
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أَعِـدْ يـا دَهْـرُ أَيَّـامَ الشَّبَابِ
وَأَيْـنَ مِـنَ الصـِّبَا دَرْكُ الطِّلابِ
زَمَــانٌ كُلَّمــا لاحَــتْ بِفِكْـرِي
مَخَـايِلُهُ بَكَيْـتُ لِفَـرْطِ مـا بِي
مَضـَى عَنِّـي وَغَـادَرَ بِـي وَلُوعاً
تَوَلَّـدَ مِنْـهُ حُزْنِـي وَاكْتِئَابِـي
وَكَيْـفَ تَلَـذُّ بَعْـدَ الشَّيْبِ نَفْسِي
وَفِـي اللَّـذَّاتِ إِنْ سَنَحَتْ عَذَابِي
أَصـُدُّ عَـنِ النَّعِيـمِ صـُدُودَ عَجْزٍ
وَأُظْهِـرُ سـَلْوَةً وَالْقَلْـبُ صـَابِي
وَمَـا فِـي الدَّهْرِ خَيْرٌ مِنْ حَيَاةٍ
يَكُــونُ قِوَامُهـا رَوْحَ الشـَّبَابِ
فَيَـا للـهِ كَـمْ لِـي مِـنْ لَيَالٍ
بِــهِ ســَلَفَتْ وَأَيَّــامٍ عِــذَابِ
إِذِ النَّعْمَــاءُ وَارِفَـةٌ عَلَيْنَـا
وَمَرْعَـى اللَّهْـوِ مُخْضـَرُّ الْجَنَابِ
نَطِيرُ مَعَ السُّرُورِ إِذَا انْتَشَيْنَا
بِأَجْنِحَــةِ الْخَلاعَـةِ وَالتَّصـَابِي
فَغُــدْوَتُنَا وَرَوْحَتُنَــا ســَوَاءٌ
لعَــابٌ فـي لعَـابٍ فـي لعَـابِ
وَرُبَّــتَ رَوْضــَةٍ مِلْنـا إِلَيْهَـا
وَقَــرْنُ الشـَّمْسِ تِبْـرِيُّ الإِهَـابِ
نَمَـتْ أَدْوَاحُهـا وسـَمَتْ فَكَـانَتْ
عَلَـى السـَّاحاتِ أَمْثَالَ الْقِبابِ
فَزَهْـرُ غُصـُونِهَا طَلْـقُ الْمُحَيَّـا
وَجَـدْوَلُ مائِهـا عَـذْبُ الرُّضـابِ
كَــأَنَّ غُصــُونَها غِيـدٌ تَهَـادَى
مِـنَ الزَّهْـرِ الْمُنَمَّـقِ في ثِيَابِ
سـَقَتْهَا السـُّحْبُ رَيِّقَهـا فَمَالَتْ
كَمَـا مَـالَ النَّزِيفُ مِنَ الشَّرَابِ
فَســَبَّحَ طَيْرُهـا شـُكْراً وَأَثْنَـتْ
بِأَلْسـِنَةِ النَّبـاتِ عَلَى السَّحَابِ
وَيَــوْمٍ نـاعِمِ الطَّرَفَيْـنِ نَـادٍ
عَلِيـلِ الْجَـوِّ هَلْهَـالِ الرَّبَـابِ
سَبَقْتُ بِهِ الشُّرُوقَ إِلَى التَّصَابِي
بُكُـوراً قَبْـلَ تَنْعـابِ الغُـرابِ
وسـُقْتُ مَـعَ الْغُـواةِ كُمَيْتَ لَهْوٍ
جَمُوحـاً لا تَلِيـنُ عَلَـى الْجِذَابِ
إِذَا أَلْجَمْتَهــا بِالْمَـاءِ قَـرَّتْ
وَدَارَ بِجِيــدِها لَبَـبُ الْحَبـابِ
مُـــوَرَّدَةً إِذَا اتَّقَــدَتْ بِكَــفٍّ
جَلَتْهــا لِلأَشــِعَّةِ فــي خِضـَابِ
هُـوَ العَصـْرُ الَّذِي دَارَتْ عَلَيْنَا
بِـهِ اللَّـذَّاتُ واضـِعَةَ النِّقَـابِ
نُجَــاهِرُ بِـالْغَرَامِ وَلا نُبَـالِي
وَنَنْطِــقُ بِالصـَوابِ وَلا نُحَـابِي
فَيَـا لَـكَ مِـنْ زَمـانٍ عِشْتُ فِيهِ
نَـدِيمَ الـرَّاحِ وَالْهيفِ الكِعابِ
إِذَا ذَكَرَتْــهُ نَفْســِي أَبْصـَرَتْهُ
كَـأَنِّي مِنْـهُ أَنْظُـرُ فِـي كِتـابِ
تَحَــوَّلَ ظِلُّــهُ عَنِّــي وَأَذْكَــى
بِقَلْبِــي لَوْعَـةً مِثـلَ الشـِّهَابِ
كَـــذَاكَ الــدَّهْرُ مَلَّاقٌ خَلُــوبٌ
يَغُـرُّ أَخَـا الطَّمَاعَـةِ بِالْكِذَابِ
فَلا تَرْكَــنْ إِلَيْــهِ فَكُـلُّ شـَيْءٍ
تَـرَاهُ بِـهِ يَـؤُولُ إِلَـى ذَهـابِ
وَعِـشْ فَـرْداً فَمَا في الناسِ خِلٌّ
يَســُرُّكَ فــي بِعَـادٍ وَاقْتِـرَابِ
حَلَبْــتُ الـدَّهْرَ أَشـْطُرَهُ مَلِيَّـاً
وَذُقْـتُ الْعَيْـشَ مِـنْ أَرْيٍ وَصـابِ
فَمَـا أَبْصـَرْتُ فِي الإِخْوَانِ نَدْبَاً
يَجِــلُّ عَـنِ الْمَلامَـةِ وَالْعِتَـابِ
وَلَكِنَّــا نُعَاشــِرُ مَـنْ لَقِينَـا
عَلَـى حُكْـمِ الْمُرُوءَةِ وَالتَغَابِي
محمود سامي باشا بن حسن حسين بن عبد الله البارودي المصري.أول ناهض بالشعر العربي من كبوته، في العصر الحديث، وأحد القادة الشجعان، جركسي الأصل من سلالة المقام السيفي نوروز الأتابكي (أخي برسباي).نسبته إلى ( إيتاي البارود)، بمصر، وكان لأحد أجداده في عهد الالتزام مولده ووفاته بمصر، تعلم بها في المدرسة الحربية.ورحل إلى الأستانة فأتقن الفارسية والتركية، وله فيها قصائد دعاء إلى مصر فكان من قواد الحملتين المصريتين لمساعدة تركيا.الأولى في ثورة كريد سنة1868، والثانية في الحرب الروسية سنة 1877، وتقلب في مناصب انتهت به إلى رئاسة النظار، واستقال.ولما حدثت الثورة العرابية كان في صفوف الثائرين، ودخل الإنجليز القاهرة، فقبض عليه وسجن وحكم بإعدامه، ثم أبدل الحكم بالنفي إلى جزيرة سيلان.حيث أقام سبعة عشر عاماً، أكثرها في كندا تعلم الإنجليزية في خلالها وترجم كتباً إلى العربية وكفَّ بصره وعفي عنه سنة 1317ه فعاد إلى مصر.أما شعره فيصح اتخاذه قاتحة للأسلوب العصري الراقي بعد إسفاف النظم زمناً غير معتبر.له (ديوان شعر -ط)، جزآن منه، (ومختارات البارودي -ط) أربعة أجزاء.