
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أَصــَحَوْتَ الْيَـوْمَ أَمْ شـَاقَتْكَ هِـرْ
وَمِـــنَ الْحُــبِّ جُنُــونٌ مُســْتَعِرْ
لَا يَكُـــنْ حُبُّـــكِ دَاءً قَـــاتِلاً
لَيْــسَ هَــذَا مِنْــكِ مَـاوِيَّ بِحُـرْ
كَيْـفَ أَرْجُـو حُبَّهـا مِـنْ بَعْـدِ مَا
عَلِــقَ الْقَلْــبُ بِنُصــْبٍ مُسْتَســِرْ
أَرَّقَ الْعَيْــنَ خَيَــالٌ لَــمْ يَقِـرْ
طَــافَ وَالرَّكْــبُ بِصــَحْرَاءِ يُسـُرْ
جَــازَتِ الْبِيــدَ إِلَــى أَرْحُلِنَـا
آخِــرَ اللَّيْــلِ بِيَعْفُــورٍ خَــدِرْ
ثُـــمَّ زَارَتْنِــي وَصــَحْبِي هُجَّــعٌ
فِــي خَلِيــطٍ بَيْــنَ بُـرْدٍ وَنَمِـرْ
تَخْلِــسُ الطَّــرْفَ بِعَيْنَــيْ بُرْغُـزٍ
وَبِخَــــدَّيْ رَشــــَإٍ آدَمَ غِــــرْ
وَلَهَـــا كَشــْحَا مَهَــاةٍ مُطْفِــلٍ
تَقْتَـرِي بِالرَّمْـلِ أَفْنَـانَ الزََهَـرْ
وَعَلَــى الْمَتْنَيْــنِ مِنْهَــا وَارِدٌ
حَســَنُ النَّبْــتِ أَثِيــثٌ مُســْبَطِرْ
جَأبَــةُ الْمِــدْرَى لَهَـا ذُو جُـدَّةٍ
تَنْفُــضُ الضـَّالَ وَأَفْنَـانَ السـَّمُرْ
بَيْــنَ أَكْنَــافِ خُفَــافٍ فَـاللِّوَى
ُمُخْـرِفٌ تَحْنُـو لِرَخْـصِ الظِّلْـفِ حُـرْ
تَحْســِبُ الطَّــرْفَ عَلَيْهَــا نَجْـدَةً
يَــا لِقَـوْمِي لِلشـَّبَابِ المُسـْبَكِرْ
حَيْثُمَــا قَــاظُوا بِنَجْـدٍ وَشـَتَوْا
حَـوْلَ ذَاتِ الْحَـاذِ مِـنْ ثِنْيَيْ وُقُرْ
فَلَــهُ مِنْهَــا عَلَــى أَحْيَانِهَــا
صــَفْوَةُ الــرَّاحِ بِمَلْــذُوذٍ خَصـِرْ
إِنْ تُنَــــوِّلْهُ فَقَـــدْ تَمْنَعُـــهُ
وَتُرِيــهِ النَّجْـمَ يَجْـرِي بِـالظُّهُرْ
ظَــلَّ فِــي عَســْكَرَةٍ مِــنْ حُبِّهَـا
وَنَــأَتْ شــَحْطَ مَــزَارِ الْمُــدَّكِرْ
فَلَئِنْ شــــَطَّتْ نَوَاهَـــا مَـــرَّةً
لَعَلَـــى عَهْــدِ حَبِيــبٍ مُعْتَكِــرْ
بَــادِنٌ تَجْلُـو إِذَا مَـا ابْتَسـَمَتْ
عَــنْ شـَتِيتٍ كَأَقَـاحِ الرَّمْـلِ غُـرْ
بَــدَّلَتْهُ الشــَّمْسُ مِــنْ مَنْبَتِــهِ
بَــرَداً أَبْيَــضَ مَصــْقُولَ الْأُشــُرْ
وَإِذَا تَضـــْحَكُ تُبْـــدِي حَبَبـــاً
كَرُضـَابِ الْمِسـْكِ بِالْمَـاءِ الْخَصـِرْ
صـــَادَفَتْهُ حَرجَــفٌ فِــي تَلْعَــةٍ
فَســــَجَا وَســـْطَ بِلَاطٍ مُســـْبَطِرْ
وَإِذَا قَـــامَتْ تَـــدَاعَى قَاصــِفٌ
مَــالَ مِـنْ أَعْلَـى كَثِيـبٍ مُنْقَعِـرْ
تَطْـــرُدُ الْقُـــرَّ بِحَــرٍّ صــَادِقٍ
وَعَكِيــكَ الْقَيْــظِ إِنْ جَـاءَ بِقُـرْ
لَا تَلُمْنِــي إِنَّهَــا مِــنْ نِســْوَةٍ
رُقُــدِ الصــَّيْفِ مَقَــالِيتٍ نُــزُرْ
كَبَنَــاتِ الْمَخْــرِ يَمْــأَدْنَ كَمَـا
أَنْبَــتَ الصـَّيْفُ عَسـَالِيجَ الْخُضـَرْ
فَجَعُــونِي يَــوْمَ زَمُّــوا عِيرَهُـمْ
بِرَخِيــمِ الصــَّوْتِ مَلْثُــومٍ عَطِـرْ
وَإِذَا تَلْســـــُنُنِي أَلْســـــُنُهَا
إِنَّنِـــي لَســْتُ بِمَوْهُــونٍ فَقِــرْ
لَا كَبِيـــرٌ دَالِـــفٌ مِــنْ هَــرَمٍ
أَرْهَــبُ اللَّيْــلَ وَلَا كَـلُّ الظُّفُـرْ
وَبِلَادٍ زَعِــــــلٍ ظِلْمَانُهَــــــا
كَالْمَخَاضِ الْجُرْبِ فِي الْيَوْمِ الْخَدِرْ
قَـــدْ تَبَطَّنْــتُ وَتَحْتِــي جَســْرَةٌ
تَتَّقِـــي الْأَرْضَ بِمَلْثُـــومٍ مَعِــرْ
فَتَــرَى الْمَــرْوَ إِذَا مَـا هَجَّـرَتْ
عَـنْ يَـدَيْهَا كَـالْفِرَاشِ الْمُشـْفَتِرْ
ذَاكَ عَصـــْرٌ وَعَـــدَانِي أَنَّنِـــي
نَـابَنِي الْعَـامَ خُطُـوبٌ غَيْـرُ سـِرْ
مِــنْ أُمُــورٍ حَــدَثَتْ أَمْثَالُهَــا
تَبْتَــرِي عُـودَ الْقَـوِيِّ الْمُسـْتَمِرْ
وَتَشــَكَّى النَّفْـسُ مَـا صـَابَ بِهَـا
فَاصــْبِرِي إِنَّــكِ مِـنْ قَـوْمٍ صـُبُرْ
إِنْ نُصــَادِفْ مُنْفِســاً لَا تُلْفِنَــا
فُــرُحَ الْخَيْــرِ وَلَا نَكْبُــو لِضـُرْ
أُســْدُ غَــابٍ فَـإِذَا مَـا فَزِعُـوا
غَيْــرُ أَنْكَــاسٍ وَلَا هُــوجٍ هُــذُرْ
وَلِــيَ الْأَصــْلُ الَّـذِي فِـي مِثلِـهِ
يُصـــْلِحُ الْآبِــرُ زَرْعَ الْمُــؤْتَبِرْ
طَيِّبُــو الْبَــاءَةِ ســَهْلٌ وَلَهُــمْ
ســُبُلٌ إِنْ شــِئْتَ فِـي وَحْـشٍ وَعِـرْ
وَهُــمُ مَـا هُـمْ إِذَا مَـا لَبِسـُوا
نَســـْجَ دَاوُدَ لِبَـــأْسٍ مُحْتَضـــِرْ
وَتَســَاقَى الْقَــوْمُ كَأْســاً مُـرَّةً
وَعَلَا الْخَيْـــلَ دِمَــاءٌ كَالشــَّقِرْ
ثُــمَّ زَادُوا أَنَّهُــمْ فِـي قَـوْمِهِمْ
غُفُـــرٌ ذَنْبَهُـــمْ غَيْـــرُ فُخُــرْ
لَا تَعِـزُّ الْخَمْـرُ إِنْ طَـافُوا بِهَـا
بِسـِبَاءِ الشـَّوْلِ وَالْكُـومِ الْبُكُـرْ
فَــإِذَا مَــا شـَرِبُوهَا وَانْتَشـَوْا
وَهَبُـــوا كُـــلَّ أَمُــونٍ وَطِمِــرْ
ثُــمَّ رَاحُـوا عَبَـقُ الْمِسـْكِ بِهِـمْ
يُلْحِفُــــونَ الْأَرْضَ هُـــدَّابَ الْأُزُرْ
وَرِثُــوا الســُّؤْدُدَ عَـنْ آبَـائِهِمْ
ثُــمَّ سـَادُوا سـُؤْدُداً غَيْـرَ زَمِـرْ
نَحْـنُ فِـي الْمَشْتَاةِ نَدْعُو الْجَفَلَى
لا تَـــرَى الْآدِبَ فِينَــا يَنْتَقِــرْ
حِيـنَ قَـالَ النَّـاسُ فِـي مَجْلِسـِهِمْ
أَقُتَـــارٌ ذَاكَ أَمْ رِيـــحُ قُطُــرْ
بِجِفَــــانٍ تَعْتَـــرِي نَادِيَنَـــا
مِــنْ سـَدِيفٍ حِيـنَ هَـاجَ الصـِّنَّبِرْ
كَـــالْجَوَابِي لَا تَنِـــي مُتْرَعَــةً
لِقِــرَى الْأَضــْيَافِ أَوْ لِلْمُحْتَضــِرْ
ثُــمَّ لَا يَخْــزُنُ فِينَــا لَحْمُهَــا
إِنَّمَــا يَخْــزُنُ لَحْــمُ الْمُــدَّخِرْ
وَلَقَـــدْ تَعْلَـــمُ بَكْــرٌ أَنَّنَــا
آفَــةُ الْجُــزْرِ مَســَامِيحُ يُســُرْ
وَلَقَـــدْ تَعْلَـــمُ بَكْــرٌ أَنَّنَــا
وَاضـِحُو الْأَوْجُـهِ فِـي الْأَزْمَـةِ غُـرْ
وَلَقَـــدْ تَعْلَـــمُ بَكْــرٌ أَنَّنَــا
فَاضـِلُو الـرَّأْيِ وَفِـي الرَّوْعِ وُقُرْ
وَلَقَـــدْ تَعْلَـــمُ بَكْــرٌ أَنَّنَــا
صـَادِقُو الْبَـأْسِ وَفِـي الْمَحْفِلِ غُرْ
يَكْشــِفُونَ الضــُّرَّ عَـنْ ذِي ضـُرِّهِمْ
وَيُبِــرُّونَ عَلَــى الْآبِــي الْمُبِـرْ
فُضـــُلٌ أَحْلَامُهُــمْ عَــنْ جَــارِهِمْ
رُحُـــبُ الْأَذْرُعِ بِـــالْخَيْرِ أُمُــرْ
ذُلُـــقٌ فِـــي غَــارَةٍ مَســْفُوحَةٍ
وَلَــدَى الْبَـأْسِ حُمَـاةٌ مَـا نَفِـرْ
نُمســِكُ الْخَيْــلَ عَلَـى مَكْرُوهِهَـا
حِيـــنَ لَا يُمْســِكُهَا إِلَّا الصــُّبُرْ
حِيـنَ نَـادَى الْحَـيُّ لَمَّـا فَزَعُـوا
وَدَعَـا الـدَّاعِي وَقَـدْ لَـجَّ الذُّعُرْ
أَيُّهَــا الْفِتْيَــانُ فِـي مَجْلِسـِنَا
جَـــرِّدُوا مِنْهَــا وِرَاداً وَشــُقُرْ
أَعْوَجِيَّــــاتٍ طِــــوَالاً شـــُزَّباً
دُوخِــلَ الصـَّنْعَةُ فِيهَـا وَالضـُّمُرْ
مِـــنْ يَعَـــابِيبَ ذُكُــورٍ وُقُــحٍ
َوَهِضـــَبَّاتٍ إِذَا ابْتَــلَّ الْعُــذُرْ
جَـــافِلَاتٍ فَـــوْقَ عُـــوجٍ عُجُــلٍ
رُكِبَـــتْ فِيهَــا مَلَاطِيــسُ ســُمُرْ
وَأَنَــــافَتْ بِهَــــوَادٍ تُلُــــعٍ
كَجُــذُوعٍ شــُذَّبَتْ عَنْهَــا الْقُشـُرْ
عَلَــتِ الْأَيْــدِي بِــأَجْوَازٍ لَهَــا
رُحُــبِ الْأَجْــوَافِ مَـا إِنْ تَنْبَهِـرْ
فَهْــيَ تَـرْدِي فَـإِذَا مَـا أَلْهَبَـتْ
طَــارَ مِــنْ إِحْمَائِهَـا شـَدُّ الْأَزُرْ
كَـــائِرَاتٍ وَتَرَاهَـــا تَنْتَحِـــي
مُســـْلَحِبَّاتٍ إِذَا جَـــدَّ الْحُضــُرْ
ذُلُــقُ الْغَــارَةِ فِــي إِفْزَاعِهِـمْ
كَرِعَــالِ الطَّيْــرِ أَسـْرَاباً تَمُـرْ
نَــذَرُ الْأَبْطَــالَ صــَرْعَى بَيْنَهَـا
مَــا يَنِــي مِنْهُـمْ كَمِـيٌّ مُنْعَفِـرْ
فَفِـــدَاءٌ لِبَنِـــي قَيْــسٍ عَلَــى
مَـا أَصـَابَ النَّـاسَ مِـنْ سـُرٍّ وَضُرْ
خَــالَتِي وَالنَّفْــسُ قِـدْماً أَنَّهُـمْ
نَعِـمَ السـَّاعُونَ فِي الْقَوْمِ الشُّطُرْ
وَهُـــمُ أَيْســـَارُ لُقْمَـــانَ إِذَا
أَغْلَــتِ الشـَّتْوَةُ أَبْـدَاءَ الْجُـزُرْ
لَا يُلِحُّــــونَ عَلَـــى غَـــارِمِهِمْ
وَعَلَــى الْأَيْسـَارِ تَيْسـِيرُ الْعَسـِرْ
وَلَقَــدْ كُنْــتُ عَلَيْكُــمْ عَاتِبــاً
فَعَقَبْتُـــمْ بِــذَنُوبٍ غَيْــرِ مُــرْ
كُنْــتُ فِيكُــمْ كَــالْمُغَطِّي رَأْسـَهُ
فَــانْجَلَى الْيَـوْمَ قِنَـاعِي وَخُمُـرْ
ســـَادِراً أَحْســَبُ غَيِّــي رَشــَداً
فَتَنَــاهَيْتُ وَقَــدْ صــَابَتْ بِقُــرْ
طَرَفَةُ بْنُ العَبْدِ بْنِ سُفْيانَ بْنِ سَعْد بن مالكٍ، من قبيلة بكْرِ بن وائِلٍ، مِنْ أَشْهَرِ شُعَراء الجاهِلِيَّةِ، وَمِنْ أَصْحابِ المُعَلَّقاتِ، وُلِدَ فِي بادِيَةِ البَحْرَيْنِ، وَنَشَأَ يَتِيماً، وَامْتازَ بِالذَكاءِ وَالفِطْنَةِ مُنْذُ صِغَرِهِ، وَأَقْبَلَ فِي شَبابِهِ عَلَى حَياةِ اللَّهْوِ وَالمُجُونِ وَمُعاقَرَةِ الخَمْرِ، ثُمَّ وَفَدَ عَلَى عَمْرِو بْنِ هِنْدٍ مَلِكِ الحَيْرَةِ مَعَ خالِهِ المُتَلَمِّسِ وَأَصْبَحَ مِنْ نُدَمائِهِ، وَقَدْ أَمَرَ عَمْرُو بْنُ هِنْدٍ عامِلَهُ فِي البَحْرَيْنِ أَنْ يَقْتُلَ طَرَفَةَ لِهَجاءٍ قالَهُ فِيهِ، فَقَتَلَهُ وَقَدْ بَلَغَ العِشْرِينَ وَقِيلَ سِتّاً وَعِشْرِينَ سَنَةً، كانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ سَنَةٍ (60 ق.هـ/ 565م).