
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
عِتـابٌ وما يُغني العتابُ على الزَّمَن
وشَكوى كما تَشكو القِداحُ إلى السَّفَن
ومــا رَضـيت بعـدَ الغضـارَةِ أيكَـةٌ
بِنَحـتٍ ولكـن عـالَمُ الكَـونِ مُمتَحَـن
ولـو أعفَـتِ الأيـامُ قِـدحُ ابن مقبلٍ
لمـا اختـار كفّاً تطبيه على الفنن
ومــا عــزَّ هـذا النبـع إلا لذلـةٍ
تُغـادِرُهُ فـي راحـة العيـن يُمتَهَـن
ومـا أَلبـسَ الرِّيـشَ اللُّـؤامَ كرامَةً
وكــم بــزَّةٍ كــانَت للابسـها كَفَـن
وقـد كـان مـسُّ الريـحِ أَخفى بعطفِهِ
مِـنَ الـوَتَرِ الجـافي إذا عـزهُ أرَنّ
وللغـــرب الخــوارِ عيــصٌ مؤشــبٌ
يُصـانُ بمـا فيـه ابتـذالٌ لمن فَطَن
ومـــاذا عليــه والســلامةُ حظــهُ
بــأَن تتخطــاهُ النـوائب والمِحَـن
فليـت كريمـاً يُنعـشُ النـاسً خيـرُهُ
يعمَّــرُ فينــا عُمـرَ ثهلانَ أو حضـن
ولكنـــه يمضـــي كظـــلِّ غمامــةٍ
ويبقــى لئيــمٌ شـرُّه غيـرُ مـؤتمن
يـودُّ الفـتى طـولَ البقـاءِ وطـولُهُ
يُـــوَرِّثُهُ ثكــلَ الأحبَّــةِ والبَــدَن
وأيُّ اغتبــاطٍ فــي حَيــاةِ مُــرَزَّإ
يـروحُ علـى بـثٍّ ويغـدو علـى شـجَن
زيـــادَتهُ نقـــصٌ وجِـــدَّتُهُ بِلــىً
وراحَتُـــه كَـــربٌ وهُــدنَتُهُ دَخَــن
إذا فُــوِّقَ السـَّهمُ المُصـيبُ فقَلبُـهُ
ومَــن صـانَ فيـهِ مِـن أعزَّتِـهِ مِجَـن
فَيــا عجبــاً لِلمَـرءِ يَلتـذُّ عيشـَةً
مُنغَّصـةً لُـزَّت مـعَ المَـوتِ فـي قَـرَن
أَرى كـــلَّ حــيٍّ للمنيَّــةِ حــامِلاً
فيــا وَيحَــهُ ممَّـا تحمَّـل واحتَضـَن
وإِنَّ الفـتى تِـربُ الحـوادثِ ناشـئاً
وكهلاً ولكــنَّ الشــَّقيَّ مــن استشـَن
إذا زادَتِ الأَيَّــامُ فينــا إســاءةً
نزيـدُ علـى عِلـمِ بِمـا ساءَ حُسنَ ظَن
ونُلــدَغُ مـن جُحـرٍ مِـراراً فَنَغـتري
كــأَنَّ لُعــابَ القـاتِلاتِ سـَقيطُ مَـن
ولــو دَرتِ الأَنعــامُ وَهــيَ رَوَاتِـعٌ
مِـنَ المَـوتِ ما ندي لَمَا رأَتِ السِّمَن
فكيـفَ علـى ذا الخَطبِ نامَت عُيونُنا
وأَيســَرُهُ ذادَ القَطـاةَ عَـنِ الوَسـَن
وأَودَعَ حيّـــاتِ اللِّصــابِ لصــابَها
ورفَّـع سـِربَ العُصـمِ فَوقَ ذرى القُنَن
وَلَـم أَرَ مثـلَ المَـوتِ حقّـاً كَباطِـل
وكــلٌّ فَيــاللهِ بــالموتِ مُرتَهَــن
أَإخوانَنـا والحَشـرُ أَدنـى لقـائِكُم
ســلامٌ تقـدَّمتُم ونحـنُ علـى السـَّنَن
أَإِخواننــا لــم يبــقَ إلا تحيــةٌ
أَزورُ بهـا تلـكَ المعاهِـدَ والـدِّمَن
أَإِخوانَنــا هــل تســمَعُونَ تحيَّـتي
ودونَكُـم مـا يَحجُـبُ السـِّرَّ والعَلَـن
فيـا كبـدي مـاذا جَزيـتِ ابنَ مالِكٍ
ويـا عـبرتي ماذا قَريتِ أَبا الحَسَن
خليلا صــَفاءٍ فــي دِمشــقَ تتابعـا
علـى فـترةٍ لم أَخلُ فيها من الحَزَن
أَســَوتُ بهــذا جُــرحَ هــذا تعلُّلاً
وخـادَعت هذا القلبَ عن خيرِ ذي يَمَن
فــأَفردَني بـالعبءِ والعِبـءُ فـادِحٌ
وأَســلَمني للـدَّهرِ والـدَّهرُ ذو أَرَن
وَلَـو فَقَـدَت رَضـوى الـذين فَقَـدتُهُم
أراحَ تـداعيها أُناسـاً مـن الظِّنَـن
فَمَـن مُسـعِدي فـي مُسـعِدي غَيرَ مؤتَلٍ
وَمَـن مُنصـِفي فـي مُنصِفي لا أَخالُ مَن
وكـانَ غيـاثَ النـاسِ فـي كـلِّ شـدَّةٍ
وفرحـةَ مَـن أَوفـى وتَرحـةَ مَـن ظَعَن
فكَــم لهُمــا مـن مَكرُمـاتٍ مَواثِـلٍ
وكـم مِـن أَيـادٍ خالـداتٍ ومِـن مِنَن
وكَــم فَرَّجــا مِــن كُربَـةٍ مدلهمَّـةٍ
وكَـم حَمَلا مِـن بـاهِظٍ يقطَـعُ المُنَـن
إذا مــا أَحســّا خَلَّـةً لَطَفـا لَهـا
بمـا شـاءَ شاكيها مِنَ الرِّفِ والطّبَن
أبـا الحَسنِ اخلُد في الجِنانِ مُنَعمَّاً
جـزاءً بمـا أَسـلَفتَ من سَعيكَ الحَسَن
يَطيــرُ فــؤادي رَوعَــةً فـإِذا رأى
محلَّـكَ فـي دارِ الغِنـى والرِّضى سَكَن
وقـد كنـتَ تَرتـادُ المواطِنَ إذ نَبَت
فبــوأكَ الرحمــنُ فردَوســه وَطَــن
وبِـــتَّ مُعنّـــى بـــالجلاءِ فَفُتّــهُ
وقــد كـانَ حـاديهِ تشـبَّتَ بـالظَّعَن
ولَــم يــرضَ إلا أرض هجرتـك الَّـتي
تخيَّرهــا للأَوليــاء علــى الفِتَـن
وفــي مثلِهــا رقَّ الرَّسـولُ تَحَزُّنـاً
لِســَعدٍ وقَــد واراهُ أكــرَمُ مُـدَّفَن
وَلَـو أنَّ عبـداللَهِ خُيِّـرَ فـي الثَّرى
علــى قثـم لاختـارَهُ ولَمـا اغتَبَـن
علـى أَنَّـكَ المـدعوُّ مِـن كـلِّ بَلـدَةٍ
هَلُـمَّ فإنَّـا دُونَـكَ الحُجـبُ والجُنَـن
سَيُرضــيكَ مـن أَرضـيتَهُ فـي عِبـادِهِ
وجاهَــدتَ فيـهِ بـالفُروضِ وبالسـُّنَن
وتبقــى لِمَــن أَبقَيـتَ عهـدَكَ إنَّـهُ
لَهُـم كلَّمـا اسـتهوَتهُمُ رَوعَـةٌ سـَكَن
وتحفظُهــم حِفــظُ اليـتيمَينِ أَيِّـدا
بِرَفـعِ جـدارٍ قـد تَـداعى وَقَـد وَهَن
وَمــا ذاكَ بِــرّاً بالجِـدارِ وعُلـوهِ
ولكــن لكنــزٍ تحتَـهُ كـان مُختَـزَن
أَبـا حَسـَنٍ إنَّ المـدى بَعـدَما بَـدا
طويـلٌ ولا يُعتـدُّ فـي جَنـبِ مـا بَطَن
وأَيســَرُ وَجــدي فــي فِراقِـكَ أَنَّـهُ
سـيبقى عليـكَ الوَجدُ ما بقيَ الزَّمَن
سـَقى اللَـهُ والسـُّقيا بكفَّيـهِ تُربَةً
مُباركــةً ضــمّتك أَمــرَعَ مـا هَتَـن
وَلا بَرَحتهــــا دِيمَـــةٌ مســـتهِلّةٌ
إذا رَكَضـتها الرّيـحُ قـامَ بها حَرَن
وَلا زِلـــتَ فــي رَوضٍ وروحٍ وَرَحمَــةٍ
وَمَغفِــرَةٍ تَـترى عَلـى ذلـكَ الجَنَـن
محمد بن مسعود بن طيّب بن فرج بن أبي الخصال خلصة الغافقي، أبو عبد الله.وزير أندلسي، شاعر، أديب، يلقب بذي الوزارتين، ولد بقرية (فرغليط) من قرى (شقورة) وسكن قرطبة وغرناطة. وأقام مدة بفاس، وتفقه وتأدب حتى قيل: لم ينطلق اسم كاتب بالأندلس على مثل ابن أبي الخصال.له تصانيف، منها (مجموعة ترسُّله وشعره) في خمس مجلدات، و(ظل الغمامة -خ) في مناقب بعض الصحابة، و(منهاج المناقب -خ)، و(مناقب العشرة وعمّي رسول الله -خ)، وكان مع ابن الحاج (أمير قرطبة) حين ثار على (ابن تاشفين) وانتقل معه إلى سرقسطة، واستشهد في فتنة المصامدة بقرطبة.