
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
شــَرابُ الأَمـاني لَـو عَلِمـتَ سـَرابُ
وَعُتـبى اللَيـالي لَـو فَهِمـتَ عِتابُ
إِذا اِرتَجَعَـت أَيدي اللَيالي هِاتِها
فَغايَــةُ هاتيــكَ الهِبــاتِ ذَهـابُ
وَهَــل مُهجَــةُ الإِنسـانِ إِلّا طَريـدَةٌ
تَحــومُ عَلَيهــا لِلحِمــامِ عُقــابُ
يَخُــبُّ بِهـا فـي كُـلِّ يَـومٍ وَلَيلَـةٍ
مَطايــا إِلـى دارِ البِلـى وَرِكـابُ
وَكَيـفَ يَغيضُ الدَمعُ أَو يَبرُدُ الحَشا
وَقَــد بــادَ أَقـرانٌ وَفـاتَ شـَبابُ
فَمـا نـابَ عَـن خِلِّ الصِبا خِلُّ شَيبَةٍ
وَلا عـاضَ مِـن شـَرخِ الشـَبابِ خِضـابُ
أَلا ظَعَنــا مِــن صــاحِبٍ وَشــَبيبَةٍ
فَهَــل لَهُمــا مِـن ظـاعِنينَ إِيـابُ
دَعا بِهِما صَرفُ اللَيالي إِلى البِلى
فَكُــلُّ الَّـذي فَـوقَ التُـرابِ تُـرابُ
فَهـا أَنـا أَبكـي كُـلَّ مَعهَـدِ راحَةٍ
تَضـــاحَكَ أَحبـــابٌ بِــهِ وَصــِحابُ
أُقَلِّــبُ طَرفــي لا أَرى غَيـرَ لَيلَـةٍ
وَقَـد حُـطَّ عَـن وَجـهِ الصـَباحِ نِقابُ
كَـأَنّي وَقَـد طـارَ الصـَباحُ حَمامَـةٌ
يَمُـــدُّ جَنـــاحَيهِ عَلَـــيَّ غُــرابُ
عَلـى حيـنَ لا غَيـرَ اِعتِباري خَطابَةٌ
فَتــوعى وَلا غَيــرَ العَويـلِ جَـوابُ
وَقَـد جـاشَ بَحـرٌ بَيـنَ جَنبَـيَّ مائِجٌ
لَــهُ زَخــرَةٌ فــي وَجنَتَـيَّ وَعُبـابُ
فَيـا لَهُـم مِـن رَكـبِ صَحبٍ تَتابَعوا
فُـرادى وَهُـم مُلـدُ الغُصـونِ شـَبابُ
دَعـا بِهِـم داعـي الـرَدى فَكَأَنَّمـا
تَبــارَت بِهِــم خَيـلٌ هُنـاكَ عِـرابُ
فَهـا هُـم وَسـِلمُ الدَهرِ حَربٌ كَأَنَّما
جَثــا بَينَهُــم طَعـنٌ لَهُـم وَضـِرابُ
هُجــودٌ وَلا غَيــرَ التُــرابِ حَشـِيَّةٌ
لِجَنــبٍ وَلا غَيــرَ القُبــورِ قِبـابُ
فَحَتّـى مَـتى تَبري اللَيالي سِهامَها
وَحَتّــى مَــتى أُرمـى بِهـا فَأُصـابُ
وَحَتّـى مَـتى أَلقـى الرَزايـا مُمِضَّةً
كَمــا كَرَعَـت بَيـنَ الضـُلوعِ حِـرابُ
فَإِمّـا كَمـا تَعـدو الضـَراغِمُ عَنوَةً
وَإِمّــا كَمـا تَمشـي الضـَراءُ ذِئابُ
فَفــي كُــلِّ يَــومٍ فَتكَــةٌ لِمُلِمَّـةٍ
يُمَـــزِّقُ جَيـــبٌ تَحتَهــا وَإِهــابُ
وَرَبــعٍ خَلاءٍ مِــن خَليــلٍ وَإِنَّمــا
تَجــافى حُســامٌ مِنهُمــا وَقِــرابُ
يُـــذَكِّرُنيهِ كُـــلَّ حيــنٍ جِــوارُهُ
فَيُحزِنُنــــي رُزءٌ بِـــهِ وَمُصـــابُ
فَلَســتُ بِنـاسٍ صـاحِباً مِـن رَبيعَـةٍ
إِذا نَســِيَت رَســمَ الوَفـاءِ صـِحابُ
أَجَلـتُ طِبـاعي فيـهِ فَـالأُنسُ وَحشـَةٌ
طِــوالَ اللَيـالي وَالنَعيـمُ عَـذابُ
وَهَيهــاتَ لا أَغنــى خَليـلٌ غِنـاءَهُ
وَهَـل عَـدَلَ العَـذبَ الفُـراتَ سـَرابُ
وَمِمّـا شـَجاني أَن قَضـى حَتـفَ أَنفِهِ
وَمــا اِنــدَقَّ رُمـحٌ دونَـهُ وَذُبـابُ
وَأَنّــا تَجارَينــا ثَلاثيــنَ حِقبَـةً
فَفــاتَ ســِباقاً وَالحِمــامُ قِصـابُ
وَكَيــفَ تَهاجَرنــا كُهــولاً وَإِنَّمـا
لَـوى الـدَهرُ فَرعَينـا وَنَحـنُ شَبابُ
كَـأَن لَم نَبِت في مَنزِلِ القَصفِ لَيلَةً
نُجيـبُ بِهـا داعـي الصـِبا وَنُجـابُ
إِذا قــامَ مِنّـا قـائِمٌ هَـزَّ عِطفَـهُ
شـــَبابٌ أَرَقنـــاهُ بِــهِ وَشــَرابُ
جَمَحنـا بِمَيـدانِ الصـِبا ثُـمَّ إِنَّنا
كَرَرنــا فَكــانَت فِتنَــةٌ وَمَتــابُ
وَلَمّــا تَــراءَت لِلمَشــيبِ بُرَيقَـةٌ
وَأَقشــَعَ مِــن ظِـلِّ الشـَبابِ سـَحابُ
نَهَضـنا بِأَعبـاءِ اللَيـالي جَزالَـةً
وَأَرسـَت بِنـا فـي النائِبـاتِ هِضابُ
فَيـا عَجَبـاً لِلـدَهرِ كَيـفَ سـَطا بِهِ
وَقَــد كــانَ يُرجـى تـارَةً وَيُهـابُ
وَكَيـفَ اِسـتَلانَت صـَولَةُ المَوتِ عودَهُ
فَلَــم يَنــبُ عَنــهُ لِلمَنِيَّـةِ نـابُ
وَلا عَجَبــاً أَنّــا ذَلَلنــا لِحـادِثٍ
تَــذِلُّ لَــهُ الآســادُ وَهــيَ غِضـابُ
وَأَنّــا خَضــَعنا لِلمَقـاديرِ عَنـوَةً
كَمــا خَضـَعَت تَحـتَ السـُيوفِ رِقـابُ
وَلَـو أَنَّ غَيـرَ اللَـهِ كـانَ أَصـابَهُ
لَجاشـــَت نُفــوسٌ لاتُفــادُ صــِعابُ
فَيـا ظاعِناً قَد حُطَّ مِن ساحَةِ البِلى
بِمَنــزِلِ بَيــنٍ لَيــسَ عَنـهُ إِيـابُ
كَفى حَزَناً أَن لَم يَرِدني عَلى النَوى
رَســولٌ وَلَــم يَنفُـذ إِلَيـكَ كِتـابُ
وَأَنّــي إِذا يَمَّمــتُ قَــبرَكَ زائِراً
وَقَفــتُ وَدونــي لِلتُــرابِ حِجــابُ
فَـأَظلَمَ قَـرنُ الشـَمسِ وَهـيَ مُنيـرَةٌ
وَضــاقَت بِلادُ اللَــهِ وَهــيَ رِحـابُ
وَرَقرَقـتُ بَيـنَ الحُزنِ وَالصَبرِ عَبرَةً
لَهــا جَيئَةٌ فــي مُقلَــتي وَذَهـابُ
وَلَــو أَنَّ حَيّـاً كـانَ حـاوَرَ مَيِّتـاً
لَطــــالَ كَلامٌ بَينَنـــا وَخِطـــابُ
وَأَعــرَبَ عَمّــا عِنــدَهُ مِـن جَلِيَّـةٍ
فَــأَقلَعَ عَــن شــَمسٍ هُنـاكَ ضـَبابُ
عَلَيـكَ سـَلامُ اللَـهِ مِـن صـاحِبٍ قَضى
فَـــأَجهَشَ رَبـــعٌ بَعــدَهُ وَجَنــابُ
تَـوَلّى حَميـدَ الـذِكرِ لَم يَأتِ وَصمَةً
فَتَبقــى وَلَـم تَـدنَس عَلَيـهِ ثِيـابُ
أَغَــرُّ طَليــقُ الصــَفحَتَينِ كَأَنَّمـا
وَراءَ تُــرابِ القَــبرِ مِنـهُ شـِهابُ
أَلا إِنَّ جِســـماً يَســتَحيلُ لِتُربَــةٍ
وَإِنَّ حَيــــاةً تَنتَهـــي لَخَـــرابُ
فَلا ســـَعيَ إِلّا أَن يَكـــونَ لِآجِـــلٍ
وَلا ذُخـــرَ إِلّا أَن يَكـــونَ ثَــوابُ
إبراهيم بن أبي الفتح بن عبد الله بن خفاجة الجعواري الأندلسي. شاعر غَزِل، من الكتاب البلغاء، غلب على شعره وصف الرياض ومناظر الطبيعة. وهو من أهل جزيرة شقر من أعمال بلنسية في شرقي الأندلس. لم يتعرض لاستماحة ملوك الطوائف مع تهافتهم على الأدب وأهله. قال الحجاري في كتابه (المسهب): (هو اليوم شاعر هذه الجزيرة، لا أعرف فيها شرقاً ولا غرباً نظيره)