
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
تَــذَكَّرْتَ شـَجْواً مِـنْ شـَجاعَةَ مُنْصـِبا
تَلِيـداً وَمُنْتابـاً مِـنَ الشَّوْقِ مُحْلِبا
تَـذَكَّرْتَ حَيّـاً كـانَ فِـي مَيْعَةِ الصِّبا
وَوَجْـداً بِهـا بَعْـدَ الْمَشـِيبِ مُعَقِّبـا
إِذا كــانَ يَنْســاها تَــرَدَّدَ حُبُّهـا
فَيـا لَـكَ قَـدْ عَنَّـى الْفُـؤادَ وَعَذَّبا
ضــَنىً مِــنْ هَواهــا مُسـْتَكِنٌّ كَـأَنَّهُ
خَلِيــعُ قِــداحٍ لَــمْ يَجِـدْ مُتَنَشـَّبا
فَأَصـْبَحَ بـاقِي الْـوُدِّ بَيْنِـي وَبَيْنَها
رَجــاءً عَلَــى يَــأْسٍ وَظَنّـاً مُغَيَّبـا
وَيَـوْمَ عَرَفْـتُ الـدَّارَ مِنْهـا بِبِيشـَةٍ
فَخِلْـتُ طُلُـولَ الدَّارِ فِي الْأَرْضِ مِذْنَبا
تَبَيَّنْـتُ مِـنْ عَهْـدِ الْعِـراصِ وَأَهْلِهـا
مَــرادَ جَــوارِي بِالصـَّفِيحِ وَمَلْعَبـا
وَأَجْنَــفَ مَـأَطُورَ الْقَـرا كـانَ جُنَّـةً
مِـنَ السـَّيْلِ عـالَتْهُ الْوَلِيدَةُ أَحْدَبا
بِعَيْنَيْــكَ زالَ الْحَــيُّ مِنْهـا لِنِيَّـةٍ
قَــذُوفٍ تَشــُوقُ الْآلِــفَ الْمُتَطَرِّبــا
فَزَمُّــوا بِلَيْــلٍ كُــلَّ وَجْنـاءَ حُـرَّةٍ
ذَقُـونٍ إِذا مـا سـائِقُ الرَّكْبِ أَهْذبا
وَأَعْيَـــسَ نَضــَّاخِ الْمَقَــذِّ تَخــالُهُ
إِذا مـا تَـدانَى بِالظَّعِينَـةِ أَنْكَبـا
ظَعـائِنَ مُتْبـاعِ الْهَـوَى قَـذَفِ النَّوَى
فَــرُودٍ إِذا خــافَ الْجَمِيـعُ تَنَكَّبـا
فَقَـدْ طـالَ مـا عُلِّقْـتَ لَيْلَـى مُغَمَّراً
وَلِيـداً إِلَـى أَنْ صـارَ رَأْسـُكَ أَشْيَبا
فَلا أَنـا أُرْضِي الْيَوْمَ مَنْ كانَ ساخِطاً
تَجَنُّـــبَ لَيْلَـــى إِنْ أَرادَ تَجَنُّبــا
رَأَيْتُـكَ مِنْ لَيْلَى كَذِي الدَّاءِ لَمْ يَجِدْ
طَبِيبــاً يُــداوِي مـا بِـهِ فَتَطَبَّبـا
فَلَمَّــا اشـْتَفَى مِمَّـا بِـهِ عَـلَّ طِبَّـهُ
عَلَــى نَفْسـِهِ مِمَّـا بِـهِ كـانَ جَرَّبـا
فَـدَعْ عَنْـكَ أَمْـراً قَـدْ تَـوَلَّى لِشَأْنِهِ
وَقَــضِّ لُبانــاتِ الْهَـوَى إِذْ تَقَضـَّبا
بِشـــَهْمٍ جَـــدِيلِيٍّ كَـــأَنَّ صــَرِيفَهُ
إِذا اصــْطُكَّ نابــاهُ تَغَـرُّدُ أَخْطَبـا
بَــرَى أُســَّهُ عِنْــدَ السـِّفارِ فَـرَدَّهُ
إِلـى خـالِصٍ مِـنْ ناصِعِ اللَّوْنِ أَصْهَبا
بِـهِ أَجْتَـدِي الْهَـمَّ الْبَعِيـدَ وَأَجْتَزِي
إِذا وَقَـدَ الْيَـوْمُ الْمَلِيعَ الْمُذَبْذَبا
أَلا أَيُّهَـــذا الْمُحتَــدِينا بِشــَتْمِهِ
كَفَـى بِـيَ عَـنْ أَعْـراضِ قَـوْمِيَ مُرْهَبا
وَجــارَيْتَ مِنِّــي غَيْــرَ ذِي مَثْنَوِيَّـةٍ
عَلَـى الدَّفْعَـةِ الْأُولَـى مُبِـرّاً مُجَرَّبا
لِــزازَ حِضـارٍ يَسـْبِقُ الْخَيْـلَ عَفْـوُهُ
وَســاطٍ إِذا ضـَمَّ الْمَحاضـِيرَ مُعْقِبـا
يَجُــولُ أَمـامَ الْخَيْـلِ ثـانِيَ عِطْفِـهِ
إِذا صــَدْرُهُ بَعْــدَ التَّنـاظُرِ صـَوَّبا
تَعـالَوْا إِذا ضـَمَّ الْمَنـازِلُ مِنْ مِنىً
وَمَكّــةُ مِــنْ كُـلِّ الْقَبـائِلِ مَنْكِبـا
نُواضــِعُكُمْ أَبْناءَنــا عَــنْ بَنِيكُـمُ
عَلَـى خَيْرِنا فِي النَّاسِ فَرْعاً وَمَنْصِبا
وخَيْــرٍ لِجــارٍ مِـنْ مَـوالٍ وَغَيْرِهِـمْ
إِذا بـادَرَ الْقَـوْمُ الْكَنِيفَ الْمُنَصَّبا
وَأَسـْرَعَ فِي الْمِقْرَى وَفِي دَعْوَةِ النَّدَى
إِذا رائِدٌ لِلْقَـــوْمِ رادَ فَأَجْـــدَبا
وأَقْوَلَنــا لِلضــَّيْفِ يَنْــزِلُ طارِقـاً
إِذا كُــرِهَ الْأَضــْيافُ: أَهْلاً وَمَرْحَبـا
وَأَصـْبَرَ فِـي يَـوْمِ الطِّعـانِ إِذا غَدَتْ
رِعــالاً يُبـارِينَ الْوَشـِيجَ الْمُـذَرَّبا
هُنالِـكَ يُعْطِـي الْحَـقَّ مَـنْ كانَ أَهْلَهُ
وَيَغْلِـبُ أَهْـلُ الصـِّدْقِ مَنْ كانَ أَكْذَبا
وَإِنْ تَسـْأَمُوا مِـنْ رِحْلَـةٍ أَوْ تُعَجِّلُوا
أَنَـى الْحَـجِّ أُخْبِرْكُـمْ حَـدِيثاً مُطَنِّبا
أَنـا الْمَـرْءُ لا يَخْشـاكُمُ إِنْ غَضـِبْتُمُ
وَلا يَتَـــوَقَّى ســـُخْطَكُمْ إِنْ تَغَضــَّبا
أَنـا ابْـنُ الَّـذِي فاداكُمُ قَدْ عَلِمْتُمُ
بِبَطْــنِ مُعــانٍ وَالْقِيـادَ الْمُجَنَّبـا
وَجَــدِّي الَّـذِي كُنْتُـمْ تَظَلُّـونَ سـُجَّداً
لَــهُ رَغْبَــةً فِــي مُلْكِــهِ وَتَحَوُّبـا
وَنَحْــنُ رَدَدْنــا قَيْــسَ عَيْلانَ عَنْكُـمُ
وَمَــنْ ســارَ مِـنْ أَقْطـارِهِ وَتَأَلَّبـا
بِشــَهْباءَ إِذْ شــُبَّتْ لِحَـرْبٍ شـُبُوبُها
وَغَسـَّانَ إِذْ زافُـوا جَمِيعـاً وَتَغْلِبـا
بِنَقْعـاءَ أَظْلَلْنـا لَكُـمْ مِـنْ وَرائِهِمْ
بِمُنْخَــرِقِ النَّقْعـاءِ يَوْمـاً عَصَبْصـَبا
فَأُبنــا جِــدالاً سـالِمِينَ وَغُـودِرُوا
قَتِيلاً وَمَشـــْدُودَ الْيَــدَيْنِ مُكَلَّبــا
أَلَــمْ تَعْلَمُــوا أَنَّـا نُـذَبِّبُ عَنْكُـمُ
إِذا الْمَرْءُ عَنْ مَوْلاهُ فِي الرَّوْعِ ذَبَّبا
وَإِنَّـــا نُزَكِّيكُــمْ وَنَحْمِــلُ كَلَّكُــمْ
وَنَجْبُـرُ مِنْكُـمْ ذا الْعِيـالِ الْمُعَصَّبا
وَإِنَّــا بــإِذْنِ اللــهِ دَوَّخَ ضـَرْبُنا
لَكُـمْ مَشـْرِقاً فِـي كُـلِّ أَرْضٍ وَمَغْرِبـا
عَلَيْنــا إِذا جَــدَّتْ مَعَــدٌّ قَـدِيمَها
لِيَــوْمِ النِّجــادِ مَيْعَــةً وَتَغَلُّبــا
وَإِنَّــا أُنـاسٌ لا نَـرَى الْحِلْـمَ ذِلَّـةً
وَلا الْعَجْـزَ حِيـنَ الْجِـدُّ حِلْماً مَؤَرَّبا
وَنَحْــنُ إِذا عَــدَّتْ مَعَــدٌّ قَــدِيمَها
يُعَـدُّ لَنـا عَـدّاً عَلَـى النَّاسِ تُرْتَبا
ســَبَقْنا إِذا عَــدَّتْ مَعَــدٌّ قَـدِيمَها
لِيَـــوْمِ حِفـــاظٍ مَيْعَــةً وَتَقَلُّبــا
وَإِنَّــا لَقَـوْمٌ لا نَـرَى الْحِلْـمَ ذِلَّـةً
وَلا نُبْسـِلُ الْمَجْـدَ الْمُنَـى والتَّجَلُّبا
وإِنَّـا نَـرَى مَـنْ أُعْدِمَ الْحِلْمَ مُعْدِماً
وَإِنْ كـانَ مَـدْثُوراً مِنَ الْمالِ مُتْرِبا
وَذُو الْــوَفْرِ مُسـْتَغْنٍ وَيَنْفَـعُ وَفْـرُهُ
وَلَيْــسَ يَبِيـتُ الْحِلْـمُ عَنَّـا مُعَزِّبـا
وَلا نَخْـذُلُ الْمَـوْلَى وَلا نَرْفَـعُ الْعَصا
عَلَيْـهِ وَلا نُزْجِـي إِلَـى الْجارِ عَقْرَبا
فَهَــذِي مَســاعِينا فَجِيئُوا بِمِثْلِهـا
وَهَـذا أَبُونـا فَـابْتَغُوا مِثْلَـهُ أَبا
وَكـانَ فَلا تُـودُوا عَـنِ الْحَقِّ بِالْمُنَى
أَفَــكَّ وَأَوْلَــى بِــالْعَلاءِ وَأَوْهَبــا
لِمَثْنَــى الْمِئِيـنَ وَالْأَسـارَى لِأَهْلِهـا
وَحَمْـلِ الضـِّياعِ لا يَـرَى ذاكَ مُتْعِبـا
وَخَيْــراً لِأَدْنَــى أَصـْلِهِ مِـنْ أَبِيكُـمُ
ولِلْمُجْتَـدِي الْأَقْصـَى إِذا مـا تَثَوَّبـا
هُدبةُ بنُ خَشْرَمٍ العُذْرِيُّ، مِن شُعراءِ بادِيةِ الحجازِ، وَهُوَ شاعِرٌ فَصيحٌ مُقدَّمٌ، وكانَ رَاوِيَةَ الحُطَيئَةِ، وأَكثَرُ شِعرِهِ ما قالَهُ فِي أَواخِرِ حَياتِهِ حِينَ سُجِنَ وقُبَيلَ قَتْلِهِ، وكانَ هُدبَةُ قَد قَتَلَ زِيادَةَ بنِ زَيدٍ العُذْرِيَّ فِي خِلافٍ نَشَبَ بَينَهُما فَقُتِلَ بِهِ قَوَداً، وشِعرُ هُدبةَ فِي رَويَّتِهِ وبَدِيهَتِهِ سَواءٌ عِندَ الأَمنِ والخوفِ، لِقُدرَتِهِ وسُكونِ جَأْشِهِ وَقُوَّةِ غَريزَتِهِ، عاشَ حَتَّى زَمَنِ مُعاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفيانَ وَتُوفِّيَ نَحوَ سَنَةِ 50هـ/670م.