
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
عَلى النيلِ أَم في جَنَّةِ الخُلدِ أنزِلُ
وَفــي مِصـرَ أَم فـي غـادَةٍ أَتَغَـزَّلُ
تَـدَفَّقَ فـي الـوَادي وَجاشـَت غُروبُه
وَأَقبَـلَ فـي أَبـرادِهِ الحُمـرِ يَرفُلُ
وَقَـد يَزدَهِينـي الوَردُ أَحمَرَ زاهِيا
كَمـا يَسـتَبيني خَـدُّ عَـذراءَ تَخجَـلُ
تَـرى الـذَهبَ الوَهّـاجَ مـازَجَ فِضـَّةً
بَـلِ النيـلُ مُحمَـرُّ السـَبيكَةِ أَجمَلُ
تَـبيتُ الـدَراري مِـن صـَفاءِ سَمائِهِ
علــى لُجَّــةٍ مِــن أَوجِهـا تَتَنَـزَّلُ
وَكَـم مِـن غَـديرٍ مازَجَ الخَمرَ ماؤُهُ
تَرَشــَّفَ شـَهداً مِـن ثَنايـاهُ جَـدوَلُ
وَراحَ يُنـاغي فـي ثَـرى مِصـرَ جَنَّـةً
تُرَنِّـحُ مِـن أَعطافِهـا اللُـدنَ شَمأَلُ
تَـرُدُّ المُنـى خُضـراً عَلـى كُلِّ شاعِرٍ
كَريــمِ الخُطـى فـي ظِلِّهـا يَتَنَقَّـلُ
وَقَـد أَغتَـدي وَالشـَرقُ يُلقِى شُعاعَهُ
عَلـى قِمَـمِ النَخـلِ البَهيـجِ وَيُرسِلُ
إِلـى كُـلِّ مَـرجٍ حيـنَ يُبصـِرُ حُسـنَهُ
جَـوادِيَ يَطغـى فـي العِنـانِ وَيَصهلُ
وَقَـد نُضـِّدَت فيـهِ الحُقـولُ فَمُجمِـلٌ
مِــنَ الحُسـنِ فـي أَرجـائِهِ وَمُفَصـَّلُ
وَهَـل أَرضُ مِصـرٍ غَيـرُ أَفـوافِ بُردَةٍ
يُزركِشــــُها نُوّارُهـــا وَيُجَمِّـــلُ
وَيَملِــكُ ســَمعي بَيـنَ حيـنٍ وَآخـرٍ
أَغاريــدُ مَصــقولِ الجَنـاحِ يُرَتِّـلُ
فَــأُوقِفُ مُهــري تــارَةً مُتَخَشــِّعاً
وَحينــاً تَرانــي هَيبَــةً أَتَرَجَّــلُ
وَمِـن عَـن يَمينـي أَو يَسـاريَ تِرعَةٌ
بَــدَت كَفِرِنــدِ السـَيفِ جَلّاهُ صـَيقَلُ
وَفَــوقي ســَماءٌ رَقَّ مَــسُّ نَسـيمِها
فَلا أَتَّقِـــي بَـــرداً وَلا أَتَظَلَّـــلُ
فَيـا أَهـلَ مِصـرٍ لَو تَرَون كَما أَرى
مَحاســِنها بَــل تَجهَلــونَ وَأَجهَـلُ
أَلا أَنصــِتوا إِنّــي سـَمِعتُ شـِكايَةً
يُرَتِّلُهـا فـي شـَدوِهِ العَـذبِ بُلبُـلُ
يَقــولُ أَنـا بَيـنَ الرِّيـاضِ مُنَعَّـمٌ
بِمــا أَشــتَهي مِـن يـانِعٍ أَتَعَلَّـلُ
فَمِـن رُطَـبٍ فـي النَّخـلِ حُلوٌ مَذاقُهُ
إِلــى عِنَـبٍ يُسـقى رَحيقـاً وَيُؤكَـلُ
إِلــى مشــمشٍ شــَهدٍ وَخَـوخٍ مُـوَرَّد
أَشــُمُّ الشــَّذا مِــن خَـدِّهِ وَأُقَبِّـلُ
إِلـى النيلِ أَستَجليهِ صُبحاً وَمغرِباً
أُســـَبِّحُ رَبّـــي حَـــولَهُ وَأُهَلِّــلُ
خَلا أَنَّنــي أَشــتاقُ إِلفـاً تَهَـذَّبَت
تُــؤانِسُ قَلــبي عِنــدَما أَتَجَــوَّلُ
وَذَلِـكَ نَقـصٌ فـي عُلا النيـلِ شـائِنٌ
وَلَـولاهُ كـانَ السـَّعدُ في مِصرَ يَكمُلُ
محمد توفيق بن أحمد بن علي العسيري العباسي.شاعر مصري ولد في زاوية المصلوب من قرى بني سويف بمصر الوسطى وتعلم بها ثم في القاهرة. وتخرج ضابطاً فترقى في الجيش المصري إلى مرتبة يوز باشي واستقال فعاد إلى قريته يمارس الزراعة والتجارة إلى أن توفي.نسبته إلى قبيلة العسيرات النازل قسم منها بمصر العليا ويقال أن هذه القبيلة تنتمي إلى العباس بن عبد المطلب.ويصف نفسه بالنفور من معاشرة الناس إلا ممن تجمعه به ضرورة عمله أو من يطرق بيته من الأضياف.في شعره رقة وجودة أورد صاحب شعراء العصر مختارات منه في إحدى عشرة صفحة ويقول عبد الحليم حلمي الشاعر المصري في نعته:شاعر جاهلي إسلامي حضري بدوي جمع بين سلاسة العبارة وحسن الديباجة له (ديوان التوفيق -ط) الجزء الأول منه.