
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
قضــاءٌ مــن الرّحمـنِ ليـس لَـهُ رَدُّ
وسـَكرةُ مَـوتٍ ليـس مـن وِردِهـا بُـدُّ
وكـأسٌ أدارتهـا يـدُ العـدلِ بَينَنا
فيَشـرَبُها المَـولى كما يشرَبُ العَبدُ
ســَقت أُمَّ عَمــرٍ والّــذين ســقتهمُ
دِراكــاً وكـانت لا يُنَهنِهُهـا الصـَّدُّ
ومـا أخطـأَت خيـرَ الثلاثـةِ عنـدَها
ولا قصـَّرت عـن خيرِهـم عنـدَنا بَعـدُ
وشــبَّ عــن الطَّـوق المعـارِ فَـردَّهُ
ومـا اعتـاضَ منـهُ مِـن شـبيبتِهِ رَدُّ
ومِـن قَبـلُ مـا أردَت أَبـاهُ حيـاتُه
وطــوَّقَهُ مــن قبـلِ تَطـويقِهِ الحَـدُّ
وأمثَــلُ مــا قــالُوهُ فَـرَّ لـوجههِ
وأَجفَـلَ مـذعوراً كمـا تجفـلُ الرُّبدُ
وعُــزّزَ منــه القارظــانِ بثــالثٍ
فأصــبَح رَهنــاً لا يَــرُوحُ لا يَغـدوُ
وســاءَتهُ مـن قبـلِ المَسـرّةِ نفسـُه
بــه وَهــوَ لغـوٌ لا خَطـاءٌ ولا عَمـدُ
ومــا كــانَ إلّا نَصــلَ أَروعَ ماجـدٍ
تَجلّــى لـوقتٍ عـن مضـاربهِ الغِمـدُ
وعمـرو بـن هنـد غـالَه نَفـثُ أرقمٍ
بكـفّ ابـن ليلـى وَعدُه بالرّدى نَقدُ
وجَــرَّ علــى هنــدٍ عُقوقــاً بِبِـرِّهِ
فيــا ليـتَ لـم تَـرُم قتوَهـا هنـدُ
فــأُمِّنَ منــه كــلُّ شــيءٍ يخــافهُ
وكـم ذُعِـرَت منـهُ المُلَملمَـةُ الصُّلدُ
وكــرَّت علـى الزَّبـاءِ إِثـرَ جذيمـةٍ
وحُـمَّ لهـا مـن مثـل مـا جَرَّعت وِردُ
ولــو ملّكتــهُ رأيَــهُ يــومَ بَقّـةٍ
لمـا فـاتَهُ مـن يـومِ مكروهِها وَعدُ
وَمـا بلـغ الثـأرُ المنيـمُ قتيلَها
وهـل تَبلـغُ الأنباءُ مَن دُونَهُ اللَّحدُ
ولــم تُحصــِنِ الزبّـاء قُنّـةُ شـاهقٍ
تُســاميهِ أَوهــامُ الخطـوبِ فيرتَـدُّ
ولا نَفـــقٌ يســـتبطِنُ الأرضَ غــامضٌ
طَـوتهُ كمـا يُطوى الضَّميرُ فما يبدو
وجَــرَّت علـى مَغنـى قصـير ذيولَهـا
ولـم تُنجِـهِ منهـا العَصا وهيَ تَشتَدُّ
وإن خـالَهُ مـن شـدَّةِ الركـضِ ناجِياً
فَمـا كـانَ إِلَّا بَيـنَ أَنيابهـا يَعدُو
وأَيـــنَ مــن الجعــديّ آلُ محــرّقٍ
تولُّــوا فلا ســِبطٌ يُعَــدّ ولا جَعــدُ
تـــذكّرَهُم والأَرضُ منهـــم بَلاقِـــعٌ
فلــم يتمالَـك دمعـهُ وهُـوَ الجَلـدُ
ولـــم ينــسَ حســّانٌ لأَولادِ جَفنــةٍ
أَواصـِرَ إِحسـانٍ علـى الـدَّهرِ تَمتَـدُّ
ولم ينسَهُ ابنُ الأيهم النَّدبُ بالنّدى
وَلِلأَرضِ والإســـلامِ بينَهُمـــا بُعــدُ
ولــم يبكِــهِ إلّا الوفــاءُ ومَعشـرٌ
كـرامٌ علـى آثـارهم ينبـتُ الحَمـدُ
ومـا أوحـشَ الـدُّنيا بِمَـن أَنِسَت بهِ
ومـن حَيثُ يأتي الأُنس يُستشعَرُ الوَجدُ
وكـم بيـنَ أطبـاقِ الثَّـرى من موسَّدٍ
له المُقرَبان المُهرُ والسّابحُ النّهدُ
ومنظــورِ أَوبــاتِ السـِّفار كأنَّمـا
هلالٌ علــى فِطــرٍ أهَـلَّ بـه السـَّعدُ
رَقيـقِ حَواشي الحِلمِ والعِلمِ والنُّهى
ولكنُّــهُ فــي كــلِّ حادثــةٍ صــَلدُ
أَخــي عَزمــاتٍ لـو طُبِعـنَ صـَوارماً
لقَصـَّر عنهـا كـلُّ مـا طبَـعَ الهِنـدُ
تــألَّفَ مــن ســِرِّ المكـارمِ شَخصـُه
فلا نظــرةٌ فيــهِ لعيــنٍ ولا نَقــدُ
وأَبلَــج يَلهُــو بالمَعـالِي برَاعَـةً
فَتَــدرِي المَعــالي أَنَّ شـِيمَتَهُ جـدُّ
حُلـىً لـم تَكُن لُبساً لغير ابنِ مالِكٍ
وهَيهـاتَ يَـأبى اللَـهُ ذلـكَ والمَجدُ
ســَيُعرِبُ عنــكَ الـدَّهرُ أَنّـكَ فَـردُهُ
وأَنَّـــكَ لِلعليَـــا ومُــدّتها حَــدُّ
وتَبكيـكَ عَيـنٌ لـم تَنـل منـكَ نَظرَةً
وتُــوحِشُ أَرضٌ مـا رمـاكَ بهـا عَهـدُ
ويَفقِــدُكَ الإســلامُ والبِـرُّ والتُّقـى
وهـذا الكلام النَّثرُ والنَّائلُ السَّردُ
أَلســتَ مـن الأَقيَـالِ أَقيـالِ حِميَـرٍ
إلـى كُـلّ فَيَّـاضِ النَّـدى سـَيبهُ عِـدُّ
ومُنتَجــع الأَكنــافِ مُرتَبـع الـذرا
بِمـالِكهم يَحـدُو الرَّكـائِبَ من يحدُو
لَعَمــري لَقــد أَدّى نُعيــمٌ وعُقبـةٌ
إليـكَ العُلا كفّـاً يَصـُولُ بهـا زَنـدُ
إذا صــدَرت عــن ماجِـدٍ عَـنَّ ماجِـدٌ
مَحاســـِنُه شـــَتّى وســُؤددهُ فَــردُ
تَســَلَّمتَها لَمّــا دنَــت عـن مُحَمَّـدٍ
أَبيــكَ أَبٌ لــم يُخـزِهِ الأَبُ والجَـدُّ
إذا حَلَّــت الأنســابُ غَـوراً فَإِنّمـا
مَحلُّــك مِــن أَعلـى ذَوائِبهـا نجـدُ
ومـا المَجـدُ إلّا كَـوكَبٌ كُلّمـا سـَرى
فمصـــعَدُهُ ســـَهلٌ ومَســلَكَهُ قَصــدُ
فَيـا قَمـر العليا ويا رائدَ الحَيَا
ويــا جَبَـل الـدُّنيا أَمثلـك يَنهـدُّ
عَزيــزٌ عَلَينــا أَن تَحُــلَّ بِوَهــدَةٍ
ومـا كـانَ حقّـاً مـن منازِلكَ الوَهدُ
وأَنَّــكَ مَهمـا نَـوَّهَ القَـومُ للِقـرى
تُنــادي فلا بِشــرٌّ لَــدَيكَ ولا رِفـدُ
بعيــدٌ علــى أَن الــديارَ قريبـةٌ
مقيـمٌ وكـم تـاهت بكَ الضُمرُ الجُردُ
ومــا كُنـتَ إلا الغَيـثَ طَبّـقَ نَفعُـهُ
وســَدّ خَصــاصَ الأَرضِ مـن وَبلِـهِ سـَدُّ
كــذلك مــا اختَصـَّت بفقـدكَ بُقعَـةٌ
وصـَوبُ الحَيـا فـي كـلّ أرضٍ لهُ فَقدُ
وإن لحِمـــصٍ لــو علمــتَ عصــابَةً
حَيــازِيمُهُم مــن حَـرِّ ثُكلِـك تَنقَـدُّ
وفـي حضـرَةَ المُلـكِ اسـتَهلَّت مدامِعٌ
عَليـكَ ولـم تَظلِم كما انتثَر العِقدُ
فَمَـن لِبَنِـي الآمـالِ أَنضـَتهُم السُّرى
ولَفّتهُــم النّكبـاءُ والليـلُ مُسـوَدُّ
ومَــن لليَتـامى والأَرامِـل أَصـبَحُوا
وقــد مَسـَّهُم ضـرٌّ وقـد شـَفَّهُم جَهـدُ
ومَــن للعُنَــاة البائسـينَ يَفُكُّهُـم
وقَــد ضــَمّهُم ســِجنٌ وأَوثَقُهُـم قِـدُّ
ومَـن لِسـَبيلِ البِـرِّ يُحيِـي رُسـُومَها
وقـد أَصـبحَت سَحقاً كما أَخلقَ البُردُ
مَكــارِمُ قـد ضـاعَت ثغـورُ حُقُوقِهـا
فليــسَ لَهـا مـن بَعـدِه أَبـداً سـَدُّ
وهَــوَّن خَطــبَ الشــَّامَتينَ مصــانِعٌ
لهــا دونَ هـذا الحُـرّ أَلسـِنَةٌ لُـدُّ
وبيــتٌ بنَــاهُ فـوقَ أَفئدةِ العِـدا
إذا حـاوَلُوا أن يَظهَرُوا مَجدَهُ رُدُّوا
أَســاطِينُ خُــرسٌ ناطقــاتٌ بِفَضــلهِ
مُخَلَّــدةٌ والفضــلُ آيَتُــهُ الخُلــدُ
أقــامَت صـُفوفاً أَو صـُفوناً كَأنّهـا
لِــزُوَّار بيـتِ اللَـهِ تحرسـُهم جُنـدُ
وعَــذبٌ إذا مــا ذاقَـهُ ذُو كشـاحَةٍ
تَجَرّعـــهُ حَـــرّاً ومَـــورِدُهُ بَــردُ
وإنّ الّــذي ســَقّى العبـادَ لِـوَجهِه
ملـيٌّ بِسـُقيَا مـن شـرائعها الشـَّهدُ
لِتَشـــكُر دمشـــقٌ نِعمَــةً يَمنِيَّــةً
إلـى الصـِّيدِ مـن حَيّ المَعافِر تعتَدُّ
وتنـدُب فتَاهـا النَّـدبَ غَيـرَ مُدافعٍ
إذا ثَـوَّبَ الـداعُونَ أَو طلَـعَ الرَّندُ
وتعـرف لـه معروفَـهُ الشـامُ كُلّهـا
وإن جَحَـدُوا فالشـَّمسُ ليـسَ لَها جَحدُ
لقَـد رَدّ صـَرفَ الـدَّهر عَنهُـم مكانُه
فَــبينهُم منــهُ وَبَيـن الـرّدى سـَدُّ
فَقُــل للــذي يَبغـي مسـاعِيَ مَجـدِهِ
عَجــزتَ ولــم يُبلَـغ نَصـِيفٌ ولا مَـدُّ
ويــا حاســِديهِ قـد قضـى لِسـَبيلِهِ
فهـل عِنـدَكُم فـي نَيـلِ سـؤدده عِندُ
أَفيقُـوا مـن الدَّاءِ العُضَالِ وسَلِّمُوا
فمــا نـارُهُ إلا لكُـم ولـه الزَّنـدُ
سـَقى اللَـه قَـبراً ضـَمَّهُ كُـلّ ضـاحِكٍ
مِـنَ المُـزن يَحدُو عَينَ بارِقهِ الرَّعدُ
ولا بَرِحَتــــهُ رَوضـــَةٌ نَفَحَاتُهـــا
كَمـا فُـتَّ مِسـك أَو كمـا حُـرِقَ النَّدُّ
ولا زالَ فـــي فَــرحٍ ورَوحٍ ورَحمَــةٍ
ومنهـا لـهُ عَـرشٌ ومنهـا لـه مَهـدُ
وشــَبَّ علــى تِلـكَ السـِّيادَةِ أَحمَـدٌ
وإِن شـبَّ فـي قَلـبِ العَـدُوّ لـه حِقدُ
فصــانَ الــذي شـادَتهُ آبـاؤُه لـه
وأَغنـى الذي أَغنَوا وسَدَّ الذي سَدُّوا
ودانَـت له الدُّنيا ودامَت بهِ العُلا
وســـاعفَهُ حَـــظٌّ وســـاعدَهُ جَـــدُّ
ولاقــاهُ مــا أَولاهُ مـن كـلِّ صـالحٍ
لأَمثــالِهِ إِن أَنصـَفوا يُوضـَعُ الخَـدُّ
مـــآثِرُ فــاتَت عَــدَّ كــلِّ مُحصــِّلٍ
وأَنَّـى لهـا والرَّمـلُ مـن بعضها عَدُّ
ومنهــا جِبــالٌ راســياتٌ مُنيفَــةٌ
ومنهــا بحــورٌ زاخـراتٌ لهـا مَـدُّ
ســـأبكيك لا أنــي قضــيتُ مَذمَّــةً
فحقُّـــكَ لا يُقضـــى ولكنّــهُ جُهــدُ
ومـا عَـبرَتي مـن عـبرةِ ابـنِ مفرِّغٍ
وقَـد فَضـَّها فـي غَيـرِ مَحمـدَةٍ بُـردُ
ولكــن كمــا تبكـي لِصـَخرٍ تُماضـِرٌ
مَــدامِعُ تُجريهــا الأُخــوَّةُ وَالـودُّ
محمد بن مسعود بن طيّب بن فرج بن أبي الخصال خلصة الغافقي، أبو عبد الله.وزير أندلسي، شاعر، أديب، يلقب بذي الوزارتين، ولد بقرية (فرغليط) من قرى (شقورة) وسكن قرطبة وغرناطة. وأقام مدة بفاس، وتفقه وتأدب حتى قيل: لم ينطلق اسم كاتب بالأندلس على مثل ابن أبي الخصال.له تصانيف، منها (مجموعة ترسُّله وشعره) في خمس مجلدات، و(ظل الغمامة -خ) في مناقب بعض الصحابة، و(منهاج المناقب -خ)، و(مناقب العشرة وعمّي رسول الله -خ)، وكان مع ابن الحاج (أمير قرطبة) حين ثار على (ابن تاشفين) وانتقل معه إلى سرقسطة، واستشهد في فتنة المصامدة بقرطبة.