
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
إِن كُنـتَ تُشـفِقُ مِـن نُزوحِ نَواهُ
فَهُنَــاكَ مَقبَــرُهُ وَذا مَثــواه
قَســِّم زَمانَـكَ عَـبرَةً أَو عِـبرَةً
وأَحِــل تشــوُّقَهُ علــى ذِكـراهُ
واعدُدهُ ما امتدَّت حَياتُكَ غائِباً
أَو عاتِبـاً إِن لـم يَـزُر زُرناهُ
أَو نائِمـاً غَلَبَـت عليـهِ رَقـدَةٌ
لِمُســَهَّدٍ لــم تَغتَمِــض عَينـاهُ
أَو لَفــظَ نـادرةٍ تَـوَلَّى خَطُّهـا
وأَقــامَ طــيَّ صـدورِنا مَعنـاهُ
أَو عارِضـاً حَـدَتِ الشّمالُ بِمُزنِهِ
وَالأَرضُ مُلبَســَةٌ بُــرودَ نَــداهُ
أَو كوكَبـاً سـَرَتِ الرِّكابُ بِنُورِهِ
فَمَضــى وَبلَّغَهـا المحـلَّ سـَناهُ
فمــتى تبعَّـدَ والنُّفـوسُ تحبُّـهُ
ومــتى تغيَّـبَ والقُلـوبُ تَـراهُ
لَم أَدرِ إِلَّا بَعدَ يَومِكَ في الثَّرى
أَنَّ الزَّمــانَ وأَهلَــهُ أَشــباهُ
فَالعيــدُ ليــسَ بِسـَيِّدٍ لسـواهُ
والعَبــدُ ليــسَ يفـوتُهُ مَـولاهُ
يـا واحِداً عَدَلَ الجميعَ وأَصلَحَت
دُنيـا الجميـعِ وَدينَهُـم دُنياهُ
وَتَخَلَّـــدت آثـــارُهُ وتقيَّــدَت
بـالرّغمِ فـي إِنسـان مَن عاداهُ
الشـَّامُ شـامُكَ في يَدَيكَ زِمامُها
وَمَـنِ ادَّعـى لَـم تُلتَفَـت دَعواهُ
طـالَت أَذاتُـكَ بِالحَيـاةِ كرامَةً
وَاللَــهُ يُكــرِمُ عَبـدَهُ بِـأَذاهُ
حَتّـى خَلَصـت مِـنَ الذُّنوبِ كَمُرهَفٍ
أَبــدى الفِرَنــد صـقاله وَجَلاهُ
فَهُنـاكَ وافَتـكَ المنيَّـةُ سـَمحَةً
نَـزعَ الكَرِيـمِ عَنِ الكَريم قَذاهُ
والـذِّهن صـافٍ والفُـؤادُ مُشـَيَّعٌ
لا تســتفزُّ يَـدُ الحِمـام نُهـاهُ
لِشـهادَةِ التَّوحيـدِ بَيـنَ لِسانِهِ
وَجَنــانِهِ نــورٌ يُــرَى مَسـراهُ
وَبــوَجههِ ســِيمى أَغَــرَّ مُحَجَّـلٍ
مَهمـا بَـدا لـم تَلتَبِـس سيماهُ
وكـانه هـو فـي الحياة سكينةٌ
لـولا اهـتزازٌ في النَّدى يَغشاهُ
قــد أطرقَــت بتفكُّــرٍ عَينـاهُ
وتقلَّصـــَت لتبســـُّمٍ شـــَفَتاهُ
وكــأنَّهُ لَحَـظَ العفـاة توجُّعـاً
فتلازَمَــت فَـوقَ الفُـؤادِ يَـداهُ
أَتــراهُ وكَّـلَ بـالعواقِبِ هَمَّـهُ
حَسـبُ الجـوادِ الغَمرِ نَيلُ مَداهُ
ولَقَـد مَضى لك مشهدٌ غَصَّت بِهِ ال
أَرضُ الفَضــاءُ فَهــالَهُم مـرآهُ
أَبـدى رضا الرَّحمن عَنكَ ثَناؤُهُم
إنَّ الثَّنـــاءَ عَلامــةٌ لِرِضــاهُ
كـلٌّ قَـدِ اسـتبَقَت عَلَيـكَ دُموعُه
وَالوَجــدُ يــأمُرُه ولا يَنهــاهُ
ماذا الَّذي شَغَلَ القلوبَ بهِ وذا
لا يرتجيـــه وَذاكَ لا يَخشـــاهُ
مــا ذاكَ إلَّا أَنَّــهُ فـرعٌ زكـا
وَســِعَ الجميــعَ بِظلِّـه وَجَنـاهُ
عنـدي عَليـكَ وأَنـتَ مجداً مالِكٌ
حُــزنٌ يَهُــدُّ مُتَمِّمــاً أَدنــاهُ
وَتَحـطُّ شَخصـكَ فـي الضَّميرِ سَجيَّةٌ
غَـرَّاء تَـأتي البِـرَّ مِـن مَأتاهُ
وَخلائقٌ تَـأبى القَبيـحَ وكـلُّ ما
يعتــنُّ مــن حَســَنٍ فلا تَأبـاهُ
فَـاليومَ أَودى كـلُّ مَـن أَحبَبتُهُ
ونعـى إلـيَّ النَّفـسَ مَـن أَنعاهُ
مـاذا يُؤمِّـلُ فـي دِمَشـقَ مُسـَهَّدُ
قـد كُنـتَ نـاظِرَ جَفنِـهِ وَكَـراهُ
يعتـادُ قـبرَك للبُكا أَسفاً بِما
قَـد كـان أَضـحَكَهُ الَّـذي أَبكاهُ
يـا تُربَـةً حَـلَّ الوَزيرُ ضَريحَها
ســقَّاكِ بَـل صـلَّى عليـكِ اللَـهُ
وَسـَرى إليـكِ وَمنـكِ ذكـرٌ ساطعٌ
كالمســكِ عـاطرةً بـهِ الأَفـواهُ
محمد بن مسعود بن طيّب بن فرج بن أبي الخصال خلصة الغافقي، أبو عبد الله.وزير أندلسي، شاعر، أديب، يلقب بذي الوزارتين، ولد بقرية (فرغليط) من قرى (شقورة) وسكن قرطبة وغرناطة. وأقام مدة بفاس، وتفقه وتأدب حتى قيل: لم ينطلق اسم كاتب بالأندلس على مثل ابن أبي الخصال.له تصانيف، منها (مجموعة ترسُّله وشعره) في خمس مجلدات، و(ظل الغمامة -خ) في مناقب بعض الصحابة، و(منهاج المناقب -خ)، و(مناقب العشرة وعمّي رسول الله -خ)، وكان مع ابن الحاج (أمير قرطبة) حين ثار على (ابن تاشفين) وانتقل معه إلى سرقسطة، واستشهد في فتنة المصامدة بقرطبة.