
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
حَــيِّ الْمَنــازِلَ أَقْفَـرَتْ بِسـَهامِ
وَعَفَــتْ مَعالِمُهــا بِجَنْـبِ بِـرامِ
جَـرَّتْ عَلَيْهـا الرَّامِسـاتُ ذُيُولَها
وَســـِجالَ كُــلِّ مُخَلْخَــلٍ ســَجَّامِ
أَقْـوَتْ وَقَـدْ كـانَتْ تَحُـلُّ بِجَوِّهـا
حُـورُ الْمَـدامِعِ مِـنْ ظِباءِ الشَّامِ
وَبِمِعْصــَمٍ عَبْــلٍ وَعَيْنَــيْ جُـؤْذَرٍ
وَمُفَلَّـــجٍ حَســَنٍ وَحُســْنِ قَــوامِ
وَرَوادِفٍ مِثْــلِ النَّقــا مَجْدُولَـةٍ
وَبِفــاحِمٍ جَثْــلِ النَّبـاتِ سـُحامِ
تَرَكَتْـكَ يَـوْمَ تَعَرَّضـَتْ لَكَ بِاللِّوى
دَنِفــاً تُعالِــجُ لَوْعَـةَ الْأَسـْقامِ
إِنَّ الْأَراقِــمَ أَصــْبَحَتْ مَســْؤُولَةً
بِقَـــرارَةٍ لِمَـــواطِئِ الْأَقْــدامِ
تَرَكَـتْ ظُبـاتُ سـُيوفِنا سـاداتِهِمْ
مــا بَيْـنَ مَصـْرُوعٍ وَآخَـرَ دامِـي
لا تَحْســَبَنَّ إِذا هَمَمْــتَ بِحَرْبِنـا
أَنَّـا لَـدَى الْهَيْجـاءِ غَيْـرُ كِرامِ
وَلَقَـدْ عَلِمْـتَ وَأَنْـتَ فِينـا شاهِدٌ
وَســُيُوفُنا تَفْـرِي فُـرُوعَ الْهـامِ
أَنَّـا لَنَمْنَـعُ بِالطِّعـانِ دِيارَنـا
وَالضــَّرْبُ تَحْســَبُهُ شـِهابَ ضـِرامِ
فَـوْقَ الْجِيـادِ شَواخِصـاً أَبْصارُها
تَعْـــدُو بِكُــلِّ مُهَنَّــدٍ صَمْصــامِ
وَلَقَــدْ نَكَأْتُــكَ نَكْـأَةً مَشـْهُورَةً
تَرَكَتْــكَ مُنْخَسـِفاً لَـدَى الْأَقْـوامِ
وَلَقَـدْ أَسـَرْتُكَ ثُـمَّ عُـدْتُ بِنِعْمَـةٍ
لَـوْ كُنْـتَ تَشـْكُرُ لِي بِها إِنْعامِي
ضـَمِنَتْ لَنـا أَرْماحُنـا وَسـُيُوفُنا
بِهَلاكِ تَغْلِـــبَ آخِـــرَ الْأَيَّـــامِ
فَلَأَتْرُكَــنَّ لِتَغْلِــبَ ابْنَــةِ وائِلٍ
بَعْـدَ الْكَـرى شـُغْلاً بِغَيْـرِ مَنـامِ
أَقْصــَدْتُكُمْ لَمَّــا قَصـَدْتُ إِلَيْكُـمُ
فَــافْخَرْ بِطَعْنَـةِ رُمْحِـهِ الْقَصـَّامِ
وَإِذا الكِـرامُ تَـذاكَرَت أَيّامَهـا
كُنْتُـمْ عَلَـى الْأَيَّـامِ غَيْـرَ كِـرامِ
فَاسـْأَلْ بِكِنْـدَةَ حِينَ أَقْبَلَ جَمْعُها
حَـوْلَ ابْـنِ كَبْشـَةَ وَابْنِ أُمِّ قَطامِ
مَلِكـانِ قَدْ قادا الْجُيُوشَ وَأَثْخَنا
بِالْقَتْــلِ كُــلَّ مُتَــوَّجٍ قَمْقــامِ
رَجَعـا وَقَـدْ نَسِيا الَّذِي قَصَدا لَهُ
وَالْخَيْـلُ تُقْـرَعُ مِثْـلَ سـَيْلِ عُرامِ
وَجَرى النَّعامُ عَلَى الْفَلاةِ جَوافِلاً
تَبْغِـي الرِّجـالَ بِـوارِدِ الْأَعْظـامِ
وَوَجَــدْتَ ثَــمَّ حُلُومَنــا عادِيَّـةً
وَكَـــــأَنَّ أَعْــــدانا بِلا أَحْلامِ
أَفَبَعْــدَ مَقْتَلِكُـمْ بُجَيْـراً عَنْـوَةً
تَرْجُـــونَ وُدّاً آخِـــرَ الْأَيَّـــامِ
كَلَّا وَرَبِّ الرَّاقِصــاتِ إِلــى مِنـىً
كَلَّا وَرَبِّ الْحِـــــلِّ وَالْإِحْــــرامِ
حَتَّـى تُقِيـدُونا النُّفُـوسَ بِقَتْلِـهِ
وَنَـرُومَ فِـي الشـَّحْناءِ كُـلَّ مَرامِ
وَتَجُـولَ رَبَّـاتُ الْخُـدُورِ حَواسـِراً
يَبْكِيــنَ كُــلَّ مُغــاوِرٍ مِرْغــامِ
الحارِثُ بنُ عُبادٍ، مِنْ ساداتِ قَبِيلَةِ بَكْرِ بْنِ وائِلٍ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مِنْ سادَةِ العَرَبِ وَحُكَمائِهِمْ، اعْتَزَلَ حَرْبَ البَسُوسِ وَقالَ فِيها قَوْلَتَهُ الَّتِي أَصْبَحَتْ مَثَلاً (لا ناقَةَ لِي فِيها وَلا جَمَلَ)، حَتَّى قَتَلَ المُهَلْهِلُ ابْنَهُ بُجَيْراً وَقِيلَ إنّه ابْنُ أَخِيهِ، فَثارَ الحارِثُ وَقالَ قَصِيدَتَهُ المَشْهُورَةَ (قَرِّبا مَرْبِطَ النَّعامَةِ مِنِّي) وَقد أَكْثَرَ فِي بَنِي تَغْلِبَ القَتْلَ، وَنُصِرْتْ بِهِ بَكْرٌ عَلَى تَغْلِبَ، وَعُرِفَ بِشَجاعَتِهِ وَوَفائِهِ حَتَّى قِيلَ (أَوْفَى مِنْ الحارِثِ بنِ عُبادٍ).