
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
فمـنْ مبلـغ عليـاهُ عنّـيَ مـنْ نَظْمِـي
رسـالَةَ مُسـتَعدٍ شـكا ظُلمـةَ الظُّلـمِ
ضــَعيفِ القُـوى أوْدَتْ بأَنضـاءِ جِسـْمه
فيـافٍ بـرتْ أهوالُهـا مُصـمتَ العظْمِ
مهــامِهُ ينضــينَ الفنيـقَ وإن قضـَتْ
على ابن سبيلٍ والتِ الجورَ في الحُكمِ
إذا ضــافَها ضــيْفٌ قَرتْــهُ بلحْمــهِ
فلـمْ يَعْـدُها إلاّ عَريّـاً مِـنَ اللّحْـم
وخيّـــمَ فيهــا كــلُّ فــظّ إذا رأى
بنيّـةَ شـخصٍ لـم يُكفكـفْ عـن الهدْمِ
يـرى أنّ حكْـمَ النبـتِ والنّـاسِ واحدٌ
فمـا ينثني فيهمْ عَنِ الخَصمِ والقَضمِ
ويرتـــاح للحُجّــاج حيــن يراهــمُ
كليـثٍ طـوى منـهُ الطّوى راح للضغْم
فكلّهـــمُ الســـّفّافُ وهــو بشــؤمِهِ
علـى قـبرهِ كـوم عظيـم مـن الرّضمِ
وأعجــبُ مــن هــذا ملـوكٌ برغمهـمْ
وجـودهم فـي الأرضِ شـرٌّ مـن العـدمِ
رضـــوا بأســامٍ لا مُحصــّل عنــدها
كطفـلٍ يرضـَّى بالمحـالِ مـن الزّعـمِ
إذا استصـرخَ المظْلـومُ منهـمْ معظّما
فقـد طلـبَ الفتوى الى غير ذي علمِ
وإن يشـكُ مضـطراً إليهـمْ فقـد شـكا
إلـى غيـر ذي فضلٍ فتى غير ذي فهمِ
ألا لاتُطِـــلْ شــكوى فلســْتَ بمشــتكٍ
إلـى ملـك الـبرّين واسكُتْ على رغمِ
فـذاكَ الـذي أفنـى الطُّغـاةَ بسـيفه
فلـمْ يبـق منهُـمْ من يشيرُ إلى ظلمِ
أبــادَهم حتّــى بـدا الغـربُ حضـرة
مُطهّــرة مــن كـلِّ عيـبٍ ومِـنْ وصـمِ
بِــذكراهُ فالهَــجْ تعْتصــِمْ بِسـعودِهِ
إذا أنـتِ لـمْ تُعْصـمْ بِسـيفٍ لهُ يُصمي
هـو المرء يغني حين يعطي وإن يصل
تقـلْ دكّـتِ الدّنيا ولم يبقَ مِن رسمِ
إذا احتــالَ مغتــال لســمِّ عــدوّهِ
فصـارمُهُ الهنـديُّ يغنـي عـنِ السـّمِّ
وإن دانَ ذو ضـــعفٍ بكيـــدٍ مكتّــمٍ
فبالسـّيف يمحـو الكيد لكن بلا كلْم
لــهُ صــارم يرنــو بعينــي مُحـدّقٍ
إلـى كـل مـنْ يخطرْ لهُ الشّرّ في وهْمِ
أراقَ دمــاءَ الظّــالمينَ فقـد غـدتْ
علـى حلّـة العلياءِ أبهى من الرّقْمِ
تـرى سـيفَهُ فـي الحربِ يهدي ويهتدي
إذا ضـلّ مـا يُرمـى وضـلّ الذي يَرمي
إذا رَصَّ فــي أمــرٍ بنــاه عزيمــة
فلا تخـشَ مـنْ وهـي ولا تخـشَ من ثلمِ
يُوافيــك منــه وافيـا أو مُعاديـا
غمــام يـروّي أو حُسـام لـه يُصـمي
لئن عَـذُبَتْ فـي السـَّمع أمـداحُ مجده
فـإنَّ نـداهُ الجـمَّ مسـتعذبُ الطّعـمِ
وإمّــا حــوى درّاً نظــامي فإنّهــا
فضـائلُه طـرّاً ومـالي سـوى النّظـمِ
لقـد لـذّ حتّـى قلـتُ إن كنـتُ أبتغي
ثوابـاً بـه فهو النّهايةُ في الظّلمِ
ينيـل يسـاراً مـن غـدا الفقرُ حلفَه
ويـولي افتقـاراً مـن تموّل بالغَشْمِ
ولا غـروَ فـي الضـّدّين إن جمعـا بـه
غنـى وافتقـار هكـذا حالـة اليـمِّ
يقيــمُ بطبــعِ الفضـل أوزانَ نظمـهِ
فقـدْ صـينَ مـنْ كـف لـديهِ ومنْ خَرْمِ
وليــس يَعُــدُّ الغُنــم مـالاً يجـوزُه
إذا عـدّه ذو البخل منْ أعظمِ الغنمِ
ولكــن نفوســاً قــد عتَـتْ وتجـبرتْ
فَحَطّمَهــا وطْــءَ المقيّــد للهــرْم
وصـــيرّها مملــوكه بعــد ملكهــا
وحــطّ عُلاهـا وهـي أبعـدُ مِـنْ نجـمِ
وعوّضــها مــن عــزة الملــك ذلـة
ومــن صـحةِ الأحـوالِ منهكـةَ السـقم
إذا حـلَ عـزم المـرءِ حـزم بـدا له
رأى الحزمَ كُلّ الحزمِ في صحةِ العزمِ
طغــى الكفْــر حتّــى صـده بجيوشـه
كمـا صـدّ ذو القرنين ياجوج بالردّم
بحمــرٍ وشــقرٍ كالــدّنانير لونُهـا
وشـهبٍ كـبيضِ الصحفِ أو لونُها ينمي
وقـد شـرّدت بـالخوف منهـا عـداتها
فلـم ترهـا جمعـاءَ إلا مـن الـدّهمِ
فكــم بطـلٍ حلـفِ الأباطيـل أبطلـتْ
وكـم جرمَـتْ مـن قـدْ تجـرّم بالجُرمِ
وكــم نصـبتْ إذ أنصـبتْ رفـع فاعـل
وألقـت علـى أفعـاله عامـل الجزْمِ
وكـم مـاردٍ مهمـا غـدا انقـضّ نحوه
شـهاب مـن الفرسـان أقصـدُ مـن سهمِ
وكــم صــُفّ صـفّ فـي السلاسـل منهـم
كمـا صـُفّ فـي الأرباقِ حاشيةُ البهمِ
تـــوزّعهم ريــبُ الزّمــانِ توزّعــاً
أرى حاسـب الأعـداد كيفيّـة القسـمِ
فــأموالهم للنهــب والأهـل للسـبا
وأرواحهـم للنـار والجسـم للحطـمِ
كـذا يبتنـىَ المجـدُ الرّفيـعُ وهكذا
تُضـَمُّ خصـالُ المجـدِ فـي نسقِ النظمِ
فيــا أيّهـا السـّاري المُغِـذّ لأرضـهِ
ليهنـك أمـن فـي ذراهُ مـن الظّلـمِ
ويهنــك أن تحظــى بقُــرب جنــابه
فتــأمن مـن عـربٍ هنـاك ومـن عُجـمِ
حنانيــك أبلــغ نحـوه لـي رسـالة
تبلّــغ شــكوى مســترق مـن الهـم
وشــدْ بالــذي حبّرتــه مـن مـدائحٍ
يفـوق بهـا اليـاقوتَ درٌّ من الكلم
مــدائحُ يختــالُ الزّمــان بـذكرها
صــحائحُ مـا تُرمَـى بـزورٍ ولا إثـم
إذا بـرزت فـي حلبـة الشـّعرِ بـرّزتْ
وحـاز سـواها نعـتيَ السكت واللّطمِ
كعــاب إذا لاحَــتْ ســبتْ كـل نـاظرٍ
فيسـلو بهـا عـن ذكرِ هندٍ وعن نُعْم
إذا جُليــتْ قــام العيـانُ بمـدحها
فـأظهرَ تفنيـدَ المشـير الـى الـذّمِّ
ولـم ألـفِ فـي مصرٍ ولا الشام كفأها
فـأطرقْتُ إطـراقَ الشـّجاع مـن الغمِّ
فــأبلغْ بهـا نلـتَ الأمـاني أمانـةً
ولا تظلمنهــا بابتــذالٍ ولا كتــم
إلى الملك السّامي صعوداً على الورى
وليثهم في الحرب والغيثِ في السلم
إلـى مَـنْ لـهُ كـفّ إذا المُزنُ أخلفَتْ
فمـا إن تـزالُ الـدّهرَ ساجمة تهمي
إلــى فاضــلٍ أعيـا الأفاضـل شـأوه
فمـنْ مثلـهِ الـدُّنيا أصرّت على عقم
إلـى يوسـفٍ سـيف الإلـه الـذي أتـى
لحسـم العـدا إن الحُسام من الحَسمِ
فــدامَ ودامـت فـي الصـّعود سـُعوده
منيلاً لمِـنْ يسـمو لـهُ كـلُّ ما يسمي
مُرقّـــىً مُــوَقّىً مُســتجاراُ مــؤمّلا
مُنيـــراً مُــبيراً للظّلامِ وللظّلــم
عليّــاً كريـم السـّعي يُرجـى ويتقـى
مُفيـداً مبيـداً فـي رضاه وفي الرّغْمِ
مصــونَ العُلا مــا ضــمّ درّ مــديحه
ورُصـّع فـي بـدء الحـديث وفي الختمِ
محمد بن محمد بن أحمد بن مسعود (أو سعود) أبو عبد الله الحاحي المشهور بالعبدري نسبة إلى عبد الدار : صاحب الرّحلة المعروفة باسمه. أصله من بلنسية بالأندلس وكان يسكن في بلدة (حاحة) بالمغرب الأقصى فنسب إليها. وقبره معروف فيها ويطلق عليه اسم (سيدي أبو البركات)خرج في رحلته لأداء فريضة الحج مع ابنه يوم 25 ذي القعدة سنة 668 هجرية الموافق 11 كانون الأول ديسمبر 1289م. وبعد قضائه فريضة الحج وبعد أداء فريضة الحج عرّج على فلسطين وزار بعض مدنها وأقام فيها بعض الوقت "كما أقام في القاهرة والإسكندرية والتقى هناك شرف الدين الدمياطي وابن دقيق العيد وغيرهما ثم قفل راجعا إلى بلده عن طريق الجزائر وتلمسان وفاس ومكناس حتى بلغ أزمور التي تقع على شاطئ المحيط الأطلسي حيث لحقت به أسرته".وتوفي نحو سنة 725هجرية 1325م.واعتبر كلامه عن بونة مجانبا للصواب فتصدى للرد عليه أحمد بن قاسم البوني بكتابه : (التعريف ببونة افريقية بلد أبي مروان الشريف)وكان المستشرق الفرنسي فانسان أول من نوّه في العصر الحديث بقيمة رحلة العبدري: في مقالة نشره بالجريدة الآسيوية (سنة1845م)ثم تحدث عنها بإعجاب المستشرق الفرنسي شربونو في مقالة نشره بالجريدة الآسيوية سنة1854م وأتبعه بترجمة بعض فصولها ووالى كبار المستشرقين الإشارة إليها والإشادة بها.ويبدو أن الأمر قد التبس على الزركلي إذ جعل له ترجمتين متتاليتين على أنهما شخصان مختلفان ووقع في الوهم نفسه عمر رضا كحالة في "معجم المؤلفين"عن : كتاب الرحلة المغربية من تحقيق الأستاذ الدكتور سعد بوفَلاَقة وكتاب الرحلة المغربية للمحقق الدكتور علي إبراهيم كردي. تقديم الدكتور شاكر الفحام رئيس مجمع اللغة العربية بدمشق. و(ديوان العبدري) سلسلة ذخائر التراث الأدبي المغربي