
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أُبِثُّكُـــمُ أَنّــي مَشــوقٌ بِكُــم صــَبُّ
وَأَنَّ فُــؤادي لِلأَســى بَعــدَكُم نَهــبُ
تَناســـَيتُمُ عَهـــدي كَــأَنّي مُــذنِبٌ
وَمــا كــانَ لـي لَـولا مَلالُكُـم ذَنـبُ
وَقَد كُنتُ أَرجو أَن تَكونوا عَلى النَوى
كَمــا كُنتُـمُ أَيّـامَ يَجمَعُنـا القُـربُ
وَقَــد كـانَتِ الأَيّـامُ سـِلمي وَشـَملُنا
جَميـعٌ فَأَمسـَت وَهـيَ لـي بَعـدَها حَربُ
فيــا مَــن لِقلــبٍ لا يُبَــلُّ غَليلُـهُ
وَأجفــانِ عَيــنٍ لا يَجِــفُّ لَهـا غَـربُ
حَظَـرتُ عَليهـا النَـومَ بَعـدَ فِراقِكُـمُ
فَمـا يَلتَقي أَو يَلتَقي الهُدبُ وَالهُدبُ
وَبالقَصـرِ مِـن بَغـداذَ خـودٌ إِذا رَنَت
لَواحِظُهـا لَـم يَنـجُ مِـن كَيـدِها قَلبُ
كَعـابٌ كَخـوطِ البـانِ لا أَرضُها الحِمى
وَلا دارُهــا ســَلعٌ وَلا قَومُهــا كَعـبُ
مُنَعَّمَـــةٌ غيــرُ الهَبيــدِ طَعامُهــا
وَمِـن غيـرِ أَلبـانِ اللِقـاحِ لَها شُربُ
وَلا دونَهــا بيــدٌ يُخــاضُ غِمارُهــا
قِفـــارٌ وَلا طَعــنٌ يُخــافُ وَلا ضــَربُ
مَحَلَّتُهـــا أَعلا الصـــَراةِ وَدارُهــا
عَلـى الكَـرخِ لا أَعلامُ سـَلعٍ وَلا الهَضبُ
إِذا نُسـِبَت آباؤُهـا التُـركُ وَاِنتَمَـت
إِلـى قَومِهـا أَخفَـت مَناسـِبَها العُربُ
وإِن حُجِبَــت بِالسـُمرِ وَالـبيضِ غـادَةٌ
فَليـــسَ لَهـــا إِلّا غَلائِلِهــا حُجــبُ
وَلَـم أَنسـَها كـالظَبي لَيلَـةَ أَقبَلَـت
تُهـادي وَمِـن أَترابِهـا حَولَهـا سـِربُ
وَسـَقَّت عَـنِ الـوَردِ المُضـرَّجِ بِالحَيـا
لَنـا بَينُهُـم تِلـكَ المَعـاجِرُ وَالنُقبُ
وَلَمّــا تَلاقَــت بِالصــَراةِ رِكابُنــا
وَرَقَّ لَنـا مِـن حَـرِّ أَنفاسـِنا الرَكـبُ
عَلـى الجـانِبِ الغَربـي والجَوُّ مَوهِناً
رَقيـقُ الحَواشـي وَالنَسـيمُ بِهـا رَطبُ
وَغـــابَ رَقيـــبٌ نَتَّقيـــهِ وَكاشــِحٌ
وَراقَـت لَنـا الشَكوى وَلَذَّ لَنا العَتبُ
وَبــاتَت بِكَفّيهـا مِـنَ النَقـشِ رَوضـَةٌ
لَنــا وَغَــديرٌ مِــن مُقَبَّلِهــا عَـذبُ
وَهــانَ عَليهــا أَن أَبيــتَ مُســَهَّداً
أَخالَوعَــةٍ لا يَـألَفُ الأَرضَ لـي جَنـبُ
إذا قُلــتُ يالَميــاءُ حُبُّــكِ قـاتِلي
تَقــولُ وَكَـم مِـن عاشـِقٍ قَتَـلَ الحُـبُّ
وَإِن قُلــتُ قَلـبي فـي يَـدَيكِ ضـَريبَةٌ
تَقـولُ وَأَيـنَ المُسـتَطيبُ لَـهُ الضـَربُ
رُوَيـــدَكِ إِنَّ المـــالَ غــادٍ وَرائِحٌ
وَمِـن شـِيَمِ الـدَهرِ العَطِيَـةُ وَالسـَلبُ
لَئِن ضــاقَتِ الــزَوراءُ عَنـي مَنـزِلاً
فَلــي فــي بِلادِ اللَـهِ مُرتَكَـضٌ رَحـبُ
سـَأُرهِفُ حَـدَّ العَـزمِ فـي طَلَـبِ الغِنى
وَأُسـهِبُ حَتّـى يَعجَـبَ الحَـزنُ وَالسـَهبُ
فَمـا خـابَ مَـن كـانَت وَسائِلَهُ الظُبا
إِلـى الحَـظِّ وَالقـودُ المُطَهَّمَـةُ القُبُّ
وَمـا أَنـا مِن يَثني الهَوى مِن عِنانِهِ
وَيُملَــكُ فــي حُـبِّ الحِسـانِ لَـهُ لُـبُّ
وَمـا أَدَّعـي أَنّـي عَلـى الحُـبِّ صـَخرَةٌ
وَأَنَّ فُــــؤادي لايَحِـــنُّ وَلا يَصـــبو
وَلَكِنَّهــا الأَيّــامُ تَعصــِفُ بِــالفَتى
إِلـى غَيـرِ مـا يَهوى زَعازِعُها النُكبُ
وَقَـد يُصـحبُ القَلـبُ الأَبيُّ عَلى النَوى
وَيَسـلو عَلى طولِ المَدى الهائِمُ الصَبُّ
وَفــي كُـلِّ دارٍ حَلَّهـا المَـرءُ جيـرَةٌ
وَفــي كُــلِّ أَرضٍ لِلمُقيـمِ بِهـا صـَحبُ
وَإِنَ عــادَ لـي عَطـفُ الـوَزيرِ مُحَمَّـدٍ
فَقَـد أَكثَـبَ النّـائي وَلانَ لـي الصَعبُ
وَزيــرٌ إِذا اِعتَــلَّ الزَمـانُ فَرَأيُـهُ
هِنــاءٌ بِــهِ تُشـفى خَلا إِقُـهُ الجُـربُ
لَــهُ خُلُقــا بــأسِ وَجـودٍ إِذا سـَقى
بِســِجليهِما لَـم يُخـشَ جَـورٌ وَلا جَـدبُ
عَليــهِ مِـنَ الـرَأيِ الحَصـينِ مُفاضـَةٌ
وَفــي كَفِّــهِ مِـن عَزمِـهِ بـاتِرٌ عَضـبُ
يَفُــلُّ العِـدى بِـالرُعبِ قَبـلَ لِقـائِهِ
فَلِلَّــهِ مَلــكٌ مِــن طَلائِعِــهِ الرُعـبُ
نُهيــبُ بِـهِ فـي لَيـلِ خَطـبٍ فَيَنجَلـي
وَنَــدعوهُ فـي كَـربٍ فَينفَـرِجُ الكَـربُ
وَتَلقـاهُ يَـومَ الـرَوعِ جَـذَلانَ باسـِماً
وَقَـد عَبَّسـَت فـي وَجهِ أَبطالِها الحَربُ
فَطـوراً سـِنانُ السـَمهَري بِكَفِـهِ يَراعٌ
وَأَحيانــــاً كَتــــائِبُهُ الكُتــــبُ
إِذا أَمَرَتـــهُ بِالعِقـــابِ حَفيظَـــةٌ
نَهـاهُ المُحَيّـا الطَلقُ وَالخُلقُ العَذبُ
إِلـى عَضـُدِ الـدينِ الـوَزيرِ سَمَت بِنا
رَكــائِبُ آمـالٍ طَواهـا السـُرى نُجـبُ
إِلى الضَيِّقِ الأَعذار في الجودِ بِاللُهى
ولا عُــذرَ إِن ضــَنَّت بِـدَرَّتِها السـُحبُ
أَأَظمــى وَدونــي مِــن حِيـاضِ مُحَمَّـدٍ
مَناهِــلُ جــودٍ ماوئهــا غَلَـلٌ سـَكبُ
وَأَخشـى اللَيـالي أَن تَجـورَ خُطوبُهـا
وَمـا جـارَ فـي عَصرِ الوَزيرِ لَها خَطبُ
وَقَـد عِشـتُ دَهـراً رائِقـاً فـي جَنابِهِ
فَمـا شـُلَّ لـي سـَرحٌ وَلا ريـعَ لي سَربُ
أَروحُ وَلــي مِنـهُ الضـِيافَةُ وَالقِـرى
وَأَغـدو وَلـي مِنـهُ الكَرامَـةُ وَالرُحبُ
وَمــازِلتُ فــي آلِ الرَفيــلِ بِمَعـزِلٍ
عَـنِ الضـَيمِ مَبـذولاً لي الأَمنُ وَالخِصبُ
إِذا أَنــا غـالَبتُ اللَيـالي تَكَفَّلَـت
بِنَصــري عَليهــا مِنهُــم أُسـُدٌ غُلـبُ
مَغــاويرُ لَـولا بَأسـُهُم أَورَقَ القَنـا
وَلَـولا النَـدى ذابَـت بِأَيديهِم القُضبُ
إِذا سـُئِلوا جـادوا وَإِن وَعَدوا وَفوا
وَإِن قَـدَروا عَفّـوا وَإِن مَلَكـوا ذَبوا
هُـمُ عَلَّمُـوا نَفسـي الإِبـاءَ فَكَيـفَ لي
بِتَـركِ إِبـاءِ النَفـسِ وَهـوَ لَهـا تِربُ
صـــَحِبتُهُمُ وَالعــودُ يَقطُــرُ مــاؤُهُ
رَطيــبٌ وَأَثــوابُ الصـِبى جُـدُدٌ قُشـبُ
وَهـا أَنـا قَـد أودى المَشـيبُ بِلِمَّتي
وَلاحَــت بِفَودَيهــا طَــوالِعُهُ الشـُهبُ
وَكــم مِنَــنٍ عِنــدي لَــهُ وَصــَنائِعٍ
حَليـتُ بِهـا وَهِـيَ الخَلاخيـلُ وَالقُلـبُ
أَحِـــنُّ إِلـــى أَيّامِهــا وَعُهودِهــا
كَمـا حَنَّـتِ الـوَرقُ المُوَلَّهَـةُ السـُلبُ
وَلـي إِن قَضـى عَهـدُ التَواصـُلِ نَحبَـهُ
مَــدائِحُ لا يُقضــى لَهـا أَبَـداً نَحـبُ
مَـدَحَتهُمُ حُبّـاً لَهُـم وَإِخالُهـا سَتَروى
وَمِـــن فَــوقي الجَنــادِلُ وَالتُــربُ
فَــإِن أَقتَــرِف ذَنبـاً بِمَـدحِ سـِواهُمُ
فَــإِنَّ خِمـاصَ الطَيـرِ يَقنِصـُها الحَـبُّ
أَعِــد نَظَـراً فيمَـن صـَفا لَـكَ قَنبُـهُ
وَخــاطِرُهُ فالشــِعرُ مَنبِتُــهُ القَلـبُ
أَيَطمَــعُ فــي إِدراكِ شــَأويَ مُفحَــمٌ
وَأَيـنَ الـدَنّيُ النِكسُ وَالفاضِلُ النَدبُ
يُطــاوِلُني فــي نَظــمِ كُــلِّ غَريبَـةٍ
لـي الحَفـلُ مِـن أَخلافِهـا وَلَهُ العَصبُ
يُنــازِعُني عِلــمَ القَــوافي وَإِنَّــهُ
لَيَجهَـلُ مِنهـا ما العَروضُ وَما الضَربُ
أَبيــتُ وَهَمّــي أَن تَســيرَ شــَوارِدي
إِذا هَمَّــهُ مِنهـا المَعيشـَةُ وَالكَسـبُ
فَســَوِّ عَلــى قَـدرِ القَـرائِحِ بَينَنـا
وَمِـن عَجَـبٍ أَن يَسـتَوي الرَأسُ وَالعَجبُ
فَثِـب فـي خَلاصـي مِن يَدِ الدَهرِ وازِعاً
حَــوادِثَهُ عَنّـي فَقـاد أَمكَـنَ الـوَثبُ
وَســـَقِّ غُــروسَ المَكرُمــاتِ فَــإِنَّني
أُعيــذُكَ أَن تَــذوى وَأَنــتَ لَهـا رَبُّ
وَحاشــى لِمَــدحي أَن تَجِــفَّ غُصــونُهُ
وَمِـن بَحـرِ جَـدواك المَعيـنِ لَها شُربُ
وَلا أَجــدَبَت أَرضٌ وَأَنــتَ لَهــا حَيّـاً
وَلا مَرِضــَت حــالٌ وَأَنــتَ لَهــا طَـبُّ
وَلا عَـــدِمَت مِنــكَ الــوِزارَةُ هِمَّــةً
تَـبيتُ وَمِـن تَـدبيرِها الشَرقُ وَالغَربُ
وَدونَـكَ مِـن وَشـي القَـوافي حَبـائِراً
لَأَذيالِهــا فــي مَـدحِكُم أَبَـداً سـَحبُ
هِـيَ الـدُرُّ فـي أَصـدافِها ما طَوَيتَها
وَإِن نُشــِرَت فَهِـيَ اليَمانِيَـةُ القُضـبُ
إِذا فُــضَّ يَومــاً فـي يَـدَيَّ خِتامُهـا
تَضــَوَّعَ مِـن إِنشـادِها فيكُـم التُـربُ
فَـداكَ قَصـيرُ البـاعِ وَانٍ عَـنِ العُلي
سـَريعٌ إِلـى أَعتـافِهِ الـذَمُّ وَالثَلَـبُ
لَــهُ مَنــزِلٌ رَحــبٌ وَلَكِــن نَزيلُــهُ
بِبَيــداءَ لا مــاءٌ لَــديها وَلا عُشـبُ
وَلازِلَـت مَرهـوبَ السـُطا وَاكِـفَ الحَيا
حُســامُكَ لا يَنبــو وَنــارُكَ لا تَخبـو
محمد بن عبيد الله بن عبدالله، أبو الفتح، المعروف بابن التعاويذي أو سبط ابن التعاويذي.شاعر العراق في عصره، من أهل بغداد مولداً ووفاةً، ولي فيها الكتابة في ديوان المقاطعات، وعمي سنة 579 هـ وهو سبط الزاهد أبي محمد ابن التعاويذي، كان أبوه مولى اسمه (نُشتكين) فسمي عبيد الله.