
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
هـو اللّـه فـاعرفه ودع فيـه من وما
دعــاك ولــم يــترك طريقـك مظلمـا
عـن الحـق نحـو الخلـق يدفعك العمى
تقــدم إلــى بــاب الكريـم مقـدماً
لــه منــك نفســاً قبـل أن تتقـدما
تجنــب قيــود الحـظ فـالحظ مرتهـن
وارهـق جنـود النفـس حربـاً ولا تهـن
وفـي ظلمـات الطبـع بـالحق فاسـتبن
وعـرج علـى بـاب العليـم فسـله مـن
مــواهب نـور العلـم بحـراً قليـذما
أترضـى مقـام الجهـل تخبط في السرى
بطامســـــة أعلامهــــا متحيــــرا
تطلــع لنـور العلـم واطلـب مشـمرا
فمـن لم يكن بالعلم في الناس مبصرا
فلا عــاش إلا فــي الضــلالة والعمـى
ذوو العلــم بيــن العـالمين أعـزة
علـــى درجـــات المصــطفين أدلــة
وفــي ملكــوت اللّــه للقـوم شـهرة
ومــن لا لـه مـن عـزة العلـم نسـبة
فليــس لــه إلا إلـى الذلـة انتمـا
تـــرق بـــه فـــالعلم عــز وذروة
وحبـــل مـــتين للتقـــاة وعــروة
ووفـر الغنـى فـي الجهـل عدم وشقوة
ومـن لا لـه مـن ثـروة العلـم ثـروة
فمـن ثـروة الـدارين قـد صار معدما
قضــى اللّـه أن العلـم نـور وحكمـة
كمــا أن أصــل الجهـل شـؤم وظلمـة
وإن رجــال العلــم للنــاس عصــمة
نعـم علمـاء الـدين فـي الأرض نعمـة
علــى الثقليــن عمـت الكـل منهمـا
بــه أصــفياء اللّــه هـاموا بحبـه
بــه أدركــوا حسـب الحظـوظ لقربـه
وهــم أوصـلوا السـلاك أسـرار غيبـه
بهــم شــرف الـدارين تـم فهـم بـه
ملائكـــة بـــاهت ملائكـــة الســما
ملائكــــة ألبــــابهم وســــناؤهم
أقـــامهم هــذا المقــام صــفاؤهم
علـــى الملأ العلــى يحــق ولاؤهــم
ألـم تـر فـي القـرآن أنْ أوليـاؤهم
ملائكـــة الرحمــن فــاللّه أعلمــا
لقــد نطـق الـوحي العزيـز بنبلهـم
ولا حبـــل للمستمســـكين كحبلهـــم
بقـــولهم نــور الهــدى وبفعلهــم
أقــرت جميــع الكائنــات بفضــلهم
عليهـا فحـوت البحر في البحر هينما
إلــى ربهــا اســتغفارها وخشـوعها
لهــم إذ هــم أمطارهــا وربيعهــا
وخالقهــا فــي المهتــدين سـميعها
ولـــم لا ولــولاهم تلاشــت جميعهــا
ولـم يبـق منهـا في الوجود لها سما
مصــابيح أرض اللّــه مهبــط فيضــه
هـــداة لمســـنون الالـــه وفرضــه
هــم شـفعاء العبـد فـي يـوم عرضـه
هــم خلفــاء اللّـه فـي أهـل أرضـه
بهـــديهم أمـــت البســيطة قومــا
لأمرهـــم كـــل الكـــوائن أذعنــت
لســلطانهم بــالعلم بــاللّه سـلمت
لعزهـــم ذلـــت بنـــورهم اهتــدت
لحكمهــم الــدنيا تـدين وقـد عنـت
ســلاطين أهــل الأرض أعظــم أعظمــا
علـى الأرض والألبـاب فـي عالم القدس
يـرون بنـور اللّـه مـا غـاب كالقبس
لأفهـامهم كـالانجم الزهـر مـا التبس
وآراؤهــم تقضــى بهــن ملائك الــس
مـــوات فيمــا قــد أحــل وحرمــا
تجلــت لهــم كالشـمس خلـف حجابهـا
فجــاؤا بهــا براقــة فـي صـوابها
حقــائق شــرع فــي غواشـي غيابهـا
ولـو لـم يكـن نـص الكتـاب أتى بها
صـريحاً ولا الهـادي بهـا قـد تكلمـا
هـدوا إذ هـم نور إلى اللّه واهتدوا
إذ اتـزروا بـالعلم بـاللّه وارتدوا
حـداهم مـن العرفـان ذوق بـه حـدوا
غـدوا قـدوة الأملاك لمـا هـم اقتدوا
بمــــا لهـــم رب الملائك الهمـــا
سـما بهـم العرفـان أعلـى المراتـب
ونـالوا مقامـاً فيـه فتـح المـواهب
وفهــم خطــاب الحـق مـن كـل جـانب
وذلــك مــن أدنــى رفيــع منــاقب
لهــم لــم يعـدوها فخـاراً ومكرمـا
تجلــى لهــم باســم المـبين بمنـه
ففـازوا بظهـر الـوحي كشـفا وبطنـه
وحــازوا بفتـح اللّـه مكنـون ضـمنه
فمـا استحسـنوا فـاللّه يقضـى بحسنه
ومــا اســتقبحوا إلا قبيحـاً مـذمما
لهــم مــن مقــام الاجتبــاء عليـه
ومــن قــدم الصــدق الزكــي رضـيه
ومــن مـورد الاحسـان مـا طـاب ريـه
وربـــك مــن والــوه فهــو وليــه
ومــن خاصــموه كــان للّــه أخصـما
ملــوك علــى مـن يملـك الأرض حـوله
لـدى طـولهم أدنـى مـن الـذر طـوله
فقيـــر عــديم مــن تــولاه جهلــه
هــم أغنيـاء العصـر والعصـر أهلـه
قــد افتقـروا والمـال بينهـم نمـا
ومـا لكنـوز التـبر شـأن لمـن فهـم
إذا وزنـت فـي جـانب العلـم والحكم
كنــوز رجــال اللّـه أبقـى ووفرهـم
يـــروم كنــوز الأرض غيرهــم وهــم
أصـابوا كنـوز العـرش وفـرا ومغنما
رقـوا بكمـالات الهـدى منتهـى العلى
وأنزلهــم مــن قربـه الحـق منـزلاً
وأوردهــم مــن مــورد الـود منهلا
وهـم فـي الثرى قاموا وأرواحهم إلى
سـما العـرش والكرسـي أدونهمـا سما
تـــولاهم قهـــر الشـــهود بحــوله
وأفنــاهم عــن كــل شــيء بوصــله
فغـابوا عـن الأكـوان فـي غيـب ظلـه
ومــا قنعـوا بـالعرش والفـرش كلـه
فجــازوا إلـى أعلـى مقـام وأعظمـا
رمـى بهـم المحبـوب فـي المحورميـة
فمـا أبصـروا مقـدار ذا الكـون ذرة
ولا وقفــوا عنــد الحــوادث لمحــة
ولـو وقفـوا بـالعرش والفـرش لحظـة
لعــدوه تقصــيراً وجرمــاً ومأثمــا
إلــى الحــق اخلاصـاً وأخـذا بحبلـه
قـد انصـرفوا عـن فصـل كـون ووصـله
مقاصـــدهم مقصـــورة تحــت حــوله
تقـــدم فــي ذاك الخليــل بقــوله
لجبريــل دعنــي منـك اللّـه مسـلما
نفوســهم فــي اللّــه للّــه جاهـدت
فلـم ينثنـوا عـن وجهـه كيـف كابدت
علـــى نقطــة الاخلاص للّــه عاهــدت
لملـة إبراهيـم شـادوا فشاهدوا الت
لفـــت للشـــرك الخفـــي متممـــا
تـــولاهم القيـــوم فــي أي وجهــة
وزكــــاهم بالمــــد والتبعيــــة
ولفـــاهم التوحيــد فــي كــل ذرة
فقــاموا بتجريــد ودامــوا بوحـدة
عــن الانـس روم الأنـس فيهـا تنعمـا
محبـون لاقـى الكـل فـي الحـب حينـه
نفوســـهم ذابـــت بــه واصــطلينه
فلـم يبـق منهـا الحـب بل صرن عينه
بخلــوة لــي عبــد وســتري بينــه
وبينــي عــن الأملاك والرســل كتمـا
وأورثهــــم للحـــب ارث النبـــوة
فكـانوا دعـاة اللّـه فـي خيـر دعوة
ترقــوا بفيــض اللّــه ارفــع ذروة
ومــا بلغــوا ذاك المقــام بقــوة
ولكـن بنـور العلـم قد بلغوا الحمى
حبــاهم بمنهــاج السـلوك اسـتطاعة
فلــم يـتركوا فيـه الحقـوق مضـاعة
ونــالوا أمــام اللّـه منـه شـفاعة
عشـــية أعطـــوه عهـــوداً مطاعــة
علــى طاعــة منهــم غــداة تحكمـا
قــد اتخـذوا العرفـان بـاللّه جنـة
تـــاروا إليـــه مطلقيـــن أعنــة
ومــذ أدركـوا منـه المقامـات منـة
وقـــد بـــايعوه أنفســاً مطمئنــة
بــبيعته والعقــد بالعهــد أحكمـا
هـداهم سـنا العرفان والليل قد سجى
فمـا جهلـوا وهـو الـدليل المناهجا
بــه عرجــوا مستبصــرين المعارجـا
فجــذبهم فـي السـير للخيـر والجـا
بهــم أخطــر الأهــوال حيـن تقحمـا
فنزههــــم عــــن قيـــد أي ادارة
وأفــرغ مجهــوداتهم فــي العبـادة
وميزهـــم عــن غيرهــم بالســيادة
فأبعــدهم عــن كــل ألــف وعــادة
وعـــودهم شــرب الشــدائد علقمــا
فجـدوا وشـدوا وانتـووا شـقة النوى
وخيـر لهـم في الجهد والعري والطوى
وفـي النوح والتذكار والكرب والجوى
فمـن بعد عادى النوم والشبع والروى
غـدوا حلف الف السهد والجوع والظما
جــروا فـي ميـادين الشـهود تقـدما
وصـدق الرجـا والخـوف فيهـم تحكمـا
فلــم يبــق كـون منهـم مـا تهـدما
فنــدمانهم عــاد البكــاء تنــدما
وأزمـانهم بـالنوح قـد عـدن مأتمـا
فســاروا علــى تغريـد حـاد مزعـزع
بشـــوق ملـــح والتيـــاع مـــروع
وغـابوا عـن الأكـوان فـي منتهى معي
وأوردهـــم بـــالحزن لجــة أدمــع
وأورى بهــم للخــوف نــار جهنمــا
تبـــدت لهـــم أكــوانهم فتبــددت
نفوسـهم فـي السـحق والمحـق انفـذت
إذا فـارقت غـوراً مـن الـدمع انجدت
شـــدائد عودهــا فــوائد فاغتــدت
عـــوائد أعيــاد الســرور تنعمــا
مصــائب عــاموا فـي بحـور صـعابها
وقـــروا علــى آســادها وذئابهــا
وطــاب لــديهم حسـو كاسـات صـابها
ولــو جانبوهــا روم غيــر جنابهـا
لعـدوا بحكـم العدل ذا العدل مأثما
وتلـك بفضـل العلـم أهنـى المـوارد
وأكــرم موهــوب وأســنى المشــاهد
أتعلــم مثــل العلـم مجـداً لماجـد
هـــم صــدقوه وهــو أصــدق واعــد
وأوفـى فـي ذمـام حبلـه ليـس أفصما
بــه قطعــوا أصــل العلائق والهـوى
بـه أخلصـوا فـي طاعـة الحـق لا سوى
بـه روض هـذا الكـون فـي عينهم ذوى
بــه نهجـوا فـي كـل منطمـس الصـوى
فكــان لــم فـي كـل بهمـاء معلمـا
تــبين لهــم أســراره كــل كــائن
ويخلصــهم للحــق مــن كــل شــائن
فطـوبى لهـم يجـري بهـم فـي المآمن
ويملـى لهـم فـي السـير عن كل مامن
وجــال إلــى أســوى طريـق وأقومـا
مقامــات أهــل اللّــه منـه مصـابح
وكــل مقــام حلــه القــوم رابــح
وكـــل مقـــام العــارفين مذابــح
وقاســـمهم بـــاللّه أنـــى ناصــح
فــأنهى إلــى أبهـى مقـام وأكرمـا
لقـد قـام علـم القـوم للحـق معلما
وجلــى لهــم بالكشــف سـراً مختمـا
وفتـــح أقفـــالاً وأطلـــع أنجمــا
وحــل لهــم رمــزاً وكنــزاً مكتمـا
مـن السـر قـد كـان الرحيق المختما
بــه ســلكوا فـي حبـه مسـلكا جهـل
وكلهــم بيــن المشــاهد قــد ذهـل
وكلهــم مــن مــورد الحــب منتهـل
وقــال لهـم هـذا المقـام وهـذا ال
خيـام وذا بـاب المليـك وذا الحمـى
هنــا مـوقفي وهـو المقـام المحـدد
فغنــوا علـى هـذا المقـام وغـردوا
ومــا بعــد هــذا للمــدارك مشـهد
فمــالي فيمــا بعــد ذلــك مصــعد
ولا موعــد مــن بعــد ذلــك الزمـا
هنالـك فهـم العقـل والـدرك منـدرس
هنـاك لسـان العلم في الشأن قد خرس
هنالـك حـد السـير مـن يعـده افترس
هنالـك قـد تطـوى الصحاف وتنشر الس
جـــاف فلا يطـــوى بحــدك فافهمــا
فمــا بعــد هــذا للمــدراك غايـة
فنقطــة هــذا الحــد فيهـا نهايـة
ولا بــــاب إلا أن تكـــون رعايـــة
ولا تفتــــح الأبـــواب إلا عنايـــة
لمــن شــاءه ذاك المليــك تكرمــا
تجـرد مـن الـدعوى فقـد كمـل السرى
وراءك لا تقــــدم فحظـــك مـــدبرا
فلســـت بلاق فـــوق ذلـــك مصــدرا
فســلم إليــه الأمـر واطـرق المـرا
ولا تــك فـي شـيء مـن الأمـر مبرمـا
وقــف وقفــة المنــدك مالـك حيلـة
فحالــك فــي هــذا المقـام جليلـة
ونفســـك فـــي عــز الجلال وذيلــة
وقــل بلســان الحـال مـالي وسـيلة
ولا حيلــة والهــج بقولـك مـا ومـا
وعــرج علــى التقــديس تستخلصــنه
ونفســــك نســــك لازم فــــاذبحنه
وشــــأنك إن أخلصـــت لا تحقرنـــه
فــإن تــك لا شــيئاً هنــاك فــإنه
رنـاك لمـا أدنـاك إذ لـك قـد رمـى
أرادك حـــتى قمــت فيــه مجالــداً
يميتــك مشــهوداً ويحييــك شــاهداً
وإن ســاعة أحيــاك أبقــاك بـائداً
وإن ســاعة أفنــاك أبقــاك خالـداً
بوصــف لــه بــاق صــفاتك أعــدما
تفـــرد ولا تســـتثن فــي ســبحاته
ووحــد صــفات الحــق توحيـد ذاتـه
وســافر بعيــن الحــق فـي حضـراته
فــإن هــو جلــى فيـك بعـض صـفاته
فمــا كنـت أنـت الآن أنـت المقـدما
تفــاوت حســب الفيــض ذوق ملوكهـا
فهــم بيــن مشـريها وبيـن ضـريكها
مراتبهـــم شــتى بمرقــى ســموكها
وفيهـــا مقامـــات لأهــل ســلوكها
شموســاً وأقمــاراً تنيــر وأنجمــا
تفـــاوت أذواق المحـــبين رغبـــة
مراتبهــم حســب المقامــات رفعــة
هيــامى إلــى إنــا فتحنــا ملظـة
فمــن ذاق منهــا نغبـة مـات رغبـة
ومـن لـم يـذقها مـات بـالغم مسقما
ومـا فـاض حسـب الفتح من شبه وحيها
وعينـــه ســـر الحكيـــم بطيهـــا
باثباتهــا مــا أثبتـت أو بنفيهـا
معــالم تســتهدى الحلــوم بهـديها
العلـوم بهـا كـان العليـم المعلما
أقــام لهــم فيهــا حظوظـاً مقامـة
وأنزلهـــم حســب الحظــوظ مقامــة
وقلـــدهم فــي العــالمين امامــة
فعرفهـــم ايـــاه منـــه كرامـــة
وأشـــهدهم ايـــاه منـــه تكرمــا
تـــولاهم باســـم البــديع تنــزلا
وفــي حضـرة الفتـاح للقـوم انـزلا
ونــورهم نــور الســموات وانجلــى
وخلقهـــم باســم العليــم تفضــلا
وكــان لهــم باسـم المـبين مسـوما
فجردهـــم عنهـــم لخـــالص حبـــه
فمـــا همهـــم إلا وســـائل قربــه
عروجــاً بــه عنهــم إليــه بغيبـه
وكــان لهــم عنـه فكـانوا لـه بـه
وقــام بهــم عنهــم إليهـم مكلمـا
تحكــــم فيهـــم حبـــه وتصـــرفا
وأوقفهـم فـي القبـض والبسـط موقفا
وأرســل فـي أسـرارها نفحـة الصـفا
فمــذ عرفــوه لــم يرومـوا تعرفـا
إلــى غيــره والغيــر ثــم تعـدما
تشعشـع فيهـم صـبحه فـانجلى المسـا
فهـم فـي ضـياء منـه والليـل عسعسا
بأيــة طــور صــبحهم قــد تنفســا
وليــس لهــم جهـل هنـاك ومـا عسـى
لهـم أن يـروا مـن بعـد ذلـك مبهما
تعهـدهم إذ زايلـوا الخلـق بالمـدد
فهـم فـي بسـاط الأنـس بالواحد الأحد
وكــل بفتــح اللّـه فـاز بمـا وجـد
ومــا علمــوا شــيئاً بعلمهـم وقـد
أحـاطوا يعلـم الكـل واللّـه أعلمـا
فصــارت شــهادات لــديهم غيــوبهم
قــد امتلأت بالكشــف منــه جيـوبهم
هـم العـالم الأعلـى احتـوته جنوبهم
هــم لـوحه المحفـوظ كـانت قلـوبهم
بهــم قلــم الأنــوار للســر رقمـا
لهــم درجــات مــن لــديه تحققــت
عليهــم بهـا شـمس الحقيقـة أشـرقت
والطــاف وهــب مــن لــدنه تـدفقت
مـواهب قـد دقـت عـن الفهـم وارتقت
عــن الـوهم رقـت عـن نسـيم تنسـما
حــوى نســخة الامكـان ادراك فهمهـم
فلا كنـــه إلا تحــت حيطــة عقلهــم
لهــم حضــرة القيـوم تملـى لسـرهم
بهـا انطـوت الأكـوان فـي طـي علمهم
مـن العـرش والكرسـي والأرض والسـما
فما السر والاعلان ما الجهر ما الخفا
وحســـبهم نـــور المــبين مكشــفا
هــداهم وصــفاهم وجلــى الكشـائفا
فكــانت جميــع الكائنــات مصـاحفا
لهــم تهـب السـر المصـون المكتمـا
بـــدائع فيـــض أبـــدعت بعجــائب
ينوعهـــا فتـــاح بــاب المــواهب
تبــاديهم بالفتــح مــن كـل جـانب
لطــائف لــم تــودع صــحائف كـاتب
تطالعهــا الافهــام واللّــه الهمـا
أريـدوا لهـا فاستنسخوها على النهى
لقــد فككــوا والحمـد للّـه رمزهـا
وكـم أدركـوا بالعقـل أمـراً منزهـا
عـن النقـل فـي الألـواح لـن يترسما
لقـد كـان تحـت الختـم مـن قبل فضه
فصـار ظهـور الـبرق فـي وشـك ومضـه
ومــا انفســح المختــوم إلا بفيضـه
يضـيق فضـا الأكـوان عـن شـرح بعضـه
وكــل لســان كــل بــل ظـل مفحمـا
علــوم تجلــى مــن لــدنا ظهورهـا
ولـــم يتعلــق باكتســاب ســفورها
تجلــت بأســرار الرجــال بــدورها
بـــه صــحف الأرواح أشــرق نورهــا
وصــين عــن الألـواح إذ كـن أظلمـا
تجـرد لهـا إن كنـت فـي القرب ترغب
ولا تغلــون فالشــأن مـن ذاك أقـرب
فلســت بقـرع البـاب بالصـدق تحجـب
لــذلك فــاطلب أن يكــن لـك مطلـب
تــرى كــل مطلـوب سـوى ذاك مغرمـا
خـذ الحـزم واجعلـه إلى الحق مقصدا
واخلــص مـتين العـزم صـدقاً مجـردا
ومــن قصــد الحــق اسـتقام وسـددا
ففـي قصـده قصـد السـبيل ومـن عـدا
سـبيل الهـدى نحـو الـردى قد تيمما
ملابســـة الاغيـــار عيـــن اضــاعة
وقصــد علــى حــرف نقيــض لطاعــة
فــاخلص تــرى الاخلاص أزكــى بضـاعة
فكـن واقفـاً بالبـاب فـي كـل سـاعة
تــرى الــذل فيــه عــزة وتكرمــا
أتعلــم أن الأمــر ليــس كمـا هنـا
فـدع دعـوة الشـيطان والنفـس أوهنا
وخــل حظـوظ النفـس يسـحقها الفنـا
وجـانب ريـاش الجـاه والعـز والغنى
وكــن باضــطرار وافتقــار مؤممــا
وإن شـئت قـرب اللّـه فـالعلم قربـة
وإن شــئت جاهــاً فهـو جـاه ورفعـة
وإن شــئت وفــراً فهـو وفـر ودولـة
وإن شــئت عـز العلـم فـالعلم عـزة
لبــاس لبــوس الــذل للّــه مسـلما
طريقـان فـاختر مـا تـرى لـك أحسنا
إذا كنـت تبغـي الحـق فاهجر له أنا
فــان أنــا حــظ عــواقبه العنــا
وإن كنت تبغي العز والجاه في الدنا
فـدع عنـك داعـي العلم وارحل مسلما
وعــش لحظـوظ النفـس نـدبا مكافحـا
وعـن كـل مرغـوب سـوى الحـق جامحـا
إليــه انطــرح للكائنــات مبارحـا
ودع عنــك أدنــاس المطـامع طامحـا
لمــولاك فيــه طائعــاً جــل منعمـا
تــوجه إليـه واجعـل الفقـر ديـدنا
يعــدك بــالفقر الحقيقــي محســنا
فخــذ بطريـق الفقـر بـالحق موقنـا
ففيـه الغنـى والفقر إذ رؤية الغنى
هنـاك الغنـى بل منهما اقصده معدما
تعـــن ولا تســـتبق للنفــس عــادة
أتلقــى إذا لــم تشـق فيـه سـعادة
أذبهــا واصــبرها وســقها مقــادة
فلا راحــة ترجــى لمــن رام راحــة
ومهمـا بـذلت الـروح صـادفت مغنمـا
تلفــت لهـا مـن حيـث ولـت وأقبلـت
فــإن لهــا كيــداً وإن هـي أجملـت
عليـك بهـا انحرهـا وإن هـي ولـولت
ففــي بــذلها صـون لهـا إن تقبلـت
وإلا فقــد ســيقت إلـى ذلـك الحمـى
فـإن هـي عمـا يـوجب البعـد أعرضـت
وســـلمت الأطـــوار فيـــه وفوضــت
وشــدت بعــزم فــي السـلوك وقوضـت
هنيئاً لهــا فخـراً بمـا قـد تعرضـت
لـذاك الحمـى لـو كان مطلبها احتمى
ذر الكـــون فـــي أثــوابه يغــول
يــروق لـوهنت الـرأي حسـناً ويجمـل
فمــا لــك دون الحــق فيــه معـول
وإن أم أبـــواب الملـــوك مؤمـــل
فيمـــم إلـــى أبـــوابه متقــدما
كريـــم لضـــراء الفقيــر مراقــب
لطيـــف إذا ضــاقت بعبــد كــوارب
لــه فــي القضــايا نظـرة ومـواهب
وأبـــوابه فتـــح ومـــاثم حــاجب
وأفضـــاله شـــرح ومــاثم محتمــى
تخلــى لربــى ظــاهري والـذي بطـن
وخلتهــم والكــون والأهــل والـوطن
كفــاني عـن زيـد وعمـرو وعـن وعـن
لأبــوابه مـا عشـت أغشـى ولـم أكـن
لأخشـــى رقيبــاً أو عــذولاً ملومــا
رفضــت لـه الأكـوان مـن ذي سـرائرى
وصــنت عـن التعليـل مرمـى بصـائرى
وســيان فيــه نــافعى مثـل ضـائرى
فعنــدي فيــه عــاذلي مثـل عـاذري
ومـن فيـه عـاداني كمـن بـي ترحمـا
فلســت بــذي طــرف بفرقتهــم قـذى
بمــذهب أنــى ذاهــب أنــا محتـذى
طريقــة ذي صــدق مـع الحـق احـوذى
ســأرحل عنهــم أجمعيـن إلـى الـذي
بــه لــذَّ لــي ذلــي وعـزي تهجمـا
أرانــي خليــل اللّــه وشـك ذهـابه
وعللنــي مــن نغبــة مــن شــرابه
وســرت مــع المختــار تحـت ركـابه
عســى أننــي أدعــى دعيــاً ببـابه
إذا لـم أكـن باسـم الخـديم موسـما
فصــرت بعيــن الحــق أرفـع منـزلا
بــأي مقــام شــاءه لــي وأنــزلا
دعيــــت دعيـــا أو وليـــاً مكملا
وإلا فــــإن ادعــــى بـــه متطفلاً
فقــدري بهـذا الاسـم يخـترق السـما
كفـاني اختيـار الحـق فـي كـل موطن
بأيــــة حـــال أو بـــأي تعيـــن
فلســت لمــا يختــاره عبـد ديـدني
وإن أدع لا شـــيئاً هنـــاك فــاتني
بـذاك لقـد أصـبحت فـي الناس مغرما
توفي أبو مسلم يوم 2 صفر 1339هـ ، وله تآليف منها quotالنفس الرحماني في أذكار أبي مسلم البهلانيquot جمع فيه ما نظمه من أذكار وquotكتاب السؤالاتquot وquotالعقيدة الوهبيةquot وquotنثار الجوهرquot و quotثمرات المعارفquot وتدعى سموط تخميس الثناء) وهو تخميس لميمية الشيخ سعيد بن خلفان الخليلي العالم الرباني المعروف، فقد انتهى من كتابتها في يوم 28 محرم 1339، أي قبل وفاته بثلاثة أيام. (المرجع: مقدمة الديوان والموسوعة العمانية ج10 ص 3592)