
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أَلا تبصـرُ الأَغصـانَ بلَّلهـا القطـرُ
فَمــالَت سـَكارى لا رَحيـقَ وَلا خَمـرُ
أَطَلَّـت عَـذارى الشـِعر من فُرَجاتِها
لَها من بَنانِ العِشبِ أَقلامُها الخضرُ
أَطَلَّــت وَكــانَت هاجِعـاتٍ عُيونُهـا
يُــذَوَّبُ فـي أَحلامِهـا ذلِـك السـحرُ
كَــأَنَّ نِــداءً مـن صـَديقٍ أَفاقَهـا
فَهَبَّـت وَفـي سـيمائِها يَبسَمُ البَشرُ
وَلمّــا رَأَتــهُ حَـدَّقَت فـي جَـبينِه
فَأَبصــَرَتِ التِـذكارَ آلمـهُ الهَجـرُ
وَلـم تَقـوَ عَن مَسكِ الدُموعِ فَأَسبَلَت
عَلـى خَـدِّها الوَردِيِّ أَدمُعُها الحُمرُ
خَليــلُ وَفــي تُـرب البِلادِ شـَهادَة
هِـيَ المَجـدُ بـاقٍ في بِلادِكَ وَالفَخرُ
أَجِـل مُقلَـةَ الإِلهـامِ فـي عَرَصاتها
تَجـد أَثـرَ الأَفراخِ يا أَيُّها النِسرُ
هـيَ الأُسـدُ حالُ الصَمتُ دونَ زَئيرها
فَســالَت مَآقيهـا وَلَيـسَ لَهـا زأرُ
لَئِن جَنحــت أَرواحهـا عَـن لبانَـةٍ
فَمـا جُنـح المَجـدُ المُخَلِّدُ وَالذِكرُ
بِلادُك هــذي يــا خَليــلُ فَإِنَّهــا
حَليلَتُــك الأولـى إِذا فَخـرت مِصـرُ
فَمــن مائِهـا رَوَّيـتَ شـعرَك رَيِّقـاً
وَفـي رَوضـِها شـَبَّت قَصـيدَتُك البكرُ
هُنـا تَحـت هـذا الأَرزُ تَحـتَ جلالِـه
وَتَحـت غُصـونٍ قَـد تَقَيَّأهـا الـدَهرُ
سـَجَدَت خُشـوع القَلب في ريِّق الصبا
تُنـاجي لهـاثَ الأَنبِيـاءِ وَقَد مَرّوا
فَكَــم وَقفَـةٍ فـي بَعَلبَـكَّ وَقفَتَهـا
تُراقِـب مَسـرى البَدر تتبِعُه الزُهرُ
كَمَـوكِب جِـنٍّ قَـد أَطَـلَّ مـن الفَضـا
لِيَشــهَدَ أَطلالَ الــرَدى وَبِـهِ ذُعـرُ
أَمـا بعلبـكُّ اليَـومَ كَالأَمسِ زِخرها
يكلِّلُهــا فــي كُــلِّ دارِسـَةٍ زخـرُ
أَمـا بَرِحـت فـي لُبَّـةِ المَجدِ زَهرَةً
يُقَبِّلُهـا التاريـخُ وَهـيَ لـهُ فَجـرُ
فَمــا تلكــمُ الأَنقـاضُ إِلّا حَـوادِثٌ
عَلـى جَبهَـةِ الأَيّـامِ سـَطَّرَها السـِرُّ
وَمـا الهَبـواتُ السودُ في جنباتِها
سـِوى عَـبر الأَزمـانِ تَلفَظها الجُدرُ
أَلا فَــاِنفَضِ الأَيّـامَ عَنهـا بِفِكـرةٍ
هِـيَ النورُ من زَيتِ النُبُوَّةِ وَالشعرُ
لِتُطلِــعَ جوبيتارَهــا فَهـو رابِـضٌ
كنيـرون لكِـن لَيـسَ فـي صَدرِهِ غدرُ
وَكـم وَقفَـةٍ فـي رُبـعِ زَحلَةَ أَطلَعَت
عَلَيـكَ قَريضـاً دونَهُ الماسُ وَالتبرُ
فَتنثُـرُهُ فـي الكـرمِ طـوراً وَتارَةً
عَلـى هَضـَبِ الـوادي يُشـَتِّتهُ النَثرُ
وَفـي قُطـر مِصـرٍ كَـم تَـذَكَّرتَ زَحلَةً
فَأَبكــاكَ بردونيَّهـا ذلِـكَ القُطـرُ
لَـدُن كُنـتَ مـع صـَنوٍ صـَغير مغنـجٍ
لـهُ طَلعَـةٌ حَسـناءُ يَغبَطُهـا البَدرُ
لَــدُن كنـتَ طِفلاً وَالحَبيبَـةُ طِفلَـةً
حَوالَيكُمــا حــبٌّ وَبَينَكُمــا إِصـرُ
وَنَكهَــة عــودِ المنــدَلِيِّ شــَذِيَّة
عَلـى ضـِفَّةِ النَهرِ الجَميلِ لَها نَشرُ
فَزَحلَـة مـا زالَـت وَما زالَ نَهرُها
فَـذاكَ هُـوَ الوادي وَذاكَ هوَ النَهرُ
فَأَنشـَدكما أَنشـَدت في سُحرة الهَوى
فَمـن ذِكريـاتِ الأَمـسِ في زَحلة شطرُ
إلياس أبو شبكة.مترجم يحسن الفرنسية، كثير النظم بالعربية. لبناني، اشترك في تحرير بعض الجرائد ببيروت. ونقل إلى العربية (تاريخ نابليون - ط)، وقصصاً من مسرحيات (موليير) ونشر مجموعات من نظمه.