
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أصــخْ سـمعاً أوصـِّكَ يـا بنـيّ
وصـــيّة والــدٍ بــرٍّ حفــيّ
جَـرى القدرُ المتاحُ لنا ببينٍ
قضــاء جــاءَ مـن ملـكٍ علـيّ
وقـد فتـتْ نـواكُم فـي فُؤادي
وأشـجَتْ بالأسـى قلـبَ الخلـيّ
وأبـدلتِ المـآقي عـنْ كراهـا
دموعــاً فيضــُها مثـلُ الأتـيِّ
ولــولا أنّ حُكـم الـبينِ حتـم
يمــرّ علـى المطـاوع والأبـيّ
لعـاجلني الأسـى بقضـاءِ نحبي
ووافتنـي النّـوى بـردىً وَحِيّ
ولكــنْ كــلُّ جمــعٍ لافــتراقٍ
ونشــرُ العيــشِ آخـره لطـيّ
فمـرَّ علـى المقـابر باعتبارٍ
وســل تُنــبئْك عـن حـيّ فحـيّ
وقـد شاهدتُ في الدّنيا أموراً
محرّضــة علــى نهـجِ التقـيّ
أمالـكَ فـي تقلُّبهـا اعتبـار
يـبيّنُ قبْحَهـا مـن غيـرِ عـيّ
ألـم تـرَ مـا حبتك وأنتَ طفل
فنـونَ أذىً همـى مثـلَ الحبيّ
وذي جــدّ أحلّــك مــن حشـاهُ
محــلّ بشــارةٍ بعـدَ النّعـيّ
وتــرك منــازلٍ وثقــاف عـمّ
بكــم بــرّ ونـائي أبٍ حفـيّ
وذاك وإنْ أذا بـك غيـرُ بـدعٍ
فهــذا دأبهــا مـع كـلّ حـيّ
فكـنْ بـالله منهـا مُستعيضاً
كفـى عوضـاً بـه مـن كـلّ شيءّ
وكــن متعفّفـاً عنهـا عيوفـاً
وإن أعطتــك قصــدكَ دون لـيّ
ولا تأســف لفرقتهــا ففيهـا
وصـالُ تواصـلِ العيـشِ الهنيّ
هـي الطّلل المحيلُ وما بكاها
سـوى غـاوٍ يهيـمُ بوصـل غـيّ
يبكّــي فــي منـازلَ مُقفـراتٍ
ضــــلال ســـنّهُ غيلانُ مـــيّ
ومـا زالـت تـردّ الرّفع خفضاً
وترمــي بالسـناد إلـى رويّ
ســراب إن نظـرت تقـل شـراب
ولــم يظفـر فـتى منـه بـريّ
فلا تـكُ يـا بُنـيّ بهـا ولوعاً
وإن أبــدتْ مطاوعــةَ الأبـيّ
هـي العصـيان شـيمتُها ولكـنْ
تغــرّ الغـر نـادرةَ العصـيّ
وكــن بـالله ذا ثقـةٍ تقيـاً
ولا تغبــطْ بُنــيّ سـوى تقـيّ
ونـلْ بالزّهـدِ مرتبة المعالي
فلـم يزهـدْ سـوى عـالٍ سـريّ
وليـــس ســـواهُ للأرواحِ روحٌ
يـتيهُ به الفقيرُ على الغنيّ
فشــدَّ بـه يـدك وكـنْ ضـنيناً
بوجهِـــك أن تعرّضــه لكــيّ
ولا تبــذله للأطمــاعِ يومَــاً
فتخدشـهُ بـذا الخلـقِ الدّنيّ
وباعـدْ ما استطعْتَ حليفَ دنيا
تعلّـق حبلهـا مـنْ فـرْط غَـيّ
ولا يغــررْكَ أنْ أبـدي خيـالاً
إلــى قـربٍ يُصـَيَّرُ غيـرَ شـيّ
فحظّكمَــا مــن الــدّنيا بلاغ
إلــى لحــدٍ يُسـوّي كـلَّ حـيِّ
بُنـيّ تسـؤوني أن أراك عبـداً
لغيـرِ الواحـدِ الصّمدِ العليّ
فكـن عبـداً لـه مـن غير شركٍ
وإلا تـــأتِ بــالأمر الفــريّ
بُنـيّ تسـؤوني منـكَ المعاصـي
فلا عَمــرتْ حِلالــك يــا بُنـيّ
قبيــح أنْ أكـونَ عصـيتُ ربّـي
وتقفــو أثـر والـدك العصـيّ
يمـرُّ المُشـتهي كـالبرْقِ خطْفاً
ويــتركُ حسـْرةَ الأمـدِ القَصـيّ
تزيّــنْ بالحيـاءِ فليـسَ وصـف
يـزانُ بـه الفـتى مثل الحييّ
وجـانبْ مـا يقـود إليـه طبع
يـرى طبعاً على الثّوب النّقيّ
وكـنْ بـالعلمِ ذا لهـجٍ فـإنّي
أجزتــك واسـتجزتُ بكّـل حـيّ
لكـي تـروي الحـديث حديثَ سنّ
لأشـــياخٍ ذوي فهـــمٍ ســـنيّ
مصـابيح الدُّجنّـة لـو تَرَاهُـمْ
رأيــت بُـدور كـلّ دجـاً دجـيّ
لقيتهــم وأنــتَ هنـاك ثـاوٍ
فيــا للشـكر للسـّعد القـويّ
محضـتُكَ يـا بنـيَّ النُّصـح منِّي
وحـقّ النّصـح للولـدِ الرّضـيّ
وإن مـدّ البقـاءُ إلـى لقـاءٍ
كسـوتُكَ مـا يزينكَ في النّديّ
فترْفُـلَ فـي حلـى حلـلٍ تسامَى
إليهــا كــلّ حــبرٍ ألمعـيّ
وأرجـو ذاك مـن إنعـام ربّـي
إلهــي مــالكي ثقـتي وليـيّ
وأقــرأ مــن سـلامي كـلّ زادٍ
عليـك يفـوحُ بالمسـك الـذّكيّ
وأقــرأ ضـعفَهُ فـي كـلّ حيـنٍ
بلا أمــرٍ علــى خــلّ وفــيّ
يـروح صـباً جـرتْ ويفوحُ روضاً
بكـى الوسـميّ فيـه مع الوليّ
وبـاكره النّسـيمُ غـداة صـحوٍ
فنشــّر نَشــْرَهُ مـن بعـدِ طـيّ
ومن ذي العرشِ أسأل أن يُوالي
لكـمْ صـونَ الغـدوّ مـع العشيّ
محمد بن محمد بن أحمد بن مسعود (أو سعود) أبو عبد الله الحاحي المشهور بالعبدري نسبة إلى عبد الدار : صاحب الرّحلة المعروفة باسمه. أصله من بلنسية بالأندلس وكان يسكن في بلدة (حاحة) بالمغرب الأقصى فنسب إليها. وقبره معروف فيها ويطلق عليه اسم (سيدي أبو البركات)خرج في رحلته لأداء فريضة الحج مع ابنه يوم 25 ذي القعدة سنة 668 هجرية الموافق 11 كانون الأول ديسمبر 1289م. وبعد قضائه فريضة الحج وبعد أداء فريضة الحج عرّج على فلسطين وزار بعض مدنها وأقام فيها بعض الوقت "كما أقام في القاهرة والإسكندرية والتقى هناك شرف الدين الدمياطي وابن دقيق العيد وغيرهما ثم قفل راجعا إلى بلده عن طريق الجزائر وتلمسان وفاس ومكناس حتى بلغ أزمور التي تقع على شاطئ المحيط الأطلسي حيث لحقت به أسرته".وتوفي نحو سنة 725هجرية 1325م.واعتبر كلامه عن بونة مجانبا للصواب فتصدى للرد عليه أحمد بن قاسم البوني بكتابه : (التعريف ببونة افريقية بلد أبي مروان الشريف)وكان المستشرق الفرنسي فانسان أول من نوّه في العصر الحديث بقيمة رحلة العبدري: في مقالة نشره بالجريدة الآسيوية (سنة1845م)ثم تحدث عنها بإعجاب المستشرق الفرنسي شربونو في مقالة نشره بالجريدة الآسيوية سنة1854م وأتبعه بترجمة بعض فصولها ووالى كبار المستشرقين الإشارة إليها والإشادة بها.ويبدو أن الأمر قد التبس على الزركلي إذ جعل له ترجمتين متتاليتين على أنهما شخصان مختلفان ووقع في الوهم نفسه عمر رضا كحالة في "معجم المؤلفين"عن : كتاب الرحلة المغربية من تحقيق الأستاذ الدكتور سعد بوفَلاَقة وكتاب الرحلة المغربية للمحقق الدكتور علي إبراهيم كردي. تقديم الدكتور شاكر الفحام رئيس مجمع اللغة العربية بدمشق. و(ديوان العبدري) سلسلة ذخائر التراث الأدبي المغربي