
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
فــي لَيلَــةٍ تَنَهَّــت غَلــواءُ
وَالبَــدرُ فـي مَخـدعِها إِتـاءُ
تَســيلُ مِنــهُ فِضــَّةٌ بَيضــاءُ
فَــأَرهَفَت مِسـمَعَها المَطروقـا
فَســـَمِعَت تَنَهُّـــداً عَميقـــا
يَصــدُر عَمّـا يَنهَـشُ العُروقـا
وَأَرســَلَت نَظــرَةَ بَــرٍّ طـاهِرِ
فَهـا لَها في المَخدِع المُجاوِر
فَـــاِجرةٌ عَلــى ذِراعِ فــاجِرِ
مـا أَنتِ يا وَردَةُ تِلكَ الوَرده
بَـل انـتِ مـن أَشواكها مُسَوَّدَه
أَميــرَةَ الشـَهوَةِ أَنـتِ عَبـدَه
أَيُّ خَيــالٍ حَــلَّ فــي غَلـواءَ
أَيُّ رَوّى مُحرِقَــــةٍ ســــَوداءَ
تَعَلَّقَــت أَجفانَهــا العَـذراءَ
فَهرَّبــت الــى ضـِفافِ البَحـرِ
وَطَــوَّفت بَيـن بَقايـا الـدَهر
مــن خِربَــةٍ لرجمــةٍ لِقَــبرِ
وَكــانَت المِيــاهُ وَالصــُخورُ
قائِمَــةً مـا بَينَهـا القُبـورُ
حَتّـى السـُكونُ حَولَهـا مَسـحورُ
وَالمَـوجُ بَعدَ الموجِ كَيفَ ذابا
مُستَسـلِما عَلـى الحَصى مُنسابا
يقبِّــلُ القُبــورَ وَالتُرابــا
كَــأَنَّهُ جَمــعٌ مــن العَـذارى
أَو ذِكرَيــاتُ عاشــِق تَــوارى
تَهمِـسُ فـي أُذنِ الرَدى أَسرارا
وَلِلمِيــــاهِ زَبـــدٌ كَـــثيفُ
يُنســـَجُ مِنــه كَفَــنٌ خَفيــفُ
عَلَيـهِ مـن نـور الـدُجى حُروفُ
وَســَمِعَت غَلـواءُ طَيـرَ البـومِ
يَنعَـقُ كالشـُؤمِ عَلـى الرُسـومِ
مُدَنِّســـاً نَقـــاوَةَ النَســيمِ
وَاِستَيقظت في نَفسِها المَحمومَه
مــن وَردَةَ الحَبيبَـةِ الأَثيمَـه
صـــارِخَةً أخيِلــةُ الجَريمَــه
وَدبَّ فــي أَعضـائِها النَحيفَـه
قَفقَفَـــةٌ وَرِجفَـــةٌ عَنيفَـــه
حُمّـى سـَرَت فـي جِسـمِها خَفيفَه
وَاِسـتَفحَلَت كَالشـَرِّ حيـنَ يَبدَأ
فَهــوَ صــَغيرٌ إِنَّمـا لا يَفتَـأ
حَتّــى يَصــيرَ نَقمَـةً لا تَـبرَأ
وَمَـــرَّت الأَيّــامُ وَاللَيــالي
ســَوداءَ بِالفِتنَــةِ وَالجَمـالِ
فَأَصــبَحت غَلــواء كَالخَيــالِ
وَبَــرَزَت عِظامُهـا فـي الجِسـمِ
مُصـــطَفَّةً عَظمــاً إِزاءَ عَظــمِ
كَأَنَّهـــــــــا أَقلامُ الاِعتِلالِ
تَكتُــبُ فــي صــَحيفَة الآجـالِ
وَســالَ فـي وَجنَتِهـا الـذُبولُ
كَنِجمَــةٍ هَــمَّ بِهــا الأُفــولُ
وَاِمتقَــعَ الجَــبينُ بِاِصـفِرارِ
كَـــأَنَّهُ أَواخِـــرُ النَهـــارِ
فــي لَيلَــةٍ شـَديدَة الغُسـوقِ
تَــذكَّرت حَياتهـا فـي الـزوقِ
وَذَكَـــرَت مَـــواكِبَ الضــَبابِ
تَمتَـدُّ كَـالحُلمِ عَلـى الهِضـابِ
وَالشــَجَرَ الأَخضـَرَ وَالسـَنابِلا
تَبســُطُ لِلطَبيعَــةِ الأَنــامِلا
وَذَكـــرت أَخيَلَـــة المســاءِ
وَرَنَّــةَ الأَجـراسِ فـي الهَـواءِ
وَدَوحَــةَ الكَنيســَةِ الحَقيـرَه
وَبابَهــا الصـَغيرَ وَالفَقيـره
وَصـُفرَةَ الشـَمسِ عَلـى الجِبـالِ
وَلِعِــبَ الاطفــالِ فــي الظِلالِ
وَاِحتَشــَدت أَخيلَــةُ التِـذكارِ
تَطـوفُ أَسـرابا عَلـى الجِـدار
وَجَحَظَـــت فــي صــَدرِها الآلامُ
كَجِفنِهــا المَحمــومِ لا تَنـامُ
وَحَبَكَـت فـي مُقلَتَيهـا الحُمّـى
بِقَلبِهـا العَفيـفِ ذاكَ الإِثمـا
وَاِنتَقَـل الإِثـمُ بِهـا اِنتِقالَه
أَجــرَت عَلـى خَيالَهـا خَيـالَه
فَعَظُــمَ الـوَهمُ وِفـي الأَوهـامِ
أَفتَـكُ بِالعَقـلِ مـن السِرسـامِ
وَقـامَ فـي أَحلامِهـا المُعَـذَّبَه
رُؤيـا كَأَنَّمـا هـيَ المُرتَكِبَـه
إلياس أبو شبكة.مترجم يحسن الفرنسية، كثير النظم بالعربية. لبناني، اشترك في تحرير بعض الجرائد ببيروت. ونقل إلى العربية (تاريخ نابليون - ط)، وقصصاً من مسرحيات (موليير) ونشر مجموعات من نظمه.