
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
هــل أقــالَ الحِمـامُ عَـثرَةَ حَـيٍّ
أم عـــدا ســهمُهُ فــؤادَ رَمــيِّ
هــلْ أدامَ الزّمــانُ وَصـْلَ خليـلٍ
فَـــوَفَى والزّمــانُ غيــرُ وفــيِّ
وهــو كــالفكر بيــن غـشّ عَـدُوٍّ
لبنيـــه وبيـــن نُصـــْحِ ولــيِّ
قــد رأينـا حـالاً نـؤولُ إليهـا
ووعظنــــا بحالنـــا الأولـــيِّ
غيــر أنّــا نرْنـو بـأعينِ رشـدٍ
كُحِلــتْ مــن هـوى النفـوس بغـيِّ
أيـن مـا كـان خَلقـه مـن تـرابٍ
لــم يكـنْ بـدءُ خلقـه مـن منـيِّ
واغتـذى عنـد مولـد الـروح فيه
مـــن ثُــديّ الحيــاةِ أوّلَ شــيِّ
قــد دُفِعْنــا إلـى حيـاةٍ ومـوْتٍ
ونشـــورٍ إلــى الإلــهِ العَلــيِّ
ودوامُ البقــاءِ فــي دارِ أخـرى
ومجــــازاةُ فــــاجرٍ وَتَقِــــيِّ
كـــم مليـــكٍ وســوقةٍ وشــُجاعٍ
وجبـــــانٍ وطــــائعٍ وَعَصــــِيِّ
نَشـــَرَتْهُمْ حيـــاتُهُمْ أيّ نَشـــْرٍ
وطــــواهُمْ حِمـــامُهُمْ أيّ طـــيِّ
فهــمُ فــي حشـا الضـريح سـواءٌ
ولقــد كــان ذا لـذا غَيْـرَ سـِيِّ
لــك يـا مَـن يمـوتُ شـخصٌ وفَيْـءٌ
ثـمّ شـخصٌ فـي القـبر من غير فَيِّ
أيُّ فَيــءٍ لمــن يصــيرُ ترابــاً
مُحِيَـــتْ مِنــهُ صــورَةُ البَشــَريِّ
كيــفَ تنجــو علـى مَطِيّـةِ دُنْيَـا
وهــي تَشــْحو بالجـانبِ الوحشـيِّ
تطــرحُ الراكـبَ الشـديدَ شموسـاً
وركـــوبُ الشــموس فعــل غــبيِّ
غُــرّ مَــن ظَـنّ أن يصـافيَ دهـراً
وهـــو للأصـــفياء غيــرُ صــفيِّ
كـــلّ لاهٍ عمّـــا يطيــل شــجاهُ
يملأ العيــنَ مــن رقــادِ خلــيِّ
والــرّدى يشــملُ الأنــامَ ومنـه
عرضـــيّ يجيـــءُ مـــن جَــوْهريِّ
ومميــتُ الحــراكِ منــه ســكونٌ
مظهـــرٌ فعلَـــهُ بســـرٍّ خفـــيِّ
وهـو يرمـي قـوائمَ الأعصـم الضَّر
ب وَيَلْـــوي قَـــوادمَ المَضــْرحيِّ
لا يهــابُ الحِمـامُ مَلْكـاً عظيمـاً
يحتــبي يَــوم جــوده بــالحبِيِّ
ينطـقُ المـوتُ مـن ظبـاه فَيَمْضـي
حُكمُــهُ فــي الـوَرَى بـأمْرٍ وَحـيِّ
لا ولا مُرْهَــفَ المُــدَى بيـن فَكّـيْ
بـــاطشِ الـــبرثنَينِ وَرْدٍ جَــريِّ
ومــتى هــابَ موقـداً نـارَ حَـرْبٍ
فارســاً فـي المُضـَاعَفِ الفارسـيِّ
للرّدينــــيِّ منـــه ريٌّ مُعَـــادٌ
مـن نجيـع العـدا كحـرف الـدّويِّ
أيّ رزءٍ جـاءتْ به الرّيحُ في الما
ءِ وأفشــَتْهُ مــن لســانِ النّعِـيِّ
ومصـــابٍ أصـــابَ كـــلّ فــؤادٍ
فـي ابـنِ عبد العزيز عبدِ الغني
قــائدٌ قــادَهُ إلـى المـوْتِ عِـزٌّ
باقتحـــامٍ كهــلٍ وعــزْمٍ فــتيِّ
فارسُ الماءِ والثرى والفتى المح
ضُ وصـــنوُ المـــروءة الأريحــيِّ
ورثَ العــزّ مــن أبيــه كشــبلٍ
أخــذَ الفتــكَ عـن أبيـه الأبـيِّ
جمـرةُ البـأس أخمـدت عـن وقـود
بنفــوس العــداة مــن كـلّ حـيِّ
وحســــامُ الجِلاد فُـــلّ شـــباهُ
بشـبا المـوت عـن قـراع الكمـيِّ
حاســـرٌ درعـــه تَضـــَرُّمَ قلــبٍ
خــافقٍ فــي حشــا فــتىً شـَمّريِّ
يتّقــي حــدّ ســيفه كــلّ علــج
بحبيـــكِ المـــاذيّ فـــي الآذيِّ
مقبلاً لا موليـــــاً بالأمــــاني
عــن كفــاحِ العِـدا وبالسـمهريِّ
وكـــأنّ الإتـــاءَ مــال عَلَيــه
يــوم مَـدّوا إليـه سـُمرَ القنـيِّ
ســـلبُوا ســَيْفَهُ وفيــه نجيــعٌ
منهــمُ كالشــقيق فــوق الأتــيِّ
ورأوْا كــلّ مُهْجَــةٍ منهــمُ ســا
لــتْ علـى صـَدر رُمْحِـه الزاعـبيِّ
زُوّدوا كــل ضـربةٍ منـه كالأخـدو
دِ تُــــرْدي وطعنـــةٍ كـــالطويِّ
كـلّ نـارٍ كـانتْ مـن الغزو تذكى
خمِــدتْ فــي حســامهِ المَشــْرَفيِّ
صــافحَ المـوتَ والصـفائحُ غَضـْبَى
وَلَغَــتْ منــه فــي دمــاءِ رَضـيِّ
مُشـْعَراً بالسـيوفِ كالهْـديِ تُهْـدى
كـــلّ حوريّـــةٍ إليـــه هَـــدِيِّ
فهــو نعـم العَـرُوسُ حَشـْوَ ثيـابٍ
قــانئاتٍ مــن كــلّ عِــرْقٍ ضـَرِيِّ
طيبُــهُ مــن نجيعــه وهـو مسـكٌ
فـــي عِـــذارَيْ مُهَــذَّبٍ لَــوْذَعِيِّ
يـا شـهيداً في مشهد الحربِ مُلقى
وســـعيداً بكـــلّ علـــجٍ شــقيِّ
وَســــخيّاً بنَفســـِهِ للعـــوالي
فـي رِضـى اللّـهِ فعـلُ ذاكَ السخيِّ
كَـــمْ ضــَرُوبٍ ضــارَبْتَه وَجَليــدٍ
وَقريــــبٍ طــــاعَنْتَهُ وَقَصــــيِّ
وأخـــي وَفْضـــَةٍ كـــأمٍّ ولــودٍ
مــا أصـابتكَ مـن بنـات القسـيِّ
كَــمْ صــَديقٍ بكـاكَ مثلـي بـدَمعٍ
طـــائعٍ مـــن شــؤونه لا عصــيِّ
تــذرف العيـنُ منـه جريـةَ مـاءٍ
تطــأُ الخــدّ وهــي جمــرةُ كـيِّ
وثكــالى يَنْــدُبْنَ منــك بحــزْنٍ
خَيْـــرَ نَـــدْبٍ مُهَـــذَّبٍ ألمَعِــيِّ
حاســراتٍ يَنُحْــنَ فــي كـلّ صـُبْحٍ
بلّـــه دمعهـــا وكـــلّ عشـــيِّ
ليــس يــدري امـرؤ أجَـزّ نـواصٍ
كـــانَ منهــنّ أم حَصــَادُ نَصــِيِّ
ســُوّدَتْ بالمــدادِ بيــضُ وجــوه
فهــي فــي كــلّ برقــعٍ حبَشــيِّ
ولبســنَ المســوحَ بعــد حريــرٍ
شـــرّ زيٍّ أرتــكَ مــن خيــرِ زِيِّ
كـــلّ نوّاحـــةٍ عليــكَ حشــاها
حَشــــْوُهُ منـــك كـــلّ داءٍ دَويِّ
يتلقّــى بنفســجُ اللطــمِ منهـا
ذابــلَ الــوَرد فــوْق وردٍ جنـيِّ
يــا خليلاً أخــلّ بـي فيـه دهـرٌ
لوفـــاءِ الأحــرار غيــر وفــيِّ
أنْــتَ بــالموْت غــائبٌ ومثــالٌ
فــي ضــمير الفُـؤادِ منـك نجـيِّ
إنّ أرضــاً غـودرتَ فيهـا لتهـدي
ريحُهــا منــك عَــرْفَ مسـكٍ ذكـيِّ
فَســَقَى شــلوَك الممــزَّق فيهــا
خيـــرُ وســـميّ رحمـــةٍ وَوَلــيِّ
لـم أكـنْ إذ نَظَمْـتُ تـأبينَ مَيْـتٍ
لــك أختــارُهُ علــى مَــدْحِ حَـيِّ
أنـا أبكـي عليـكَ مـا طال عمري
شــَرِقَ العيــن مــن دمـوع بِـرِيِّ
وســتبكيكَ بعـد مـوتي القـوافي
فــي نيــاح مـن لفظهـا معنـويِّ
عبد الجبار بن أبي بكر بن محمد بن حمديس الأزدي الصقلي أبو محمد.شاعر مبدع، ولد وتعلم في جزيرة صقلية، ورحل إلى الأندلس سنة 471هـ، فمدح المعتمد بن عباد فأجزل له عطاياه.وانتقل إلى إفريقية سنة 516 هـ. وتوفي بجزيرة ميورقة عن نحو 80 عاماً، وقد فقد بصره.له (ديوان شعر- ط) منه مخطوطة نفيسة جداً، في مكتبة الفاتيكان (447 عربي)، كتبها إبراهيم بن علي الشاطبي سنة 607.