
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
لـم أدر مصـرع والدي أم مصرعي
هـو لا يعـي وأنـا كـذلك لا أعي
لـو أنصـفوا سفحوا عليّ دموعهم
ونعيـت لو عدل النعاة كما نعي
أو ليــس مـوتي والشـعور ملازمٌ
بـأمر مـن مـوت الحـبيب وافجع
أنـا مـت فيـه ولم أزل متوجعاً
هـو مـات لكـن ليـس بـالمتوجع
أبيقظـة أنا أم سبحت من الكرى
فــي هـول فاجعـة وحلـم مفـزع
أأبـي قضى أو لن أراه ولم يدع
لـي فـي لذيـذ لقـائه من مطمع
أو لا اعـتراض على القضاء لمدعٍ
نفـذ القضـاء فلا اعـتراض لمدّع
يـا نفـس لا تصـغي لحكمـة عاقل
وتلــوعي مـا شـئت أن تتلـوعي
ضـاقت بـي الدنيا وأظلم نورها
وتغيــرت صـور الـديار اللمـع
فـإذا مـررت مـن الريـاض بجنّةٍ
خضـراء كنـت كمـن يمـر ببلقـع
وإذا رأيـت البـدر أبلج طالعاً
أعرضــت عنـه كـأنه لـم يطلـع
يـرد السـلو يريـد صدري منزلا
فـــأرده بلجاجـــة المتمتــع
ويمـر بي نغم البلابل في الضحى
فأخــاله صـوت الغـراب الأبقـع
وأرى الـورود القانيـات أظنها
قطعـاً هـوت مـن قلـبي المتقطع
مـا لـي وللـدنيا طرحت ودادها
وحقـرت نضـرة وجههـا المتصـنع
وعلمت علم الناسكين على الربى
إن الحيــاة سـياحة فـي موضـع
قـد كـان لفظ الموت لا معنى له
عنـدي ولم يك ذا صدى في مسمعي
حــتى أصـبتُ وذقـت مـن ويلاتـه
مـا لـم أذق وجرعت ما لم أجرع
لـو أنهـا يـا أهـل ودي رحلـةٌ
لثلاث حجـــات تمـــر وأربـــع
هـانت علـى كبـدي ولكـن رحلـةٌ
أبديــة مـا بعـدها مـن مرجـع
هــي نكبـة سـقطت علـيّ فصـدّعت
منــي صـميم القلـب كـل مصـدع
أيمـوت مثـل أبـي وكنـت أظنـه
مـن نائبـات زمـانه فـي مفـزع
أيمـوت وهـو يـذوق مـن أغراسه
ثمــراً أقــدمه ولمّــا يشــبع
لهفـي عليـه وقـد تقنص بالدجى
وعلــى صـباحة وجهـه المتقنـع
نفـــس مهذبـــة وقلــب لامــع
بأشــعة التقـوى وفكـر ألمعـي
أبكـي عليـه بمدمعي ولو ان لي
مقـل الغمـام لما بكيت بمدمعي
وإذا بكيـت فإنمـا أبكـي علـى
شـرف الضـمير على جمال المنزع
وعلـى الأمانـة والوفاء كليهما
وعلـى الـوداد الصرف غير مضيّع
وعلـى الشـجاعة يوم طارئةٍ على
سـيلِ الفصـاحة في حديث المجمع
وعلى الطهارة والسماحة والندى
وعلـى المـروءة والشهامة أجمع
أبكـي على الخط البديع وملوءه
سـحر النهى وعلى القريض الأبدع
وعلـى الصـناعة لو أقام بمصنع
في الغرب كان أمام ذاك المصنع
أسـفي علـى يـده الصناع كأنما
هـي لـم تكـن وكأنهـا لم تصنع
أبتـاه والحـدثان فـرق بيننـا
وقســا ورد شــفاعتي وتضــرعي
أبصـرت نـور الكـون بعدك ظلمة
وكـذاك تبصـر أعيـن المتضعضـع
كـالظبي فـارق في الفلاة أليفه
فارتـاع أو كالطـائر المتفـزع
يـزداد بـي لهـبُ الصبابة كلما
طال الزمان على الفراق الموجع
أبكــي عليــك بحرقــةٍ وتفجـع
واللــه يعلـم حرقـتي وتفجعـي
لـو كنـت تعلـم لوعتي وقياسها
لسـألت ربـك عـودة السكنى معي
مـن لـي بقلـب بعـد قلبك مفعم
حبــاً يــرف علـيّ غيـر ملـوع
ويـدٍ أخـط لـك الرثاء بها نمت
فـي مغـرس مـن جـود كفـك ممرع
لـولاك مـا بـرت اليراع ولا درت
صـوغ الكلام علـى الطراز الأرفع
هيهـات أقضـي مـن رثائك واجباً
ولـو اسـتحلت إلـى بحيرة أدمع
أبتـاه ثـق فـي أن مهيعك الذي
ســيرتني فيــه سـيلبث مهيعـي
أحيـا حياتك في الأمانة والتقى
كيـف اتجهـت وفـي الصلاح الأنفع
نم في أمان الله ملء العين في
صـدر الكنيسـة فهـو أهنأ مضجع
مـا احتـاج قـبرك للأزاهـر إنه
قـد فاز منك على الدوام بأضوع
عُصــب الملائك حانيــات حــوله
بـدل الغصـون الحانيـات الأذرع
سـيظل قـبرك كعبـة أسـعى إلـى
أبوابهــا أبــدا بكــل تخشـع
محبوب الخوري الشرتوني.شاعر. مولده بشرتون (في لبنان) تعلم ببيروت ودرس سبع سنوات. ورأس التحرير في جريدة (لبنان) وهاجر إلى المكسيك (1913) ونكب في التجارة. وأصدر جريدة (الرفيق) (1925) وعاش من موردها الضئيل. وأجريت له عملية استئصال المرارة، فمات في المستشفى، مغترباً.له (ديوان شعر - ط) نشر بعد وفاته. وفي شعره جزالة.