
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
ظالِمُ بن عَمْرِو بن سُفْيانَ بن جَندلٍ الدُّؤَلِيُّ الكِنانِيُّ، أبو الأسودِ، شاعرٌ أمويٌّ، تابعي، واضع علم النحو، كانَ مَعْدُوداً مِنَ الفقهاءِ والأَعْيانِ والأُمراءِ والشُّعراءِ والفُرْسانِ والحاضريِ الجواب. وقِيلَ إنَّ عليَّ بن أبي طالبٍ رضي الله عنه رَسَمَ لَهُ شَيْئاً من أُصولِ النَّحْوِ، فَكَتَبَ فيهِ أَبُو الأسودِ، وقيلَ إنَّ أَبا الأسودِ وَضَعَ الحَركاتِ والتنوينِ لا غَيْرِ. سَكَنَ البصرةَ في خلافةِ عُمَرَ رضي الله عنه وَوَلِيَ إمارتَها في أيَّامِ عليٍّ رضي الله عنه. وَلَمْ يَزَلْ في الإمارةِ حتَّى قُتِلَ عليٌّ رضي الله عنه وكانَ قد شَهِدَ مَعَهُ صِفِّينَ، وَلمَّا تَمَّ الأَمْرُ لمعاويةَ قَصَدَهُ فبالَغَ مُعاوِيَةُ في إكرامِهِ، وَهُوَ في أكثرِ الأقوالِ أَوَّلُ مَنْ نَقَّطَ المُصْحَفَ، ماتَ بالبصرةِ سنةَ 69 هـ/688م.
الأَخْطَلُ هُوَ غِياثُ بنُ غَوثٍ، مِن بَنِي تَغلبَ، شاعِرٌ مِنْ فُحولِ الشُّعراءِ الأُمويِّينَ، وقد اتُّفِقَ عَلى أنَّهُ والفرزدقَ وجريراً فِي الطَّبقةِ الأُولى مِنَ الشُّعراءِ الإِسلامِيِّينَ، نَشأَ في بادِيَةِ الجَزيرةِ الفُراتيَّةِ فِي العِراقِ، وظلَّ هُوَ وقومُهُ على النّصرانيَّةِ ولمْ يَدْخُلوا الإِسلامَ، وقد امْتازَ شِعرُهُ بِالصَّقلِ والتّشْذِيبِ مِن غَيرِ تَكَلُّفٍ، وَشُبِّهَ بِالنَّابِغَةِ الذُّبيانيِّ لِصِحَّةِ شِعرِهِ، وَكانَ الأخطلُ مُقرَّباً مِن خُلفاءِ بَنِي أُميَّةَ وأَكْثَرَ مِنْ مَدْحِهم وهجاءِ أعدائِهم، توفيَ فِي حُدودِ سَنَةِ 90 لِلْهِجْرَةِ.
عُبَيد بن حُصين بن معاوية بن جندل، النميري، أبو جندل.من فحول الشعراء المحدثين، كان من جلّة قومه، ولقب بالراعي لكثرة وصفه الإبل وكان بنو نمير أهل بيتٍ وسؤدد.وقيل: كان راعَي إبلٍ من أهل بادية البصرة.عاصر جريراً والفرزدق وكان يفضّل الفرزدق فهجاه جرير هجاءاً مُرّاً وهو من أصحاب الملحمات.وسماه بعض الرواة حصين بن معاوية.
جريرُ بنُ عطيَّةَ الكَلبِيُّ اليَربُوعِيِّ التّميميُّ، ويُكَنَّى أَبا حَزْرَةَ، وهو شاعِرٌ أُمَوِي مُقدَّمٌ مُكثِرٌ مُجيدٌ، يُعدُّ فِي الطّبقةِ الأُولى مِن الشُّعراءِ الإِسلامِيِّينَ، وُلِدَ فِي اليَمامةِ ونَشأَ فِيها وانْتقلَ إِلى البَصرَةِ، واتَّصَلَ بِالخُلفاءِ الأُمَوِيِّينَ وَوُلاتِهِم، وكانَ يُهاجِي شُعراءَ زَمانِهِ ولمْ يَثبُتْ أَمامَهُ إِلَّا الفَرزْدَقُ والأَخْطَلُ، وقد قَدَّمَهُ بعضُ النُّقادِ والرُّواةُ على الفَرزدقِ والأَخطَلِ وذُكِرَ أنَّ أَهلَ الْبَادِيَةِ وَالشُّعرَاءِ بِشِعْرِ جريرٍ أَعجَبُ، وأَنَّهُ يُحْسِنُ ضُروباً مِنَ الشِّعرِ لا يُحسِنُها الفَرَزْدَقُ والأَخْطَلُ، وقدْ تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ 110 لِلهِجْرَةِ.
عبيد الله بن قيس بن شريح بن مالك، من بني عامر بن لؤي، ابن قيس الرقيات.شاعر قريش في العصر الأموي. كان مقيماً في المدينة.خرج مع مصعب بن الزبير على عبد الملك بن مروان، ثم انصرف إلى الكوفة بعد مقتل ابني الزبير (مصعب وعبد الله) فأقام سنة وقصد الشام فلجأ إلى عبد الله بن جعفر بن أبي طالب فسأل عبد الملك في أمره، فأمّنه، فأقام إلى أن توفي.أكثر شعره الغزل والنسيب، وله مدح وفخر. ولقب بابن قيس الرقيات لأنه كان يتغزل بثلاث نسوة، اسم كل واحدة منهن رقية
وجمع أبو الفرج الأصفهاني أخباره في ذيل بيتين هما من الأصوات المائة المختارة قال:صوت من المائة المختارة من رواية جحظة عن أصحابهأمسـى الشـباب مودعـاً محمـودا والشـيب مؤتنـف المحـل جديـداوتغيـر الـبيض الأوانـس بعدما حملتهــن مواثقــاً وعهــوداثم نسب الغناء وساق نسب يزيد وأخباره قال: وكان يلقب مودقاً، سمي بذلك لحسن وجهه وحسن شعره وحلاوة حديثه، فكانوا يقولون: إنه إذا جلس بين النساء ودقهن.وأول أخباره تولعه بفتاة من بني جرم تسمى وحشية، انظر قصتها معه في صفحة البيتين:فـإن شـئت يـا مياد زرنا وزرتمولم ننفس الدنيا على من يصيبهاأيــذهب ميــادٌ بألبـاب نسـوتي ونســوة ميــادٍ صـحيحٌ قلوبهـاوهي قصة طريفة يمكن إخراجها في مسلسل من مسلسلات الباديةونقل أبو الفرج أخبار يزيد مع بني سدة عن راوية اسمه أبو عثمان سعيد بن طارق، ولم أعثر على ذكر له في غير هذه الصفحة من الأغاني.وانظر في هذه الموسوعة ديوان حكيم بن أبي الخلاف السدري
عُمَرُ بنُ عبدِ اللَّهِ بنِ أَبِي رَبِيعةَ، مِنْ بَنِي مَخزُومٍ إِحدَى بُطونِ قَبيلَةِ قُريشٍ، يُكنّى أَبا الخَطَّابِ، وُلِدَ فِي اللَّيلَةِ الّتِي تُوفِّيَ فِيها عُمرُ بنُ الخطّابِ رضيَ الله عنهُ فَسُمِّيَ باسْمِهِ، وهُوَ أَشْهَرُ شُعراءِ عَصْرِهِ فِي الغَزَلِ والنَّسِيبِ، وهُوَ مَنْ جَعلَ العَرَبَ تُقرُّ لِقُرَيشٍ بِالشِّعْرِ ولا تُنازِعُها فِيهِ، وجُلُّ شِعرِهِ فِي الغَزَلِ والتّشبيبِ بِالنِّساءِ، وقدْ نفاهُ عُمرُ بنُ عبدِ العَزيزِ إلى دُهلك حينَ رُفِعَ إليهِ أَنَّهُ يَتَعرَّضُ لِلنّساءِ الحَواجِّ ويُشبِّبُ بِهِنَّ، وقدْ عاشَ ثَمانينَ سنةً، فَتكَ مِنْها أَربَعِينَ سَنَةً، ونَسكَ أَرْبَعِينَ سنةً، فَقدْ تابَ وترَكَ قَولَ الشِّعرِ، ثُمّ غَزا فِي البَحرِ فاحْتَرَقَتْ السَّفينةُ بِهِ وبِمَنْ مَعَهُ، فَماتَ فِيها غَرقاً. وكانَتْ وفَاتُهُ حَوالَي سَنةِ 93 لِلْهِجْرَةِ.
الفَرَزْدَقُ هُوَ هَمَّامُ بْنُ غَالِبِ بْنِ صَعْصَعَةَ المُجَاشِعِيُّ التَّمِيمِيُّ، لُقِّبَ بِالفَرَزْدَقِ لِجَهَامَةِ وَجْهِهِ وَغِلَظِهِ، وَهُوَ مِنْ اشْهَرِ الشُّعَرَاءِ الْأُمَوِيِّينَ، وَعَدَّهُ ابْنُ سَلَّامٍ مِنْ شُعَرَاءِ الطَّبَقَةِ الْأُولَى الإِسْلَامِيِّينَ، وَكَانَ الفَرَزْدَقُ مِنْ بَيْتِ شَرَفٍ وَسِيَادَةٍ في قومِهِ فَكَانَ شَدِيد الفَخْرِ بِهُمْ وَكَانَ لِسَانَهُمْ عِنْدَ الْخُلَفَاءِ وَالْوُلَاةِ، وَلَهُ مَعَ جَرِيرٍ وَالاخْطَلِ اهَاجٍ مَشْهُورَةٌ عُرِفَتْ بِالنَّقَائِضِ، وَكَانَ مُتَقَلِّبًا فِي وَلَائِهِ السِّيَاسِيِّ وتَعَرَّضَ لِلسّجْنِ وَالمُلَاحَقَةِ مِنْ قِبَلِ عَدَدٍ مِنْ الوُلَاةِ، وَقَدْ عُمِّرَ حَتَّى خِلَافَةِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَمَاتَ سَنَةَ 110 لِلْهِجْرَةِ.
جَميلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ، أَحَدُ بَنِي عُذْرَةٍ مِنْ قُضاعَةَ، كَانَتْ مَنازِلُهُمْ فِي وَادِي القُرَى قُرْبَ المَدينَةِ المُنَوَّرَةِ، وَجَميلٌ شاعِرٌ إِسْلاميٌّ فَصِيحٌ مُقَدَّمٌ، كَانَ راوِيَةَ هُدْبَةَ بْنِ الخَشْرَمِ، وَكَانَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ راوِيَةَ جَمِيلٍ، وَهُوَ مِنْ أَشْهَرِ الشُّعَراءِ اَلْعُذْريِّينَ، وَمِن عُشّاقِ العَرَبِ الَّذِينَ تَيَّمَهُمْ الحُبُّ، وَصاحِبَتُهُ بُثَيْنَةُ هِيَ مِنْ بَناتِ قَوْمِهِ وَأَغْلَبُ شِعْرِهِ فِيهَا، وَلَمْ يَمْنَعْهُ زَواجُها بِغيرِهِ فَبَقِيَ يُلاحِقُها حَتَّى شَكَاه قَوْمُها إِلَى السُّلْطانِ فَأَهْدَرَ دَمَهُ، ثُمَّ رَحَلَ إِلَى اليَمَنِ، وَبَعْدَهَا قَصَدَ مِصْرَ وَوَفَدَ عَلَى عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ مَرْوانَ فَأَكْرَمَهُ، فَأَقَامَ قَلِيلاً فِيها ثُمَّ مَاتَ، وَكَانَتْ وَفاتُهُ حَوَالَيْ سَنَةِ 82 لِلْهِجْرَةِ.
مَجْنونُ لَيْلَى مِنْ أَشْهَرِ الشُّعَراءِ اَلْعُذْريينَ فِي العَصْرِ الأُمَويِّ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي وُجودِهِ فَقِيلَ هوَ اسْمٌ مُسْتَعَارٌ لَا حَقيقَةَ لَهُ، وَتَعَدَّدَتْ الْآرَاءُ فِي اسْمِهِ كَذَلِكَ وَأَشْهَرُها أَنَّهُ قَيْسُ بْنُ الْمُلَوَّحِ بْنُ مُزاحِمٍ، مِنْ بَني عامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، لُقِّبَ بِمَجْنونِ بَني عامِرٍ، وَيَغْلُبُ عَلَيْهِ لَقَبُ مَجْنُونِ لَيْلَى، ولَيلَى هي محبوبتُهُ اَلَّتِي عَشِقَها وَرَفْضَ أَهْلُها تَزْويجَها لَهُ، فَهَامَ عَلَى وَجْهِهِ يُنْشِدُ الأَشْعارَ وَيَأْنَسُ بِالْوُحُوشِ، فَكانَ يُرَى فِي نَجْدٍ وَحِيناً فِي الحِجَازِ حِيناً فِي الشّامِ، إِلَى أَنْ وُجِدَ مُلْقىً بَيْنَ أَحْجارِ إِحْدَى الأَوْدِيَةِ وَهُوَ مَيِّتٌ، وَكَانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ سَنَةِ 68 لِلْهِجْرَةِ.
قيسُ بنُ ذَرِيح الليثيِّ، مِنْ بَنِي عبدِ مَناةَ بنِ كِنانةَ، شاعِرٌ مِنْ عُشّاقِ العَرَبِ المَشهورِينَ، وصاحِبَتُهُ لُبْنَى بنتُ الحُبابِ الكَعْبِيَّةِ الَتِي اشْتُهِرَ بِها، كانَ مِنْ سُكّانِ المَدِينةِ، وَقيلَ هُوَ رَضِيعُ الْحُسينِ بنِ عليِّ بنِ أَبِي طالِبٍ رَضِيَ اللهُ عنْهُما أَرْضَعَتْهُ أُمُّ قَيسٍ. وقَدْ تَزَوَّجَ قَيسٌ مِنْ لُبْنَى بَعْدَ أَنْ عَشِقَها ثُمَّ طَلَقَها بعدَ أنْ أَجْبَرَهُ أَهْلُهُ عَلَى طَلاقِها، فَنَدِمَ عَلَى ذَلكَ وساءَتْ حَالُهُ وَلَهُ مَعها قِصَصٌ وأَخْبَارٌ عَدِيدَةٌ، وَشِعْرُهُ عالِي الطّبقَةِ فِي التَشْبِيبِ وَوَصْف الشّوقِ والْحَنِينِ، تُوفِّيَ نَحوَ سَنَةِ 68 لِلْهِجْرَةِ.
تَعدَّدَتْ أقوالُ العُلماءِ في تحديدِ اسمِ أَبِي الأَسْودِ؛ إذ أكّدَ ابن خِلَّكانَ هذا الاختلافَ بقولهِ: "في اسمِهِ ونسبهِ ونِسْبَتهِ اختلافٌ كثيرٌ"، فمنِ الأسماءِ التي نُسِبَتْ إليهِ ظالمُ بن عمرِو بن ظالمٍ، وظالمُ بن عمرِو بن سُفْيانَ الدِّيليُّ، وفي روايةٍ أُخْرَى عُثْمانُ بن عَمْرِو، وغيرُها منَ الأسماءِ، أَمَّا أَرْجَحُ الأقوالِ فتُشِيرُ إلى اسْمِ ظالمِ بن عمرِو بن سُفْيانَ بن جندلِ بن يَعْمُرَ بن حِلْسِ بن نُفاثةَ بن عَدِيِّ بن الدُّؤَلِ بن بَكْرِ بن عَلِيِّ بن كِنانةَ بن خُزَيْمةَ، وتَجْدُرُ الإشارةُ إلى أنَّ ابن خلّكانَ ذَكَرَ لَهُ نِسْبَتَيْنِ؛ الأُولى تَعُودُ للدُّؤليّ، والثّانيةُ للدِّيليّ، وأضافَ ابنُ الجَوْزِيِّ بأنَّ النّسَبَ الأوَّلَ يَعودُ لِبَنَي حَنِيفةَ، والثّاني يعودُ لبني كِنانةَ، فيما أشارَ ابنُ منظورٍ إلى نِسْبةٍ ثالثةٍ وهِيَ الدَّئْل. وكُنْيَتُهُ أبو الأَسْوَدِ، وقَدْ طَغَتْ كُنُيَتُهُ على اسمِهِ فاشْتُهِرَ بِها، عِلْماً بأنَّهُ لم يَكُنْ ذا بَشرةٍ سَوْداءَ، وَلَيْسَ لَهُ وَلَدٌ اسمُهُ أسود. وقدْ رَضِيَ أبو الأسودِ لنفسهِ هذه الكُنْيَة، لأنَّ اسمَهُ (ظالم) ثَقِيلٌ على السَّمْعِ، ويتَنافى معَ مكانتِهِ الاجْتماعيّةِ وكونِهِ قاضياً يتَّصِفُ بالعَدْلِ، فأبْعَدَ اسْمَهُ عن نَفْسِهِ حتَّى لا يُؤَثِّرَ على المظلومِ.
اتَّفقَ المؤرِّخُونَ على أنَّ مَوْلِدَهُ كانَ في حياةِ النَّبيِّ صلّى الله عليهِ وسلَّم ولَمْ يَرَهُ، لكنَّهم لَمْ يُورِدوا سَنَةً معيَّنَةً لمولدِهِ كالذَّهَبِيِّ وابنِ كثير، لكنَّ ابْنَ حَجَرٍ العَسْقلانيّ يُرجِّحُ أنّهُ "عاشَ عشرينَ سنةٍ من الأيَّامِ النَّبويَّةِ"، إِلَّا أنَّ كثيراً مِنَ المؤرِّخينَ يتَّفِقُون على ما قَالَهُ الشيخُ محمَّدُ منصور حينَ قال: "وُلِدَ الدُّؤليُّ في الجاهليّةِ قبلَ الهجرةِ النّبويّةِ بستَّةَ عَشَرَ عاماً.
أوردَ لَهُ المؤرِّخونَ الكثيرَ من أخبارِه الّتي تُظْهِرُ فَضْلَهُ ومكانتَهُ الأدبيَّةُ والعِلْميَّةُ، فمنهُمْ مَنْ بالغَ في مَدحِه، كما فَعَل ابنُ سلَّام الجُمَحيّ في طبقاتِ فُحولِ الشُّعراءِ فقال: "كانَ رَجُلَ أهلِ البَصْرةِ وكانَ عَلويّ الرأي"؛ فَهُوَ بذلك يُفْرِدُ أَبا الأسودِ بالعِلْم دُونَ غَيْرِه ويُمِيَّزُهُ عن أقرانِه. وقالَ الجاحظُ: أَبو الأسودِ مُقدَّمٌ في طَبَقاتِ النَّاسِ، وكانَ مَعْدُوداً في الفقهاءِ والشُّعراءِ، والمُحَدِّثِينَ، والأشرافِ، والفرسانِ، والأمراءِ، والدُّهاةِ، والنُّحاةِ، والحاضري الجواب، والشيعةِ، والبخلاءِ، والصُّلْعِ الأشرافِ، قَدْ جَمَعَ جَوْدَةَ اللِّسانِ وقَوْلَ الشِّعْرِ، وكانَ وَرِعاً حَكِيماً، وَثَّقَهُ أَهْلُ الحديثِ، وَرَوى عن مجموعةٍ من الصحابةِ وَهُمْ: عُمَرُ بن الخَطَّابِ وعَلِيِّ بن أبي طالبٍ وأبو ذَرٍّ الغَفاريِّ وأبو موسى الأشعريِّ وأُبَيُّ بن كَعْبٍ وعَبدُ اللهِ بن مسعودٍ والزُّبَيرُ بن العوَّامِ وعبدُ اللهِ بن عَبَّاس وعُمْرانُ بن حُصَينٍ ومُعاذُ بن جَبَلٍ.
دارَ خِلافٌ بين المؤرِّخينَ حولَ واضعِ عِلْمِ النَّحوِ إنْ كانَ أبو الأسودِ أو غيرُه؛ إذْ أجمع المُؤرّخون القُدماء مِثل أبي سلام الجمحيّ، والزُّبيديّ، وابن قُتيبة على أنّ واضع النّحو العربيّ هو أبو الأسود الدُّؤليّ، وأَنَّه أخذهُ عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه.
أمَّا سَبَبُ وَضعِهِ لعِلْم النَّحْوِ؛ فَقَدِ اخْتَلَفْتْ الأقاويلُ فيهِ، فمنهم مَنْ قالَ إنَّهُ وَضَعَهُ بأَمْرٍ من عليِّ بن أبي طالبٍ لمَّا سَمِعَ أخطاءَ غَيْرِ العَرَبِ في نُطْقِ اللُّغَةِ، فأراهُ أبو الأسود ما وَضَعَ، فقالَ عليٌّ: "ما أَحْسَنَ هذا النَّحْو الذي نَحَوْتَ"، فَمِنْ ثَمَّ سُمِّيَ النَّحْوُ نَحْواً. وقِيلَ إنَّ أَبا الأسودِ سَمِعَ رَجُلاً يَقْرَأُ آيةَ (وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) بِكَسْرِ كَلِمَةِ «رَسُولُهُ» بَدَلاً من ضَمِّها مِمَّا يُغَيِّرُ مَعْنى الآيةِ، وتُفِيدُ بأَنَّ اللهَ يبرأُ من رسولِهِ، فانطلقَ أبو الأسودِ لوقتهِ إلى الأميرِ وقتئذٍ زيادِ بن أبيه، وقصَّ عليه ما سَمِعَ، وسألَهُ أنْ يدفعَ لَهُ كاتباً ليِضَعَ كتاباً في اللُّغَةِ، فأَتَى به فقالَ لَهُ أبو الأسود: "إذا رَأَيْتَني قَدْ فَتَحْتُ فَمِي بالحرفِ فانْقُطْ نُقْطةً أَعْلاه، وَإذا رَأَيْتَني قد ضَمَمْتُ فَمِي، فانْقُطْ نُقْطةً بين يَدِي الحرفِ، وإنْ كَسَرْتُ، فانْقُطْ نُقْطةً تَحْتَ الحرفِ، فإِذا أَتْبَعْتُ شَيْئاً من ذلكَ غُنَّةً فاجْعَلْ مَكانَ النُّقْطةِ نُقْطَتَيْنِ.
فارقَ أَبُو الأسودِ الدُّؤليُّ الحياةَ سنةَ تِسْعٍ وسِتِّينَ للهجرةِ عن عُمْرٍ يُناهِزُ الخَمْسةَ والثّمانِينَ عاماً، وذَكَرَ يَحيى بن مَعين أَنَّ الدُّؤليَّ ماتَ قبل الطّاعُونِ، وكانَ ذلك في عَهْدِ أبي خُبَيْبٍ عبدِ اللهِ بن الزُّبيرِ.
كانَ جيَّدَ الشِّعر، وقَدْ تنوَّعَتْ موضوعاتُ شِعْرِه بينَ الحِكمةِ وذِكْرِ بعضِ فضائلِهِ كالكَرَمِ والحَزْمِ والقناعةِ. جَمَعَ أبو سعيد الحسن السكّري شِعْرَهُ في ديوانٍ مُنفردٍ بتحقيق الشَّيْخِ محمّد حسن آل ياسين.
قالَ عَنْهُ ابنُ سلَّام الجُمَحيّ في طبقاتِ فُحولِ الشُّعراءِ: "كانَ رَجُلَ أهلِ البَصْرةِ وكانَ عَلويّ الرأي".
وقالَ الجاحظُ: أَبو الأسودِ مُقدَّمٌ في طَبَقاتِ النَّاسِ.