
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
بـانَتْ سـُعادُ وَمـا أَوْفَتْـكَ مـا تَعِدُ
فَــأَنْتَ فِــي إِثْرِهــا حَـرَّانُ مُعْتَمَـدُ
أَحْلَـى مِـنَ الشـَّهْدِ مَوْعُوداً وَلَيْسَ لَها
مِمَّــا تُعاطِيــكَ إلَّا الْبُخْـلُ وَالْبَعَـدُ
قـامَتْ تُرِيـكَ أَثِيـثَ النَّبْـتَ مُنْسـَدِلاً
وَمـاءَ عَيْنَيْـنِ لَـمْ يَأْخُـذْهُما الرَّمَـدُ
قَـدْ زيَّـنَ اللَّـهُ فِـي قَلْبِـي مَوَدَّتَها
تَكـادُ تَنْفَـتُّ مِـنْ وَجْـدٍ بِهـا الْكَبِـدُ
وَجْــدِي بِهــا وَجْـدُ مِقْلاتٍ بِواحِـدِها
وَلَيْــسَ يَلْقَــى مُحِـبٌّ مِثْـلَ مـا أَجِـدُ
تَـرَى الْبَنـانَ بِـهِ التَّطْرِيـفُ مُخْتَضِباً
يَكــادُ مِــنْ رِقَّــةٍ وَاللِّيـنِ يَنْعَقِـدُ
خَمْصــانَةُ الْكَشــْحِ مُرْتَــجٌّ رَوادِفُهـا
مِثْـــلُ الْقَنـــاةِ فَلا قَصــْرٌ وَلا أَوَدُ
كَــأَنَّ مِشــْيَتَها وَالثِّقْــلُ يَغْلِبُهـا
غُصــْنٌ إِذا حرَّكَتْــهُ الرِّيــحُ يطَّــرِدُ
يـا خَيْـرَ حِـبٍّ إِذا مـا غـابَ صاحِبُهُ
أَزْرَى بِــهِ عِنْـدَهُ الْواشـُونَ والْحُسـُدُ
لُكِــلِّ ذَلِــكَ مِنْهــا أَنْــتَ مُنْقَبِـضٌ
حَتَّـى مَتَـى يَعْتَرِيـكَ الشـَّوْقُ وَالْكَمَـدُ
ســَلْ حَـيَّ تَغْلِـبَ عَـنْ بَكْـرٍ ووَقْعَتِهِـمْ
بِـالْحِنْوِ إِذْ خَسـِرُوا جَهْراً وَما رَشَدُوا
إِذْ نَحْـنُ حَيَّـانِ حَـلَّ النَّـاسُ بَيْنَهُمـا
وَقَـدْ جَهَـدْنا لَهُـمْ بِالْجَمْعِ واجْتَهَدُوا
وَحَــثَّ للرُّســْلِ مِنَّـا فِـي مجالِسـِهِمْ
وَمِنْهُـمُ فِـي جَمِيـعِ الْحَـيِّ فارْتَعَـدُوا
فَـــأَقْبَلُوا بِجنـــاحَيْهِمْ يَلُفُّهُمــا
مِنَّـا جَناحـانِ عِنْـدَ الصـُّبْحِ فَاطَّرَدُوا
فَأَصــْبَحُوا ثُــمَّ صـَفُّوا دُونَ بِيضـِهِمُ
وَأَبْرَقُـوا سـاعَةً مِـنْ بَعْـدِ ما رَعَدُوا
وَأَيْقَنُــوا أنَّ شــَيْباناً وإخْــوَتَهُمْ
قَيْسـاً وَذُهْلاً وَتَيْـمَ اللَّاتِ قَـدْ رَصـَدُوا
وَيَشـــْكُرٌ وبَنُــو عِجْــلٍ وَإِخْــوَتُهُمْ
بَنُــو حَنِيفَــةَ لا يُحْصــَى لَهُـمْ عَـدَدُ
إلَيْهِــــمُ وَبِأَيْــــدِيهِمْ مُهَنَّــــدَةٌ
مِثْـلُ الْمَخـاريقِ تَفْـرِي كُـلَّ مـا تَجِدُ
ثُـمَّ الْتَقَيْنـا وَنـارُ الْحَـرْبِ ساطِعَةٌ
وَســَمْهَرِيُّ الْعَــوالِي بَيْنَنــا قَصــِدُ
نُسـْقَى وَنَسـْقِي حِمـامَ الْمَـوْتِ وارِدَهُ
حَــوْضَ الْمَنايـا ومِـنْ أَعْراضـهِ نَـرِدُ
ثُــمَّ الْتَقَيْنـا كِلا الْحَيَّيْـنِ مُحْتَضـِرٌ
حَــرَّ الســُّيُوفِ وَنَصـْلاها إِذا ركَـدُوا
طَــوْراً نُـدِيرُ رَحانـا ثُـمَّ نَطْحَنُهُـمْ
طَحْنــاً وَطَــوْراً نُلاقِيهِــمْ فَنَجْتَلِــدُ
إِذا أَقُــولُ تَخَلَّــوْا عَـنْ هَزِيمَتِهِـمْ
كَــرُّوا عَلَيْنــا حُمــاةً كُلُّهُـمْ حَـرِدُ
حَتَّـى إذا الشَّمْسُ دارَتْ أَمْعَنُوا هَرَباً
عَنَّـا وَخَلَّـوْا عَـنِ الْأَمْـوالِ وَانْجَرَدُوا
لا يَلْبَثُـــونَ عَــنِ الْأَوْلادِ تَنْشــُدُهُمْ
وَلا النِّســاءِ وَلا يَـأْلُونَ مـا بَعُـدُوا
قَـدْ قـرَّتِ الْعَيْنُ مِنْ عِمْرانَ إذْ قُتِلَتْ
وَمِـنْ عَـدِيٍّ مـعَ الْقَمْقـامِ إذْ جُهِـدُوا
وَمِــنْ زُهَيْــرٍ وَمِــنْ غَنْـمٍ وَإِخْوَتِهـا
وَمِـنْ حُبَيْـبٍ أَصـابُوا الذُّلَّ فَانْفَرَدُوا
وَمِـنْ بَنِـي الْأَوْسِ إِذْ شـُلَّتْ قَبِيلَتُهُـمْ
لا يَنْفَعُـــونَ وَلا ضــَرُّوا ولا حُمِــدُوا
فَـرُّوا إِلـى النَّمْـرِ مِنَّـا وَهْوَ عَمُّهُمُ
فَمـا وَفَـى النَّمْرُ إِذْ طارُوا وَهُمْ مُدُدُ
وَصــادَفُوا جَمْعَنـا نَفْـرِي جَمـاجِمَهُمْ
بِالْمَشــْرَفِيَّةِ حَتَّــى كُلُّهُــمْ رَشــَدُوا
صـــارُوا ثَلاثَـــةَ أَثْلاثٍ فَثُلْثُهُـــمُ
أَســـْرَى تَنـــازَعُهُ الْأغْلالُ وَالْقِــدَدُ
وَثُلْثُهُـــمْ جَــزَرٌ صــَرْعَى تَنُوشــُهُمُ
عُـرْج الضـِّباعِ وَزُرْقُ الطَّيْـرِ والْفُهُـدُ
وَقَـدْ رَفَعْنـا عَـنِ الْبـاقِينَ رَحْمَهُـمُ
عَفْـواً غَفَرْنـا وَفَضـْلاً إِذْ هُـمُ جُهِـدُوا
إنَّــا لَنَمْنَــعُ مَرْعانــا وَسـاحَتَنا
مِنَّـا فَلَسـْنا لَـدَى الْهَيْجـاءِ نُضـْطَهَدُ
الطَّـاعِنُونَ إِذا مـا الْخَيْـلُ شَمَّصـَها
وَقْـعُ الْقَنـا وَهْيَ مِنْ وَقْعِ الْقَنا حُرُدُ
الضــَّارِبُونَ إِذا مــا حَوْمَـةٌ كَلِبَـتْ
فَنَحْــنُ فِيهـا إِذا جَـدَّ الْـوَغَى أُسـُدُ
نَحْـنُ الْفَـوارِسُ نَغْشـَى النَّـاسَ كُلَّهُـمُ
وَنَقْتُــلُ النَّـاسَ حَتَّـى يُـوحِشَ الْبَلَـدُ
لَقَــدْ صــَبَحْنَاهُمُ بِــالْبِيضِ صـافِيَةً
عِنْــدَ اللِّقــاءِ وَحَـرُّ الْمَـوْتِ يَتَّقِـدُ
وَقَـدْ فَقَـدْنا أُناسـاً مِـنْ أَماثِلِنـا
وَمِثْلَهُـمْ فَكَـذاكَ الْقَـوْمُ قَـدْ فَقَـدُوا
وَقَــدْ جَزِعْتُـمْ وَلَـمْ تَجْـزَعْ غـداتَئِذٍ
مِنَّـا النُّفُـوسُ وَلَـمْ تَخْضـَعْ لِمـا نَجِدُ
فَاســْأَلْ بِجَيْشــِكَ لَمَّــا فُـلَّ جَمْعُهُـمُ
وَاسْأَلْ بِهِمْ عِنْدَ وَقْعِ الْحَرْبِ إِذْ هَمَدُوا
وَقَــدْ قَتَلْنــاكُمُ فِــي كُـلِّ مُعْتَـرَكٍ
حَتَّــى أَوَيْتُــمْ وَلا يَـأْوِي لَكُـمْ أَحَـدُ
حَتَّـى الرِّمـاحُ ظِمـاءٌ بَعْـدَما نَهِلَـتْ
وَالْحَــرْبُ مِنَّـا وَمِنْكُـمْ وَجْهُهَـا صـَلِدُ
والْخَيْــلُ تَعْلَـمُ أَنِّـي مِـنْ فَوارِسـِها
يَـوْمَ الطِّعـانِ وَقَلْـبُ النِّكْـسِ يَرْتَعِـدُ
وَقَــدْ حَلَفْــتُ يَمِينــاً لا أُصـالِحُكُمْ
مـا دامَ مِنَّـا وَمِنْكُـمْ فِـي الْمَلا أَحَدُ
حَتَّــى نُبيــدَكُمُ بِالســَّيْفِ ثانِيَــةً
وَنُشــْبِعَ الطَّيْـرَ والـذُّؤْبانَ إِذْ تَفِـدُ
وَنَتْــرُكَ الْأَرْضَ بِالتَّــامُورِ ناجِعــةً
مِنْكُــمْ ســُيُولاً فَلا يَـذْهَبْ لَهـا قَـوَدُ
قُـلْ لِلْعَنَافِكِ فِي الْقَوْمِ الأُلَى قُتِلُوا
وَالْقَـوْلُ قَوْلُـكَ فِينـا الزُّورُ وَالْفَنَدُ
والرِّيـحُ تُضـْفِي ذُيُـولاً مِـنْ عَواصِفِها
عَلــى مَقـاعِصَ لَـمْ يُـدْفَنْ لهـا جَسـَدُ
الحارِثُ بنُ عُبادٍ، مِنْ ساداتِ قَبِيلَةِ بَكْرِ بْنِ وائِلٍ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مِنْ سادَةِ العَرَبِ وَحُكَمائِهِمْ، اعْتَزَلَ حَرْبَ البَسُوسِ وَقالَ فِيها قَوْلَتَهُ الَّتِي أَصْبَحَتْ مَثَلاً (لا ناقَةَ لِي فِيها وَلا جَمَلَ)، حَتَّى قَتَلَ المُهَلْهِلُ ابْنَهُ بُجَيْراً وَقِيلَ إنّه ابْنُ أَخِيهِ، فَثارَ الحارِثُ وَقالَ قَصِيدَتَهُ المَشْهُورَةَ (قَرِّبا مَرْبِطَ النَّعامَةِ مِنِّي) وَقد أَكْثَرَ فِي بَنِي تَغْلِبَ القَتْلَ، وَنُصِرْتْ بِهِ بَكْرٌ عَلَى تَغْلِبَ، وَعُرِفَ بِشَجاعَتِهِ وَوَفائِهِ حَتَّى قِيلَ (أَوْفَى مِنْ الحارِثِ بنِ عُبادٍ).