
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
كـم نعمـةٍ سـبَّبها الهُدهـدُ
ومَعشــَرٍ بعــد ضـَلالٍ هُـدُوا
ومَهمَـــهٍ تخفــقُ أَحشــاؤُه
بجمــرةٍ تَــذكو ولا تَخمُــد
يَغـرَقُ منـه الرّكـبُ في لُجَّةٍ
لهــا عَليهــم لهـبٌ مُزبِـدُ
يَشـتفُّ حتّـى كُـلَّ عيـنٍ رَنَـت
ويَتَّقــي ســَورَتَهُ الفَرقَــدُ
ذابَ دمـاغُ الضـَّبِّ مِـن حَـرِّهِ
وظلَّـــتِ العقربَــةُ تســجُدُ
شــِنَانُهم شــُنَّ لهـا غـارَةٌ
فالنـار مـن أحشائِها توقَدُ
فبينمـا المـوتُ محيـطٌ بهِم
إذ قيـلَ هـذا فَـرِدُوا مَورِدُ
أَحيـاهُمُ اللَـهُ بـذي مِسـمَعٍ
يَدنو لهُ في الوَهمِ ما يَبعُدُ
هــذا سـليمانُ علـى مُلكـهِ
والجِــنُّ والإِنــسُ لـه حُشـَّدُ
والطَّيـرُ فـي الآفاقِ محشورَةٌ
والرِّيــحُ كـلٌّ عامـلٌ يجهَـدُ
لـم يُفتَقَـد منهم سِوى هُدهُدٍ
ومثلُــهُ فـي مثلِهـا يُفقَـدُ
فجــاءَهُ مــن سـَبإِ بـالَّتي
كالشـَّمسِ كـانَت أُختها تعبدُ
فاسـتبدلَت مِـن نارِهـا جَنَّةً
نعيمُهـــا متَّصـــِلٌ ســرمَدُ
شــرَّفَهُ اللَــه بمــا قصـَّهُ
فـي وَحيـهِ والـوحيُ لا يَنفَدُ
هـل عرفـت بِلقيـسُ معروفَـهُ
وكيــفَ لا كيــفَ بـهِ تجحَـدُ
ومَــا الَّـذي يَنقَمُـهُ خالـدٌ
مــن أُمَّــةٍ أَرشـَدها هُدهُـدُ
وحِكمــةُ الرَّحمــنِ مبثوثَـةٌ
وكــلُّ مخلــوقٍ بــه يَشـهَدُ
تبــاركَ اللَــهُ وســبحانَهُ
مــا هِــيَ إلَّا نعمـةٌ تُحسـَدُ
قـد قتلَـت نمـرودَ في ملكِهِ
بعوضــةٌ كــانَت لـه تُرصـَدُ
لـم يسـتطِع والأَرضُ في خَتمِهِ
أَضــعفُ مخلــوقٍ لَـهُ يَعمِـدُ
تَغلغلَــت فـي رأسـهِ حِقبَـةً
فلـم تنَلهـا حيـثُ جالَت يَدُ
واللَـهُ قـد عـاتَبَ في نَملةٍ
نــبيَّ صــدقٍ هــديُهُ يُحمَـدُ
فمجِّـدوا اللَـه ولا تحقِـروا
جُنـداً لـه مِـن خلقِه جُنِّدوا
وهـا أنـا الهُدهـدُ إسـميَّةٌ
كـانَ لهـا فـي مولِدي موعِدُ
فجــدِّدوا عنـدي بتجديـدِها
عرفـاً ثنـائي بعـدَهُ يَخلُـدُ
ويمِّنــوا طائرَهــا إِنَّهــا
إن ســاعَدَت جَـدوَاكُمُ أَسـعدُ
وقـد نـآني لقـبٌ كـانَ لـي
مـعَ الصـِّبا هـذا وهـذا دَدُ
ودّعنــي اللَّهــوُ وودّعتُــه
إلَّا بقايـــا هَــزَجٍ تُنشــَدُ
وهِمَّــةٍ بــالخير معقــودةٍ
فلا أَنــي أَركَــعُ أو أسـجُدُ
يـا رَحِـمَ اللَهُ أمرأ رقَّ لي
مِـن أَفـرُخٍ فـي قربهم أَبعد
قرطبــةٌ داري وفـي غيرهـا
رِزقـي فَـذا ظِـلٌّ وذا مَـورِدُ
هَـل فيكُـم من مُصعَبِيِّ الندى
تُضـحي عَصـا السَّيرِ به تُقصَدُ
محمد بن مسعود بن طيّب بن فرج بن أبي الخصال خلصة الغافقي، أبو عبد الله.وزير أندلسي، شاعر، أديب، يلقب بذي الوزارتين، ولد بقرية (فرغليط) من قرى (شقورة) وسكن قرطبة وغرناطة. وأقام مدة بفاس، وتفقه وتأدب حتى قيل: لم ينطلق اسم كاتب بالأندلس على مثل ابن أبي الخصال.له تصانيف، منها (مجموعة ترسُّله وشعره) في خمس مجلدات، و(ظل الغمامة -خ) في مناقب بعض الصحابة، و(منهاج المناقب -خ)، و(مناقب العشرة وعمّي رسول الله -خ)، وكان مع ابن الحاج (أمير قرطبة) حين ثار على (ابن تاشفين) وانتقل معه إلى سرقسطة، واستشهد في فتنة المصامدة بقرطبة.