
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
لَيـتَ شِعري سودانُنا كَيفَ أَمسى
سـاخِنُ العَيـنِ بَعدنا أَم قَريرُ
نـاعِمُ البـالِ عِنـدَهُم أَم شَقِيٌّ
شـاكِرٌ فَضـلَ عَهـدِنا أَم كَفـورُ
جَرَّدونــا لِفَتحِـهِ ثُـمَّ قـالوا
بَعــدَما تَـمَّ حَجُّنـا المَـبرورُ
أَيُّهـا الجَيـشُ عُـد بِخُفي حُنَينٍ
وَهــوَ جَيــشٌ مُظَفَّــرٌ مَنصــورُ
وَاِنقَضـى طَـوكَرٌ وتُشـكي وَحَلفا
وَكُرَيــري وفَركَــةٌ والحَفيــرُ
وَبِحــارٌ مِـنَ الـدِماءِ أُريقَـت
بأســُنا فـي كِتابِهـا مَسـطورُ
وَعـذارى مِـنَ المَنايـا وَعـونٌ
فَخرُنــا فــي جُيـوبِهِنَّ عَـبيرُ
إِن أَرادوكَ بِالمَهانَـةِ يـا جَي
شَ بِلادي وَأَنــتَ لَيــثٌ هَصــورُ
أَقسَمَت تِلكُمُ المَواقِعُ أَنَّ الهو
نَ أَولـى بِـهِ اللَئيـمُ الغَدورُ
كَـم لَقينـا في فَتحِهِ مِن عَناءٍ
يَعلَـمُ الغـابُ يشـهَدُ العَطمورُ
كَـم سَرَينا فَلَم تَعُقنا الأَفاعي
عَـن سـُرانا إِناثُهـا وَالذُكورُ
وَاِقتَحَمنـا فَلَم تَرُعنا الأَعادي
وَالضـَواري لُيوثُهـا وَالنُمـورُ
أَحَلالٌ لَهُـــم حَــرامٌ عَلَينــا
مِثلَمـا حُرِّمَـت عَلَينـا الخُمورُ
لا فَـإِنَّ الـدُنيا نَعيـمٌ وَبُـؤسٌ
وَصــُروفُ الزَمـانِ كَـأسٌ تَـدورُ
كَــم ضــِياءٍ يَجيـءُ بَعـدَ ظَلامٍ
وَنُجــومٍ تَعلـو وَأُخـرى تَغـورُ
قَبلَ أَن يَعرِفوا الجُلودَ ثِيابا
عَرَفَتنــا ســُهولُه وَالوُعــورُ
كَيــفَ نَنسـاكَ يـا مَجَـرَّ عَـوا
لينـا وَفيـكَ الأَحلامُ وَالتَفكيرُ
وَدِمـاءُ الفُرسـانِ تَكسوكَ وَرداً
فـي حَنيـنٍ لِطاقَـةٍ مِنـهُ جـورُ
وَعِظــامُ الشـُجعانِ فيـكَ تُنـا
دينـا وَأَرواحُهُـم حَوالَيكَ سورُ
هَـل لِهَـذا فـي الأَوَّليـنَ مَثيلٌ
أَم لِهَـذا فـي الآخِريـنَ نَظيـرُ
أَنَّ جَيـشَ السـودانِ تَغذوهُ مِصرٌ
وَلَــهُ غَيــرُ رَبِّ مِصــرٍ أَميـرُ
أَنَّ جَيـشَ السـودانِ تَكسوهُ مِصرٌ
وَهـيَ عُريانَـةٌ شـَواها الهَجيرُ
وَلِمـــاذا لِأَن بَنــداً لِمِصــرٍ
فَـوقَ قَصـرِ الخُرطومِ باكٍ أَسيرُ
أَنزِلـوهُ فَقَـد يُـديلُ لَهُ اللَه
وَيـــدوي لِرَفعِــهِ التَكــبيرُ
ذَلِـكَ القَصـرُ قَصـرُنا قَـد رَفَع
نـاهُ بِأَسـيافِنا وَأَنتُـم حُضورُ
وَلَنـا وَجهُـهُ المُطِـلُّ عَلى الأَز
رَقِ وَالبَهـوُ وَالجَنـاحُ الكَسيرُ
وَالمَقاصـيرُ وَالقَـواريرُ وَالأَس
تـارُ وَالخَـزُّ وَالوطاءُ الوَثيرُ
وَالســواءُ الَّـذي يُقَـدّمُ فيـهِ
وَالعَناقيــدُ حَبُّهـا وَالعَصـيرُ
وَالنَســيمُ الَّـذي يَهُـبُّ عَلَيـهِ
مِلـكُ آبائِنـا صـَباً أَم دَبـورُ
وَالغَمــامُ الَّـذي يَسـِحُّ عَلَيـهِ
وَالضـِياءُ الَّـذي بِـهِ يَسـتَنيرُ
يا طَريدَ السودانِ قَبلِيَ يا حا
فِـظُ عُـذراً إِذا بَـدا التَقصيرُ
وَالتَمِـس لـي عَفـوَ الأَميرِ وَمط
رانَ فَضـَعفي بِكُـلِّ عَفـوٍ جَـديرُ
رُبَّ غَــمٍّ عَـنِ القَريـضِ لَـواني
وَهُمــومٍ رَبّــي بِهِـنَّ البَصـيرُ
قَـد رَضـينا بِصُلحِهِم وَاِقتَسَمنا
وَرِضــانا الأَقَــلُّ وَالمَيســورُ
لِفُــؤادٍ ســوادنُ مِصـرَ وَمِصـرٌ
وَلجــورجَ الخَـرابُ وَالمَعمـورُ
محمد توفيق بن أحمد بن علي العسيري العباسي.شاعر مصري ولد في زاوية المصلوب من قرى بني سويف بمصر الوسطى وتعلم بها ثم في القاهرة. وتخرج ضابطاً فترقى في الجيش المصري إلى مرتبة يوز باشي واستقال فعاد إلى قريته يمارس الزراعة والتجارة إلى أن توفي.نسبته إلى قبيلة العسيرات النازل قسم منها بمصر العليا ويقال أن هذه القبيلة تنتمي إلى العباس بن عبد المطلب.ويصف نفسه بالنفور من معاشرة الناس إلا ممن تجمعه به ضرورة عمله أو من يطرق بيته من الأضياف.في شعره رقة وجودة أورد صاحب شعراء العصر مختارات منه في إحدى عشرة صفحة ويقول عبد الحليم حلمي الشاعر المصري في نعته:شاعر جاهلي إسلامي حضري بدوي جمع بين سلاسة العبارة وحسن الديباجة له (ديوان التوفيق -ط) الجزء الأول منه.