
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
دَعينـي فلا واللـهِ مـا يكشفُ البلوى
سـِوى مـن لهـذا الخلقِ من نطفةٍ سوَّى
فلا تقرعــي بابـاً سـوى بـابِ فضـلهِ
ولا تُظهـري يومـاً إلـى غيـرِه شـكوى
ولا تجنحــي للغيـرِ فـي كشـفِ حـادثٍ
فغيـرُ جنـابِ اللـهِ لا يـدفعُ الأسـوى
ولا تهرعـــي إلَّا إليـــه إذا جَفــا
سـحابٌ فمـا فـي غيـرِ ألطـافِه رَجوى
ولا تســأمي مــن مُــرِّ عيـشٍ وسـلِّمي
إلـى مـن يعيـدُ المُرَّ من فضلهِ حَلوى
إلـــهٌ تعـــالى لا نقــومُ بحمــدِهِ
ولا أحــد منَّــا علــى شـكرِه يَقـوى
يقلِّبُنــا فــي الخلـقِ سـابقُ حكمِـهِ
علينـا بمـا تأبى النفوسُ وما تهوى
تبـارك مُنشـي الخلـقِ مـن صـلبِ آدمٍ
ضـروباً فـذو فقـر مهـانٌ وذو جـدوى
فهــذا نــرى الأيسـار أبـرد عيشـه
وهـذا بنـار الفقـر أحشـاؤه تُكـوَّى
وهــذا تـراهُ فـي المسـاجدِ راكعـاً
وهـذا يُعاني اللهو في حانةِ القَهوى
وهــذا لـدرس العلـمِ أصـبحَ طالبـاً
وهذا يرومُ اللهو في الروضِ والزهوا
شـؤونٌ قضـاها اللهُ قَدماً على الورى
وآدمُ لــم يُخلــقْ هنــاكَ ولا حَــوَّا
دعينــي مـن التـدبير فـالأمرُ كلُّـه
تــدُّبر مـن قبـل الوجـود ولا غَـروا
إذا كـان أمرُ الله في الخلقِِ سابقاً
فتـدببيرُنا فيـه هو الخَبطُ في عشوا
دعينـيَ ممـا أرهـقَ النـاسَ واسـلمي
ولا تطلـبي الأكـدارَ مـا سهَّلَ الصفوا
دعينـي مـن التقـويمِ والليـلُ دامسٌ
ولا ترصـُدي نجمـاً إذا نـزَّل الـدَّلوا
فمــا تــمَّ إلـى مـا يشـاء إلهُنـا
لـهُ الحكـمُ لا للنجمِ فينا ولا الأَنوا
دعينــي مــن الآفـاقِ فـالخيرُ كلُّـه
إذا ما طلبتِ النجحَ في جانبِ التقوى
وإن تقصــدي الرمّـال تبغـي تجسّسـا
أضـعتِ وأيـم اللـهِ فـي ذلك الحظوا
دَعينـي مـن الشـعرِ الرقيـقِ ونظمِـهِ
إذا ما دعاكِ الحالُ في الرشأ الأحوى
ولـو كـانَ كالبـدرِ المنيـرِ جـبينُهُ
يعيـدُ ظلامَ الليـلِ مـن فرقـةٍ ضـحوى
يُريــكِ انشـقاقُ البـدرِ سـالفَ خـدِّهِ
يميــسُ علــى غصـنٍ تقـلُّ بـه ربـوى
ولا تـذكُري ليلـى ولا هنـدَ في الورى
وخلِّـي عـن المنثورِ والنظمِ في أروى
ولا تقعــدي للحــقِّ فـي شـكلِ مرشـدٍ
فتنصــدعي عُجبــاً وتنقطعــي دَعـوى
ولا تحســـبي أنّــي ســهوْتُ وإنمَّــا
هـواكِ يُريـكِ النصـحَ من جانبي سهوا
دعينــي منــكِ يــا لكــاعُ فإنَّمـا
وجــودُكِ بلـوى لا يُقـاس بهـا بلـوى
ألـم تظهـري للخلـقِ فـي كُـلِّ مظهـرٍ
تقلِّبــكِ الأطـوارُ فـي طاعـة الأهـوا
فطــوراً نــراك تحــتَ كــلِّ عمامـةٍ
مهندمــةِ الأركــانِ نحســبُها رضـوا
تقــولين بــالعلمِ الشـريفِ تبجّحـاً
ومـا عِنـدكِ علـمٌ هنـاكَ سوى الدّعوى
وطـوراً نـراكِ فـي المحـاكمِ تحكمـي
على الناسِ مجَّاناً ولم تفهمي الدعوا
تقـولين هـذا الشـرعُ والشـرعُ غيرُه
وإن تحكمـي بالشـرعِ لكنْ معَ الرشوى
وطـوراً نـراكِ فـي الزوايـا مقيمـةً
تُمـارينَ خَلـقَ اللهِ بالدلقِ والكسوى
تروميـنَ جمـع المـالِ فـي كـلِّ حالةٍ
وحتَّـى دعـاكِ المكـرُ للصومِ والخلوى
ألــم تمكــرُي قـدماً بصـفوةِ ربّنـا
أبَينـا بـذاكَ العَهدِ في موطنِ الأغوا
أطعــتِ عــدوَّ اللـه فينـا وخنتِنـا
وكنـتِ لـه فيمـا يـرومُ بِنـا صـِنوا
وحتَّـــى مــن الجنَّــات أخــرجَ آدمٌ
تــدافعُه الأملاك مــن حــولِه عُنـوى
هبطْنـا إلـى الـدنيا وكـانَ هبوطُنا
إطاعَتنــا إيَّــاك فــي زلـةٍ هفـوى
فصـــرنا بهــا مُستوحشــينَ لأننــا
نـرى المكـرَ طبعـاً في خلائِقها يُطوى
تباعــدُ مــن نهـواهُ عنَّـا وتَنثنـي
تقـربُ مـن نأبـاهُ مـن حيِّنِا القصوى
فنهضــمُ فيهــا كُــلَّ شــكلٍ مســدسِ
كقطعـةِ صـخرِ حطَّـه السـيلُ مـن عَلوى
ديــارُ بهـا الأكـدارُ حطَّـت رحالَهـا
يحـقُّ لنـا فيهـا بـأنْ نكثرَ الهجوا
مــتى خــبرتْ فالكسـرُ منهـا محقـقٌ
يحـقُّ لنـا فيهـا بـأنْ نكثرَ الهجوا
تُعـادي أهيـلَ العلمِ والحلمِ والتُّقى
وتهجرُهــم زَهــواً وتــتركُهم رَهـوا
تُطـــاعِمُ أهليهـــا الحلاوةَ حيلــةً
وتُخـبي أليـمَ السُمّ في داخلِ الحلوى
فلــم يُــرَ فيهـا غيـرُ شـخصٍ مهـدد
تعاكســهُ الأقـدارُ فـي منـزلٍ أقـوى
هـي الدمنـةُ الخضراءُ إن رُمتَ وَصفَها
يــدورُ بهــا كبـشٌ يجاورُهـا أحـوى
مــتى أنبتـتْ نبتـاً تلقَّـاه عـاجلاً
أكــولٌ مـدى الأيَّـام ظمـآن لا يَـروى
إذا لــم يكــن فيهـا سـواهُ بليـةً
كفـاكَ بهـا قُبحـاً يناديـكَ للسـَّلْوى
يـرى عيبَهـا كُـلٌّ مـنَ النَّـاس بادياً
فمـاذا يقـولُ المـرءُ في عاهرٍ نَشوى
تليـنُ لمـن تهـواهُ فـي الحيِّ جانباً
فيركبهـــا جَهلاً ويُحببهـــا نضــوى
فلـم يـدرِ إلّا وهـو مـن فـوقِ ظهرِها
إلـى بطنِهـا ريبُ المنونِ به المَهوى
فيصــبحُ فــي الأمـواتِ لا هـوَ راجـعٌ
إليهـا ولا يُسـليه عـن حبِّهـا سـلوى
ومِـن ثـم لـم تـدرَ بمـا اللّهُ صانعٌ
بعبـدِ لـهُ الشـيطانُ فـي حبِّها أغوى
فهـذي هـي الـدّنيا إذا رمتِ فاسألي
خـبيراً بهـا ينـبئكِ عن حالها عَفوا
فحاشـا علـى الإِنسـان فيها بأن يَرى
لكامـلِ هـذا الجنـسِ من ما بهِ مأوى
عبد الرحمن بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي الفضل الموصلي الشيباني الكوكباني القادري الصوفي.شيخ شاعر، وأستاذ بليغ، أحد أشهر المشايخ الواعظين ، ومن أعيان الصوفية بدمشق ولد في دمشق في حي الميدان، ألف وطلب العلم ومهر وساد وأقبل على مطالعة الدواوين الشعرية وله فيها نظم حسن كثير وديوان متداول مشهور.وقد توفي إلى رحمه الله يوم الجمعة الواقع 14 من محرم سنة 1118ه.له (ديوان شعر -ط).