
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
طَرِبْـتَ وَأَنْـتَ أَحْيانـاً طَـرُوبُ
وَكَيْــفَ وَقَــدْ تَعَلَّاكَ الْمَشـِيبُ
يُجِـدُّ النَّـأْيُ ذِكْرَكِ فِي فُؤَادِي
إِذا ذَهِلَـتْ عَنِ النَّأْيِ الْقُلُوبُ
يُـؤَرِّقُنِي اكْتِئابُ أَبِـي نُمَيْـرٍ
فَقَلْبِــي مِــنْ كـآبَتِهِ كَئِيـبُ
فَقُلْـتُ لَـهُ هَـداكَ اللهُ مَهْلاً
وَخَيْرُ الْقَوْلِ ذُو اللُّبِّ الْمُصِيبُ
عَسـَى الْكَرْبُ الَّذِي أَمْسَيْتُ فِيهِ
يَكُــونُ وَراءَهُ فَــرَجٌ قَرِيــبُ
فَيَــأْمَنَ خــائِفٌ وَيُفَـكَّ عـانٍ
وَيَـأْتِي أَهْلَهُ النَّائِي الْغَرِيبُ
أَلا لَيْــتَ الرِّيــاحَ مُسـَخَّراتٌ
بِحاجَتِنــا تُبـاكِرُ أَوْ تَـؤُوبُ
فَتُخْبِرَنـا الشَّمالُ إِذا أَتَتْنا
وَتُخْبِـرَ أَهْلَنـا عَنَّـا الْجَنُوبُ
فَإِنَّـا قَـدْ حَلَلْنـا دارَ بَلْوَى
فَتُخْطِئُنـا الْمَنايـا أَوْ تُصِيبُ
فَـإِنْ يَكُ صَدْرُ هَذا الْيَوْمِ وَلَّى
فــإِنَّ غَــداً لِنـاظِرِهِ قَرِيـبُ
وَقَـدْ عَلِمَـتْ سـُلَيْمَى أَنَّ عُودِي
عَلَـى الْحَـدَثانِ ذُو أَيْدٍ صَلِيبُ
وَأَنَّ خَلِيقَتِــي كَــرَمٌ وَأَنِّــي
إِذا أَبْـدَتْ نَواجِـذَها الْحُروبُ
أُعِيـنُ عَلَـى مَكارِمِهـا وَأَغْشَى
مَكارِهَهــا إِذا كَـعَّ الْهَيُـوبُ
وَأَنِّـي فِـي الْعَظائِمِ ذُو غَناءٍ
وَأُدْعَــى لِلْفَعــالِ فَأَسـْتَجِيبُ
وَأَنِّـي لا يَخـافُ الْغَـدْرَ جارِي
وَلا يَخْشــَى غَـوائِلِيَ الْغَرِيـبُ
وَكَـمْ مِـنْ صـاحِبٍ قَدْ بانَ عَنِّي
رُمِيـتُ بِفَقْـدِهِ وَهْـوَ الْحَبِيـبُ
فَلَـمْ أُبْـدِ الَّذِي تَحْنُو ضُلُوعِي
عَلَيْـهِ وإِنَّنِـي لأَنـا الْكَئِيـبُ
مَخافَـةَ أَنْ يَرانِـي مُسـْتَكِيناً
عَــدُوٌّ أَوْ يُســاءَ بِـهِ قَرِيـبُ
وَيَشــْمَتَ كاشــِحٌ وَيَظُـنَّ أَنِّـي
جَــزُوعٌ عِنْــدَ نائِبَـةٍ تَنُـوبُ
فَبَعْـدَكَ سـَدَّتِ الْأَعْـداءُ طُرْقـاً
إِلَــيَّ وَرابَنِــي دَهْـرٌ يَرِيـبُ
وَأَنْكَـرْتُ الزَّمـانَ وَكُـلَّ أَهْلِي
وَهَرَّتْنِــي لِغَيْبَتِــكَ الْكَلِيـبُ
وَكُنْـتُ تُقَطَّـعُ الْأَبْصـارُ دُونِـي
وَإِنْ وَغِـرَتْ مِنَ الْغَيْظِ الْقُلُوبُ
وَقَدْ أَبْقَى الْحَوادِثُ مِنْكَ رُكْناً
صـَلِيباً مـا تُؤَيِّسـُهُ الْخُطُـوبُ
عَلَـى أَنَّ الْمَنِيَّـةَ قَـدْ تُوافِي
لِـوَقْتٍ وَالنَّـوائِبُ قَـدْ تَنُـوبُ
هُدبةُ بنُ خَشْرَمٍ العُذْرِيُّ، مِن شُعراءِ بادِيةِ الحجازِ، وَهُوَ شاعِرٌ فَصيحٌ مُقدَّمٌ، وكانَ رَاوِيَةَ الحُطَيئَةِ، وأَكثَرُ شِعرِهِ ما قالَهُ فِي أَواخِرِ حَياتِهِ حِينَ سُجِنَ وقُبَيلَ قَتْلِهِ، وكانَ هُدبَةُ قَد قَتَلَ زِيادَةَ بنِ زَيدٍ العُذْرِيَّ فِي خِلافٍ نَشَبَ بَينَهُما فَقُتِلَ بِهِ قَوَداً، وشِعرُ هُدبةَ فِي رَويَّتِهِ وبَدِيهَتِهِ سَواءٌ عِندَ الأَمنِ والخوفِ، لِقُدرَتِهِ وسُكونِ جَأْشِهِ وَقُوَّةِ غَريزَتِهِ، عاشَ حَتَّى زَمَنِ مُعاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفيانَ وَتُوفِّيَ نَحوَ سَنَةِ 50هـ/670م.