
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
إذا البَدرُ يُطْوَى في ربوعِ البِلى لَحْدا
أمِ الطّوْدَ حطّوا في ثرى القَبرِ إِذ هُدّا
كُســوفٌ وَهَــدٌّ تَحســِبُ الـدَّهرَ مِنهُمـا
لِعَيـــنٍ وأُذنٍ ظلمـــةً مُلِئَتْ رعـــدا
تَــوَلّى عَـنِ الـدُّنيا عَلِـيُّ بـنُ أَحمـدٍ
وأبقـى لهـا من ذكره الفَخرَ والحَمدا
حَمَلنـا علـى التكـذيبِ تصـديقَ نَعْيِـهِ
وَســُدّتْ لــه الأسـماعُ وانصـَرَفت صـَدّا
وقـــال لمــن أدّى المُصــابَ مُعَنِّــفٌ
فظيــعٌ مــن الأنبــاءِ جئتَ بــه إدّا
إلــى أنْ نعـاهُ الـدّهرُ ملـءَ لسـانِهِ
ومن ذا الَّذي يُخفي منَ الرزءِ ما أَبدى
هنالـكَ خُضـْنا فـي العويـلِ ولـم نَجِدْ
عَلـى الكُـرهِ مِـن تَصديقِ ما قالَهُ بُدّا
وقَــالَ الــوَرى والأَرضُ مــائِدَةٌ بِهِـم
أَمِـنْ سـَيرِها في الحَشرِ قَد ذُكِرت وعدا
أَرى الشـرَفَ الفِهـرِيَّ يَبكـي ابنَ بَيتِهِ
عليّـاً أمـا يبكـي فـتىً راضَعَ المجدا
فَيــا مَعشـَراً حَثّـوا بـهِ نَحـوَ قَـبرِهِ
مَطِيَّــةَ حَتْــفٍ فــوقَ أيــديهِمُ تُحـدى
حَمَلتُـمْ عَلـى الأَعـوادِ مَـنْ قَـدْ حَمَلتُمُ
فَكُــلّ جَلالٍ قَــد وَجَــدتُمْ لــه فَقْـدا
لَقَــد دَفَعَــتْ أَيــدِيكُمُ مِنـهُ لِلبِلـى
يَـداً بِجَديـدِ العُـرْفِ كـانَت لَكُم تَندى
تَجمّعَـــتِ الأحــزانُ فــي عُقْــرِ دارِهِ
وفرّقَــتِ الأزمـانُ عـن بـابِهِ الوَفـدا
وســُدَّ عَــنِ العــافينَ مَهْيَعُهُـمْ إلـى
مَكــارمَ كــانت مــن أنـاملهِ تُسـدى
فقــلْ لبنــي الآمــالِ أخفَـقَ سـَعيُكمْ
فَقَــد حَسـَرَ البَحـرُ الَّـذي لَكـمُ مَـدّا
وَكَــم مِــن ظِبـاءٍ بَعـدَما غـارَ عِـزّهُ
حَــوائِمَ فـي الآفـاقِ تَلتَقِـطُ الـوردا
لِتَبــــكِ عَلِيّــــاً هِمَّـــةٌ كَرَمِيّـــةٌ
ثَنى قاصِدو الرُكبانِ عَن رَبعِها القصدا
وملتحـــفٌ بـــالأثْرِ أصــبَحَ عارِيــاً
مِـنَ الفَخرِ يَومَ الضّربِ إذ لبس الغِمدا
وأســــمرُ خطـــيٌّ أمـــامَ كُعـــوبِهِ
ســنانٌ ذليـقٌ ينفـذُ الحلـقَ السـّرْدا
وحصــداءُ فولاذيّــةُ النّسـجِ لـم تَـزَلْ
مــن اللهــذمِ الوقّـادِ مطفئةً وقـدا
وأجــرَدُ يُبكــي الجـردَ يـومَ صـَهيلِهِ
غـدا مُـرْجَلاً عنـه فلـم يَسـُدِ الجـردا
وداعٍ دعــا للمُعضــِلاتِ ابــنَ أحمَــدٍ
فلَيَّــنَ فـي كَفَّيـهِ مِنهُـنَّ مـا اشـتَدّا
وناهيـكَ فـي الإعظـامِ مـن ماجـدٍ بـه
على الزمَنَِ العادي عَلى النَّاسِ يُستَعدى
حَيــــاةٌ تَعُــــمُّ الأَولِيـــاءَ هَنيئَةً
ومَــوتٌ زُؤامٌ فــي مُقارَعَــةِ الأَعــدا
وقَسـوَرةُ الحَـربِ الَّـذي يُرجـعُ القَنـا
رَواعِــفَ تَكســو الأَرضَ مـن عَلَـقٍ وَرْدا
وفــيّ بِنُصــح المَلــكِ مـا ذُمّ رأيُـهُ
ولا حـــلّ ذو كيــدٍ لإبرامــهِ عَقْــدا
وَمَـا يَسـتَطيرُ الحِلـمُ فـي حِلمِـهِ ولا
يُجــاوِزُ هَــزلٌ فــي ســَجِيَّتِهِ الجـدَّا
إذا عَلَـــمٌ بالنــار أُعْلِــمَ رأســُهُ
رَأَيــتَ عَلِيّـاً مِنـهُ فـي لَيلَـةٍ أَهـدى
ألا فُجِعَـــتْ أبنـــاءُ فِهــر بــأروعٍ
إِذا انتَسـَبوا عَـدّوا له الحَسبَ العدا
فلا قابـــلٌ هجـــراً ولا مضـــمرٌ أذىً
ولا مخلــفٌ وعــداً ولا مــانعٌ رفــدا
إذا مـا عـدا مـعْ قُـرَّحِ السَّبْقَ فاتها
وجــاء بفضـل الشـَّدِّ ينتهـب المعـدى
ومـا قَصـّرَ اللَّـه المـدى إذ جـرى به
ولا مـــدّ فيــه للســَّوابق فامتــدا
ولكــنْ حــدودُ العِتْـقِ تجـري بسـابقٍ
فلا طَلَــــقٌ إلّا أعَـــدّ لـــه حـــدّا
نمــاهُ مــنَ الأشــرافِ أهــلُ مفـاخرٍ
يُــديرونَ فــي الأفـواه ألسـنةً لُـدّا
إِذا وَقَـف الأبطـالُ عـن غَمـرَةِ الـرَّدى
مشـى بأسـُهُم نحـو الحتـوفِ بهم أُسْدا
وتحســبهم قـد سـُرْبلوا مـن عِيـابِهِمْ
سـُيوفاً وَسـَلّوا مـن سـُيوفِهِمُ الهِنـدا
فَمـا عُـدّ أَهـلُ الرَأيِ والبَأسِ والنَدى
وَإِن كثُــرُوا إِلّا وَوَفّــى بِهِــم عَــدّا
إِذا جُمِعَــتْ هَــذِي الســَّجايا لأوحــدٍ
فمـا الحـقّ إلّا أَن يَـراه الوَرى فَردا
فَمــا ظَنُّكــم فــي وَصــفِنا بِمُملَّــك
يَكــونُ علـيٌّ ذو المَعـالي لَـهُ عبـدا
عَزيـــزٌ عَلَينــا أَن بَكَتــهُ كَــرائِمٌ
تُــذيبُ قُلوبــاً فـي مَـدامِعِها وَجـدا
يَنُحْــنَ مَــعَ الأَشــجارِ نَــوْحَ حَمـائِمٍ
تَهُـزُّ بِهـا الأَحـزانُ أَغصـانَها المُلْدا
وَكَـم فـي مُـديماتِ الأَسـى مـن خَـبيئَةٍ
مَـعَ الصـّونِ أَبقى الدَّمعُ في خَدِّها خَدَّا
فَلَــو رُدَّ مِــن كَــفِّ المَنِيَّــةِ هالِـكٌ
بِنَـــوحِ بَنــاتٍ كــانَ أوَّلَ مَــنْ رُدّا
مَضــى بِمَضــاءِ الســَّيفِ جُــرِّبَ حَــدّهُ
فــأُلْفيَ فــي أَفعـالِهِ جـاوَزَ الحَـدّا
ومــا مــاتَ مُبْقــي أحْمَــدٍ وَمُحَمَّــدٍ
فَإِنَّهُمــا ســَدّا المَكـانَ الَّـذي سـَدّا
بَنــى لَهُمــا مَجــدَينِ يَحْيَــى بِعِـزَّةٍ
وإن كــانَ مجــدٌ واحــدٌ لهمـا هُـدّا
بَــدا منهمــا حــزمٌ يســيرٌ تَمَـامُهُ
وقَـد يَثقُـبُ النّارَ الَّذي يَقدَحُ الزندا
وَمِــن لَحظَتِــهِ عَيــنُ يَحيَــى برفعـةٍ
فَقَـد رَكِـبَ الأيّـامَ واسـتَخدَمَ السـّعْدا
فيـا سـاكِنَ القَـبرِ الَّـذي ضـَمّ تُرْبُـهُ
شـَهيداً كَـأَنّ المَـوتَ كـان لـه شـَهدا
لئن فــاحَ طيــبٌ مــن ثـراهُ لناشـقٍ
ففخــرُكَ فيــه فتّـقَ المسـكَ والنّـدّا
وَقَيــتَ جلالَ الخطــب مــا جـلّ خَطبُـهُ
وقمـتَ كريـمَ النّفـسِ مـن دونـه سـدّا
ورحــتَ ببعــضِ الــرّوح فيـك مودّعـاً
بمؤنســة العـوّادِ زُرْتَ بهـا اللّحـدا
رَثَيتُـكَ حُزنـاً بِـالقَوافي الَّـتي بهـا
مــدَحتُكَ وُدّاً فاعتقــدتَ لــيَ الـودّا
ومــا المــدحُ إلّا كــالثويّ لســامعٍ
ولَكِــن بِـذِكرِ المَـوتِ عـادَ لـه ضـِدّا
ودُنيـــاكَ كَالحِربـــاءِ ذاتُ تَلَـــوُّنٍ
ومُبْيَضــّها فـي العيـنِ أصـْبَحَ مسـوَدّا
أَرَدنـا لَـكَ الـدُّنيا القَليـلَ بَقاؤُها
وربّـكَ فـي الأخـرى أرادَ لـك الخلـدا
فلا بَرِحَــتْ مــن رحمـةِ اللَّـه دائبـاً
تـزورُ نـدى كفّيـك فـي قـبركَ الأنـدا
عبد الجبار بن أبي بكر بن محمد بن حمديس الأزدي الصقلي أبو محمد.شاعر مبدع، ولد وتعلم في جزيرة صقلية، ورحل إلى الأندلس سنة 471هـ، فمدح المعتمد بن عباد فأجزل له عطاياه.وانتقل إلى إفريقية سنة 516 هـ. وتوفي بجزيرة ميورقة عن نحو 80 عاماً، وقد فقد بصره.له (ديوان شعر- ط) منه مخطوطة نفيسة جداً، في مكتبة الفاتيكان (447 عربي)، كتبها إبراهيم بن علي الشاطبي سنة 607.