
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أبـــا هاشــم هشــّمتني الشــفار
فَللَّــــه صــــبري لـــذاك الأوار
ذكـــرت شخيصـــك مـــا بينهـــا
فلـــم يـــدعني حبّـــه للفــرار
ليهنـئ بنـي الإسـلام أنْ أبْتَ سالما
وغـادَرْتَ أنْـفَ الكفـرِ بالذلّ راغما
كشــفتَ كروبــاً عـن قلـوبٍ كأنّمـا
وَضــَعْتَ عَلَيْهـا مـن هـواك خواتمـا
صـبرتَ لحـرّ الطعـن والضـربِ ذائداً
عـن الدين واستصغرتَ فيه العظائما
تفســّحْتَ فـي صـدرٍ رَحيـبٍ بحيـثُ لا
يلاقيــك فيــه القِـرْنُ إلا مُصـَادِما
رحمنـاكَ مـن وَقْـعِ الصوارم والقَنَا
فكـانَ لنـا فـي حفظـك اللّهُ راحما
وكـم شـَجّةٍ فـي حُـرّ وجهـك لـم يَزَلْ
لـك الحسـنُ منهـا بالشجاعة واسما
أجَبْــتَ الهُـدى لمّـا دعـاكَ لِنَصـْرِهِ
وجَــرّدْتَ عزْمــاً إذ تَقَلّـدتَ صـارما
بجيـشٍ تـثيرُ الجـردُ فيـه قسـاطلاً
تريـكَ بهـا وَجْـهَ الغزالـةِ قائمـا
إذا بَرَقَــتْ فيــه الأســنّةُ خِلْتَهـا
كـواكبَ تجلـو فـي السـُّكاكِ غمائما
غـدَتْ خلفَـهُ وَحْـشُ العـراءِ عواسـلاً
وَمِـنْ فـوْقِهِ طيـرُ الهـواءِ حوائمـا
كــأنّ عُقــابَ الجـوّ هَـزّتْ خوافيـاً
حواليــكَ منــه للــوغى وَقَوَادِمـا
كــأنّ زعيــم الـرّومِ وَيْـلٌ لنفسـه
أثــارَ عليـهِ مِنْـكَ ليثـاً ضـُبارما
نَقَمْــتَ علــى مــن آسـفوك بيوسـفٍ
ومـا زلـتَ ممـن خـالفَ الحقّ ناقما
وآذنــت عُمّــار القفــار بحربهـم
فيـا قُـرْبَ ما شَقّوا إليك الخضارما
بنـو الحـرب غـذّتْهم لَبَـانَ ثُـدِيّها
ولـم يسـتطيبوا منـه إلا العَلاقمـا
يَحُثّــونَ للهَيْجــاء جُــرْداً سـلاهباً
وَيُنْضـُونَ فـي البيـداءِ بُـزلاً صَلادِما
إذا طَعَنـــوا بالســهريّةَ خِلْتَهُــم
ضــراغمَ تُغْــري بـالقلوب أراقمـا
وإن كــرّ منهــم ذو لثــامٍ مُصـَمِّمٌ
غـدا لفـم الهيجـاء بالسـيف لائما
ولمـا التقـى بالرّوم طارتَ قلوبُهُمْ
كـأنْ لـم تكـنْ أوكـارهُنّ الحيازما
كأنّـــكَ حرّمْــتَ الحيــاة عليهــمُ
غداةَ الوغى لما استحلّوا المحارما
فلـم تَبـقَ مـن أهـل الضـّلالِ بَقِيّـةٌ
لقـد عـادتِ الأعـراسُ فيهـم مآتمـا
جعلــتَ ثيــابَ المشــرفيّةِ منهــم
دمــاءً وتيجــانَ الرمـاح جماجمـا
فلا عجــبٌ أن قَــدّتِ الـبيضُ هـامَهُمْ
فتلـك حـروفُ الليـن لاقـتْ جوازمـا
أرى الفُنْـشَ ولّـى يـومَ لاقى فوارساً
مَغـافرُهُمْ لاثُـوا عليهـا العمائمـا
يلــومُ صـليبَ العـود وهـو يلـومه
ومـن يَغْـوَ لا يَعْـدَمْ على الغيّ لائما
نَـوى خدعـةً في الحرب والحرب خَدعةٌ
فـأدْبَرَ مهزومـاً وقـد كـان هازمـا
ومعتــادةٍ أكْــلَ الكمـاةِ جيوشـها
أعــاربُ تــدعو للنّــزال أعاجمـا
إذا اختصموا في اللّه كانت قضاتُهُمْ
قواضــبَ تَقْضــي بينهــم ولهاذمـا
علوجٌ حَشَوْا في الكفر بالغيظ أعيناً
وقـد ملـؤوا منهـا قلوبـاً سخائما
أفاضـوا مـن المـاذيّ مـاءً عليهـمُ
ليطفـئ عنهـمْ من لظى الحرب جاحما
أدَرْتَ رحاهـــــا دَوْرَةً عَرَبِيّـــــةً
تَرَكـتَ عظـامَ الـروم فيهـا هشائما
كــأنّ كــراتٍ وَهْــيَ هــامُهُمُ غَـدَتْ
صــوالجها بيضــاً تحــزّ الغلاصـما
وأيـدٍ بنـت في القفر منها صوامعاً
وكــانت لهـا بالمرهفـات هوادمـا
علاهُـــنّ للتـــأذين كـــلّ مُكَبّــرٍ
تكــادُ لــه كــفٌّ تَمَـسّ الغمائمـا
وتحســبُها فـي كـلّ بيـداءَ عُنْصـُلاً
تَــرَى نـاثراً فيهـا لهـنّ وناظمـا
لـواؤك نـادى للقِـرى مـن لحـومهم
خوامــعْ مــن آفاقهــا وَقَشــاعِماً
كــأنّ عُفــاةً منهمـا يَـوْمَ أقْبَلَـتْ
بـذَلْتَ لهـا قَتْـلَ العلـوجِ مكارمـاً
هنـاك ثنيـتَ الكفـرَ خزيـانَ باكياً
نعــم ورددت الـدينَ جـذلانَ باسـما
حلمتــمْ مراجيحـاً وَجُـدْتُمْ أكارمـاً
وســدتمْ بهــاليلاً وصـلتمْ ضـراغما
ســكنتمْ قلــوبَ العــارفينَ محبّـةً
كمـا سـكنَ الزهـرُ الذكيّ الكمائما
نَــذرْتُ نـذوراً فاقتضـاني قضـاءها
إيابُـكَ مـن يـوْمِ العروبـة سـالما
ولمّـا وجـدتُ الـوفرَ أعـوزَ راحـتي
ســجدتُ لربّــي ثـمّ أصـبحْتُ صـائما
عبد الجبار بن أبي بكر بن محمد بن حمديس الأزدي الصقلي أبو محمد.شاعر مبدع، ولد وتعلم في جزيرة صقلية، ورحل إلى الأندلس سنة 471هـ، فمدح المعتمد بن عباد فأجزل له عطاياه.وانتقل إلى إفريقية سنة 516 هـ. وتوفي بجزيرة ميورقة عن نحو 80 عاماً، وقد فقد بصره.له (ديوان شعر- ط) منه مخطوطة نفيسة جداً، في مكتبة الفاتيكان (447 عربي)، كتبها إبراهيم بن علي الشاطبي سنة 607.