
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أَتَطلُــبُ لَيلــى وَهــيَ فيــكَ تَجَلَّـت
وَتَحســـَبُها غَيــراً وَغَيــرُكَ لَيســَتِ
فَــذابلُهُ فــي مِلَّــةِ الحُــبِّ ظـاهِرٌ
فَكُـن فَطِنـاً فَـالغيرُ عَيـنُ القَطيعَـةِ
أَلَــم تَرَهــا أَلقَـت عَلَيـكَ جَمالَهـا
وَلَـو لَـم تَقُـم بِالـذاتِ مِنكَ اِضمَحَلَّتِ
تَقــولُ لَهـا اُدنُ وَهـيَ كُلَّـك ثُـمَّ إِن
حَبَتـــكَ بِوَصـــلٍ أَوهَمَتـــكَ تَــدَلَّتِ
عَزيــزٌ لِقاهــا لا يَنــالُ وِصــالَها
ســِوى مَـن يَـرى مَعنـىً بِغَيـرِ هَوِيَّـةِ
كَلِفــت بِهــا حَتّــى فَنِيــتُ بِحُبِّهـا
فَلَــو أَقســَمَت أَنّــيَ إِيّاهـا لَبَـرَّتِ
وَغـالَطتُ فيهـا الناسَ بِالوَهمِ بَعدَما
تَبَيَّنتهـــا حَقّــاً بِــداخِلِ بُردَتــي
وَغَطَّيتُهـــا عَنّــي بِثَــوبِ عَــوالِمي
وَعَــن حاســِدي فيهـا لِشـِدَّةِ غيرَتـي
بَديعَــة حُسـنٍ أَو بَـدا نـورُ وَجهِهـا
إِلــى أَكمَــهٍ أَضــحى يَـرى كُـلَّ ذَرَّةِ
تحلّــت بــأنواع الجمــال بأسـرها
فهـام بهـا أهـل الهـوى حيـثُ حلّـت
وَحَلَّــت عُــرى صـَبري عَلَيهـا صـَبابَة
فَأَصــبَحتُ لا أَرضــى بِصــَفوَةِ عُــروَةِ
وَمَـن ذا مِـنَ العُشّاقِ يَبلُغُ في الهَوى
مَرامِــيَ فيهــا أَو يُحــاوِلُ رُتبَـتي
وَبـي مِـن هَواها ما لَو أُلقيَ في لَظى
لَــذابَت لَظــى مِنـهُ بِأَضـعَفِ زَفرَتـي
وَبِــالبَحرِ لَـو يُلقـى لَأَصـبَحَ يابِسـاً
وَبِالشـــَمِّ دَكَّــت وَالســَحاب لَجَفَّــتِ
ذَهَلــت بِهــا عَنّـي فَلَـم أَرَ غَيرَهـا
وَهِمــتُ بِهــا وَجــداً بِــأَوَّلِ نَظـرَةِ
وَلَمّــا أَزَل مُســتَطلِعاً شـَمسَ وَجهِهـا
إِلـى أَن تَـراءَت مِـن مَطـالِعِ صـورَتي
فَغــابَ جَميعــي فـي لَطافَـةِ حُسـنِها
لأَن كُنـتُ مَشـغوفاً بِهـا قَبـلَ نَشـأَتي
فَــدَع عــاذِلي فيهـا المَلامَ فَإِنَّمـا
عَــذابي بِهــا عَــذبٌ وَنـاري جَنَّـتي
وَإِن شــِئتَ لُـم فيهـا فَلَسـتُ بِسـامِعٍ
دُهيــتُ فَلَــم يَكُــن إِلَيــكَ تَلفُّـتي
وَكَيــفَ أُصــيخُ لِلمَلامَــةِ فـي الَّـتي
عَلَيهــا جُيــوبي فـي الحَقيقَـةِ زُرَّتِ
وَكُنــتُ بِهــا مُغـرىً أراهـا حَبيبَـةً
إِذا أَنَّهــا وَاللَــه عَيــنُ حَقيقَـتي
وَفيهـا اِدّعيت العَين في مَذهَبِ الهَوى
وَقَطَّعــتُ رَســمي كَــي أُصــحِّحَ حُجَّـتي
وَأَصـبَحتُ مَعشـوقاً وَقَـد كُنـتُ عاشـِقاً
لِأَن ظُهـــوري صـــارَ أَعظَــم زَلَّــتي
بِهــا ســَمِعَت أُذنـي وَأَبصـَرَ نـاظِري
فَعايَنتُهــا مِنهــا إِلَيهــا تَبَــدَّتِ
وَفــي حالِهــا دارَت عَلــيّ كُؤوسـها
فَصــِرتُ بِهــا أَسـمو عَلـى كُـلِّ ذَروَةِ
وَمـا أَبصـَرَت عَينـايَ لِلخَمـرِ جامَهـا
لِأَن جامَهـا مِنهـا لَهـا عَيـنُ حِكمَـتي
تَلَألَأَ مِنهـــا كُــلُّ شــَيءٍ فَمــا أَرى
سـِوى نورِهـا الوَقّـادِ فـي كُلِّ وُجهَتي
أَبــاحَ لــيَ الخِمــارَ مِنـهُ تَفَضـُّلاً
جَناهـا فَصـارَ الشـُربُ دينـي وَمِلَّـتي
فَـإِن شـِئتُها صـِرفاً شـَرِبتُ وَأَن أَشـأ
مَزَجــتُ لِأَنَّ الكُــلَّ فــي طَـيِّ قَبضـَتي
وَإِن شـِئتُ أَطـوي الكَونَ طَيّاً وَإِن أَشأ
نَشــَرتُ جَميــعَ الكائِنــاتِ بِنَظرَتـي
شــَرِبتُ صـَفاءً فـي صـَفاءٍ وَمَـن يَـرِد
مِـنَ القَـومِ شرباً لَم يَجِد غَيرَ فَضلَتي
تَقَــدَّمَ لــي عِنــدَ المُهَيمِـنِ سـابِق
مِـنَ الفَضـلِ وَاِسـتَدعاهُ حُكمُ المَشيئَةِ
فَلــي عِــزَّة المُلـكِ القَـديمِ لِأَنَّنـي
بِعِــزَّةِ رَبّــي فــي العَـوالِم عِزَّتـي
وَلـي مَقعَـدُ التَنزيـهِ عَـن كُـلِّ حادِثٍ
وَلـي حَضـرَةُ التَجريـدِ عَـن كُـلِّ شِركَةِ
جَلَســتُ بِكُرســيِّ التَفَــرُّدِ فَاِســتَوى
مِـنَ اللَـهِ عَـرشٌ لـي عَلى ماءِ قُدرَتي
تَرانـي بِبَطـنِ الغَيـبِ إِذ أَنـا ظاهِرٌ
وَمـا ثـمَّ غَيـري ظـاهِرٌ حيـنَ غَيبَـتي
تَجَلَّيـتُ مِـن لَـوحِ البُطـونِ وَلَـم يَكُن
تَجَلّــى مِنــهُ غَيــرُ تَحقيـقِ حِكمَـتي
لِأَنّــيَ قَبــل الكَـونِ إِذ أَنـا بَعـدَهُ
وَلَـم يَـكُ كَـون غَيـرُ تَلـوينِ بَهجَـتي
تَجَلَّيـتُ قَبـل باِسـمِ لـوحِ القَضا كَما
تَجَلَّيــتُ بَعــد بِاِسـمِ نـاري وَجَنَّـتي
تَرامَــت بِـأَنواري المَقـاديرُ أَنَّنـي
عَجيــبٌ بَــدَت فــي كَـثرَتي أَحَـدِيَّتي
وَخَمـري أَثـارَت فـي الجَميـعِ ضِياءها
وَحَقّــاً بِــأَنواعِ الوُجــودِ اِسـتَبدَّتِ
مُــدامٌ تُزيــلُ الهَــمَّ وَهـيَ بِـدَنِّها
وَيَنشــَطُ كُــلُّ الكَـونِ مِنهـا بِنَفخَـةِ
تَراهــا بِحَشـوِ الكَـأسِ وَهـيَ زُجاجَـةٌ
وَلَــو لَـم تَكُـن فيـهِ لَـذابَ بِسـُرعَةِ
بِهــا هُــوَ مَمسـوكٌ وَقَـد مَسـَكَت بِـهِ
تُلــوِّنُ كَأســي مِــن تَلــوّن خَمرَتـي
تَلَطَّــف مِنهـا إِذ سـَرى مِنـهُ نورُهـا
فَتَحســَبُها شَمســاً عَلـى البَـدرِ دَرَّتِ
وَمِـن عَجَـبٍ كَـأسٌ هُـوَ الخَمـرُ عَينُهـا
وَلكِنَّـــهُ يَبـــدو عَلــى شــَكلِ دُرَّةِ
فَيَحســَبُهُ الــراؤونَ غَيــرُ مُدامَــةٍ
لِشـــِدَّةِ آفـــاتٍ بِعَيــنِ البَصــيرَةِ
وَلَــو صـَفَتِ الأَسـرارُ مِنهُـم لَأَبصـَروا
لَطـــائِفَ أَنــوارٍ بِأَشــكالِ قُــدرَةِ
بَـدَت بِرِيـاضِ المُلـكِ أَزهـارُ مائِهـا
وَبِـالوَهمِ يَبـدو الزَهرُ غَير المائِيَّةِ
فَـإِن شـِئتَ أَن تَنفيـهِ فَاِترُك خَواطِراً
تَجـول لِفِكـرٍ لَـم تَكُـن فـي الحَقيقَةِ
وَلكِـن أَتَـت مِـن عالَمِ الحُسنِ فَاِستَوَت
عَلـى القَلـبِ عَينـاً وَهـوَ عالمُ غَفلَةِ
وَطِـر عَـن حبـالاتِ التَفكيرِ في الوَرى
لِكَــي لا تُــرى مُسـتَوثِقا لَـم تَفلَـت
وَكُــن بِمَقامــاتِ الرِجــالِ بِظــاهِرٍ
وَلا تَــكُ يَومــاً حــذوَ كُــلٍّ بِفِكـرَةِ
فَكَـم زاهِـدٍ أَلقـاهُ فـي اللَيلِ زُهدُهُ
تفكّـــرهُ فيـــهِ أَتـــاهُ بِظُلمَـــةِ
وَذى طاعَـــةٍ قَصــّت جَــوانِحُهُ بِهــا
وَعيـقَ عَلـى المَـولى بِلَحـظِ الفَضيلَةِ
وَلَــم يَصــفُ زُهــدٌ لا وَلا عَمـلٌ لِمَـن
يَــرى نَفسـَهُ فـي زُهـدِها قَـد تَرَقَّـتِ
لِأَنَّ الَّـــذي يَــأتي بِــبرّ وَلا يــرى
بِــهِ اللَــهُ آت فاتِــح بـاب فِتنَـةِ
وَلَـم يَصـف أَي يُخلِـص مِنَ الجَهلِ أَمرَهُ
وَلَــم يُلــفَ إِلّا فــي غَيـاهِبِ رَيبَـةِ
لإِن فَعَلنـا مـا لَـم نَـرَ اللَهَ فاعِلاً
علـى الشـَكِّ بِـالمَعبودِ فـي كُلِّ وُجهَةِ
لِفُقـــدانِ إِخلاص بِــهِ اللَــهُ آمِــرٌ
وَذلِـــكَ إِفـــراد الإِلـــه بِخِدمــةِ
وَلَــم يَكُــنِ الإِفـرادُ يَومـاً لِعامِـلٍ
إِذا نَفســهُ فــي ذلِـكَ الفِعـلِ عَنَّـتِ
لِأَنَّ إِلاهَ العَــــرشِ عَــــمَّ وُجـــودُهُ
وَلَمّــا يَكُــن شــَيءٌ ســِواهُ بِمُثبـتِ
وَلَـم يُخصـصِ الأَعمـالَ بِـاللَهِ مِن يَرى
شــَريكاً لَــهُ فيهــا بِمِثقــالِ ذَرَّةِ
وَيــا عَجَبــاً كَــم تَــدّعي أَحدِيَــة
وَهــيَ عَلــى التَحقيـقِ غايَـةُ وَحـدَةِ
وَلَمّـا تَكُـن فـي اِثنَيـنِ وَاللَهُ غايَةٌ
فَكَيـــفَ إِذا أَثبَــتَ نِســبَة كَــثرَةِ
أَلَـم تَـرَهُ يَنهـى عَـنِ اِثنَيـنِ خَلقـهُ
وَشــِركُ ذَوي التَثليــثِ بــادٍ بِحُجَّـةِ
فَـدَع عَنـكَ أَقـوالاً تَـرى إِن أَتَيتَهـا
أَخــا ظَمَــإٍ يَومــاً سـَراباً بِقيعَـةِ
وَأَلــقِ لَنــا أُذنَ الفُــؤادِ مُصـيخَةً
وَعـي القَـولُ مِنّـي وَاِسـتَمع لِنَصيحَتي
إِذا شـِئتَ أَن تَلقـى السَعادَة وَالمُنى
وَتَبلُــغَ مــا عَنــهُ الرِجـالُ تَـوَلَّتِ
فَطَهِّــر بِمـاءِ الـذِكرِ قَلبَـكَ جاهِـداً
بِصـِدقِ اللجـا وَاِغسـِلهُ مِـن كُـلِّ عِلَّةِ
وَفَكِّــر بِــأَمرِ الشــَرعِ أَمـرَكَ كُلَّـهُ
فَــدونَكَ إِن لَـم تَفعَـل البـابُ سـُدَّتِ
وَدَع مـا مَضـى إِن تُبـتَ لا تَكتَـرِث بِهِ
وَلا تَلتَفِـــت فــي طاعَــةٍ لِمَثوبَــةِ
وَشــَمِّر ذُيــولَ الحَـزمِ لِلَّـهِ طالِبـاً
وَلا تَقصــِدن حَظّــاً بِســَيرِ الطَريقَـةِ
فَمَـن عَمَّـهُ القُصـّادُ بَـل مَـن عَمـاهُمُ
تَــوَجُّهُهُم نَحــوَ الحُظــوظِ الدَنِيَّــةِ
وَمَــن يَبتَــغِ غَيــرَ الإِلَــهَ بِسـَيرِهِ
إِلَيـــهِ تَــراهُ راجِعــاً أَيّ رَجعَــةِ
بِـأَن يَنتَهـي لِلـوَهمِ وَالباطِـلِ الَّذي
لَــهُ نَفســُهُ عِنــدَ البِدايَــة أَمَّـتِ
وَمِـن ثـمَّ كـانَت عادَةُ اللَهِ في الَّذي
يَــؤُمُّ ســِواهُ دائِمــاً نَيــل خَيبَـةِ
فَيَحرِمُــهُ مــا أَمّ إِذ هُـوَ لَـم يَكُـن
وَلا يَصــِلنَ لِلَّــهِ مِــن فَقــدِ نِيَّــةِ
فَــذا عَــدمٌ مَحــضٌ وَذا لَــم يَـؤمّه
فَصـــَفقتُهُ وَاللَـــهِ أَخســَرُ صــَفقَةِ
فَسـِر فـي أَمـانِ اللَـهِ لِلحَـقِّ مُسرِعاً
وَكُـن مُعرِضـاً عَـن ذي الأُمورِ الشَنيعَةِ
كَحِـــرصٍ عَلــى مــالٍ وَحُــبِّ وِلايَــةٍ
وَكَـــثرَةُ أَصــحابٍ وَنَيــل المَزيَّــةِ
وَغِـب عَـن شـُهودِ الـذاتِ مِنكَ وَوَصفِها
وَصــِلّ عَلــى كُــلٍّ تَنَــل كُـلَّ رِفعَـةِ
وَكُـن مُفلِسـاً مِـن رُؤيَـةِ الكَـونِ كُلِّهِ
تَكُــن بِـإِلاهِ العَـرشِ أَغنـى البَرِيَّـةِ
فَلَم يَفتَقِر مَن جاءَ بِالفَقرِ ذا الغِنى
وَلَـن يَغـن مَـن يَـأتي إِلَيـهِ بِثَـروَةِ
وَكُــلُّ مَقــامٍ لا تَقُــم بِــهِ فِكــرَةٌ
وَدَع كُــلَّ حــالٍ فيــهِ نَفســُكَ حَلَّـتِ
إِلـى أَن تَـرى ما كُنتَ مِن قَبل هارِباً
بِفِكــرِكَ مِنــهُ نَفـس عَيـنِ الحَقيقَـةِ
وَتُبصــِرُ رَبّـاً قَـد أَحـاطَ بِمـا تَـرى
وجـوداً عَلـى التَحقيـقِ مِن غَيرِ مَرِيَّةِ
وَتَنظُــر نــوراً فائِضـاً مِـن حَقيقَـةٍ
تلَـــوِّن أَلوانـــاً لِإِظهــارِ حِكمَــةِ
وَتَعلَــم أَنَّ الكَــونَ لَيــسَ بِكــائِنٍ
لِأَجــلِ دُخــولِ الكُـلِّ تَحـتَ الماهِيَّـةِ
وَتــوقِنُ أَنَّ الكَــأسَ خَمـراً وَلا تَـرى
ســِواهُ فَمــا أَحلــى لِقـاءَ الأَحِبَّـةِ
وَإِنَّــكَ ســِرّاً لِكُــلٍّ وَالســِرُّ ذاتُـهُ
وَإِنَّـكَ أَنـتَ العَيـنُ فـي بَيـنِ صـنعَةِ
وَإِنَّـــكَ وصـــول وَلا ثـــمَّ واصـــِلٌ
وَلكِـن مَعـاني الـذاتِ بِالـذاتِ حفَّـتِ
تَنـاهَت إِلَيهـا بَعـدَما اِحتَجَبَـت بِها
وَمِنهــا التَنــاهي كــانَ أَوَّلَ مَـرَّةِ
أَبَـت أَن تَراهـا عَينهـا وَهـيَ عَينها
وَفــي ذا كَمــالُ القُــدرَةِ الأَزَلِيَّـةِ
وَتَظهَــر إِن شـاءَت إِلَيـهِ بِحـال مـا
بِــهِ اُحتِجِبَــت عَنهــا بِسـَطوَةِ عـزَّةِ
بَــدَت بِجَمــالٍ مِــن كَمـالِ صـِفاتِها
فَأَهــدَت بِــهِ مَــن بِالعِنايَـةِ خُصـَّتِ
وَلَـو لَـم تَجـل بِالصـِفاتِ لَما اِهتَدى
لِعِرفانِهــا وَاللَــه فَهـم الخَليفَـةِ
لِأَنّ تَجلِّـــي الــذاتِ بِمَحــقِ نــورِهِ
جَميــعَ الَّــذي يَبـدو لَـهُ بِالذَتِيَّـةِ
أَلَــم تَرَهــا لَمّــا تَجَلَّـت بِـذاتِها
لِطــورِ كَليــمِ اللَــهِ لِلصـَخرِ دَكَّـتِ
وَخــرَّ لِــذاكَ الــدَكِّ موسـى كَليمـهُ
فَعَـوَّضَ صـَعقَ الطـورِ عَـن صـَعقِ نَفخَـةِ
لِأَنَّ تَجلّــي الــذاتِ نَفخَــةُ صــورِها
بِــهِ تبــدّل التَلطيــف كُـلّ كَثيفَـةِ
وَمِـن ثـمَّ كـانَت نَشـأَةُ الخَلـقِ أَوَّلاً
تَهــدُّ وَنَشــأ العَــرض نَفخَـةُ بَعثَـةِ
فَتُـدرِكُ مـا لَـم تَـدرِ مِن قَبلِ بَعثِها
وَيَعلَـمُ مِنـهُ الغَيـبُ نَفـسَ البَديهَـةِ
لِأَنَّ مُــدرِكَ الأَنـوارِ مِـن عَيـنِ نـورِهِ
عَلـى قَـدرِهِ يَبـدو لَـهُ فـي الحَقيقَةِ
أَلَـم تَـرَ خَيـرَ الخَلـقِ أَبصـَرَ خَلقَـهُ
تَنَــزَّلَ حَتّــى كــانَ فــي المُلكِيَّـةِ
وَأَصـــحابُهُ لَمّــا عَلَــو بِاِتِّصــالِهِ
فَلَـم يَعُـد مِنهُـم واحِـدٌ حُسـنُ دَحيَـةِ
وَإِن لَــم يَـروا جِبريـلَ إِلّا عَشـيرَهُم
عَلـى أَنَّهُـم فـي النـاسِ أَفضـَلُ أُمَّـةِ
فَكَيــفَ يَــرى خَلــق حَقيقَــةِ أَحمَـد
وَلكِـــن يَـــرى ظِلّاً مِــنَ البَشــَرِيَّةِ
لِأَنَّــهُ صــونُ الســِرِّ بَـل سـِرُّ صـَونِهِ
وَالأَنــوارُ طـرّاً مِـن سـَناهُ اِسـتَمَدَّتِ
عَلَيــهِ يَــدورُ القُطــبُ وَهـوَ بِسـِرِّهِ
يَـدورُ عَلَيـهِ الكَـونُ فـي كُـلِّ لَمحَـةِ
تَـرى حُكمَـهُ بِـاللَهِ في الخَلقِ نافِذاً
لِأَنَّـــهُ صــارَ فيهِــم أَصــلُ نَشــأَةِ
تَرقّــى إِلـى أَن صـارَ لِلكُـلِّ جامِعـاً
لِســـِرٍّ أَتــى مِــن هِمَّــةٍ أَحمَدِيَّــةِ
وَأَصــلُ وُجــودِ الشـَيءِ رَحمَـةُ نَفسـه
لِـــذلِكَ كـــانَ رَحمَـــةً لِلبَشــَرِيَّةِ
وَرَحمَتُــهُ مِـن رَحمَـةِ المُصـطَفى أَتَـت
لِأَن ســِرُّهُ مِــن ســِرِّ عَيــنِ الرَحمَـةِ
لِــذلِكَ كــانَ القُطـبُ يُبصـِرُ دائِمـاً
لَــهُ ســِرُّ الاِسـتِخلافِ فـي كُـلِّ بَـرزَةِ
لِأَنَّــهُ عَــن خَيــرِ الأَنــامِ خَليفَــةً
وَهــوَ عَــنِ الرَحمــنِ خَيــرُ خَليفَـةِ
فَنـورٌ سـَرى فـي الكَـونِ صـورَة أَحمَدٍ
بِــهِ تَهتَــدي لِلَّــهِ كُــلُّ بَصــيرَتي
فهـوّ الهـدى والنـور مـن حيـث إنه
علـى ذاتـه تجلـى معـاني الحقيقـة
فَلا مُهتَــــدٍ إِلّا بِأَضـــواءِ نـــورِهِ
لِأَنَّ نُعـــوتَ النــورِ بــابُ الأَدِلَّــةِ
وَهــوَ عَلـى التَحقيـقِ وَاللَـه وَصـفه
وَمِـن ثـمَّ كـانَ الفَتـحُ مِنـهُ لِحَضرَتي
فَمَـن حَفَّـهُ نـورُ الرَسـولِ يَخـوضُ مِـن
بِحــارِ شـُهودِ الـذاتِ فـي كُـلِّ لُجَّـةِ
وَتنهــى إِلَيــهِ فـي الأَنـامِ رِياسـَةٌ
قَـدِ اِستَسـلَفَت فـي عِزِّهـا كُـلّ رُتبَـةِ
وَمَـن قَـد أَتـى مِـن غَيـرِ نـورِ مُحَمَّدٍ
فَإِقــدامُهُ فــي مَهــوَةِ الغَـيّ زَلَّـتِ
يَـرومُ دُخـولَ الـدارِ مِـن غَيرِ بابِها
وَيَطلُــبُ هَــدياً بِــالأُمورِ المُضــِلَّةِ
وَلَـولا سـَنى مِنهـا لَمـا وَصـَلَت بِنـا
ســَنابِكَ أَفــراسِ القُلــوبِ المُجِـدَّةِ
لِنَحـوِ حِماهـا وَهـيَ فـي مَنعَةِ الهَوى
وَصــَونِ شــُفوفٍ مِــن ســُيوفٍ أَعِــزَّةِ
فَلِـذا اِغتِرابـي في اِقتِرابي حَبائِبي
وَهــانَ عَــذابي إِذ عَــذابي شـِقوَتي
أواري غَرامــي عَــن هَـواجِسِ عـاذِلي
فَتَكشــِف عَــن ســَرّي حَقـائِقَ سـيرَتي
وَيَعـــذُرُني مِنـــهُ صــَوانُ تَجَلُّــدي
فَتَعـذرُني مِـن سـُرعَةِ السـَكبِ عَـبرَتي
وَمـا كُنـتُ أَدري حيـنَ أَدري مَـدامِعي
بِـأَنَّ سـَرايا الطَـرفِ مِـن جَيشِ رقبَتي
وَإِن شـــُؤوني عَــن شــُؤوني عَبَّــرَت
إِذا غَبّـرَت فـي الـتيهِ أُخدودُ وَجنَتي
تَوَســَّدت مِــن جِســمي الأَمــان لِأَنَّـهُ
إِذا مـا فَنـى فـي الحُـبِّ في زيِّ مَيِّتِ
وَإِنّ حَيـــاةَ الــروحِ عَنــهُ خِفيَّــةٌ
إِذا أَنَّــهُ لَمــا فَنــى فيــهِ حَلَّـتِ
وَصـارَ بِسـِرِّ الـذَوقِ مِـن عَيـنِ ذاتِها
وَنــالَ بَقــاءً إِذ رَمــى بِالبَقِيَّــةِ
وَوافَقَهـــا فيمــا يَعُمّهُمــا مَعــاً
وَدامــا جَميعــاً بَيـنَ خَفـضٍ وَرِفعَـةِ
فَهــذا بِعَيـنِ الـذاتِ نـافى دائِمـاً
وَهـذا بِنـورِ العَيـنِ في العَينِ مُثبَتِ
فَأَضـحى الـوَرى لَمّـا رَوى كُـلُّ واحِـدٍ
رِوايَتَــهُ قِســمَينِ فـي نَـوعِ عِشـقَتي
فَمِــن قــائِلٍ هــذا يُحِــبُّ بُثَينَــة
وَمِـــن قــائِلٍ هــذا كــثيرُ عَــزَّةِ
رَأَوا مِـن ثِيـابي فـي ثَبـاتِ تَـوَلُّهي
فَــأَوقَعَهُم فـي الـوَهمِ فَهـم تَثَبُّـتي
وَلَمّــا أَبــى كَنِّـي يَكـنُّ هَـوايَ بَـل
يُــذيعُ جَميعــاً لِلوُشــاةِ ســَريرَتي
وَأَصــبَحَ أَفواهــاً تُنـاجي بِكُـلِّ مـا
لَـهُ صـارَ إِسـماعاً عَلـى خَلـفِ إِمرَتي
فَـإِن أَنـهَ نطقـي أَنهَ ما كانَ مُودعاً
ســِواهُ وَذاعَ السـِرَّ مِـن كُـلِّ جُملَـتي
تَيَقَّنــتُ إِذ لَــم يَبــقَ مِنّـي كـاتِمٌ
بِـأَنّ اِسـتَتاري فـي الغَـرامِ فَضيحَتي
وَصـِرتُ إِذا لَـم يَسـتُرِ الشـَمسَ ظِلُّهـا
أُصــانِعُ عَــن دَرءِ الهَـوى بِصـَنيعَتي
وَأَعلَـــمُ أَنّــي بِالمَعــالِمَ جاهِــلٌ
وَأُنكِــرُ فــي كُـلِّ اِختِبـاري خِـبرَتي
وَأَسـأَل أَهـلَ الحَـيِّ عَـن جيـرَةٍ لَهـا
لِتَبريــدِ تَــبريحي وَإِطفـاءِ لَوعَـتي
أُغـالِطُهُم فـي فِتنَـةِ الفَـرقِ إِن فِـت
نَـةُ الجَمـعِ لَيسَت في الصَبابَةِ فُرقَتي
بَــدا غَيُّهُــم مِـن عَينِهِـم فَتَـواتَرَت
عَلَيهِـم سـِهامُ البَيـنِ مِـن عَينِ نُقطَةِ
وَلَـو جَـرَّدوا مِـن نُقطَةِ الغَينِ عَينهُم
لَفــازوا بِتَفريـدٍ بِـهِ الـذاتُ جَلَّـتِ
وَشـــاهَدَ كُــلّ عَينــه عَيــن حُبِّــهِ
وَأَفضــَلُ خَلـقِ اللَـهِ عَيـنُ الوَسـيلَةِ
وَلكِــن إِلـى أَنـوارِهِ الكُـلُّ يَنتَهـي
فَفيـــهِ حَقـــائِقُ الكِــرامِ تَرَقَّــتِ
عَلَيـــهِ صــَلاةُ اللَــهِ ثُــمَّ ســَلامُهُ
وَآلِــه وَالأَصــحابِ فــي كُــلِّ لَحظَـةِ
وَأَزواجِـــه وَالتـــابِعينَ جَميعِهِــم
وَأُمَّتِـــه الغَـــرّاءِ أَفضـــَلُ أُمَّــةِ
أبو عبد الله محمد بن محمد الحراق بن عبد الواحد بن يحيى بن عمر بن الحسن بن الحسين الحسيني.شاعر وإمام جليل، متضلع في علم الظاهر انتهت إليه فيه الرياسة، مشاركاً في فنونه من تفسير وحديث وفقه وفتوى ومعقول.وكان أديباً شاعراً كاد ينفرد به في عصره مع كثرة وجوده.وقد كان تلميذاً للقطب الرباني العربي الدرقاوي.مات ودفن بزاويته المشهورة بثغر تطوان بباب المقابر.