
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
بربـك يـا زَيـدانُ هـل كنـت تَعلمُ
بــأن أديــم الأرض يصـبغهُ الـدمُ
وأن صــنوف المــوتِ تملأ وجههــا
فلا موضــعٌ إلا بــه النـار تضـرمُ
فأبغضـت ظهـر الأرض واعتضت بطنها
ألا إن بطــن الأرض أنجــىَ وأسـلمُ
وعفــتَ قصـوراً بالمصـابيح زُينـت
وراقــك قـبر فـي البلاقـع مظلـم
ومـا حُسـْن قصـر كـلّ من فيه خائف
بجــانب قــبر فيــه بيـت محـرّمُ
أنِسـت بمن تحت الثرى حامدَ السُّرى
وألهــاك عنـا عبـدُ ضـحم وجُرْهـم
أزيـدان مـا أنصـفتنا إذ تركتنا
عليــك بُكِيًّـا بينمـا أنـت تبسـمُ
نسـيت ولـم ننـسَ الـودادَ وإننـا
عليــك لفــي بؤسـيَ وأنـت منعّـمُ
ففارقتنــا عمــداً ونحـن بحاجـة
لمـن ينصـف التاريـخَ فينا ويحكم
تعــال فــأرّخ للأنــامِ حوادثــاً
تشـيب لهـا الوِلـدان هـولاً وتهرمُ
وأرهــف يراعـاً للكتابـة ماضـياً
فقـد جـاء عصـر بـالحوادث مفعـمُ
لئن كـان مـا أرخـتَ فـي زمن مضى
عظيمـاً فمـا نسـتقبلُ اليومَ أعظمُ
مــدافعُ تســتكّ المسـامع دونهـا
وتخـــرج مــن أفــواههنَّ جهنــمُ
إذا فغـــرت أفواههــا لكريهــةٍ
تــدك الرواســي والحصـونَ تحطّـمُ
وسـفْنٍ تبـارت فـي المسير أراقماً
إذا زال منهـا أرقـم صـال أرقـمُ
إذا أنسـاب منهـا بضعةٌ نحو معقل
فلا شـيءَ ممـا ينفـث المـوت يعصمُ
وغواصــة كــالحوتِ تســبح خِفيـةً
تطيــح بمرماهــا ســفائنُ عــوّمُ
وطيــارة لا يبلـغ النسـر شـأوها
تــدل علــى جيـش العـدو وترجـم
فتنقــضّ منهــا كالصـواعق تـارةً
كُــرات وأحيانــاً تســدَّد أســهمُ
وأنبوبــة تنســاب منهـا سـوائلٌ
تــردّ هـواءَ الجـو يُعمـى ويبكـمُ
مـتى فـارقت أنبوبَهـا صرن صرصراً
إذا اشتمّ منها القوم فالقوم جُثمُ
ففـي الجو تصعاق وفي البحر مارج
وفـي الـبرِّ أعضـاد تطيـر ومعصـمُ
وفــي كــل نــادٍ رنــة وتحســر
وفـي كـل دار أينمـا سـرت مـأتمُ
فلـم يخْـلُ هـمِّ مـن بكـاءٍ ويـافعٍ
ولــم تخـلُ منـه ذاتُ بعـل وأيّـمُ
فيــا ويـح شـبان تخـوض غمارهـا
ويـا ويـل شبان عن الموت أحجموا
لـك الحق فانعم حيث أنت مع الألى
تحــب وخيّـم بينهـم حيـث خيمـوا
وفـاخر بـدار ليـس فيهـا تبـاغض
ونــافِس بحكــمٍ ليـس فيـه تحكّـمُ
وإن غبـت عنا كان في ابنيك سلوةٌ
وإن عَــز نطــقٌ فــالهلالُ يـترجمُ
محمد حفني بن إسماعيل بن خليل بن ناصف.قاض أديب، له شعر جيد، ولد ببركة الحج (من أعمال القليوبية بمصر) وتعلم في الأزهر، وتقلب في مناصب التعليم.ثم في مناصب القضاء وعين أخيراً مفتشاً أول للغة العربية بوزارة المعارف المصرية واشترك في الثورة العرابية بخطب كان يلقيها ويكتبها ويوزعها على خطباء المساجد والشوارع.وكان يكتب في بعض الصحف المصرية باسم "إدريس محمدين" وقام برحلات إلى سورية والأستانة واليونان ورومانيا ودول أخرى.وتولى منصب النائب العمومي والقضاء الأهلي 20 عاماً وقام برئاسة الجامعة 1908 عند تكوينها وكان من أوائل المدرسين فيها.وشارك في إنشاء المجمع اللغوي الأول وله مداعبات شعرية مع (حافظ إبراهيم) وغيره وكان يتجنب المدح والاستجداء والفخر في شعره وهو والد باحثة البادية توفي بالقاهرة.له: (تاريخ الأدب أو حياة اللغة العربية -ط) و(مميزات لغات العرب -ط) ورسالة في (المقابلة بين لهجات بعض سكان القطر المصري -ط) واشترك في تأليف (الدروس النحوية -ط).وجمع ابنه مجد الدين ناصف شعره، في ديوان سماه (شعر حفني ناصف -ط).