
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
كَـأَنِّي كَسَوْتُ الرَّحْلَ جَوْناً رَبَاعِياً
بِلِيتَيْـهِ مِـنْ زَرِّ الْحَمِيـرِ كُلُـومُ
عُلَنْـدَى مِصـَكَّاً قَـدْ أَضـَرَّ بِعَانَـةٍ
لِمَـا شـَذَّ مِنْهـا أَوْ عَصـَاهُ عَذُومُ
تَرَبَّــعَ أَكْنَـافَ الْقَنَـانِ فَصـَارَةٍ
فَمَـا وَانَ حَتَّـى قَـاظَ وَهْـوَ زَهُومُ
إِلَـى أَنْ عَلَاهُ الْقَيْظُ وَاسْتَنَّ حَوْلَهُ
أَهَــابِيُّ مِنْهــا حَاصــِبٌ وَسـَمُومُ
وَأَعـوَزَهُ بَـاقِي النِّطَـافِ وَقَلَّصـَتْ
ثَمَائِلُهــا وَفِـي الْوُجُـوهِ سـُهُومُ
وَحَلَّأَهــا حَتَّــى إِذَا تَـمَّ ظِمْؤُهـا
وَقَـدْ كَـادَ لَا يَبْقَـى لَهُـنَّ شـُحُومُ
فَظَـلَّ سـَرَاةَ الْيَـوْمِ يَقْسـِمُ أَمْرَهُ
مُشــِتٌّ عَلَيْـهِ الْأَمْـرُ أَيْـنَ يَـرُومُ
وَأَقْلَقَــهُ هَــمٌّ دَخِيــلٌ يَنُــوبُهُ
وَهَــاجِرَةٌ جَــرَّتْ عَلَيْــهِ صــَدُومُ
بِرَابِيَــةٍ يَنْحَــطُّ عَنْهـا مُعَشـِّراً
وَيَعْلُــو عَلَيْهــا تَـارَةً فَيَصـُومُ
وَظَلَّـتْ كَـأَنَّ الطَّيْـرَ فَوْقَ رُؤُوسِها
صـِيَاماً تُرَاعِـي الشَّمْسَ وَهْوَ كَظُومُ
مَخَافَــةَ مَخْشــِيِّ الشـَّذَاةِ عَـذَوَّرٍ
لِنَــابَيْهِ فــي أَكْفَـالِهِنَّ كُلُـومُ
إِلَى أَنْ أَجَنَّ اللَّيْلُ وَانْقَضَّ قَارِباً
عَلَيْهِــنَّ جَيَّــاشَ الْجِــرَاءِ أَزُومُ
وَكَمَّشــَها ثَبْــتُ الْحِضــَارِ مُلَازِمٌ
لِمَـا ضـَاعَ مِـنْ أَدْبَـارِهِنَّ لَـزُومُ
فَأَوْرَدَهــا مَــاءً بِغَضـْوَرَ آجِنـاً
لَـهُ عَرْمَـضٌ كَالْغِسـْلِ فِيـهِ طُمُـومُ
بِحَضـــْرَتِهِ رَامٍ أَعَـــدَّ ســَلَاجِماً
وَبِـالْكَفِّ طَـوْعُ الْمِرْكَضـَيْنِ كَتُـومُ
فَلَمَّـا دَنَـتْ لِلْمَـاءِ هِيماً تَعَجَّلَتْ
رَبَاعِيَـــةٌ لِلْهَادِيَـــاتِ قَــدُومُ
فَـدَلَّتْ يَـدَيْها وَاسـْتَغَاثَتْ بِبَرْدِهِ
عَلَــى ظَمَـإٍ مِنْهـا وَفِيـهِ جُمُـومُ
فَـأَهْوَى بِمَفْتُـوقِ الْغِرَارَيْنِ مُرْهَفٍ
عَلَيْـهِ لُـؤَامُ الرِّيـشِ فَهْـوَ قَتُومُ
فَأَنْفَـذَ حِضـْنَيْها وَجَـالَ أَمَامَهـا
طَمِيـلٌ يُفَـرِّي الْجَـوْفَ وَهْـوَ سَلِيمُ
فَـوَلَّتْ وَوَلَّـى الْعَيْرُ فِيها كَأَنَّما
يُلَهَّـــبُ فــي آثــارِهِنَّ ضــَرِيمُ
وَغَادَرَهــا تَكْبُـو لِحُـرِّ جَبِينِهـا
كِلَا مَنْخِرَيْهـــا بِــالنَّجِيعِ رَذُومُ
الشَّمّاخُ هُوَ مَعْقِلٌ بْنُ ضِرارٍ الذُّبْيانِيُّ، شاعِرٌ مُخَضْرَمٌ أَدْرَكَ الجاهِلِيَّةَ وَالإِسْلامَ وَأَسْلَمَ، كانَ أَوْصَفَ الشُّعَراءِ لِلحُمُرِ الوَحْشِيَّةِ وَالقِسِيِّ، وأَرْجَزَ النَّاسِ عَلى بَديهَةٍ. وَهُوَ شاعِرٌ مُجِيدٌ شَدِيدٌ مُتُونُ الشِّعْرِ جَعَلَهُ ابْنُ سَلّامٍ فِي الطَّبَقَةِ الثّالِثَةِ مَعَ النَّابِغَةِ الجَعْدِيِّ وَلَبِيدٍ وَأَبِي ذُؤْيَبٍ الهُذليّ، وَلَهُ أَخَوانِ شاعِرانِ هُما: مُزَرَّدٌ وَجُزْءٌ، تُوُفِّيَ فِي غَزوَةِ مُوقانَ حَوالَيْ سَنَةِ 22 هـ/643م.