
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
تـذكّرت فـي الحمـراءِ عهـد الصبوَّةِ
ومـا كـان فيـه مـن نعيـمٍ وبهجـةِ
فقلــتُ وقــد شـقَّ الغمامـةَ كـوكبٌ
ســلامٌ علــى عشــرين عامـاً تـولّت
تــولّت ولــم أشـعر بهـا كضـميمةٍ
علـى خصـرِ ليلـى عطّـرت خيـرَ ليلة
فلــم يبــقَ إِلا عطرُهــا وذبولهـا
ولـم يبـقَ لـي إلا شـعوري وصـفرتي
سـأذكرُ مـن ليلـى ليـاليَّ والهـوى
يمــزِّقُ مــن أثـوابِ صـبري وعفـتي
وما زالَ هذا القلبُ في الحبّ ذائباً
ولكنّـــه جلــدٌ علــى كــلّ شــدَّة
أرى الحــبَّ قتــالاً وأقتــل كتمُـه
فـــداوِ بوصـــلٍ داءَه أو بســلوة
وإلا فقــــدّم للغــــرام ضـــحيةً
وعيــنُ الــتي تهـوى تضـنُّ بدمعـة
جميــلٌ لئن تعشــق بثينـةَ تُشـِقها
وتَشــقَ لأن الحــبّ قــبرُ الشـبيبة
فليــسَ لأهــلِ العشـقِ أمـنٌ وراحـةٌ
وأمنيّــةُ العشــّاقِ عنــدَ المنيّـة
نصــحتُك فاســمع يـا أُخَـيَّ فـإنني
أرى الــدّهرَ نبّاشـاً قبـورَ الأحِبَّـة
يُــذَبّلُ أزهــارَ الشــبابِ بنفحــةٍ
ويطفــئُ أنــوارَ الغــرامِ بنفخـة
سـَلِ الطيـرَ هـل تبقى لها وُكناتُها
سـَلِ الـوَرَقَ المنثـورَ فـي كلّ روضة
تُجبــكَ ليــالي الطيّبــاتِ قصـيرةٌ
كأحلامِهــا تمضـي علـى حيـن غفلـة
ولكـــنَّ ليلاتِ الشـــّقاءِ طويلـــةٌ
وفيهــنَّ تهــوي نجمـةٌ بعـد نجمـة
أرى السـعدَ وهمـاً والشـقاءَ حقيقةً
فمـا كـان أشـقانا بحكـم الحقيقة
فكــم بسـمةٍ تبـدو سـريعاً وتمّحـي
وكـم دمعـةٍ تكـوي الفـؤادَ كجمـرة
إذا شـــكرت نفســـي حلاوةَ ســاعةٍ
شــكت بعــدها لهفـى مـرارةَ حجـة
هـو الحـبُّ فيـهِ كـلُّ ذكـرى أليمـةٍ
علــى فقــدِ أعلاقِ وأحــزانِ وحشـة
فنلهـــبُ أذيـــالَ الظلامِ بزفــرةٍ
ونخـــرقُ طيّــاتِ الســكونِ بأنّــة
لـكِ العـزُّ يا دار الحبيبةِ هل لنا
هــدوءٌ إذ لــم تُســعدينا بـزَورة
نـذوبُ علـى الـوجه الـذي تحجُبينه
ونقنــعُ إن عــزَّ اللقــاءُ بنظـرة
ونشــتاقُ وصــلاً والحيــاءُ يردّنـا
فنرجــعُ عـن بـردِ الميـاهِ بحرقـة
لئن كـان فـي قفـر نرىَ الفقرَ جنّةً
فجنَّتنــا مــن بســمةٍ فـوقَ وجنـة
إذا مـا مرَرنـا حيـثُ مـرَّت حبيبـةٌ
وحيــثُ رأيناهــا وحيــثُ اسـتقرّت
تُنـازع هـذي النفـسُ حـتى نخالهـا
مفارقــةَ للجســمِ فــي كـلّ صـبوة
ويضــعفُ هــذا القلـبُ حـتى نظنَّـهُ
تســاقطَ منــا فلــذةً إثـر فلـذة
ونسـمعُ همـسَ الطّيـفِ فـي كـلّ خلوةٍ
وننشـقُ عطـرَ الثَّـوبِ فـي كـلّ هبّـة
كـــذلكَ حبّـــي ذقتــهُ فــأذابني
وسـالت علـى حـبر القصـائدِ مُهجتي
أنا الكوكبُ السيارُ في ليلةِ النّوى
تُنيــرُ ســبيلَ التــائهين أشـعَّتي
أنا البلبلُ الصفّارُ في روضةِ الهوى
تطيــر قلــوبُ العاشـقين لصـفرتي
أنـا العنـبرُ الفـوَّاحُ في كل مجلسٍ
تُعطِّــرُ أثــوابَ الحــرائرِ نفحـتي
أنـا العاشـق العفّـافُ في كلّ خلوةٍ
تركــتُ العــذارى معجبـاتٍ بعفـتي
أنـا المزهـرُ الرنّـانُ في كفّ مُطربٍ
ملائكــةُ الجنّــاتِ تشــتاقُ رنــتي
أنــا مــا أنــا إِلا فـؤادٌ معـذَّبٌ
ونفـسٌ تـرى فـي المـوتِ أكـبرَ لذَّة
فمــا للعــدى يسـتقبحونَ محاسـني
ولا ذنـــبَ لــي إلا علائي وقــدرتي
هجــرتُ بلادي فـي السـياحةِ راغبـاً
وكـم فـوق بحرِ الرومِ من دمعِ غربة
ولمــا بـدت تلـك السـواحلُ فجـأةً
تفجّــرَ شـعري مـن حُبـوري ودَهشـتي
فحييتُهـا مـع طلعـةِ الصّبحِ والهوى
يفيـضُ علـى قلـبي وثغـري ومُقلـتي
فكــم شـاعرٍ فيهـا تبسـّمَ أو بكـى
وقـد جاءَهـا فـي نزهـة أو عبـادة
وكـم ثـم قلبـاً طـارَ حبـاً وصـبوةً
ورأســاً غــدا يحنـى لمجـدٍ وعـزّة
على بحرِها العمرانُ والنضرُ والغِنى
وقـد كملـت فيهـا صـنوفُ الحضـارة
ومــا بحرُنــا إلا مـرائي طلولِنـا
كـذا الـدهرُ يمحـو كـلَّ حسنٍ بلمسة
فقلــتُ ولـم أنفـكّ للحسـنِ عابـداً
أُروّي حِمــاه مــن دمـوعي الصـفيّة
ألا يـا بلادَ العِلـم والفـنّ والهوى
إِلــى شــاعر أوحــى أرقّ قصــيدة
بــألطفِ ترنيــمٍ وأبهــى طبيعــةٍ
وأجمـــلِ تمثــالٍ وأكمــلِ صــورة
ســلامٌ علــى أهـلِ التمـدّنِ إنّ لـي
بمنظرهـــم تجديــد عــزمٍ وقــوة
لقــد كـانتِ الأرواحُ مـن شـعرائهم
لتَمزيــقِ أكفــانٍ وتنــوير ظلمـة
لضــَربهم انفكّــت قيــودٌ ثقيلــةٌ
وهــدَّم سـورَ الظلـمِ ترديـدُ صـيحة
وأوطـانهم مـن نـارِ شـعرهم التَظت
وقـد ضـَربت بالسـيفِ حـتى اسـتقلّت
فعــادَ إليهــا مجــدُها ونعيمُهـا
وإنّ المعــالي بيــنَ سـيفٍ ورايـة
ولمـا رأيـتُ النـاسَ يبنـونُ مجدهم
بكيــتُ علــى آثارنــا العربيّــة
نمــا زَهرهـم فـي روضـِهم متجـدداً
وقــد يبسـت أزهارُنـا بعـد نضـرة
لهــم كــلَّ يــومٍ غــزوةٌ وغنيمـةٌ
ونحــنُ حَيـارى بيـن ذكـرى وعـبرة
لئن كـان في الحريةِ الحلوة الرَّدى
فيــا حبـذا مـوتي لتحريـر أمـتي
بنــي أمِّ هــل مــن نهضـةٍ عربيـةٍ
لصــيحاتها يهــتزُّ ركــنُ البريـة
فــــواللهِ لا حريـــةٌ مُســـتطابةٌ
إذا لــم تكــن مــن قـوةٍ أدبيـة
إلياس بن عبد الله بن إلياس بن فرج بن طعمة.شاعر من أدباء لبنان في المهجر الأميركي، امتاز بروح عربية نقية.ولد بقرنة الحمراء في المتن بلبنان، وتخرج بمدرسة الحكمة ببيروت، وهاجر إلى أميركا الجنوبية 1908 فأصدر جريدة الحمراء في ريو دي جانيرو بالبرازيل، واتخذ لنفسه اسم أبو الفضل الوليد سنة 1916.عاد إلى وطنه سنة 1922، وقام برحلات في الأقطار العربية وغيرها.له: كتاب القضيتين في السياستين الشرقية والغربية، ونفخات الصور، وأحاديث المجد والوجد، والسباعيات مقاطيع شعرية، وقصائد ابن طعمة.