
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أَتَعْـرِفُ رَسـْماً دَارِسـاً قَـدْ تَغَيَّرا
بِـذَرْوَةَ أَقْـوَى بَعْـدَ لَيْلَى وَأَقْفَرا
كَمَــا خَــطَّ عِبْرَانِيَّــةً بِيَمِينِــهِ
بِتَيْمــاءَ حَبْـرٌ ثُـمَّ عَـرَّضَ أَسـْطُرا
أَقُـولُ وَقَـدْ شـُدَّتْ بِرَحْلِـيَ نَـاقَتِي
وَنَهْنَهْـتُ دَمْـعَ الْعَيْـنِ أَنْ يَتَحَدَّرا
عَلَـى أُمِّ بَيْضـاءَ السـَّلَامُ مُضـَاعَفاً
عَدِيـدَ الْحَصَى مَا بَيْنَ حِمْصَ وَشَيْزَرا
وَقُلْـتُ لَهَـا يَـا أُمَّ بَيْضـاءَ إِنَّـهُ
كَـذَلِكَ بَيْنـا يُعْـرَفُ الْمَرْءُ أُنْكِرا
فَقَوْلُ ابْنَتِي أَصْبَحْتَ شَيْخاً وَمَنْ أَكُنْ
لَـهُ لِـدَةً يُصـْبِحْ مِنَ الشَّيْبِ أَوْجَرا
كَـأَنَّ الشـَّبَابَ كَـانَ رَوْحَـةَ رَاكِـبٍ
قَضـَى أَرَبـاً مِـنْ أَهْلِ سُقْفٍ لِغَضْوَرا
لَقَـوْمٌ تَصـَابَبْتُ الْمَعِيشـَةَ بَعْـدَهُمْ
أَعَــزُّ عَلَــيَّ مِــنْ عِفَـاءٍ تَغَيَّـرا
تَـذَكَّرْتُ لَمَّـا أَثْقَـلَ الدَّيْنُ كَاهِلِي
وَصــَانَ يَزِيــدٌ مَــالَهُ وَتَعَــذَّرا
رِجَـالاً مَضـَوا مِنِّـي فَلَسـْتُ مُقَايِضاً
بِهِـمْ أَبَداً مِنْ سَائِرِ النَّاسِ مَعْشَرا
وَلَمَّــا رَأَيْـتُ الْأَمْـرَ عَـرْشَ هَوِيَّـةٍ
تَســَلَّيْتُ حَاجَـاتِ الْفُـؤادِ بِشـَمَّرا
فَقَرَّبْــتُ مُبْــرَاةً تَخَـالُ ضـُلُوعَها
مِـنَ الْماسـِخِيَّاتِ الْقِسـِيَّ الْمُؤَتَّرا
جُمَالِيَّـةٌ لَـوْ يُجْعَـلُ السَّيْفُ غَرْضَها
عَلَــى حَـدِّهِ لَاسـْتَكْبَرَتْ أَنْ تَضـَوَّرا
وَلَا عَيْـبَ فـي مَكْرُوهِهـا غَيْـرَ أَنَّهُ
تَبَـدَّلَ جَوْنـاً بَعْـدَ ما كَانَ أَزْهَرا
كَــأَنَّ ذِرَاعَيْهــا ذِرَاعَــا مُدِلَّـةٍ
بُعَيْـدَ السـِّبَابِ حَـاوَلَتْ أَنْ تَعَذَّرا
مُمَجَّـدَةِ الْأَعْـرَاقِ قَـالَ ابْـنُ ضـَرَّةٍ
عَلَيْهـا كَلَامـاً جَـارَ فِيـهِ وَأَهْجَرا
تَقُـولُ لَهَـا جَارَاتُهـا إِذْ أَتَيْنَها
يَحِــقُّ لِلَيْلَـى أَنْ تُعـانَ وَتُنْصـَرا
يَغَــرْنَ لِمِبْهَـاجٍ أَزَالَـتْ حَلِيلَهَـا
غَمَامَـةُ صـَيْفٍ مَاؤُهـا غَيْـرُ أَكْدَرا
مِنَ الْبِيضِ أَعْطَافاً إِذَا اتَّصَلَتْ دَعَتْ
فِـرَاسَ بْنَ غَنْمٍ أَوْ لَقِيطَ بْنَ يَعْمُرا
بِهَــا شـَرَقٌ مِـنْ زَعْفَـرَانٍ وَعَنْبَـرٍ
أَطَارَتْ مِنَ الْحُسْنِ الرِّدَاءَ الْمُحَبَّرا
تَقُـولُ وَقَـدْ بَـلَّ الـدُّمُوعُ خِمَارَها
أَبَــى عِفَّتِـي وَمَنْصـِبِي أَنْ أُعَيَّـرا
كَـأَنَّ ابْـنَ آوَى مُوثَـقٌ تَحْتَ غَرْضِها
إِذَا هُـوَ لَـمْ يَكْلِـمْ بِنَابَيْهِ ظَفَّرا
كَــأَنَّ بِـذِفْرَاها مَنَادِيـلَ قَـارَفَتْ
أَكُــفَّ رِجَـالٍ يَعْصـِرُونَ الصـَّنَوْبَرا
وَتَقْسـِمُ طَـرْفَ الْعَيْنِ شَطْراً أَمَامَها
وَشـَطْراً تَـرَاهُ خِشْيَةَ السَّوْطِ أَخْزَرا
لَهَـا مَنْسـِمٌ مِثْـلُ الْمَحَـارَةِ خُفُّـهُ
كَـأَنَّ الْحَصـَى مِنْ خَلْفِهِ خَذْفُ أَعْسَرا
إِذَا وَرَدَتْ مَــاءً هُــدُوءاً جِمَـامُهُ
أَصــَاتَ سَدِيســَاهَا بِــهِ فَتَشـَوَّرا
وَقَـدْ أَنْعَلَتْهـا الشـَّمْسُ نَعْلاً كَأَنَّهُ
قَلُــوصُ نَعَـامٍ زِفُّهـا قَـدْ تَمَـوَّرا
سـَرَتْ مِـنْ أَعَـالِي رَحْرَحَانَ فَأَصْبَحَتْ
بِفَيْـدٍ وَبَـاقِي لَيْلِهـا مَـا تَحَسَّرا
إِذَا قَطَعَـتْ قُفّـاً كُمَيْتـاً بَدَا لَها
ســَمَاوَةُ قُــفٍّ بَيْـنَ وَرْدٍ وَأَشـْقَرا
وَرَاحَـتْ رَوَاحـاً مِـنْ زَرُودَ فَنَازَعَتْ
زُبَالَـةَ جِلْبَابـاً مِنَ اللَّيْلِ أَخْضَرا
فَأَضـْحَتْ بِصـَحْرَاءِ الْبُسـَيْطَةِ عَاصِفاً
تُوَلِّي الْحَصَى سُمْرَ الْعُجَايَاتِ مُجْمَرا
وَكَـادَتْ عَلَى ذَاتِ التَّنَانِيرِ تَرْتَمِي
بِهَا الْقُورُ مِنْ حَادٍ حَدَا ثُمَّ بَرْبَرا
وَأَضـْحَتْ عَلَـى مَاءِ الْعُذَيْبِ وَعَيْنُها
كَـوَقْبِ الصـَّفَا جِلْسـِيُّها قَدْ تَغَوَّرا
فَلَمَّـا دَنَـتْ لِلْبَطْـنِ عَاجَتْ جِرَانَها
إِلَـى حَـارِكٍ يَنْمِـي بِهِ غَيْرُ أَدْبَرا
وَقَـدْ أَلْبَسـَتْ أَعْلَى الْبُرَيْدَيْنِ غُرَّةً
مِنَ الشَّمْسِ إِلْباسَ الْفَتَاةِ الْحَزَوَّرا
وَأَعْــرَضَ مِـنْ خَفَّـانَ أُجْـمٌ يَزِينُـهُ
شـَمَارِيخُ بَاهَـا بَانِيَـاهُ الْمُشَقَّرا
فَرَوَّحَهـا الرَّجَـافَ خَوْصـَاءَ تَحْتَـذِي
عَلَـى الْيَمِّ بَارِيَّ الْعِرَاقِ الْمُضَفَّرا
تَحِـنُّ عَلَـى شـَطِّ الْفُـرَاتِ وَقَدْ بَدَا
سـُهَيْلٌ لَهـا مِـنْ دُونِهِ سَرْوُ حِمْيَرا
فَفَـاءَتْ إِلَـى قَـوْمٍ تُرِيـحُ رِعَاؤُهُمْ
عَلَيْهـا ابْـنَ عِرْسٍ وَالْإِوَزَّ الْمُكَفَّرا
إِذَا نَـاهَبَتْ وُرْدَ الْبَرَاذِيـنِ حَظَّها
مِـنَ الْقَـتِّ لَمْ يُنْظِرْنَها أَنْ تَحَدَّرا
كَـأَنَّ عَلَـى أَنْيَابِهـا حِيـنَ يَنْتَحِي
صـِيَاحَ الـدَّجَاجِ غُـدْوَةً حِيـنَ بَشَّرا
إِذَا ارْتَـدَفَاهَا بَعْـدَ طُولِ هِبَابِها
أَبَسـَّا بِهَـا مِـنْ خَشـْيَةٍ ثُمَّ قَرْقَرا
وَقَـدْ لَبِسـَتْ عِنْـدَ الْإِلَهَـةِ سـَاطِعاً
مِـنَ الْفَجْرِ لَمَّا صَاحَ بِاللَّيْلِ بَقَّرا
فَلَمَّـا تَـدَلَّتْ مِـنْ أُجَـارِدَ أَرْقَلَـتْ
وَجَــاءَتْ بِمَـاءٍ كَالْعَنِيَّـةِ أَصـْفَرا
فَكُـلُّ بَعِيـرٍ أَحْسـَنَ النَّـاسُ نَعْتَـهُ
وَآخَـرَ لَـمْ يُنْعَـتْ فِـدَاءٌ لِضـَمْزَرا
الشَّمّاخُ هُوَ مَعْقِلٌ بْنُ ضِرارٍ الذُّبْيانِيُّ، شاعِرٌ مُخَضْرَمٌ أَدْرَكَ الجاهِلِيَّةَ وَالإِسْلامَ وَأَسْلَمَ، كانَ أَوْصَفَ الشُّعَراءِ لِلحُمُرِ الوَحْشِيَّةِ وَالقِسِيِّ، وأَرْجَزَ النَّاسِ عَلى بَديهَةٍ. وَهُوَ شاعِرٌ مُجِيدٌ شَدِيدٌ مُتُونُ الشِّعْرِ جَعَلَهُ ابْنُ سَلّامٍ فِي الطَّبَقَةِ الثّالِثَةِ مَعَ النَّابِغَةِ الجَعْدِيِّ وَلَبِيدٍ وَأَبِي ذُؤْيَبٍ الهُذليّ، وَلَهُ أَخَوانِ شاعِرانِ هُما: مُزَرَّدٌ وَجُزْءٌ، تُوُفِّيَ فِي غَزوَةِ مُوقانَ حَوالَيْ سَنَةِ 22 هـ/643م.