
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
الحمـدُ لِلّـهِ أضـحى الـدِّينُ مُعتَليـا
وبـاتَ سـَيفُ الهـدى الظَّمآن قد رَويا
إن كنـتَ ترتـاحُ للأَمـر الـذي قُضـيا
فسـَلهُ نَشـراً ودَع عنـكَ الَّـذي طُوِيـا
فالســَّيفُ أَصـدَقُ أَنبـاءً مـن الكُتـب
هـــو المقيّـــدُ للآثــارِ والحِكَــمِ
لــولا وقــائِعُهُ فــي ســَالِف الأُمَـمِ
لـم يَحفـل النّـاسُ بالقِرطاس والقَلمِ
أيــنَ اليَراعــةُ مـن صَمصـَامَةٍ خَـذِمِ
فـي حَـدّهِ الحَـدُّ بيـن الجِـدِّ واللَّعِبِ
والســــَّمهَرِيَّة تتلـــوهُ وتتبَعُـــهُ
مـا مـالَ عَـرشٌ رمـاحُ الخَـطّ ترفَعُـهُ
خُـذ مـا تـراهُ ودَع مـا كنـتَ تَسمَعُهُ
فــالعِلمُ فـي شـُهبِ الأرمـاحِ أَجمَعُـهُ
بيـنَ الخميسـينِ لا في السَّبعَةِ الشُّهُبِ
فــي أَمــرِ قُورِيّــةٍ ســِرُّ ومُعتَبَــرُ
هـل للكـواكبِ فـي اسـتفتاحِها أَثَـرُ
حـتى انتحاهـا أبـو إسـحاق والقَدَرُ
وعَزمَــةٌ مــا لهـم مـن دونهـا وَزَرُ
كالسَّيل في اللَّيلِ ذي التَّيار والحَدَبِ
سـَما إلـى الـدّين والـدُّنيا فشَدَّهما
بفتكــةٍ رَفَّعَــت فِــي اللَـه حَـدَّهُما
وجَحفَليـــن أعــضَّ الكفــر حَــدَّهما
رَمــى بــك اللَـهُ بُرجيهـا فهـدَّمها
ولـو رَمـى بـكَ غيـرُ اللَـهِ لـم يُصِبِ
ســواكَ تُخفَــرُ بعــد العقـدِ ذِمَّتُـه
وأنـت مـن كَملـت فـي الصـَّفح نِعمَتُهُ
ولا تُبَــــتُّ بملـــءِ الأَرضِ عِصـــمَتُه
ورُبَّمـــا أعرضـــت للحَــزمِ هِمَّتُــهُ
يـومَ الحِفـاظِ عـن المَسـلُوب والسَّلبِ
أَبقــــى كَنِيُّــــكَ عَمُّوريـــة مَثَلا
فجئتَ تفعَـــلُ محمــوداً كمــا فَعلا
لَمَّـا رَأَوا بـك صـرفَ الموتِ قد نَزلا
ولــم يـدع لهُـم صـِدقُ الـرَّدى أَمَلا
لــديكَ إذ جَنَحُـوا للسـّلم مـن كَثـبِ
رضـيتَ عنهُـم وصـدر السـَّيف ذو حَنِـق
والســَّمهرِيَّةُ تَستَســقي علــى حُــرَقِ
وتلــك ســَمُّورة تهــوي مـن الغَـرَقِ
وفــي ضـَمانِكَ أَن تَـروى مـن العَلـقِ
ظُـبى السـُّيوفِ وأَطـرافُ القَنا السُّلُبِ
فاصـمد إليهـا وثِـق بالواحد الصَّمَدِ
لا تَخــشَ مَطلاً وناجِزهــا يــداً بِيَـدِ
فمــا تُصـاولُ أُسـد الغـابِ بالنَّقَـدِ
وانهَـد فجيشـُك لـم ينهـد إلـى بلدِ
إلا تقـــدّمَهُ جيـــشٌ مـــن الرُّعُــبِ
لاقَتــكَ قوريّــة بالــذُّلِّ واعــترفَت
فـي فتيـةٍ صـُبُرٍ ليسـوا كمـن عَرَفَـت
كـم خـاطبٍ بـأَليمِ القَـدعِ قـد صَرفَت
لكــن بِرُعبِــكَ درّ الرِّسـلُ وانصـرفت
منهــا المُنـى حُفَّلاً معسـولَةَ الحَلَـبِ
أبـوكَ ناصـِرُ هـذا الـدّين إذ خُـذِلا
ومُنشــِرُ العَـدلِ لمّـا مـاتَ أو قُتِلا
فكــن علـى هَـديهِ الميمـونِ مُحتَمِلا
وأَورد الأَمــرَ مهمــا شـئتَ مُشـتَمِلا
ففـي نِصـابكَ مـا يكفـي مـن النَّصـَبِ
لكنّــكَ الشــَّمسُ لا تنفــكُّ فـي سـَفرِ
وفــي بَشـائِرَ تُهـدِيها إلـى البَشـَرِ
ودِيمــةٌ لـم تكـن مـن هـذه الـدِّيَمِ
ســَقت بَوارِقُهــا أَرضَ العِــدَا بـدمِ
فيهـا الصـواعق مـن سـُمرٍ ومـن قُضُبِ
اِختــارَهُ اللَــهُ عــن علـمٍ ومكَّنـهُ
فزلـــزل الشــِّركَ والإســلام ســكَّنَهُ
حتّــى تَبــوّأَ عنــد اللَــهِ مَـأمَنهُ
صــَلّى الإلــهُ علــى تُــربٍ تَضــَمَّنَهُ
فَكُــلُّ مَعلُــوَةٍ فــي ذلــك التُّــربِ
طــودٌ نَمَتـهُ إلـى العَليَـاءِ أَطـوادُ
كيـف اسـتقلّت بـهِ فـي النَّعشِ أَعوادُ
كــأنهم حَملُـوا رَضـوى ومـا كـادُوا
والعــدلُ والبِـرُّ والتقـوى لـهُ زادُ
فَحَــلَّ مـن ذروةِ الفِـردوسِ فـي رُتَـبِ
مـع ابـنِ عبـدِ العَزيز المُرتَضى عُمَر
قـد كـانَ ثـانِيَهُ فـي فاضـِلِ السـِّيَرِ
فصـارَ أَولـى مـن الأَولَيـن في السُّورِ
إِنَّ المُصــَلّيَ بعــد السـابقِ الظفِـرِ
أَدنـى إليـه مـن الأذنيـن في النَّسَبِ
يــا قَــبرُ زارك عَنّــا وابِـلٌ عـذِقٌ
وروضـــَةٌ للحِجَــا رَيحانُهــا عَبِــقُ
يضــاحكُ الشــّمسَ منهـا كـوكبٌ شـرِقٌ
لـو مـا علمـتَ علـى مَـن أنت مُنطَبِقُ
لاختــالَ تُربُــكَ مــن عُجـبٍ وم عَجَـبِ
هَـل مـن بشـيرٍ بهـذا الفتـح يُعلِمهُ
مــا شــاءَ مــن بعـدِهِ بِـرٌّ يَعُظِّمـهُ
واللَـهُ فـي أجـرِه الموفُـورِ ينظمـهُ
فــإنّهُ فــي الثَّــرى تَهتَـزّ أعظمـهُ
بمـا اسـتباح مـن الأَوثـانِ والصـُّلُبِ
هــذا حَــديثٌ إلـى الرَّحمـن مصـعدُه
ويوســفٌ عــن يميــن اللَـه مقعَـدُهُ
وروحُــه الطيّــبُ الزاكــي سَيشـهدُه
وأحمــدٌ ثَــمّ عنــد اللَــهِ يَحمَـدُهُ
عـن العبـادِ وعيـنُ اللَـهِ لـم تَغِـب
يـا حـائط الـدِّينِ فـي مـاضٍ ومُقتَبَلِ
لـم تُبـقِ لِلمُلـكِ والإِسـلام مـن أَمَـلِ
خَصَصــتنا بــأمير المــؤمنين عَلـي
ناهيــكَ مــن عِـوَضٍ ضـَخمٍ ومـن بَـدَلِ
تـدورُ مـن رأيـهِ الـدُّنيا علـى قُطبِ
أَعلــى المُلــوكِ واتقَـاهم لمـالكِهِ
للعــدل فَيــضٌ وَبَســطٌ فـي ممـالِكِهِ
والمشـــرفيّةُ تَــدمى مــن مــالكِهِ
والحِلــمُ وهــو حَيـاةٌ مـن مهـالِكِه
لَمّـا رأيـت جُنـودَ اللَـهِ فـي الضَّرَب
خاصــِم بــدعوته المنصـورةِ الحُجَـجِ
وكـن مـن النًّصـر والعُقـبى على ثَلَجِ
وافــرُج بهــا كُـرَبَ الإسـلامِ تنفـرجِ
واقــرَع بهـا كـلّ بـابٍ مُبهـم تَلِـجِ
فنِعــمَ مِفتـاحُ بـابِ المعقـلِ الأَشـِب
هــا إنّهـا نَفثـةٌ زارتـك عـن أثـرِ
مبشــراتٌ مــن الرُّؤيــا علـى قَـدَر
بـاحَت كمـا بـاحَت الأَكمـامُ بـالزَّهرِ
والليــلُ تُــدرجُه طيّـاً يـد السـَّحَرِ
والفَجــرُ رايــاتهُ منشـورةُ العَـذبِ
تأويــلُ رؤيــايَ قـد لاحَـت أَوائلـهُ
ويُمــنُ رأيــكَ قــد قــامت دلائلُـهُ
وأنجحــت نحــو مـا تَبغِـي وسـائلهُ
واللَــهُ يُعطيــك مِمّـا أنـتَ سـائِلهُ
كــلَّ الـذي بَعضـُه يـأتي علـى الأرَبِ
لازِلــتَ تَقـدَحُ زنـدَ البـأس والكَـرمِ
ودُمــتَ تَرفَـعُ للسـَّارين فـي الظُّلَـمِ
نـارَي نَـدىً ووَغـىً تُـذكى علـى عَلـمِ
والنَّـاسُ مـن بأسـِك المحمـرِّ في ذِمَمِ
وجـودُك النَّضـرُ فـي مـاءٍ وفـي عُشـُبِ
هـو الأميـرُ أبـو اسـحاق مـا نَهَـدا
إلا أعــادَ عزيــزَ الكُفــرِ مضـطهدا
واستصــحب الملأَ الأعلــى لـهُ مـددا
ولــم يمـدّ إلـى المستعصـبات يَـدا
إلا اتّقــت بِرضــاهُ ســَورَةَ الغَضــَبِ
أمطَتــهُ قُورِيّــةٌ أَعنــانَ صــَهوتِها
أَولـى لَهـا لـو تَمـادى عَقدُ جَفوَتِها
مــن الجُيـوشِ الـتي حَلّـت بِعَقوَتِهـا
لــو حــاولت رأسَ غمـدانٍ بِعَنوَتِهـا
مـاتَ ابـنُ ذي يَـزَنٍ مـن شـِدَّة الرَّهَبِ
لـم تسـتطع مـع مـا أحكَمتَـهُ حَركـا
لَمّـا نصـَبتَ علـى أَقطارِهـا الشـَّرَكا
حـتى أخـذت عليهـا الجَـوَّ والفَلَكـا
بطامــحٍ فـاتَ أسـبابَ السـُّها دَركـا
ذَلّــت بــه راسـِياتُ الصـَّخرِ للخشـَبِ
يُونـانُ تعجـز عـن إِحكام ما اختَرعا
والفُـرسُ لا تَـدَّعي بعـض الـذي صـَنعا
لــو رامَ ذاكَ أَنُـو شـروانُ لامتَنعـا
ولــو أبـو كَـرِب فـي وصـلِها طمعَـا
نــدّت وصـَدَّت صـُدوداً عـن أبـي كَـرِبِ
أَثبَـــتَّ بعـــد زَوالٍ أرض أَنـــدَلُسٍ
وقُمـــتَ تُــذكرنا بــالأَمنِ والأَنَــسِ
والفَتـح عَهـداً مـن الإقبال كانَ نُسِي
فالنّـاسُ مـا دُمـتَ فـي عيدٍ وفي عُرُسِ
والأَرضُ تــبرزُ فـي أَثوابِهـا القُشـُبِ
اغضـَب لِعَيـثِ ابـن رُذميـرٍ فقَد مَرَدا
واجـرُر عَلَيـهِ لريـحِ النَّصرِ ذَيلَ رَدى
بوقعــةٍ تَرتمــي أَمواجُهــا زَبَــدا
بكــلِّ أَدهــمَ تُعطيـه البُـروق يَـدا
بالليــلِ مُشــتملٍ بــالفجرِ مُنتَقِـبِ
وانهَــض نُهـوضَ أَبـيّ النَّفـس معـتزمِ
واســلك سـبيلَ أبـي إسـحاق معتصـمِ
وخُـذ بثـأرك فـي البَيضـاء واحتكـمِ
يـا غيـرةَ اللَـهِ قد عاينتِ فانتقمي
بغـــزوِ مُحتســـِبٍ لا غــزوِ مُكتَســِب
وارمِ العَــدُوَّ بسـهمٍ منـك لـم يطـشِ
وانعــش بحزمِـكَ ذاك الثّغـرَ يَنتَعِـشِ
وارغَـب بتـابعِ أصـحاب الهـدى حَنَـشِ
عــن كُـلّ رجـسٍ لحـرِّ الجمـرِ مفـترشِ
واربــأ بــأعظُمِه عـن ذلـكَ اللّهَـبِ
واهــاً لوحشــة مَبــداها ومَحضـَرِها
واهـــاً لرفــضِ مُصــلاها ومنحَرِهــا
واهــاً لمســجِدها الأَعلـى ومنبرِهـا
لشــَدَّ مــا ســُلبت إشـراقَ مَنظَرِهـا
وغُــودرت وحشــَةَ السـَّاحات والرَّحَـبِ
معَاهــد تعــرفُ التَّوحيـد والسـُّوَرا
وســُنّة المصـطفى المُختـار والأَثَـرا
وجَنّـــة أَصــبحَت روضــاتُها ســَقَرا
وبُــدّلت بِــذَوي الإيمـانِ مَـن كفـرا
فــأَيُّ طِفـلٍ لِهـذا الهَـولِ لـم يَشـِبِ
الــدِّينُ جِســمٌ ســَوِيٌّ باسـقُ القَـدَرِ
وإن أَلَّـــم بِعُضــوٍ منــه ذي خَطَــرِ
داءٌ تَضعضـــعَ بـــالحُمَّى وبالســَّهرِ
فـانظر وفي الجسمِ مَدعاةٌ إلى النَّظَرِ
فإنَّمـا الغَـوثُ قبـل الفـوتِ والعَطَبِ
إليــكَ بعـد أَميـر المـؤمنين عَلِـي
نشـكُو ونَفـزَعُ عنـد الحـادث الجلـلِ
فاكشـف أراجيـفَ هـذا الرَّوع والوَهَلِ
بعـــارضٍ للمنايـــا مســبِلٍ هَطِــلِ
بالمَشـــــرفِيّة والأَرواحِ مُنســــَكِبِ
أَغِـر أَبـر انهـل اعلُـل سـُلَّ شـلَّ غرِ
أَنِـر أثـر اخطِـر انفِر اسفر أَسرِ سِرِ
أَحـط أمـط اقبـض ابسـط نُط أَبح أَجرِ
أَفِـد أَفـت ارفِـد اخفِض ارفَع انهَ مُرِ
زَلـزل أَزِل أَرعِـد ابـرِق اسـتَهِلّ صـُبِ
لعـلّ مـا سـَرّ هـذا الحـائن البَطِرا
يَجنِيــهِ مــا سـاءَهُ غِبّـاً ومُختَـبرا
فَــرُبَّ واردِ غــيٍّ لــم يَجِــد صـَدَرا
وســاقِطٍ ليــديهِ فــي الـذي حَفـرا
ومُحــرَقٍ بِلَظــى مــا حَـشّ مـن حَطـبِ
أَراهُ قــد لَجّفـي اسـتِدراجهِ القَـدرُ
واستشـــرَفَتهُ وحثّــت نحــوه ســقَرُ
وكــلّ يــومٍ لـهُ نحـوَ الـرّدى سـَفَرُ
تُـــدني منيّتَــهُ الآصــالُ والبُكَــر
إنّ القَضـــاءَ ليحـــدُودهُ بلا طَلَــبِ
فَتــحُ الفُتـوح الـذي هـذي أَمـارَتُهُ
وافَـــت بقوبّـــةٍ عنـــهُ بشــارتُهُ
وبعـــدَها وقعَــةٌ فيهــا إبــارَتُهُ
يــا حَبَّــذا نــاطِقٌ هــذي عِبَـارَتُه
بـاللَهِ قُـل وأَعِـد يـا أَفصـَحَ العرَبِ
محمد بن مسعود بن طيّب بن فرج بن أبي الخصال خلصة الغافقي، أبو عبد الله.وزير أندلسي، شاعر، أديب، يلقب بذي الوزارتين، ولد بقرية (فرغليط) من قرى (شقورة) وسكن قرطبة وغرناطة. وأقام مدة بفاس، وتفقه وتأدب حتى قيل: لم ينطلق اسم كاتب بالأندلس على مثل ابن أبي الخصال.له تصانيف، منها (مجموعة ترسُّله وشعره) في خمس مجلدات، و(ظل الغمامة -خ) في مناقب بعض الصحابة، و(منهاج المناقب -خ)، و(مناقب العشرة وعمّي رسول الله -خ)، وكان مع ابن الحاج (أمير قرطبة) حين ثار على (ابن تاشفين) وانتقل معه إلى سرقسطة، واستشهد في فتنة المصامدة بقرطبة.