
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
لَئِن ثَلَمَــت حَـدّي صـُروفُ النَـوائِبِ
فَقَـد أَخلَصـَت سـَبكي بِنارِ التَجارِبِ
وَفي الأَدَبِ الباقي الَّذي قَد وَهَبنَني
عَـزاءٌ مِـنَ الأَمـوالِ عَـن كُـلِّ ذاهِبِ
فَكَـم غايَـةٍ أَدرَكتُهـا غَيـرَ جاهِـدٍ
وَكَـم رُتبَـةٍ قَـد نِلتُهـا غَيرَ طالِبِ
وَمــا كُـلُّ وانٍ فـي الطِلابِ بِمُخطِـئٍ
وَلا كُــلُّ مـاضٍ فـي الأُمـورِ بِصـائِبِ
سـَمَت بـي إِلـى العَلياءِ نَفسٌ أَبِيَّةٌ
تَـرى أَقبَـحَ الأَشـياءِ أَخذَ المَواهِبِ
بِعَـزمٍ يُرينـي مـا أَمـامَ مَطـالِبي
وَحَـزمٍ يُرينـي مـا وَراءَ العَـواقِبِ
وَمـا عـابَني جـاري سِوى أَنَّ حاجَتي
أُكَلِّفُهـــا مِــن دونِــهِ لِلأَجــانِبِ
وَإِنَّ نَــوالي فـي المُلِمّـاتِ واصـِلٌ
أَباعِـدَ أَهـلِ الحَـيِّ قَبـلَ الأَقـارِبِ
وَلَيـسَ حَسـودٌ يَنشـُرُ الفَضـلَ عائِباً
وَلَكِنَّــهُ مُغــرىً بِعَــدِّ المَنــاقِبِ
وَمــا الجـودُ إِلّا حِليَـةٌ مُسـتَجادَةٌ
إِذا ظَهَـرَت أَخفَـت وُجـوهَ المَعـائِبِ
لَقَـد هَـذَّبَتني يَقظَةُ الرَأيِ وَالنُهى
إِذا هَـذَّبَت غَيـري ضـُروبُ التَجـارِبِ
وَأَكســَبَني قَـومي وَأَعيـانُ مَعشـَري
حِفـاظَ المَعـالي وَاِبتِذالَ الرَغائِبِ
ســَراةٌ يُقِــرُّ الحاسـِدونَ بِفَضـلِهِم
كِـرامُ السـَجايا وَالعُلى وَالمَناصِبِ
إِذا جَلَسـوا كـانوا صـُدورَ مَجـالِسٍ
وَإِن رَكِبـوا كـانوا صـُدورَ مَـواكِبِ
أُسـودٌ تَغـانَت بِالقَنـا عَن عَرينِها
وَبِـالبيضِ عَـن أَنيابِهـا وَالمَخالِبِ
يَجــودونَ لِلراجــي بِكُــلِّ نَفيسـَةٍ
لَـدَيهِم سـِوى أَعراضـِهِم وَالمَنـاقِبِ
إِذا نَزَلـوا بَطـنَ الوِهـادِ لِغـامِضٍ
مِـنَ القَصدِ أَذكَوا نارَهُم بِالمَناكِبِ
وَإِن رَكَـزوا غِـبَّ الطِعـانِ رِمـاحَهُم
رَأَيـتَ رُؤوسَ الأُسـدِ فَـوقَ الثَعـالِبِ
فَأَصـبَحتُ أُفنـي مـا مَلَكـتُ لِأَقتَنـي
بِهِ الشُكرَ كَسباً وَهوَ أَسنى المَكاسِبِ
وَأَرهُــنُ قَـولي عَـن فِعـالي كَـأَنَّهُ
عَصـا الحارِثِ الدُعمِيِّ أَو قَوسَ حاجِبِ
وَمَـن يَـكُ مِثلي كامِلَ النَفسِ يَغتَدي
قَليلاً مُعــاديهِ كَــثيرَ المُصــاحِبِ
فَمـا لِلعِـدى دَبَّـت أَراقِـمُ كَيـدِهِم
إِلَــيَّ وَمـا دَبَّـت إِلَيهِـم عَقـارِبي
وَمـا بـالُهُم عَـدّوا ذُنـوبي كَثيرَةً
وَمـا لِـيَ ذَنـبٌ غَيـرَ نَصـرِ أَقارِبي
وَإِنّـي لَيُـدمي قـائِمُ السَيفِ راحَتي
إِذا دَمِيَـت مِنهُـم خُـدودُ الكَـواعِبِ
وَمـا كُـلُّ مَـن هَـزَّ الحُسـامَ بِضارِبٍ
وَلا كُــلُّ مَـن أَرى اليَـراعَ بِكـاتِبِ
وَمـا زِلتُ فيهِم مِثلَ قِدحِ اِبنِ مُقبِلٍ
بِتِسـعينَ أَمسـى فـائِزاً غَيـرَ خائِبِ
فَـإِن كَلَّمـوا الجُسـومَ مِنّـا فَإِنَّها
فُلـولُ سـُيوفٍ مـا نَبَت في المَضارِبِ
وَمـا عـابَني أَن كَلَّمَتنـي سـُيوفُهُم
إِذا مـا نَبَـت عَنّـي سُيوفُ المَثالِبِ
وَلَمّــا أَبَــت إِلّا نِــزالاً كُمـاتُهُم
دَرَأتُ بِمُهـري فـي صـُدورِ المَقـانِبِ
فَعَلَّمــتُ شــَمَّ الأَرضِ شــُمُّ أُنـوفِهِم
وَعَـوَّدتُ ثَغـرَ التُـربِ لَثمَ التَرائِبِ
بِطَـرفٍ عَلا فـي قَبضـِهِ الريـحُ سابِحٌ
لَــهُ أَربَــعٌ تَحكـي أَنامِـلَ حاسـِبِ
تَلاعَــبَ أَثنــاءَ الحُســامِ مُزاحُـهُ
وَفـي الكَـرِّ يُبـدي كَـرَّةً غَيـرَ لاعِبِ
وَمَســرودَةٍ مِــن نَسـجِ داوُدَ نَـثرَةٍ
كَلَمــعِ غَــديرٍ مــاؤُهُ غَيـرُ ذائِبِ
وَأَســمَرَ مَهــزوزَ المَعـاطِفِ ذابِـلٍ
وَأَبيَــضَ مَسـنونِ الغِرارَيـنِ قاضـِبِ
إِذا صـَدَفَتهُ العَيـنُ أَبـدى تَوَقُّـداً
كَـأَنَّ عَلـى مَتنَيـهِ نـارَ الحُبـاحِبِ
ثَنـى حَـدَّهُ فَـرطُ الضـِرابِ فَلَم يَزَل
حَديـدَ فِرِنـدِ المَتـنِ رَثِّ المَضـارِبِ
صـَدَعتُ بِـهِ هـامَ الخُطـوبِ فَرُعنَهـا
بِأَفضــَلِ مَضــروبٍ وَأَفضــَلِ ضــارِبِ
وَصــَفراءُ مِـن رَوقِ الأَواري نَحيفَـةٍ
إِذا جُــذِبَت صـَرَّت صـَريرَ الجَنـادِبِ
لَهــا وَلَـدٌ بَعـدَ الفِطـامِ رَضـاعُهُ
يُســِرُّ عُقوقــاً رَفضـُهُ غَيـرُ واجِـبِ
إِذا قَـرَّبَ الرامـي إِلـى فيهِ نَحرَهُ
سـَعى نَحـوَهُ بِالقَسـرِ سـَعيَ مُجـانِبِ
فَيُقبِــلُ فــي بُطـءٍ كَخُطـوَةِ سـارِقٍ
وَيُــدبِرُ فــي جَـريٍ كَرَكضـَةِ هـارِبِ
هُنـاكَ فَجَـأتُ الكَبـشَ مِنهُـم بِضَربَةٍ
فَرَقـتُ بِهـا بَيـنَ الحَشى وَالتَرائِبِ
لَـدى وَقعَـةٍ لا يُقـرَعُ السَمعُ بَينَها
بِغَيـرِ اِنتِدابِ الشوسِ أَو نَدبِ نادِبِ
فَقُـل لِلَّـذي ظَـنَّ الكِتابَـةَ غـايَتي
وَلا فَضـلَ لـي بَينَ القَنا وَالقَواضِبِ
بِحَــدٍّ يَراعــي أَم حُسـامي عَلَـوتُهُ
وَبِـالكُتبِ أَردَينـاهُ أَم بِالكَتـائِبِ
وَكَـم لَيلَـةٍ خُضـتُ الـدُجى وَسـَماؤُهُ
مُعَطَّلَــةٌ مِــن حَلــيِ دُرِّ الكَـواكِبِ
سـَرَيتُ بِهـا وَالجَـوُّ بِالسـُحبِ مُقتِمٌ
فَلَمّـا تَبَـدّى النَجـمُ قُلـتُ لِصاحِبي
أَصــاحِ تَـرى بَرقـاً أُريـكَ وَميضـَهُ
يُضــيءُ ســَناهُ أَم مَصـابيحَ راهِـبِ
بِحَـرفٍ حَكـى الحَـرفَ المُفَخَّمَ صَوتُها
ســَليلَةِ نُجــبٍ أُلحِقَــت بِنَجــائِبِ
تَعـافُ وُرودَ المـاءِ إِن سَبَقَ القَطا
إِلَيـهِ وَمـا أَمَّـت بِـهِ في المَشارِبِ
قَطَعـتُ بِهـا خَـوفَ الهَـوانِ سَباسِباً
إِذا قُلــتُ تَمَّــت أَردَفَـت بِسَباسـِبِ
يُسـامِرُني فـي الفِكـرِ كُـلُّ بَديعَـةٍ
مُنَزَّهَــةِ الأَلفـاظِ عَـن قَـدحِ عـائِبِ
يُنَزِّلُهــا الشـادونَ فـي نَغَمـاتِهِم
وَتَحـدو بِهـا طَـوراً حُداةُ الرَكائِبِ
فَـأَدرَكتُ مـا أَمَّلـتُ مِن طَلَبِ العُلا
وَنَزَّهــتُ نَفسـي عَـن طِلابِ المَـواهِبِ
وَنِلـتُ بِها سُؤلي مِنَ العِزِّ لا الغِنى
وَمـا عُـدَّ مَـن عـافَ الهِباتِ بِخائِبِ
عبد العزيز بن سرايا بن علي بن أبي القاسم، السنبسي الطائي. شاعر عصره، ولد ونشأ في الحلة، بين الكوفة وبغداد، واشتغل بالتجارة فكان يرحل إلى الشام ومصر وماردين وغيرها في تجارته ويعود إلى العراق. انقطع مدة إلى أصحاب ماردين فَتَقَّرب من ملوك الدولة الأرتقية ومدحهم وأجزلوا له عطاياهم. ورحل إلى القاهرة، فمدح السلطان الملك الناصر وتوفي ببغداد. له (ديوان شعر)، و(العاطل الحالي): رسالة في الزجل والموالي، و(الأغلاطي)، معجم للأغلاط اللغوية و(درر النحور)، وهي قصائده المعروفة بالأرتقيات، و(صفوة الشعراء وخلاصة البلغاء)، و(الخدمة الجليلة)، رسالة في وصف الصيد بالبندق.