
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أَيْــنَ أَيَّــامُ لَــذَّتِي وَشـَبَابِي
أَتُراهَــا تَعُـودُ بَعْـدَ الـذَّهابِ
ذَاكَ عَهْــدٌ مَضــَى وَأَبْعَـدُ شـَيْءٍ
أَنْ يَـرُدَّ الزَّمـانُ عَهْدَ التَّصَابِي
فَــأَدِيرَا عَلَــيَّ ذِكْــراهُ إِنِّـي
مُنْــذُ فـارَقْتُهُ شـَدِيدُ المُصـَابِ
كُـلُّ شـَيءٍ يَسـْلُوهُ ذُو اللُّبِّ إِلَّا
ماضـِيَ اللَّهْـوِ فِي زَمانِ الشَّبابِ
لَيْـتَ شِعْرِي مَتَى أَرَى رَوْضَةَ الْمَن
يَــلِ ذَاتَ النَّخِيــلِ وَالأَعْنَــابِ
حَيْـثُ تَجْـرِي السـَّفِينُ مُسـْتَبِقَاتٍ
فَـوْقَ نَهْـرٍ مِثْل اللُّجَيْنِ الْمُذابِ
قَــدْ أَحَــاطَتْ بِشـَاطِئَيْهِ قُصـُورٌ
مُشــْرِقَاتٌ يَلُحْـنَ مِثْـلَ الْقِبـابِ
مَلْعَــبٌ تَســْرَحُ النَّـوَاظِرُ مِنْـهُ
بَيْــنَ أَفْنــانِ جَنَّــةٍ وَشــعابِ
كُلَّمــا شــَافَهَ النَّسـِيمُ ثَـراهُ
عَــادَ مِنْــهُ بِنَفْحَــةٍ كَـالْمَلابِ
ذَاكَ مَرْعَـى أُنْسـِي وَمَلْعَـبُ لَهْوِي
وَجَنَــى صـَبْوَتِي وَمَغْنَـى صـِحابِي
لَسـْتُ أَنْسـَاهُ مـا حَيِيـتُ وَحاشَا
أَنْ تَرانِـي لِعَهْـدِهِ غَيْـرَ صـَابِي
لَيْـسَ يَرْعَـى حَـقَّ الْودادِ وَلا يَذْ
كُــرُ عَهْـداً إِلَّا كَريـمُ النِّصـَابِ
فَلَئِنْ زالَ فَاشـــْتِيَاقِي إِلَيْــهِ
مِثْـلُ قَـوْلِي بـاقٍ عَلَـى الأَحْقَابِ
يـا نَـدِيمَيَّ مِـنْ سـَرَنْدِيبَ كُفَّـا
عَـنْ مَلامِـي وَخَلِّيـاني لِمَـا بِـي
كَيْـفَ لا أَنْـدُبُ الشـَّبابَ وَقَدْ أَصْ
بَحْـتُ كَهْلاً فـي مِحْنَـةٍ وَاغْتِـرابِ
أَخْلَــقَ الشـَّيْبُ جِـدَّتِي وَكَسـَانِي
خِلْعَــةً مِنْــهُ رَثَّــةَ الْجِلْبَـابِ
وَلَــوَى شـَعْرَ حـاجِبَيَّ عَلَـى عَـيْ
نَـــيَّ حَتَّــى أَطَــلَّ كَالْهُــدَّابِ
لا أَرَى الشـَيءَ حِيـنَ يَسـْنَحُ إِلَّا
كَخَيــالٍ كَــأَنَّنِي فــي ضــَبابِ
وَإِذَا مَــا دُعِيــتُ حِـرْتُ كَـأَنِّي
أَسـْمَعُ الصـَّوْتَ مِـنْ وَرَاءِ حِجـابِ
كُلَّمَــا رُمْــتُ نَهْضـَةً أَقْعَـدَتْنِي
وَنْيَـــةٌ لا تُقِلُّهـــا أَعْصــابِي
لَـم تَـدَعْ صـَوْلَةُ الحَـوَادِثِ مِنِّي
غَيْــرَ أَشــْلاءِ هِمَّـةٍ فِـي ثِيَـابِ
فَجَعَتْنِـــي بِوالِـــدَيَّ وَأَهْلِــي
ثُــمَّ أَنْحَـتْ تَكُـرُّ فِـي أَتْرَابِـي
كُــلَّ يَــوْمٍ يَـزُولُ عَنِّـي حَبِيـبٌ
يـا لِقَلْبِـي مِـنْ فُرْقَـةِ الأَحْبَابِ
أَيْنَ مِنِّي حُسَيْنُ بَلْ أَيْنَ عَبْدُ اللَّ
هِ رَبُّ الْكَمـــــــــالِ وَالآدَابِ
مَضـَيَا غَيْـرَ ذُكْـرَةٍ وَبَقَـاءُ الذ
ذِكْــرِ فَخْــرٌ يَــدُومُ لِلأَعْقَــابِ
لَـمْ أَجِـدْ مِنْهُمـا بَـدِيلاً لِنَفْسِي
غَيْـرَ حُزْنِـي عَلَيْهِمـا وَاكْتِئَابِي
قَـدْ لَعَمْـرِي عَرَفْـتُ دَهْرِي فَأَنْكَرْ
تُ أُمُـوراً مَـا كُـنَّ لي في حِسابِ
وَتَجَنَّبْــتُ صــُحْبَةَ النَّـاسِ حَتَّـى
كَانَ عَوْناً عَلَى التُّقاةِ اجْتِنابِي
لا أُبـالِي بِمـا يُقـالُ وَإِنْ كُـنْ
تُ مَلِيئاً بِـــرَدِّ كُـــلِّ جَــوابِ
قَـدْ كَفَاني بُعْدِي عَنِ النَّاسِ أَنِّي
فـي أَمـانٍ مِـنْ غِيبَـةِ الْمُغْتَابِ
فَلْيَقُـلْ حَاسـِدِي عَلَـيَّ كَمَـا شـَا
ءَ فَسـَمْعِي عَنِ الْخَنَا في احْتِجَابِ
لَيْــسَ يَخْفَـى عَلَـيَّ شـَيْءٌ وَلَكِـنْ
أَتَغـابَى والْحَـزْمُ إِلْفُ التَّغَابِي
وَكَفَـى بِالْمَشـِيبِ وَهْوَ أَخُو الحَزْ
مِ دَلِيلاً إِلــى طَرِيــقِ الصـَّوابِ
إِنَّمـا الْمَـرْءُ صـُورَةٌ سَوْفَ تَبْلَى
وَانْتِهـاءُ الْعُمْرانِ بِدْءُ الخَرابِ
محمود سامي باشا بن حسن حسين بن عبد الله البارودي المصري.أول ناهض بالشعر العربي من كبوته، في العصر الحديث، وأحد القادة الشجعان، جركسي الأصل من سلالة المقام السيفي نوروز الأتابكي (أخي برسباي).نسبته إلى ( إيتاي البارود)، بمصر، وكان لأحد أجداده في عهد الالتزام مولده ووفاته بمصر، تعلم بها في المدرسة الحربية.ورحل إلى الأستانة فأتقن الفارسية والتركية، وله فيها قصائد دعاء إلى مصر فكان من قواد الحملتين المصريتين لمساعدة تركيا.الأولى في ثورة كريد سنة1868، والثانية في الحرب الروسية سنة 1877، وتقلب في مناصب انتهت به إلى رئاسة النظار، واستقال.ولما حدثت الثورة العرابية كان في صفوف الثائرين، ودخل الإنجليز القاهرة، فقبض عليه وسجن وحكم بإعدامه، ثم أبدل الحكم بالنفي إلى جزيرة سيلان.حيث أقام سبعة عشر عاماً، أكثرها في كندا تعلم الإنجليزية في خلالها وترجم كتباً إلى العربية وكفَّ بصره وعفي عنه سنة 1317ه فعاد إلى مصر.أما شعره فيصح اتخاذه قاتحة للأسلوب العصري الراقي بعد إسفاف النظم زمناً غير معتبر.له (ديوان شعر -ط)، جزآن منه، (ومختارات البارودي -ط) أربعة أجزاء.