هـ.له ديوان شعر في مجلدين، وكتب منها: الحَسَن من شعر الحسين، وهو مختارات من شعر ابن الحجاج في ثمانية أجزاء، والمجازات النبوية، ومجاز القرآن، ومختار شعر الصابئ، ومجموعة ما دار بينه وبين أبي إسحاق الصابئ من الرسائل.توفي ببغداد ودفن بداره أولاً ثمّ نقل رفاته ليدفن في جوار الحسين رضي الله عنه، بكربلاء.