
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
هُوَ عَبدُ الرَّحمنِ بنُ إِسْماعِيلَ بنِ عَبدِ كُلال، مِنْ أَهْلِ صَنعاءَ مِنَ الأَبْناءِ، وَقِيلَ أَصْلُهُ مِنَ الفُرْسِ الَّذِينَ قَدِمُوا إِلى اليَمَنِ، غَلَبَ عليهِ لَقَبُ وَضَّاحِ اليَمَنِ لِجمالِهِ وَبَهائِهِ، وَهُوَ مِنْ شُعراءِ العَصْرِ الأُمَوِيِّ، كانَ جَميلَ الطَّلعَةِ يَتَقَنَّعُ فِي المَواسِمِ، وامْتازَ بِرقَّةِ غَزَلِهِ، وَلَهُ أَخْبارٌ مَعَ عَشِيقَةٍ لَهُ اسْمُها رَوضَةُ، ويُرْوَى أنَّه قُتِلَ بَعدَ أَنْ تَغَزَّلَ بِأُمِّ البَنِينِ زَوجَةِ الْخَلِيفَةِ الوَلِيدِ بنِ عَبدِ المَلِكِ حِينَ قَدمَ مَكَّةَ حاجَّاً، وكانَتْ وَفاتُهُ نَحوَ عامِ 90 لِلْهِجْرَةِ.
الأَخْطَلُ هُوَ غِياثُ بنُ غَوثٍ، مِن بَنِي تَغلبَ، شاعِرٌ مِنْ فُحولِ الشُّعراءِ الأُمويِّينَ، وقد اتُّفِقَ عَلى أنَّهُ والفرزدقَ وجريراً فِي الطَّبقةِ الأُولى مِنَ الشُّعراءِ الإِسلامِيِّينَ، نَشأَ في بادِيَةِ الجَزيرةِ الفُراتيَّةِ فِي العِراقِ، وظلَّ هُوَ وقومُهُ على النّصرانيَّةِ ولمْ يَدْخُلوا الإِسلامَ، وقد امْتازَ شِعرُهُ بِالصَّقلِ والتّشْذِيبِ مِن غَيرِ تَكَلُّفٍ، وَشُبِّهَ بِالنَّابِغَةِ الذُّبيانيِّ لِصِحَّةِ شِعرِهِ، وَكانَ الأخطلُ مُقرَّباً مِن خُلفاءِ بَنِي أُميَّةَ وأَكْثَرَ مِنْ مَدْحِهم وهجاءِ أعدائِهم، توفيَ فِي حُدودِ سَنَةِ 90 لِلْهِجْرَةِ.
عُبَيد بن حُصين بن معاوية بن جندل، النميري، أبو جندل.من فحول الشعراء المحدثين، كان من جلّة قومه، ولقب بالراعي لكثرة وصفه الإبل وكان بنو نمير أهل بيتٍ وسؤدد.وقيل: كان راعَي إبلٍ من أهل بادية البصرة.عاصر جريراً والفرزدق وكان يفضّل الفرزدق فهجاه جرير هجاءاً مُرّاً وهو من أصحاب الملحمات.وسماه بعض الرواة حصين بن معاوية.
جريرُ بنُ عطيَّةَ الكَلبِيُّ اليَربُوعِيِّ التّميميُّ، ويُكَنَّى أَبا حَزْرَةَ، وهو شاعِرٌ أُمَوِي مُقدَّمٌ مُكثِرٌ مُجيدٌ، يُعدُّ فِي الطّبقةِ الأُولى مِن الشُّعراءِ الإِسلامِيِّينَ، وُلِدَ فِي اليَمامةِ ونَشأَ فِيها وانْتقلَ إِلى البَصرَةِ، واتَّصَلَ بِالخُلفاءِ الأُمَوِيِّينَ وَوُلاتِهِم، وكانَ يُهاجِي شُعراءَ زَمانِهِ ولمْ يَثبُتْ أَمامَهُ إِلَّا الفَرزْدَقُ والأَخْطَلُ، وقد قَدَّمَهُ بعضُ النُّقادِ والرُّواةُ على الفَرزدقِ والأَخطَلِ وذُكِرَ أنَّ أَهلَ الْبَادِيَةِ وَالشُّعرَاءِ بِشِعْرِ جريرٍ أَعجَبُ، وأَنَّهُ يُحْسِنُ ضُروباً مِنَ الشِّعرِ لا يُحسِنُها الفَرَزْدَقُ والأَخْطَلُ، وقدْ تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ 110 لِلهِجْرَةِ.
عبيد الله بن قيس بن شريح بن مالك، من بني عامر بن لؤي، ابن قيس الرقيات.شاعر قريش في العصر الأموي. كان مقيماً في المدينة.خرج مع مصعب بن الزبير على عبد الملك بن مروان، ثم انصرف إلى الكوفة بعد مقتل ابني الزبير (مصعب وعبد الله) فأقام سنة وقصد الشام فلجأ إلى عبد الله بن جعفر بن أبي طالب فسأل عبد الملك في أمره، فأمّنه، فأقام إلى أن توفي.أكثر شعره الغزل والنسيب، وله مدح وفخر. ولقب بابن قيس الرقيات لأنه كان يتغزل بثلاث نسوة، اسم كل واحدة منهن رقية
وجمع أبو الفرج الأصفهاني أخباره في ذيل بيتين هما من الأصوات المائة المختارة قال:صوت من المائة المختارة من رواية جحظة عن أصحابهأمسـى الشـباب مودعـاً محمـودا والشـيب مؤتنـف المحـل جديـداوتغيـر الـبيض الأوانـس بعدما حملتهــن مواثقــاً وعهــوداثم نسب الغناء وساق نسب يزيد وأخباره قال: وكان يلقب مودقاً، سمي بذلك لحسن وجهه وحسن شعره وحلاوة حديثه، فكانوا يقولون: إنه إذا جلس بين النساء ودقهن.وأول أخباره تولعه بفتاة من بني جرم تسمى وحشية، انظر قصتها معه في صفحة البيتين:فـإن شـئت يـا مياد زرنا وزرتمولم ننفس الدنيا على من يصيبهاأيــذهب ميــادٌ بألبـاب نسـوتي ونســوة ميــادٍ صـحيحٌ قلوبهـاوهي قصة طريفة يمكن إخراجها في مسلسل من مسلسلات الباديةونقل أبو الفرج أخبار يزيد مع بني سدة عن راوية اسمه أبو عثمان سعيد بن طارق، ولم أعثر على ذكر له في غير هذه الصفحة من الأغاني.وانظر في هذه الموسوعة ديوان حكيم بن أبي الخلاف السدري
عُمَرُ بنُ عبدِ اللَّهِ بنِ أَبِي رَبِيعةَ، مِنْ بَنِي مَخزُومٍ إِحدَى بُطونِ قَبيلَةِ قُريشٍ، يُكنّى أَبا الخَطَّابِ، وُلِدَ فِي اللَّيلَةِ الّتِي تُوفِّيَ فِيها عُمرُ بنُ الخطّابِ رضيَ الله عنهُ فَسُمِّيَ باسْمِهِ، وهُوَ أَشْهَرُ شُعراءِ عَصْرِهِ فِي الغَزَلِ والنَّسِيبِ، وهُوَ مَنْ جَعلَ العَرَبَ تُقرُّ لِقُرَيشٍ بِالشِّعْرِ ولا تُنازِعُها فِيهِ، وجُلُّ شِعرِهِ فِي الغَزَلِ والتّشبيبِ بِالنِّساءِ، وقدْ نفاهُ عُمرُ بنُ عبدِ العَزيزِ إلى دُهلك حينَ رُفِعَ إليهِ أَنَّهُ يَتَعرَّضُ لِلنّساءِ الحَواجِّ ويُشبِّبُ بِهِنَّ، وقدْ عاشَ ثَمانينَ سنةً، فَتكَ مِنْها أَربَعِينَ سَنَةً، ونَسكَ أَرْبَعِينَ سنةً، فَقدْ تابَ وترَكَ قَولَ الشِّعرِ، ثُمّ غَزا فِي البَحرِ فاحْتَرَقَتْ السَّفينةُ بِهِ وبِمَنْ مَعَهُ، فَماتَ فِيها غَرقاً. وكانَتْ وفَاتُهُ حَوالَي سَنةِ 93 لِلْهِجْرَةِ.
الفَرَزْدَقُ هُوَ هَمَّامُ بْنُ غَالِبِ بْنِ صَعْصَعَةَ المُجَاشِعِيُّ التَّمِيمِيُّ، لُقِّبَ بِالفَرَزْدَقِ لِجَهَامَةِ وَجْهِهِ وَغِلَظِهِ، وَهُوَ مِنْ اشْهَرِ الشُّعَرَاءِ الْأُمَوِيِّينَ، وَعَدَّهُ ابْنُ سَلَّامٍ مِنْ شُعَرَاءِ الطَّبَقَةِ الْأُولَى الإِسْلَامِيِّينَ، وَكَانَ الفَرَزْدَقُ مِنْ بَيْتِ شَرَفٍ وَسِيَادَةٍ في قومِهِ فَكَانَ شَدِيد الفَخْرِ بِهُمْ وَكَانَ لِسَانَهُمْ عِنْدَ الْخُلَفَاءِ وَالْوُلَاةِ، وَلَهُ مَعَ جَرِيرٍ وَالاخْطَلِ اهَاجٍ مَشْهُورَةٌ عُرِفَتْ بِالنَّقَائِضِ، وَكَانَ مُتَقَلِّبًا فِي وَلَائِهِ السِّيَاسِيِّ وتَعَرَّضَ لِلسّجْنِ وَالمُلَاحَقَةِ مِنْ قِبَلِ عَدَدٍ مِنْ الوُلَاةِ، وَقَدْ عُمِّرَ حَتَّى خِلَافَةِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَمَاتَ سَنَةَ 110 لِلْهِجْرَةِ.
جَميلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ، أَحَدُ بَنِي عُذْرَةٍ مِنْ قُضاعَةَ، كَانَتْ مَنازِلُهُمْ فِي وَادِي القُرَى قُرْبَ المَدينَةِ المُنَوَّرَةِ، وَجَميلٌ شاعِرٌ إِسْلاميٌّ فَصِيحٌ مُقَدَّمٌ، كَانَ راوِيَةَ هُدْبَةَ بْنِ الخَشْرَمِ، وَكَانَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ راوِيَةَ جَمِيلٍ، وَهُوَ مِنْ أَشْهَرِ الشُّعَراءِ اَلْعُذْريِّينَ، وَمِن عُشّاقِ العَرَبِ الَّذِينَ تَيَّمَهُمْ الحُبُّ، وَصاحِبَتُهُ بُثَيْنَةُ هِيَ مِنْ بَناتِ قَوْمِهِ وَأَغْلَبُ شِعْرِهِ فِيهَا، وَلَمْ يَمْنَعْهُ زَواجُها بِغيرِهِ فَبَقِيَ يُلاحِقُها حَتَّى شَكَاه قَوْمُها إِلَى السُّلْطانِ فَأَهْدَرَ دَمَهُ، ثُمَّ رَحَلَ إِلَى اليَمَنِ، وَبَعْدَهَا قَصَدَ مِصْرَ وَوَفَدَ عَلَى عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ مَرْوانَ فَأَكْرَمَهُ، فَأَقَامَ قَلِيلاً فِيها ثُمَّ مَاتَ، وَكَانَتْ وَفاتُهُ حَوَالَيْ سَنَةِ 82 لِلْهِجْرَةِ.
مَجْنونُ لَيْلَى مِنْ أَشْهَرِ الشُّعَراءِ اَلْعُذْريينَ فِي العَصْرِ الأُمَويِّ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي وُجودِهِ فَقِيلَ هوَ اسْمٌ مُسْتَعَارٌ لَا حَقيقَةَ لَهُ، وَتَعَدَّدَتْ الْآرَاءُ فِي اسْمِهِ كَذَلِكَ وَأَشْهَرُها أَنَّهُ قَيْسُ بْنُ الْمُلَوَّحِ بْنُ مُزاحِمٍ، مِنْ بَني عامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، لُقِّبَ بِمَجْنونِ بَني عامِرٍ، وَيَغْلُبُ عَلَيْهِ لَقَبُ مَجْنُونِ لَيْلَى، ولَيلَى هي محبوبتُهُ اَلَّتِي عَشِقَها وَرَفْضَ أَهْلُها تَزْويجَها لَهُ، فَهَامَ عَلَى وَجْهِهِ يُنْشِدُ الأَشْعارَ وَيَأْنَسُ بِالْوُحُوشِ، فَكانَ يُرَى فِي نَجْدٍ وَحِيناً فِي الحِجَازِ حِيناً فِي الشّامِ، إِلَى أَنْ وُجِدَ مُلْقىً بَيْنَ أَحْجارِ إِحْدَى الأَوْدِيَةِ وَهُوَ مَيِّتٌ، وَكَانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ سَنَةِ 68 لِلْهِجْرَةِ.
قيسُ بنُ ذَرِيح الليثيِّ، مِنْ بَنِي عبدِ مَناةَ بنِ كِنانةَ، شاعِرٌ مِنْ عُشّاقِ العَرَبِ المَشهورِينَ، وصاحِبَتُهُ لُبْنَى بنتُ الحُبابِ الكَعْبِيَّةِ الَتِي اشْتُهِرَ بِها، كانَ مِنْ سُكّانِ المَدِينةِ، وَقيلَ هُوَ رَضِيعُ الْحُسينِ بنِ عليِّ بنِ أَبِي طالِبٍ رَضِيَ اللهُ عنْهُما أَرْضَعَتْهُ أُمُّ قَيسٍ. وقَدْ تَزَوَّجَ قَيسٌ مِنْ لُبْنَى بَعْدَ أَنْ عَشِقَها ثُمَّ طَلَقَها بعدَ أنْ أَجْبَرَهُ أَهْلُهُ عَلَى طَلاقِها، فَنَدِمَ عَلَى ذَلكَ وساءَتْ حَالُهُ وَلَهُ مَعها قِصَصٌ وأَخْبَارٌ عَدِيدَةٌ، وَشِعْرُهُ عالِي الطّبقَةِ فِي التَشْبِيبِ وَوَصْف الشّوقِ والْحَنِينِ، تُوفِّيَ نَحوَ سَنَةِ 68 لِلْهِجْرَةِ.
هُوَ عبدُ الرَّحمنِ (وقيلَ عبدُ اللهِ) بنُ إِسْماعِيلَ بنِ عَبدِ كُلالِ بنِ داذَ بنِ أَبِي جَمَد، وقدْ اخْتُلِفَ بعدَ ذلكَ فِي تَحقيقِ نَسَبِهِ، فَيقولُ قَومٌ إنَّهُ مِنْ أَولادِ الفُرْسِ الَّذينَ قَدمُوا الْيَمنَ مَعَ وَهْرِزَ لِنُصْرَةِ سَيفِ بنِ ذِي يَزنَ عَلى الْحَبَشَةِ. وَيَزْعُمُ آخَرُونَ أَنَّهُ مِنْ آلِ خَولانَ بنِ عَمْرِو بنِ قَيسِ بنِ مَعاويةَ بنِ جُشَمَ بنِ عَبدِ شَمْسِ بنِ وائِلِ بنِ الغَوثِ بنِ قَطَنِ بنِ عَريبِ بنِ زُهيرِ بنِ أَيمنَ بنِ الهَميسَعِ بنِ حِمْيَرَ بنِ سَبَأِ بنِ يَشْجُبَ بنِ يَعْرُبَ بنِ قَحْطانَ.
ولَعلَّ السَّبَبَ فِي هَذا الاخْتِلافِ يَرْجِعُ إِلى أَنَّ أَبا وَضَّاحِ اليَمَنِ ماتَ وَوضَّاحٌ صَغيرٌ، وكانَتْ أُمُّ وضّاحٍ مِنَ الفُرسِ فانْتقَلَتْ إِلى أَهْلِها وَبَعْدَ أَنْ انْقَضَتْ عِدَّتُها تَزَوَّجَتْ رَجُلاً مِنْ أَهْلِها مِنَ الفُرْسِ، فَشبَّ وَضَّاحٌ فِي حِجْرِ زَوجِ أُمِّهِ، ثُمَّ جاءَ جَماعَةٌ مِنْ أَهْلِ بَيتِهِ مِنْ حِمْيَرَ يَطْلُبونَهُ فادَّعَى زَوجُ أُمِّهِ أَنَّهُ وَلَدُهُ، فَحاكَمُوهَ فِيهِ وأَقامُوا عَليهِ البَيِّنَةَ فَحَكَمَ بِهِ الحاكِمُ لَهُم. ويُقالُ إِنَّ الحاكِمَ حِينَ حَكَمَ فِيهِ لِلَحِمْيَرِيِّينَ مَسَحَ عَلى رَأْسِ وَضَّاحٍ وقالَ: اذْهَبْ فَأَنْتَ وَضّاحُ اليَمَنِ لَا مِنْ أَتْباعِ ذِي يَزَن، فَعَلِقَتْ بِهِ هذهِ الْكَلِمَةُ مِنْذُ ذَلكَ الْيَومِ، وغَلَبَ عليهِ لَقَبُ وَضّاحِ لِجمالِهِ وَبهائِهِ.
وُلِدَ وضّاحُ اليَمَنِ فِي صَنْعَاءَ فِي اليَمَنِ، وَلَيسَ هُناكَ تَحْدِيدٌ لِسَنَةِ وِلادَتِهِ شَأْنُهُ شأْنُ غَيرِهِ مِنْ شُعراءِ زَمانِهِ، وَلا يُعْرَفُ الكَثيرُ أَيضاً عَن ظُرَوفِ نَشأتِهِ، غيرَ أَنَّهُ قَضَى طُفولَتَهُ وشَبابَهُ فِي اليَمَنِ قَبْلَ أنْ يَنتقلَ إِلى الشَّامِ، يَتَّضِحُ هذا مِنْ قَولِهِ وَهُوَ فِي الشّامِ يَحِنُّ إِلى مَوطِنِهِ فِي اليَمَنِ:
أَبَتْ بالشَّامِ نَفسِي أَنْ تَطيِبَا تَـذَكَّرَتِ المنَـازِلَ والحَبِيبَا
تَـذَكَّرَتِ المَنـازِلَ مِـنْ شَعُوبٍ وَحيّـاً أَصْبَحُوا قُطِعُوا شُعُوبا
وَقَدْ نَشَأَ وَضّاحُ اليَمَنِ يَتِيماً إِذْ فَقَدَ أَبَاه وَهُوَ صَغيرٌ وَعَاشَ فِي كَنَفِ زَوْجِ أُمِّهِ كَمَا ذُكِرَ سَابِقاً عِنْدَ الحَديثِ عَنْ نَسَبِهِ وَلَقَبِهِ، وَلَا نَجِدُ أَخْبَاراً تُشِيرُ إِلَى أَوَّلِ شِعْرِهِ أَوْ سَبَبِ انْتِقالِهِ إِلَى الشّامِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَأَغْلَبُ أَخْبارِهِ كَانَتْ حَوْلَ عَلاقَتِهِ بِعَشيقَتِهِ رَوْضَةَ وَقِصَّتِهِ مَعَ أَمِّ البَنِينِ اَلَّتِي انْتَهَتْ بِمَوْتِهِ. لَكِنْ يَبْدُو أَنَّ وَضّاحَ اليَمَنِ قَدْ بَلَغَ مِنَ الشُّهْرَةِ فِي زَمَانِهِ مَبْلَغاً أَهَّلَهُ إِلَى أَنْ يَكُونَ مِنْ شُعَراءِ الوَليدِ بْنِ عَبْدِ المَلِكِ، فَقَدْ وَرَدَ فِي (الأَغانِي) أَنَّ وَضّاحاً مَدَحَ الوَليدَ بْنَ عَبْدِ المَلِكِ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ خَليفَةٌ، وَوَعَدَتْهُ أَمُّ البَنِينِ بِنْتُ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ مَرْوانَ أَنْ تَرْفِدَهُ عِنْدَهُ وَتُقَوِّي أَمْرَهُ. فَقَدِمَ عَلَيْهُ وَضّاحٌ وَأَنْشَدَهُ قَوْلَهُ فِيهِ:
صـَبَا قَلْبِي وَمَالَ إِلَيكِ مَيْلا وَأَرّقَنِـي خَيَالُـكِ يَـا أُثَيلا
يَمانيَـةٌ تُلِـمُّ بِنَـا فَتُبْـدِي دَقِيــقَ مَحَاسـنٍ وَتُكِـنُّ غَيلا
فأَحْسَنَ الوليدُ رِفدَهُ وأَجْزَلَ صِلَتَهُ. ومَدَحَهُ بِعِدَّةِ قَصائِدَ. ثُمَّ نَمَى إِليهِ أَنَّه شَبّبَ بِأُمِّ البَنِينِ، فَجفاهُ وأَمَرَ بِأَنْ يُحْجَبَ عَنْهُ، ودَبَّرَ فِي قَتْلِهِ.
وقدْ عُرِفَ وضَّاحَ اليَمَنِ قَبْلَ انْتِقالِهِ إِلى الشَّامِ بِقِصَّةِ عِشْقِهِ لِامْرأَةٍ مِنَ اليَمَنِ اسمُها رَوضةُ، وقِيلَ إِنَّها مِنْ بَناتِ الفُرْسِ، فَذَهَبَتْ بِهِ كُلَّ مَذْهَبٍ، وخَطَبَها فامْتَنَعَ قَوْمُها مِنْ تَزْوِيجِهِ إِيَّاها، وعاتَبَهُ أَهْلُهُ وعَشِيرَتُهُ. فقالَ فِي ذَلكَ:
يَا أَيُّهَا القَلبُ بعضَ ما تَجِدُ قَـد يَعْشـَقُ الْمَـرْءُ ثُمَّ يَتَّئِدُ
قَـدْ يَكْتُـمُ الْمرءُ حُبَّهُ حِقَبَاً وهــوَ عَمِيــدٌ وَقَلبُـهُ كَمِـدُ
مَـاذَا تُريـدين مِن فتىً غَزِلٍ قَـد شَفَّهُ السُّقْمُ فيكِ والسَّهَدُ
يُهّــدِّدُنِي كَيمــا أَخَــافَهُمُ هَيهــاتَ أَنَّـى يُهَـدَّدُ الأَسَدُ
وَمِنْ شِعْرِهِ فِيها قَولُهُ:
يـا رَوْضَـةَ الوَضَّاحِ قَد عَنَّيـْـتِ وَضَّاحَ اليَمَـنْ
فاسْـقِي خَلِيلَكِ مِن شَرا بٍ لَـم يُكَـدِّرْهُ الـدَّرَنْ
أَمَّا قِصَّتُهُ الأَشْهُرُ الَّتِي تعدَّدتْ رِواياتُها فِي كُتُبِ الأَدَبِ، وَشَكَّكَ بَعْضُ الدَّارسِينَ بِحَقِيقَتِهَا كَطَهَ حُسَيْنٍ فَهِيَ قِصَّتُهُ مَعَ أَمِّ البَنِينِ زَوْجَةِ الوَليدِ بْنِ عَبْدِ المَلِكِ، وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو الفَرَجِ فِي (الأَغانِي) تَفْصِيلاً لَها وَعَدَداً مِنْ رِواياتِها، مِنْهَا أَنَّ أَمَّ البَنِينِ بِنْتَ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ مَرْوانَ اسْتَأْذَنَتْ الوَليدَ بْنَ عَبْدِ المَلِكِ فِي الحَجِّ فَأَذِنَ لَهَا، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ خَليفَةٌ وَهِيَ زَوْجَتُهُ، فَقدِمَتْ مَكَّةَ وَمَعَها مِنَ الجَواري مَا لَمْ يُرَ مِثْلُهُ حُسْناً، وَكَان الوَليدُ قد كتبَ يَتَوَعَّدُ الشُّعَراءَ جَمِيعاً إِنْ ذَكَرَها أَحَدٌ مِنْهُمْ، وَوَقَعَتْ عَيْنُها عَلَى وَضّاحِ اليَمَنِ فَهويَتْهُ، مِمَّا أَدَّى إِلَى قَتْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ. وَقِيلَ إِنَّ أَمَّ البَنِينِ قَدمَتْ حاجَّةً، والْوَليدُ يَوْمَئِذٍ خَليفَةٌ، فَبَعَثَتْ إِلَى كُثَيّرٍ وَإِلى وَضّاحِ اليَمَنِ أَنْ انسبا بِي، فَأَمَّا وَضّاحُ اليَمَنِ فَإِنَّهُ ذَكَرَها وَصَرَّحَ بِالنَّسِيبِ بِهَا، فَوَجَدَ الوَليدُ عَلَيْهِ السَّبِيلَ فَقَتَلَهُ.
وَقَدْ ذَكَرَ سِبْطُ بْنُ الجَوْزِيِّ فِي كِتابِ (مِرْآة الزَّمانِ فِي تَواريخِ الأَعْيانِ) أَنَّ ثَمَّةَ اخْتِلافٌ فِيمَنْ هِيَ أُمُّ البَنِينِ، فَوَرَدَ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ صاحِبَتَهُ أَمُّ البَنِينِ بِنْتُ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ مَرْوانَ، وَالثَّانِي أنّها امْرَأَةٌ أُخْرَى يُقالُ لَهَا أَمُّ البَنِينِ بِنْتُ المُخْتَزِمِ مِنْ أَهْلِ اليَمَنِ. وَمَن قَالَ بِالرَّأْيِ الأَوَّلِ ذَكَرَ أَنَّ وَضّاحَ اليَمَنِ نَشَأَ هوَ وَأُمَّ البَنِينِ صَغِيرَيْنِ، فَأَحَبَّهَا وَأَحَبَّتْهُ، وَكَانَ لَا يَصْبِرُ عَنْهَا، حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ حُجِبُتْ عَنْهُ، ثُمَّ تَزَوَّجَها الوَليدُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ، فَذَهَبَ عَقْلُ وَضّاحٍ عَلَيْهَا، فَلَمَّا طَالَ عَلَيْهِ البَلاءُ خَرَجَ إِلَى الشّامِ، فَجَعَلَ يَطِيفَ بِقَصْرِ الوَليدِ حَتَّى عَرَفَتْ أَمُّ البَنِينَ بِأَمْرِهِ وَأَدْخَلَتْهُ عِنْدَهَا، فَكَانَتْ إِذَا أَمِنَتْ أَخْرَجَتْهُ فَقَعَدَ مَعَهَا، وَإِذَا خافَتْ عَيْنَ رَقيبٍ أَدْخَلَتْهُ الصُّنْدوقَ، حَتَّى وَشَى بِهِ بَعْضُ خَدَمِ الوَليدِ، فَطَلَبَ الوليدُ الصُّنْدوقَ مِنْهَا وَأَمَرَ بِحَفْرِ بِئْرٍ ثُمَّ وَضَعَ فَمَهُ عَلَى الصُّنْدوقِ وَقَالَ: أَيُّهَا الصُّنْدوقُ قَدْ بَلَغَنا عَنْكَ شَيْءٌ، فَإِنْ كَانَ حَقّاً فَقَدْ دَفَنَّا خَبَرَكَ، وَدَرَسْنا أَثَرَكَ، وَإِنْ كَانَ كَذِباً فَمَا عَلَيْنَا فِي دَفْنِ صُنْدوقٍ مِنْ خَشَبٍ حَرَجٌ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَأُلْقِيَ فِي الحُفيرَةِ. وَقِيلَ لَمّا بَلَغَ الوَليدَ قِصَّةُ وَضّاحٍ سَكَتَ حَتَّى شَبَّبَ وَضّاحٌ بِفاطِمَةَ بِنْتِ عَبْدِ المَلِكِ زَوْجَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ، فَأَخَذَهُ فَدَفَنُهُ حَيًّا.
لَكِنَّ سِبْطَ ابْن الجَوْزِيِّ يُرَجِّحُ الرَّأْيَ الثَّانِيَ اَلَّذِي يَقُولُ إِنَّ أَمَّ البَنِينِ المَقْصودَةَ هِيَ أُمُّ البَنِينِ بِنْتُ المُخْتَزِمِ، وَكَانَتْ امْرَأَةً جَمِيلَةً مِنْ أَهْلِ اليَمَنِ وَكَانَتْ مِنْ حِمْيَرَ، وَكَانَتْ جَميلَةً، عَشِقَها وَضّاحٌ وَعَشِقَتْهُ، فَتَزَوَّجَهَا وَخَرَجَ بِهَا إِلَى مَكَّةَ فَطَلَّقَهَا، فَحَجَّ الوَليدُ وَهِيَ بِمَكَّةَ، فَبَلَغَهُ حُسْنُها وَجَمالُها، فَتَزَوَّجَهَا وَخَرَجَ بِهَا إِلَى الشَّامِ، وَخَرَجَ وَضّاحٌ خَلْفَها، فَفَعَلَ بِهِ الوَليدُ مَا فَعَلَ. يَقُولُ سِبْطُ ابْن الجَوْزِيِّ: وَهَذا هُوَ الصَّحيحُ، لِأَنَّ أُمَّ البَنِينِ بِنْتَ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ مَرْوانَ أُخْتِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ، كَانَتْ مِنَ العَفائِفِ الْعَابِدَاتِ، ذَكَرَها ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتابِ (العَوائِد)، وَاَلْمُوَفَّق فِي (التَّوَّابِينَ).
ثَمَّةَ رُواياتٌ مُتعدِّدَةٌ حَولَ مَقْتَلِ وَضّاحِ اليَمَنِ، أَشْهَرُها أَنَّ الوَلِيدَ بنَ عَبدِ المَلِكِ أَمَرَ بِقَتْلِ وضّاحِ اليمنِ بعدَ تَشبيبِهِ بِأُمِّ البَنينِ حِينَ ذَهبتْ حاجَّةً، وقِيلَ إِنَّهُ لَمّا بَلَغَ الوليدَ بنَ عبدِ الملكِ تَشبُّبَ وضّاحٍ بِأُمِّ البَنِينِ هَمَّ بِقَتْلِهِ. فَسأَلَهُ عبدُ العَزِيزِ ابنُهُ فِيهِ، وقالَ لَهُ: إِنْ قَتَلْتَهُ فَضَحْتَنِي وحَقَّقْتَ قَولَهُ، وَتَوَهَّمَ النَّاسُ أَنَّ بينَهُ وبينَ أُمِّي رِيبَةً. فَأَمْسَكَ عَنْهُ عَلى غَيظٍ وحُنقٍ، حتَّى بَلَغَ الوليدَ أَنَّهُ قَد تَعدَّى أُمَّ البَنينَ إِلى أُختِهِ فاطمةَ بنتِ عبدِ المَلِكِ، وقالَ فِيها:
بِنـتُ الخَلِيفَـةِ وَالخَلِيفَةُ جَدُّها أُخـتُ الخَلِيفَةِ والخَلِيفَةُ بَعلُهَا
فَرِحَـت قَوَابِلُهـا بِهَـا وتَبَاشَرَت وَكَذاكَ كانوا في المسرَّةِ أَهلُهَا
فدَعا بِهِ فَأُحْضِرَ، وأَمَرَ بِبِئْرٍ فَحُفِرَتْ وَدَفَنَهُ فِيها حَيّاً.
وقِيلَ إِنَّ أُمَّ البَنينِ أَخْفَتْ وَضَّاحَ اليَمَنِ فِي صُندوقٍ عِنْدَها، فَأَحْضَرَ الوليدُ الصُّنْدُوقَ وأَمَرَ أَنْ تُحْفَرَ لَهُ حُفْرَةٌ لِيُلقَى فِيها، وقالَ: أَيُّها الصُّندوقُ قَدْ بَلَغَنا عَنْكَ شَيْءٌ، فَإِنْ كانَ حقًاً فَقَدْ دَفَنَّا خَبَرَكَ، وَدرَسْنا أَثَركْ، وإِنْ كانَ كَذِباً فَما عَلَينا فِي دَفْنِ صُنْدُوقٍ مِنْ خَشَبٍ حَرجٌ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَأُلْقِيَ فِي الحُفيرَةِ.
وكانَ ذلكَ فِي حُدودِ سَنةِ 93 لِلهجرةِ كما ذَكَرَ ابنُ تَغري بردي فِي كِتابِهِ (النُّجومُ الزَّاهِرةُ فِي مُلوكِ مِصرَ والقاهِرَةِ)، أمّا في (الأَعلام) لِلزَّركَلِيِّ فحُدِّدتْ سَنَةُ وفاةِ وضَّاحِ اليمنِ بنحوِ سَنَةِ 90 لِلهِجْرَةِ.