
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
ســِوَايَ بِتَحْنَــانِ الأَغَارِيـدِ يَطْـرَبُ
وَغَيْــرِيَ بِاللَّــذَّاتِ يَلْهُـو وَيُعْجَـبُ
وَمـا أَنَـا مِمَّـنْ تَأْسـِرُ الْخَمْرُ لُبَّهُ
وَيَمْلِــكُ سـَمْعَيْهِ الْيَـرَاعُ الْمُثَقَّـبُ
وَلَكِــنْ أَخُـو هَـمٍّ إِذا مـا تَرَجَّحَـتْ
بِــهِ سـَوْرَةٌ نحَـوْ َالْعُلاَ رَاحَ يَـدْأَبُ
نَفَـى النَّـوْمَ عَـنْ عَيْنَيْه نَفْسٌ أَبِيَّةٌ
لَهــا بيـنَ أَطْـرافِ الأَسـِنَّة مَطْلَـبُ
بَعِيـدُ مَنـاطِ الْهَـمِّ فَـالغَرْبُ مَشْرِقٌ
إِذَا مَـا رَمَـى عَيْنَيْهِ والشَّرْقُ مَغْرِبُ
لَــهُ غُـدُواتٌ يَتْبَـعُ الْـوَحْشُ ظِلَّهـا
وَتَغْـدُو عَلـى آثارِهـا الطَّيْرُ تَنْعَبُ
هَمَامَــةُ نَفْــسٍ أَصـْغَرَتْ كُـلَّ مَـأْرَبٍ
فَكَلَّفَــتِ الأَيَّــامَ مـا لَيْـسَ يُـوهَبُ
وَمَــنْ تَكُـنِ العَلْيـاءُ هِمَّـةَ نَفْسـِهِ
فَكُــلُّ الَّـذِي يَلْقَـاهُ فيهـا مُحَبَّـبُ
إِذا أَنـا لَـم أُعْـطِ الْمَكارِمَ حَقَّها
فَلا عَزَّنِـــي خـــالٌ وَلا ضــَمَّنِي أَبُ
وَلا حَمَلَــتْ دِرْعِــي كُمَيْــتٌ طِمِــرَّةٌ
وَلا دارَ فــي كَفِّــي ســِنانٌ مُـذَرَّبُ
خُلِقْــتُ عَيُوفــاً لا أَرَى لابْـنِ حُـرَّةٍ
لَـدَيَّ يَـداً أُغْضـِي لَهـا حِيـنَ يَغْضَبُ
فَلَســْتُ لأَمْــرٍ لَــمْ يَكُـنْ مُتَوَقّعَـاً
وَلَســْتُ عَلــى شــَيءٍ مَضـَى أَتَعَتَّـبُ
أَسـِيرُ عَلَـى نَهْـجٍ يَرَى النَّاسُ غَيْرَهُ
لِكُـلِّ امْـرِئٍ فـي مـا يُحـاوِلُ مَذْهَبُ
وَإِنِّـي إِذا مـا الشـَكُّ أَظْلَـمَ لَيْلُهُ
وَأَمْســَتْ بِــهِ الأَحْلامُ حَيْـرَى تَشـَعَّبُ
صــَدَعْتُ حِفــافَيْ طُرَّتَيْــهِ بِكَــوكَبٍ
مِـنَ الـرَّأْي لا يَخْفَـى عَلَيْهِ الْمُغيَّبُ
وَبَحْـرٍ مِـنَ الْهَيجَـاءِ خُضـْتُ عُبـابَهُ
وَلا عاصــِمٌ إِلَّا الصــَّفِيحُ المُشــَطَّبُ
تَظَـلُّ بِـهِ حُمْـرُ المَنَايـا وَسـُودُها
حَواســِرَ فــي أَلْوَانِهَــا تَتَقَلَّــبُ
تَوَسـَّطْتُهُ وَالْخَيْـلُ بِالْخَيْـلِ تَلْتَقِـي
وَبِيضُ الظُّبَا في الْهَامِ تَبْدُو وَتَغْرُبُ
فَمـا زِلْـتُ حتَّـى بَيَّـنَ الْكَرُّ مَوْقِفِي
لَـدَى سـاعَةٍ فيهـا الْعُقُـولُ تَغَيَّـبُ
لَـدُنْ غُدْوَةٍ حَتَّى أَتَى الليلُ وَالْتَقَى
عَلَـى غَيْهَـبٍ مِـنْ ساطِعِ النَّقْعِ غَيْهَبُ
كَـذَلِكَ دَأْبِـي فـي الْمِـراسِ وَإِنَّنِـي
لأَمْــرَحُ فـي غَـيِّ التَّصـابِي وأَلْعَـبُ
وفِتْيَـان لَهْـوٍ قَـدْ دَعَـوْتُ ولِلْكَـرَى
خِبــاءٌ بِأَهْــدَابِ الْجُفُــونِ مُطَنَّـبُ
إِلَـى مَرْبَـعٍ يَجْـرِي النَّسـِيمُ خِلالَـهُ
بِنَشــْرِ الْخُزَامَـى والنَّـدَى يَتَصـَبَّبُ
فَلَـمْ يَمْـضِ أَنْ جاءُوا مُلَبِّينَ دَعْوَتِي
سـِراعاً كَما وَافَى عَلَى الْماءِ رَبْرَبُ
بِخَيْــلٍ كَــآرَامِ الصـَّرِيمِ وَرَاءَهـا
ضـــَوارِي ســَلُوقٍ عاطِــلٌ وَمُلَبَّــبُ
مِـنَ اللاءِ لا يَأْكُلْنَ زاداً سِوَى الَّذِي
يُضَرِّســْنَهُ وَالصــَّيْدُ أَشـْهَى وَأَعْـذَبُ
تَـرَى كُـلَّ مُحْمَـرِّ الْحَمـالِيقِ فـاغِرٍ
إِلَــى الْـوَحْشِ لا يَـأْلُو وَلا يَتَنَصـَّبُ
يَكَـادُ يَفُوتُ الْبَرقَ شَدَّاً إِذَا انْبَرَتْ
لَــهُ بِنْــتُ مـاءٍ أَوْ تَعَـرَّضَ ثَعْلَـبُ
فَمِلْنــا إِلَــى وادٍ كَــأَنَّ تِلاعَــهُ
مِـنَ الْعَصـْبِ مَوْشـِيُّ الْحَبـائِكِ مُذْهَبُ
تُــرَاحُ بِــهِ الآمَـالُ بَعْـدَ كَلالِهـا
وَيَصـْبُو إِلَيْـهِ ذُو الْحِجَا وَهْوَ أَشْيَبُ
فَبَيْنَـا نَرُودُ الأَرْضَ بِالْعَيْنِ إِذْ رَأَى
رَبِيئَتُنَـا سـِرْباً فَقَـالَ أَلا ارْكَبُوا
فَقُمْنَــا إِلَـى خَيْـلٍ كَـأَنَّ مُتُونَهـا
مِـنَ الضـُّمْرِ خُوطُ الضَّيْمَرَانِ الْمُشَذَّبُ
فَلَمَّـا انْتَهَيْنـا حَيْـثُ أَخْبَرَ أُطْلِقَتْ
بُـزَاةٌ وَجَـالَتْ فـي المَقَـاوِدِ أَكْلُبُ
فَمـا كَـانَ إِلَّا لَفْتَةُ ُالْجِيدِ أَنْ غَلَتْ
قُـدُورٌ وَفـارَ اللَّحْـمُ وَانْفَـضَّ مَأْرَبُ
وَقُلْنَــا لِسـاقِينَا أَدِرْهـا فَإِنَّمـا
قُصـَارَى بَنِـي الأَيّـامِ أَنْ يَتَشـَعَّبُوا
فَقــامَ إِلَــى رَاقُـودِ خَمْـرٍ كَـأَنَّهُ
إِذَا اسـْتَقْبَلَتْهُ الْعَيْـنُ أَسْوَدُ مُغْضَبُ
يَمُــجُّ ســُلافاً فــي إنــاءٍ كَـأَنَّهُ
إِذَا مـا اسـْتَقَلَّتْهُ الأَنَامِـلُ كَـوْكَبُ
فَلَـمْ نَأْلُ أَنْ دَارَتْ بِنَا الأَرْضُ دَوْرَةً
وَحَتَّـى رَأَيْنَـا الأُفْـقَ يَنْـأَى وَيَقْرُبُ
إِلَــى أَنْ تَـوَلَّى الْيَـومُ إِلَّا أَقَلَّـهُ
وَقَـدْ كـادَتِ الشـَّمْسُ الْمُنِيرَةُ تَغْرُبُ
فَرُحْنَـا نَجُـرُّ الـذَّيْلَ تِيهـاً لِمنزلٍ
بِــهِ لأَخِ اللَّــذَّاتِ واللَّهْـو مَلْعَـبُ
مَســـارِحُ ســِكِّيرٍ وَمَرْبِــضُ فاتِــكٍ
وَمُخْـدَعُ أَكْـوابٍ بِـهِ الخَمْـرُ تُسـْكَبُ
فَلَمَّـا رآنـا صـاحبُ الـدّارِ أَشْرَقَتْ
أَســارِيرُهُ زَهْــواً وَجــاءَ يُرَحِّــبُ
وقَـالَ انْزِلُوا يا بَارَكَ اللهُ فيكُمُ
فَعِنْـدِي لَكُـمْ مـا تَشـْتَهُونَ وَأَطْيَـبُ
وَرَاحَ إِلَـــى دَنٍّ تَكَامَـــلَ ســـِنُّهُ
وَشــَيَّبَ فَـوْدَيْهِ مِـنَ الـدَّهْرِ أَحْقُـبُ
فَمـا زالَ حتَّـى اسـْتَلَّ مِنْـهُ سَبِيكَةً
مِـنَ الخمـرِ تَطْفُو في الإِنَاءِ وتَرْسُبُ
يَحُـومُ علَيهَـا الطَّيْـرُ مِنْ كُلِّ جانِبٍ
وَيَسـْرِي عَلَيْهَـا الطّـارِقُ الْمُتَـأَوِّبُ
فَيا حُسْنَ ذاكَ اليومِ لَوْ كانَ باقياً
ويـا طِيـبَ هَذا الليلِ لَوْ دامَ طَيِّبُ
يَـوَدُّ الْفَتَـى مـا لا يَكُـونُ طَمَاعَـةً
وَلَـمْ يَـدْرِ أَنَّ الـدَّهْرَ بِالنَّاسِ قُلَّبُ
وَلَـوْ عَلِـمَ الإنْسـَانُ مـا فِيهِ نَفْعُهُ
لأَبْصــَرَ مــا يَــأْتِي وَمَـا يَتَجَنَّـبُ
وَلَكِنَّهــا الأَقْـدَارُ تَجْـرِي بِحُكْمِهـا
عَلَيْنَــا وَأَمْـرُ الْغَيْـبِ سـِرٌّ مُحَجَّـبُ
نَظُـــنُّ بِأَنَّــا قــادِرُونَ وَأَنَّنــا
نُقـادُ كَمَـا قِيـدَ الْجَنِيـبُ وَنُصـْحَبُ
فَرَحْمَـةُ رَبِّ الْعَـالَمِينَ عَلَـى امْـرِئٍ
أَصــَابَ هُـداهُ أَو دَرَى كَيْـفَ يَـذْهَبُ
محمود سامي باشا بن حسن حسين بن عبد الله البارودي المصري.أول ناهض بالشعر العربي من كبوته، في العصر الحديث، وأحد القادة الشجعان، جركسي الأصل من سلالة المقام السيفي نوروز الأتابكي (أخي برسباي).نسبته إلى ( إيتاي البارود)، بمصر، وكان لأحد أجداده في عهد الالتزام مولده ووفاته بمصر، تعلم بها في المدرسة الحربية.ورحل إلى الأستانة فأتقن الفارسية والتركية، وله فيها قصائد دعاء إلى مصر فكان من قواد الحملتين المصريتين لمساعدة تركيا.الأولى في ثورة كريد سنة1868، والثانية في الحرب الروسية سنة 1877، وتقلب في مناصب انتهت به إلى رئاسة النظار، واستقال.ولما حدثت الثورة العرابية كان في صفوف الثائرين، ودخل الإنجليز القاهرة، فقبض عليه وسجن وحكم بإعدامه، ثم أبدل الحكم بالنفي إلى جزيرة سيلان.حيث أقام سبعة عشر عاماً، أكثرها في كندا تعلم الإنجليزية في خلالها وترجم كتباً إلى العربية وكفَّ بصره وعفي عنه سنة 1317ه فعاد إلى مصر.أما شعره فيصح اتخاذه قاتحة للأسلوب العصري الراقي بعد إسفاف النظم زمناً غير معتبر.له (ديوان شعر -ط)، جزآن منه، (ومختارات البارودي -ط) أربعة أجزاء.