
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
رقـدْتُ ومـا ليـلُ الغريـب براقـدِ
ومـا راقـدٌ لـم يـرْعَ نجماً كساهدِ
وكيـف رُقـاد الصـَّبِّ مـا بين سائقٍ
مـن الشـوْق يُقريـه النزاعَ وقائدِ
إذا مـا تـدانيْنا مُنعـتُ وإن تَبِنْ
جَزِعْـتُ ومـا فـي المنْع عذرٌ لواجِدِ
تـبيتُ ذراعـي لـي وسـاداً ومُنْصُلي
ضـجيعاً إذا مـا بـتُّ فوق الوسائدِ
أحـنُّ إلـى بغـداذ والبيـدُ دونها
حنيـنَ عميـدِ القلـب حَـرَّانَ فاقِـدِ
وأتركهــا قصــْداً لآمِــدَ طائعــاً
وقلـبي إليهـا بـالهوى جِـدَّ قاصِدِ
ألا هــلْ لأيــام تعلَّلْــتُ عيشــها
بهـا عـودةٌ أم ليـس دهـرٌ بعـائدِ
بلـى ربمـا عـاد الزمان بمثل ما
بــدا فحمـدنا فعلَـه غيـر عامـدِ
فمــا مثلُهــا للمُلْـك دار خلافـة
أجَــلْ لا ولا للطيــب مرتـاد رائدِ
ومـا خِلْتُنـا مسـتبدِلِي بقعـةٍ بها
مــن الأرض لـولا شـؤْمُ صـاحبِ آمِـدِ
أظــنَّ أميــرَ المــؤمنين كغيـره
مـن النـاس تَبَّـاً للغَـويِّ المعانِدِ
ألـم يـر أن الأمـر في الأرض أَمره
وأن الــذي يعصــيه ليـس بخالـدِ
ومـا عـذر مـن ضـلَّ الهدى وأمامَهُ
ضـياءُ شـهاب فـي دُجى الليل واقِدِ
لقـد رأبَ اللـه الثَّأى وجلا العمى
بمعْتَضــِدٍ بــالله للــدين عاضـدِ
حليـــمٍ عليــمٍ للرَّعيــة نــاظرٍ
رؤوفٍ بهــم يحنـو عليهـم كوالـدِ
يريحُهُــمُ إتعــابُهُ نفســَه لهــم
ويُســْهِرُهُ إصــلاحُ أحــوال هاجــدِ
إذا ما العِدا لم يستجيروا بعفْوه
ويُلْقــوا إليـه خُضـَّعاً بالمقالـدِ
سـرى جَحْفَـلٌ مـن بأْسـه قاصداً لهم
فســاقهمُ قهــراً كسـوْق الطَّـرائِدِ
وإن أرْصــدوا منــه لإدراك غــرَّةٍ
لقُـوا دونهـا أسـيافه بالمراصـدِ
ومـا غَرَّهـم لا يَبْعَـد اللَّـهُ غيرَهُمْ
بليْــثٍ علـى لجْـبِ المحجَّـة صـائدِ
إذا مـا انتضـى للعزم صارمَ رأْيه
رأيـتَ جميـع النـاس في مَسْك واحدِ
ويكشــف أعقــابَ الأمـور صـدورُها
لــه فيراهــا غائبــاً كمشــاهدِ
ألست الذي ساد الورى وحَوى العلا
علـى رغـم أنـفٍ مـن عـدو وحاسـدِ
منعــتَ حِمـى الإسـلام ممـن يكيـدُه
وضـاربتَ عنـه قائمـاً غيـر قاعـدِ
وباشــرتَ فيــه كــل ليـنٍ وشـدةٍ
وجاهـدتَ عنـه فـوق جَهْـد المجاهدِ
غلامــاً أميــراً ثــم كهلاً خليفـةً
بهمَّـة ماضـي العـزم يقظـانَ ماجدِ
وكـم مـارقٍ مـن ربقة الدين خائنٍ
لنعمــى الإلـه عنـده فيـك جاحـدِ
دَلَفْــتَ إليــه فاســتبحتَ حَرِيمَـهُ
بجيــشٍ لُهـامٍ كالمـدود الـزَّوائدِ
وأســلفتَ إنــذاراً وقـدّمت عـذْرَةً
لتقــويم مُعــوَجٍّ وإصــلاح فاســدِ
ولـو شـئتَ أطعمـتَ المنيـة رُوحـه
بـــأدنى غلامٍ أو بأصــغر قــائدِ
وقـد فَغـرتْ فاهـاً لـه غيـر أنها
تراقــب إذنـاً منـك غيـر مسـاعدِ
وأنـت تراعـي اللـه فيمـن تضـمُّه
مـــدينتُه مــن مســلم ومُعاهــدِ
فلـم يعصم ابن الشيخ تَشييدُ سُوره
علـى رأس نيـقٍ بالصـَّفا والجلامـدِ
بـل اغـترَّ بالإحْصـار منـه وسـوَّلتْ
لـه النفـس غَيّـاً ليـس غاوٍ كراشدِ
وما الحازمُ النِّحريرُ إلا الذي يرى
مصـادرَ مـا يـأتيه قبـل المواردِ
وقـد كان في الغيثِ المُواصل غوْثُهُ
يــدافعنا عنــه دفـاعَ المُكايـدِ
فلمـــا تقضــى حيْنُــه وتفرَّغــتْ
عَزاليـه ثُرنـا كـالليوث اللوابدِ
فجـادتْهُ مـن وُبـل السـهام سحابةٌ
تســح ذُعافـاً مـن سـمام الأسـاودِ
وأمطــرَه جـذْبُ المجـانيق جنْـدلاً
ونـاراً تلظَّـى كانقضـاض الفراقـدِ
ودبَّ عليـه المـوتُ غضـبانَ مسـرعاً
بابــاته مــن محكمـات المصـائدِ
ثلاثـــةُ أيـــامٍ فَقَــطَّ عُــددتها
بـه سـاهراً فـي ليلـه غيـرَ راقدِ
فــأخرَجْتهُ مســتخزياً راجلاً بمــا
بَثَثْـتَ عليـه مـن صـنوف المكايـدِ
ولـو لـم يَعُـدْ بالعفو منك لأرْقلَتْ
إليـه المنايـا في رؤوس المَطاردِ
فـأثبتَّهُ لمـا اسـتقاد وقـد دنـت
ظُبـاتُ السـيوف مـن مَنـاط القلائدِ
وأصــبحتَ تحــوي أرضــه وديـاره
وكــلَّ طريــف مــن حمـاه وتالـدِ
أبــاح ومـا قـامتْ عليـه لسـفكه
شــهادةُ قــاضٍ فهـو أعـدلُ شـاهدِ
بنقــض شــروط كـان أحمـقَ نـاقضٍ
عُراهــا ولكـن كنـتَ أحـزم عاقـدِ
فـآب ذميـمَ الفعـل خزيـانَ نادماً
وأُبْـتَ كريـم العفـو جـمَّ المحامدِ
وأُبنـا عِـزازَ النصر تشكو ركابُنا
وَجاهـاً ونشـكو طـولَ هجر الخرائدِ
بأيــــة ملأ مغنمــــاً وســـلامةً
حواهـا رفيـعَ العيش خوضُ الشدائدِ
وليــس كإغْــذاذ المســير وحثِّـه
لتقريـب لُقْيـان الصـديق الأباعـدِ
ولـم أر مثـل الشـعر يَنْظم للعُلا
فنـون الحُلـى لـو أنـه غيرُ كاسدِ
علي بن العباس بن جريج أو جورجيس، الرومي. شاعر كبير، من طبقة بشار والمتنبي، رومي الأصل، كان جده من موالي بني العباس. ولد ونشأ ببغداد، ومات فيها مسموماً قيل: دس له السمَّ القاسم بن عبيد الله -وزير المعتضد- وكان ابن الرومي قد هجاه. قال المرزباني: لا أعلم أنه مدح أحداً من رئيس أو مرؤوس إلا وعاد إليه فهجاه، ولذلك قلّت فائدته من قول الشعر وتحاماه الرؤساء وكان سبباً لوفاته. وقال أيضاً: وأخطأ محمد بن داود فيما رواه لمثقال (الوسطي) من أشعار ابن الرومي التي ليس في طاقة مثقال ولا أحد من شعراء زمانه أن يقول مثلها إلا ابن الرومي. وكان القاضي الفاضل قد أمر ابن سناء الملك باختيار شعر ابن الرومي، فاعتذر عن ذلك بقوله: (وأما ما أمر به في شعر ابن الرومي فما المملوك من أهل اختياره، ولا من الغواصين الذين يستخرجون الدر من بحاره، لأن بحاره زخارة، وأسوده زآرة، ومعدن تبره مردوم بالحجارة، وعلى كل عقيلة منه ألف نقاب بل ألف ستارة. يطمع ويؤيس ويوحش ويؤنس، وينير ويظلم، ويصبح ويعتم شذره وبعره، ودره وآجره، وقبلة تجانبها السبة، وصرة بجوارها قحبة، ووردة قد حف بها الشوك، وبراعة قد غطى عليها النوك. لا يصل الاختيار إلى الرطبة حتى يخرج بالسلى، ولا يقول عاشقها: هذه الملح قد أقبلت حتى يرى الحسن قد تولى. فما المملوك من جهابذته، وكيف وقد تفلس فيه الوزير، ولا من صيارفته ونقاده. ولو اختاره جرير لأعياه تمييز الخيش من الوشي والوبر من الحرير). وفي وفاته خلاف بين عام 283 و284 و296 و297