
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
خَلَــعَ لرَبيــعُ عَلــى غُصـونِ البـانِ
حُلَلاً فَواضـــِلُها عَلـــى الكُثبـــانِ
وَنَمَــت فُــروعُ الـدَوحِ حَتّـى صـافَحَت
كَفَـــلَ الكَـــثيبِ ذَوائِبُ الأَغصـــانِ
وَتَتَـــوَّجَت هــامُ الغُصــونِ وَضــَرَّجَت
خَـــدَّ الرِيــاضِ شــَقائِقُ النُعمــانِ
وَتَنَــوَّعَت بُســطُ الرِيــاضِ فَزَهرُهــا
مُتَبــــايِنُ الأَشــــكالِ وَالأَلـــوانِ
مِــن أَبيَــضٍ يَقَــقٍ وَأَصــفَرَ فــاقِعٍ
أَو أَزرَقٍ صــــافٍ وَأَحمَـــرَ قـــاني
وَالظِــلُّ يَسـرِقُ فـي الخَمـائِلِ خَطـوَهُ
وَالغُصــنُ يَخطِــرُ خِطــرَةَ النَشــوانِ
وَكَأَنَّمـــا الأَغصــانُ ســوقُ رَواقِــصٍ
قَـــد قُيَّـــدَت بِسَلاســـِلِ الرَيحــانِ
وَالشــَمسُ تَنظُــرُ مِــن خِلالِ فُروعِهـا
نَحــوَ الحَــدائِقِ نَظــرَةَ الغَيــرانِ
وَالطَلــعُ فــي خَلَـلِ الكِمـامِ كَـأَنَّهُ
حُلَـــلٌ تَفَتَّــقُ عَــن نُحــورِ غَــوانِ
وَالأَرضُ تَعجِــبُ كَيــفَ تَضـحَك وَالحَيـا
يَبكــــــي بِـــــدَمعٍ دائِمِ الهَمَلانِ
حَتّــى إِذا اِفتَــرَّت مَباســِمُ زَهرِهـا
وَبَكـــى الســـَحابُ بِمَــدمَعٍ هَتّــانِ
ظَلَّـــت حَـــدائِقُهُ تُعـــاتِبُ جَــونَهُ
فَأَجـــابَ مُعتَـــذِراً بِغَيــرِ لِســانِ
طَفَــحَ الســُرورُ عَلَــيَّ حَتّــى إِنَّــهُ
مِــن عِظــمِ مـا قَـد سـَرَّني أَبكـاني
فَاِصــرِف هُمومَــكَ بِــالرَبيعِ وَفَصـلِهِ
إِنَّ الرَبيــعَ هــوَ الشـَبابُ الثـاني
إِنّــي وَقَــد صـَفَتِ المِيـاهُ وَزُخرِفَـت
جَنّـــاتُ مِصـــرَ وَأَشــرَقَ الهَرمــانِ
وَاِخضـــَرَّ واديهـــا وَحَــدَّقَ زَهــرُهُ
وَالنيـــلُ فيـــهِ كَكَــوثَرٍ بِجِنــانِ
وَبِــهِ الجَــواري المُنشــَآتُ كَأَنَّهـا
أَعلامُ بيــــدٍ أَو فُــــروعُ قِنـــانِ
نَهَضــَت بِأَجنِحَــةِ القُلــوعِ كَأَنَّهــا
عِنـــدَ المَســيرِ تَهُــمُّ بِــالطَيَرانِ
وَالمــاءُ يُسـرِعُ فـي التَـدَفُّقِ كُلَّمـا
عَجِلَــت عَليـهِ يَـدُ النَسـيمِ الـواني
طَـــوراً كَأَســـنِمَةِ القِلاصِ وَتـــارَةً
مُتَفَتِّـــــلٌ كَأَكــــارِعِ الغِــــزلانِ
حَتّـــى إِذاكُســِرَ الحَليــجُ وَقُســِّمَت
أَمـــواهُ لُجَّتِـــه عَلــى الخُلجــانِ
سـاوى البِلادَ كَمـا تُسـاوي في النَدى
بَيـــنَ الأَنــامِ مَــواهِبُ الســُلطانِ
الناصــِرُ المَلِــكُ الَّـذي فـي عَصـرِهِ
شــِكرَ الظِبــاءُ صــَنيعَةَ الســِرحانِ
مَلِــكٌ إِذا اِكتَحَــلَ المُلـوكِ بِنـورِهِ
خَـــرّوا لِهَيبَتِـــهِ إِلــى الأَذقــانِ
وَإِذا جَـرى بَيـنَ الـوَرى ذِكـرُ اِسـمِهِ
تُغنيـــهِ شـــُهرَتُهُ عَــنِ اِبــنِ فُلانِ
مِـن مَعشـَرٍ خَزَنـوا الثَنـاءَ وَقَطَّعـوا
بِغِنــا النُضــارِ جَــوائِزَ الحُــزّانِ
قَــومٌ يَــرَونَ المَــنَّ عِنـدَ عَطـائِهِم
شـــِركاً بِوَصــفِ الواحِــدِ المَنّــانِ
الموقِــدونَ تَحــتَ المَراجِـلِ لِلقِـرى
فَضــَلاتِ مــا حَطَمــوا مِــنَ المُـرّانِ
إِن أَخرَســَت فِلَــذُ العَقيــرِ كِلابَهُـم
دَعَــوُا الضــُيوفَ بِأَلســُنِ النيـرانِ
أُســدٌ رَوَت يَــومَ الهِيــاجِ أَكُفُّهُــم
بِـــدَمِ الأُســودِ ثَعــالِبَ الخِرصــانِ
قَصـَفوا القَنـا فـي صـَدرِ كُـلِّ مُـدَرَّعٍ
وَالــبيضَ فــي الأَبــدانِ وَالأَبــدانِ
قَـــد عَـــزَّ ديــنُ مُحَمَّــدٍ بِســَمِيِّهِ
وَســـَما بِنُصـــرَتِهِ عَلــى الأَديــانِ
مَلِـــكٌ تَعَبَّـــدَتِ المُلـــوكُ لِأَمــرِهِ
وَكَـــذاكَ دَولَـــةُ كُـــلِّ رَبِّ قِــرانِ
وافــى وَقَــد عـادَ السـَماحُ وَأَهلُـهُ
رِمَمــاً فَكـانَ لَـهُ المَسـيحَ الثـاني
فَــالطَيرُ تَلجَــأُ بِالحُصــونِ لِأَنَّهــا
بِنَــداهُ لَــم تَــأمَن مِـنَ الطَوفـانِ
لا عَيـــبَ فـــي نُعمــاهُ إِلّا أَنَّهــا
يَســلو الغَريــبُ بِهـا عَـنِ الأَوطـانِ
شــاهَدتُهُ فَشــَهِدتُ لُقمــانَ الحِجــى
وَنَظَــرتُ كِسـرى العَـدلِ فـي الإيـوانِ
وَرَأَيـــتُ مِنـــهُ ســَماحَةً وَفَصــاحَةً
أَعـــدى بِفَيضــِهِما يَــدي وَلِســاني
يـا ذا الَّـذي شـَغَلَ الزَمـانَ بِنَفسـِهِ
فَأَصـــَمَّ ســـَمعَ طَــوارِقِ الحِــدثانِ
لَـو يَكتَـبُ اِسـمُكَ بِالصـَوارِمِ وَالقَنا
أَغنــى عَــنِ التَضــرابِ وَالتَطعــانِ
وَكَتيبَــةٌ ضــَرَبَ العَجــاجُ رِواقَهــا
مِــن فَــوقِ أَعمِـدَةِ القَنـا المُـرّانِ
نَسـَجَ الغُبـارُ عَلـى الجِيـادِ مَدارِعاً
مَوصــــولَةً بِمَــــدارِعِ الفُرســـانِ
وَدَمٌ بِأَذيــــالِ الـــدُروعِ كَـــأَنَّهُ
حَــولَ الغَــديرِ شــَقائِقُ النُعمــانِ
حَتّــى إِذا اِســتَعَرَ الـوَغى وَتَتَبَّعَـت
بيـــضُ الصــِفاحِ مَكــامِنَ الأَضــغانِ
فَعَلَــت دُروعُــكَ عِنــدَها بِســُيوفِهِم
فِعـــلَ الســَرابِ بِمُهجَــةِ الظَمــآنِ
وَبَــرَزتَ تَلفِظُــكَ الصــُفوفُ إِلَيهِــم
لَفــظَ الزَنــادِ ســَواطِعَ النيــرانِ
بَــأَقَبَّ يَعصــي الكَــفَّ ثُــمَّ يُطيعُـهُ
فَتَـــراهُ بَيـــنَ تَســـَرُّعٍ وَتَـــوانِ
قَـــد أَكســـَبَتهُ رِياضـــَةً سُوّاســُهُ
فَتَكـــادُ تَركُضـــُهُ بِغَيـــرِ عِنــانِ
كَالصَقرِ في الطَيَرانِ وَالطاووسِ في ال
خَطَــرانِ وَالخَطّــافِ فــي الرَوغــانِ
يَرنــو إِلــى حُبُـكِ السـَماءِ تَوَهُّمـاً
أَنَّ المَجَــــرَّةَ حَلبَـــةُ المَيـــدانِ
لَـو قيـلَ عُـج نَحـوَ السـَماءِ مُبادِراً
وَطِئَت يَـــداهُ دَوابِـــرَ الـــدَبَرانِ
أَو قيـلَ جُـز فَـوقَ الصـِراطِ مُسـارِعاً
لَمَشـــى عَليـــهِ مِشــيَةَ الســَرَطانِ
وَفَلَلـــتَ حَـــدَّ جُمــوعِهِم بِصــَوارِمٍ
كَكَـــراكَ نـــافِرَةٍ عَـــنِ الأَجفــانِ
ضــَلَّت فَظَنَّــت فــي مُقارِعَـةِ العِـدى
أَنَّ الغُمـــودَ مَعاقِـــدُ التيجـــانِ
صــَيَّرتَ هامــاتِ الكُمــاةِ صــَوامِعاً
وَكَواســـِرَ العِقبـــانِ كَالرَهبـــانِ
يـا ذا الَّـذي خَطَـبَ المَديـحَ سـَماحُهُ
فَنَــداهُ قَبــلَ نِــدايَ قَــد لَبّـاني
أَقصــَيتَني بِــالجودِ ثُــمَّ دَعَــوتَني
فَنَـــداكَ أَبعَـــدَني وَإِن أَدنـــاني
ضــاعَفتَ بِـرَّكَ لـي وَلـو لَـم تـولِني
إِلّا القُبــــولَ عَطِيَّــــةً لَكَفـــاني
فَنَـــأَيتُ عَنــكَ وَلَســتُ أَوَّلَ حــازِمٍ
خــافَ النِــزولَ بِمَهبِــطِ الطوفــانِ
عِلمــي بِصـَرفِ الـدَهرِ أَخلـى مَعهَـدي
مِنّـــي وَصــَرَّفَ فــي البِلادِ عِنــاني
وَلَرُبَّمـــا طَلَــبَ الحَريــصُ زِيــادَةً
فَغَـــدَت مُؤَدِّيَـــةً إِلــى النُقصــانِ
فَلَئِن رَحَلــتُ فَقَــد تَرَكــتُ بَـدائِعاً
غَصــَبَت فُصــولَ الحُكــمِ مِـن لُقمـانِ
وَخَريــدَةً هِــيَ فـي الجَمـالِ فَريـدَةٌ
فَهِــيَ الغَريبَــةُ وَهـيَ فـي الأَوطـانِ
مُعتــادَةً تَهَــبُ الحَليــلَ صــَداقَها
فَخـــراً عَلــى الأَكفــاءِ وَالأَقــرانِ
لا عَيــبَ فيهــا وَهـوَ شـاهِدُ حُسـنِها
إِلّا تَبَرَّجَهـــــا بِكُـــــلِّ مَكــــانِ
قَلَّـــت وَإِن حَلَّــت صــَنائِعَ لَفظِهــا
لَكُـــم وَإِن نَطَقَـــت بِســِحرِ بَيــانِ
فَجَميـــلُ صـــُنعِكُمُ أَجَــلُّ صــَنائِعاً
وَبَــــديعُ فَضــــلِكُمُ أَدَقُّ مَعــــانِ
عبد العزيز بن سرايا بن علي بن أبي القاسم، السنبسي الطائي. شاعر عصره، ولد ونشأ في الحلة، بين الكوفة وبغداد، واشتغل بالتجارة فكان يرحل إلى الشام ومصر وماردين وغيرها في تجارته ويعود إلى العراق. انقطع مدة إلى أصحاب ماردين فَتَقَّرب من ملوك الدولة الأرتقية ومدحهم وأجزلوا له عطاياهم. ورحل إلى القاهرة، فمدح السلطان الملك الناصر وتوفي ببغداد. له (ديوان شعر)، و(العاطل الحالي): رسالة في الزجل والموالي، و(الأغلاطي)، معجم للأغلاط اللغوية و(درر النحور)، وهي قصائده المعروفة بالأرتقيات، و(صفوة الشعراء وخلاصة البلغاء)، و(الخدمة الجليلة)، رسالة في وصف الصيد بالبندق.