
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
فــوّقْ إلــى غــرضِ الفلاةِ وسـدّدِ
سـَهْمَ السـُّرى تقصـدْ وتحْظَ بمقْصدَ
أوتــرْ قسـيّاً مـن مَطـيّ إنْ رَمَـتْ
رنّــتْ كمـا رنّـت قسـيُّ المقصـدِ
شــمْ ســَيْفَ عَـزْمٍ لا يفـلُّ ذُبـابَهُ
قَـرْعُ الزَّمـانِ ولا قِـراعُ الفَدْفَـدِ
هِــمْ بـالعَلاءِ بِهِمّـةٍ تَعْلُـو علـى
سـَمَكِ السِّماكِ وسَامِ سَامي الفَرْقَدِ
أجِـبِ النّـداءَ وجُـبْ بكُـلِّ تَنوفَـةٍ
قَفْــرَاً تَنَكّـرُ للـدَّليلِ المُرشـِد
رَافِـقْ رفيقَ العَزْمِ واترُكْ مَنْ وَنَى
حِلْـفَ البَطَالـةِ نَائِمـاً فِي مَرقدِ
شـَمِّرْ ثيابـكَ للثّـواب فقـدْ بَـدا
أمَمـاً لـهُ أمّ البصـيرِ المُهْتدي
بـادِرْ بـدوُرَ العُمْـرِ قبْلَ أفولها
واركُـضْ بجـدّكَ في الفضاء الجَدْجدِ
سـامِرْ سميرَ النّجمِ في سمر السُّرى
واجْـفُ التّخيّـل مـنْ خيالِ المَرْقدِ
كُـنْ فـي مَضـاءِ العَزْم فعْلاً مَاضياً
واتـركْ لسـَوفَ مُسـّوفاً حِلْـفَ الغَدِ
حتّـى تحِـلّ بـذَروةِ المجْـدِ الّـتي
فــاتَتْ مَـرامَ الحَـائرِ المُتَـرَدّدِ
حتّــى تحــلّ بمنــزلٍ مــا حلّـهُ
إلاّ نَزِيــلُ طُلُــوعِ ســَعْدِ الأسـْعَدِ
حتّــى تفــوزَ بمطْلَـبٍ فـي مَرْقَـبٍ
تَـرَكَ المُساميَ في الحَضيض الأوْهدِ
حــتى تُواصـلَ فـي وصـالكَ رُتبـةً
أعيــتْ علـى عزمـات كُـلِّ مُعَـرِّد ِ
حَتّــى تَنــالَ منــالَ كـلِّ مُمَجّـد
حتّــى تَنــالَ منـالَ كـلِّ مُسـوّد
حَتّــى تُحصــِّلَ مـا نَـويتَ مُـبرّءاً
مِـنْ نقْـصِ حَيْـنٍ حـالَ دُونَ المَقْصدِ
حَتّــى تشـاهد مشـهدا شـهدت لـه
بالفضـل أنبـاء تـروح وتغتـدي
حَتّــى تَــرى مَـرْأى يَجُـلُّ كَمـالُه
عَــنْ أنْ يُقيّــدَهُ لســَانُ مُقيـدِ
حَتّــى تـرى مـا لا يُحيـطُ بمـدحِهِ
نَغَمــاتُ شــَادٍ أو تَرَنُّـمُ مُنْشـِدِ
حَتّـى تُقبّـلَ مِـنْ بِسـاطِ العـزِّ ما
خَفَقَــتْ لــهُ أحشـاءُ كُـلِّ مُوحِّـدِ
حتّــى يُجــرّدَ مِـنْ مخيـطِ ثيـابهِ
حلْـفُ الرّفاهَـة فاغْتَسـل وتجـرّدِ
حَتّــى تُلــبي داعيـاً مـا مثْلـهُ
داعٍ يُجـابُ مِـنَ المكـانِ الأبْعـدِ
حَتّــى تــرى ذا نِعْمــةٍ مُتبـذّلاً
وَتَـرى المُلـوكَ غَدوا بزيّ الأعبُدِ
حَتّـــى تَحـــلَّ بمكّــةٍ وحَلالهــا
خيْـرِ الحَلالِ فحُـطّ رحلـكَ واقْعُـدِ
حَتّــى تطـوفَ بكعبـةٍ مـا مثلهـا
مــن مَســجدٍ يُبنــى ولا مُتَعبّـد
حَتّـى تُقبّـلَ رُكنَهـا الفَـرْدَ الّذي
ضـَمّ المُواثيـقَ الّـتي لـمْ تُجْحَد ِ
حَتّـى تَـرَى حَجَـراً مُنيـراً أسـْوداً
واعْجَـبْ فـديتك للمُنيـرِ الأسـودِ
حَتّــى تَـرَى ذاكَ المقـامَ وحًسـْنَهُ
واذكُـرْ بـه قَـارِي الضُّيوفِ ومجّدِ
حَتّـى تُـرَى فـي مـاءِ زمزمَ شارعاً
فأطـلّ لتجلـوَ ذلـك القلْبَ الصَّدي
حَتّـى تَخِـبَّ إذا سـَعَيْتَ مِـنَ الصَّفا
وإليــهِ فعْـلَ الخـادمِ المتـودِّدِ
حَتَّـى تَـبيتَ مَـبيتَ عَبْـدٍ فـي مِنى
مُتبــذّلاً تَنْــوى وُقوفَـكَ مِـنْ غَـدِ
حَتَّـى تُعـاينَ فـي الوُقوفِ عجائباً
مَهْمَــا يُلاحظْهــا فُـؤادُكَ يَرْعُـدِ
حَتَّــى تَـرى جَمْعـاً بِجَمْـع جَامِعَـاً
وتَجـدَّ فـي رمْي الجِمارِ مِنَ الغَدِ
حَتَّــى تُحَلّـقَ أو تُقصـّرَ فـي مِنـىً
حَتّــى تفيـضَ بِفيـضِ ذاكَ المَـورِدِ
حَتّـــى تُــودّعَ مكّــةً وربوعَهــا
قَلِـقَ الحَشـَا لِفـراقِ ذاكَ المَعْبدِ
حَتَّـى تَـرَى بَـرْقَ الهِدايَـةِ لاَمِعاً
يبْــدُو لِعيْـنِ النَّـاظِرِ المُتَفقّـدِ
حتَّـى تَـرَى نهْـجَ الولايـة لائحـاً
لـمْ يَخْـفَ إلاّ فـي لِحـاظِ الأرْمَـدِ
حتّــى تُرَبِّــعَ طَيْبَــةً ورُبُوعَهــا
فيطيـبَ وقتـكَ في المكانِ الأسْعَدِ
حَتّـى تَـرَى نَجْـمَ السـَّعادةِ طَالِعاً
حتّــى تَـرَى قَبْـرَ النّـبيّ مُحمّـدِ
فَهُنـاكَ سـُرَّ أخـو الظّواهِرِ ظَاهِرا
وأخُو الحَقَائِق في المُقيمِ المُقْعَدِ
وبَــهِ قُلــوبُ قَــدْ تنفّـسَ غمُّهَـا
وبــه قُلــوبٌ ذاتُ عيــشٍ أنْكَــدِ
مـا للمُحـقِّ وللسـُّرورِ وكَـمْ غـدا
عَمــلٌ كــثيرٌ سـَاقطاً لـمْ يَصـْعدِ
مــا للمُحــقِّ وللســُّرورِ وإنّـهُ
يفْـري ظلامَ الغيـبِ طـولَ المُسْنَدِ
مــا للمُحـقِّ وللسـُّرورِ وقَـدْ رأى
فـي مَعْهـدِ الأَحْبَـابِ مَنْ لمْ يَعْهَدِ
مـا حـالُ مـن أمسـى غريمَ غَرَامه
وافـى فلـمْ يَـرْدُدْ هـواهُ بِمَعْهَـدِ
بـانُوا فأوْحَشـَتِ الـدِّيارُ لبينهِمْ
ومَضــَوا وخُلّفْنــا بِحَــالٍ مُجْهَـدِ
وَجْـدي أنـاخَ علـى الفُؤادِ بجُنْدهِ
فًثَـوى وَنارِي في الحَشَا لمْ تخمدِ
يـا عَيْـنُ جُـودِي بالـدُّمُوعِ عَلَيْهُمُ
تَحْكــي نَظيـمَ اللُّؤلـؤِ المُتبـدِّدِ
يـا عَيْـنُ جُـودِي بالدُّمُوعِ وأتبِعي
مِنْهـــنَّ أصــفى مَــورِدٍ بمــورّدِ
يـا عَيْـنُ جُـودِي بالـدُّمُوعِ فإنّها
علَـمٌ علـى شـوقِ المشوقِ المكْمَدِ
يـا عَيْـنُ جُودِي بالدُّمُوعِ وسَلْسلي
سَلْســَالها ورديـهِ أعْـذَبَ مَـوْرِدِ
يـا عَيْـنُ جُـودِي بالدُّمُوعِ هَواملاً
لا تَسـْأمي أنْ تَسـْجمي وسطَ النَّدي
يـا عَيْـنُ جُـودِي بالـدُّمُوعِ فإنَّها
أشــفى لغلَّـة ذي اشـتياقٍ مُبْعَـدِ
يـا عيْـنُ سـُحّي لا تَشـُحّي وانـثرِي
دُرَرَ الجُفـونِ وَواصـليها واصـردي
يـا نَفْـسُ للـدّمع الغَزيـرِ فَصَوّبي
طُـولَ الحَيـاة وللزّفيـرِ فَصـَعّدي
هَـــذي حِلاَلُ المُصــْطَفَى ورُبــوعُهُ
هــذي مَنـازِلُهُ فَقُـومي واقْعُـدِي
لا عُـذرَ للأحْشـَاءِ لـم تضـرم بهـا
لا عــذْر للعَبَــراتِ لــمْ تتبـدّد
لا عُــذْرَ للأجسـَامِ لا تبْلَـى بِهَـا
لا عُــذْرَ للأحْــزَانِ لَــمْ تتجــدَّدِ
لا عُـذْرَ فـي تـركِ النّحيـبِ خِلالها
حتّى يُروي ذُو الهَوى القَلْبَ الصّدِي
كـذبَ الهـوى مِـنْ حِلْـفِ زعْمٍ مدّعٍ
أصـغَى لنـوْحِ حَمامـةٍ لـم يُسـعد
كـذبَ الهَـوى مـنْ حلْـفِ زعْـم مدّعٍ
نحـوَ الحـبيبِ وربعـهِ لـم يُسـبدِ
كـذَبَ الهـوى ممّن أتى ربْعَ الهَوى
فاخْتــارَ فُرقتَــهُ ولــم يَتقيّـد
يثنــي الأعنّــةَ راجعـاً أدْرَاجـهُ
شــوْقَاً عَـراهُ لزَينـبٍ أو مَهْـدَدِ
يـا رَبْـعُ قـدْ أخليـتُ رَبْعَ تَصَبُّري
يـا رَبْـعُ قـدْ أبلَيْـتُ حَبْلَ تَجلُّدي
يـا رَبْـعُ ربْعُـكَ فـي فُـؤادِي آهلٌ
لـمْ تُعفْـهِ ريـحُ الزَّفيرِ المُصْعَدِ
يـا رَبْـعُ إنْ سـَاواكَ عِنْـدي مَنْزِلٌ
طول المدى فأنا المسيء المعتدي
يَـا ربْـعُ أنْسـَاني هَـواكَ مَنَازِلي
حَتّـى سـلَوْتُ ولَـمْ أخُنْ عنْ مَوِلدي
يــا ربْـعُ والاكَ الزّمـانُ بلينـهِ
بــدّدْتُ دَمْعــي فيــكَ كـل مبـدَّدِ
ويقــلُّ أنْ أبكــي دمــاً لأحبّــةٍ
كـانوا نجومـاً فـي حمـاكَ لمُهتَدِ
يــا ربْـعُ قـادَتْني إليـكَ مَحبـةٌ
ملأَتْ ضــلوعِي بالسـَّعيرِ المُوقَـدِ
إنْ كُنْـتُ لـم أزْمِـعْ جِـوارَكَ بُرْهَةً
فأنَا منَ اوْصافِ الهَوى صفْرُ اليدِ
ونــويْتُ أنّـي إنْ عَـدِمْتُ مُسـَاعِدا
صــابرْتُ فيــكَ توحُّــدي وتفـرُّدي
وحلفْــتُ لا طــاوعْتُ فيـكَ مُفَنّـداً
تبــاً لمُصــْغٍ فيـكَ نحـوَ مُفَنِّـدِ
لكـنْ قضـَاءُ اللـه عـاقَ إقـامَتي
وأقــامَني نحـوَ التّرحُّـل مُقْعِـدِي
لــولا موانـعُ مـا قضـاهُ وصـبيةٌ
تبكـــي لكــلِّ مُســجِّعٍ ومغــرِّدِ
خلفتُهــمْ فـي غُربـةٍ تَبْكـي لهُـمْ
وُرْقُ الحَمــامِ بكُـلِّ غُصـنٍ أمْلَـدِ
فـي مُنتهَـى الغَرْبِ الّذي ما دُونَهُ
إلاّ تلاطُـــمُ مَــوْجِ بحــرٍ مُزبِــدِ
مـا كنْـتُ أخْطـو نحـوَ غيرِكَ خُطوةً
حتّـى أوافـي مَضـجعي فـي مَلْحَـدي
لكننّــي إن يُقْــضَ لـي بلقَـائِهمْ
أفــنِ الزّمـانَ بعيـشِ صـبٍّ مُبْعَـدِ
شـَوْقاً إليْـكَ مُكـرّراً ذِكْـراكَ فـي
ضـَوءِ النَّهـارِ وجُنْـحِ ليْـلٍ أرْبَدِ
يـا صـاحِ كـرّرْ ذكرهُـمْ وحـديثهُمْ
فـي سـمعِ ذي القلبِ المَشُوقِ وَردِّدِ
يـا صـاحِ لا تـأثر سـوى آثـارِهِمْ
وأثــرْ مــآثرهُمْ وأمّــل واعـددِ
ســكّنْ بمـا تحكيـهِ بعـضَ بلابِلـي
كـمْ مِنّـةٍ لـكَ إنْ فَعلـتَ وكم يدِ
نقّــرْ ونقـبْ عـن منـاقبِ نقْبهِـمْ
ومـتى تُـرِد وصـفَ الجـوادِ فجوّدِ
حَـــقٌ لآلِ المُصـــْطَفى ولصـــَحْبِه
ولربْعِــهِ حُــرُّ الثّنــاءِ فَنَضـِّدِ
وانْـثرْ نِثـارَ الجَفْـنِ مِنْـكَ فإنّهُ
حَــقّ علــى مَـن زارَ رَبْـعَ مُحمّـدِ
خيــرِ الأنـامِ رفيعهِـمْ وربيعهِـمْ
وشـفيعهمْ فـي هـولِ يـومِ الموعدِ
خيــرِ الأنـامِ حسـيبهِمْ ونسـيبهِمْ
وطــبيبهمْ مــن كـلّ داءٍ مقصـدِ
خيــرِ الأنــامِ نــبيّهِمْ وولّيهِـمْ
وعليهــمْ أعظــمْ بــه مِـنْ سـيّدِ
قـــدْ أمّ أمتـــهُ علاءَ مجـــادةٍ
فعلــتْ ولــولا مجـدُهُ لـم تمجُـدِ
بهــرَ الخلائِقَ منْــهُ نـورٌ بـاهرٌ
أعشـى، بلـى أعمـى عيونَ الحسّدِ
أعيــا بلاغَـةَ ذي البَلاغـةَ مـدْحُهُ
فالواصـِفُ المنطيـقُ مثلُ المُفردِ
نُــورٌ جلاَ ظُلـمَ الضـّلالةِ فـانجلتْ
وبـه اسـتنارَ فؤادُ ذي قلبٍ هدي
أربى على الشّمس المُنيرة بالضّحى
فغــدَتْ لــديهِ شـبيهةً بالفرْقَـدِ
أضــحى المَسـيحُ مُبشـّرا بِقُـدومِهِ
وغــدا بــهِ قُـسٌّ خَطِيـبَ المَشـْهَدِ
ولطالمــا هتفَــت بـذاكَ هواتـف
فـي سـَجعِها أوْ فـي قريـضٍ مُنشدِ
وكــذَا ســُطَيح عِنْـد شـَقّ ضـَريحهِ
وَالـى البيـانَ بـه ولـمْ يـتردّدِ
كــمْ كــاهِنٍ بـاحَتْ بـه أسـجاعُهُ
مِـنْ قبْـل مَنْـعِ السـّمْعِ للمُتمرّدِ
أوْ راهِــبٍ فــي دَيْــرهِ مُتَعبّــدٍ
لـمْ يَخْـلُ منـهُ معـالمُ المُتَعبّدِ
قَصـُرَ اللّسـَانُ عـن الوفـاءِ بِحَقّهِ
إنْ رُمْــتَ ذاكَ تَكِـلّ عَنْـهُ وتَجْهَـدِ
فــانْظُم بِقَـدْرِكَ لا بقَـدْرِ كَمـالِهِ
وارفَـعْ صـحيفةَ غـارِمٍ لـم يَجحَـدِ
واخْضــَعْ خُضـوعَ مقصـرٍ عـنْ واجـبٍ
واجـأرْ جُـؤارَ حليـفِ روعٍ مُنْجَـدِ
وأفِـضْ غـروبَ الـدّمعِ منكَ وقلْ له
خُــدّ الخُــدودَ ومُــرَّ لا تَتَــردَّدِ
وامـدُدْ إليـه يـدَ السـُّؤالِ لعلَّهُ
يَرثــي لهـا فَتَعـودَ ملآنَ اليَـدِ
يـا خيْـرَ مـنْ وطِئ الثّرَى قدم لهُ
يـا خيـرَ نـاطقِ حكْمَـةٍ فـي مَشهَدِ
يـا خيْـرَ أهْـلِ الأرْضِ يـا أرضاهم
يَـا خيْـرَ سـَامٍ فـي السَّماءِ مُمَجّدِ
يــا خَيْــرَ مَوْلـودٍ تقـدّم كـونَهُ
يـا خَيـرَ مَـنْ هُوَ بَعْدُ لمّا يولدِ
يـا خَيْـرَ مَـنْ نيطَ الرّجاءُ بجاهِهِ
يــا خَيْـرَ مَـأمولٍ لخطْـبِ مُكْمـدِ
يـا خَيْـرَ مَـنْ قَرأ الكتابَ مُرتَّلاً
يـا خيـرَ مَـنْ هَجَـرَ الكَرى لتَهجُّدِ
إنّــي أتيتُــكَ قَاصــِداً ومُسـلِّماً
مُستَســـْلِماً لتَغَرُّبـــي وتَوحُّــدِي
أفْـرِي المَهـامهَ لـمْ يَلتْنِي عائِقٌ
عجلانَ ذا زادٍ وغيــــر مُــــزوّدِ
هـاجرْتُ عـن أهْلـي إليـكَ ومَعْشَرِي
لتُجيرَنـي مِـنْ شرِّ ما اجْترحَتْ يَدي
وَأتيـتُ بابـكَ كـي تـؤمِّنَ رَوْعَـتي
وقصـدتُ جاهَـكَ فـي بلوغِ المقْصَدِ
وجمعْـتُ فـي قَصـْدِي إليـكَ مِـآربي
فِعـلَ الفَقير أتَى الكريمَ لِموْعِدِ
ثقـةٌ بفَضـلِكَ لا اغْتِـرارٌ بـالمُنَى
والغَيْـثُ إنْ ينـزلْ بـأرضٍ يقْصـِدِ
حَاشــَاكَ أنْ يـأتي جنابَـك قاصـِدٌ
فيعـــودَ دُونَ تَمكُّــنٍ بالســُّؤدَدِ
كَــمْ ذا نَــدَبْتُ مآثمــاً بمـآثمٍ
أرجـو لهـا عفـواً بقصـدكَ سَيِّدي
كَــمْ حاجـةٍ عَمَـرَتْ حَشـايَ ومَطلـبٍ
أرْجـو لَـدَيكَ قَضـاءَها وكَـأنْ قَـدِ
مـا إنْ رفعْـتُ إلـى سِواكَ مَطالبي
مـا إنْ حَلَلْـتُ سـوى نَـداكَ بمورِدِ
لــمْ أرْجُ ذا مُلْــكٍ ولا ذا إمْـرَةٍ
وإذا تَهـمُّ النَّفسُ قلْتُ لَها أبعدي
فَمَـن اسـْتَنارَ بنُـورِ شـَمْسٍ بـاهرٍ
ألْقَـى الـذُّبالَ فأوْقدي أو أخْمدي
لمّــا حلَلْــتُ ذُراكَ دامَ بَهــاؤُهُ
وعلمْــتُ أنّــي مِنْـهُ جـد مؤيّـدِ
نــادَيْتُ دَهْــرِي لا أخافُــكَ مـرَّة
فَـابْرِقْ بأرضِكَ ما بدا لكَ وارعِدِ
أنـا ضـَيْفُ رَبِّـي ثـمّ ضـيفُ نـبيّهِ
أمْــن إلـى أمْـنٍ فأوعِـدْ أوعِـدِ
وانهَــضْ بحـق ليـسَ يجْحَـدَ أَوْكَـدٍ
حــقَّ النُّهـوضِ لحـقِّ ربِّـكَ أوْكَـدِ
واهْجُـرْ وجُرْ أو عُدْ إلى وَصْلِ امْرئٍ
مـا إنْ يُبـالي نَـالَ وصْلَكَ أَوْعدِ
أنـا فـي حِمَـى مَـنْ لا يخيسُ بذمّة
فَخْـرِ الـوَرَى خَيْـرِ البَريّة أحمَدِ
أنـا فـي حِمَـى مَـنْ لا يُوَفّي مَدْحَهْ
شـِعرُ الكُميْـتِ ولا أغـاني مَعبـدِ
أنـا فـي حِمـى مَنْ لا يحيطُ بمدحِهِ
لفْــظُ البليــغِ ولا يـراعُ مُمَجّـدِ
أنـا فـي حمـى من هدّ كسرى ذكرُه
ومحـا الرُّسـُوم على قديمِ الفرقَدِ
بدر الدُّجا بحر النّدى فخْرِ الورى
مـأوى الضـّعيفِ وملْجـأ المستنجدِ
قصـرُ امتـداحي عَـنْ عظيـم خلالـه
هــذا وقــدْ أســكتُّ كـلَّ مُقصـِّدِ
يَـا نفْـسُ إنْصَافاً قَصُرْتِ عن المَدى
فَقفـي عَلـى قـدمِ الحَياءِ وأنْشدي
هــذا رسـُولُ اللـه تِحْفَـةُ قَـادمٍ
مُزْجـي البِضـاعةَ سـائلٍ مُسـْتَرْفدِ
فاصـفَحْ بفضـلِكَ واقبلنهـا إنّهـا
جهْــدُ المُقــلِّ وبلغَـةُ المـتزوّدِ
وعليــكَ مِـنْ عطْـرِ السـَّلامِ مُـردِّد
كـالنّورِ فاحَ بساحةِ الرّوضِ النَّدي
منِّــي ومِـنْ أبَـويَّ جَـادَ عليْهمـا
عَفْــوُ الإلــهِ بمســْكَنٍ وبملحَـدِ
ومـن اخْـوَتي وقَرابـتي وصـَحَابتي
ومُجــاوري ومُحـاوري فـي مَسـْجِدِ
ومــن امــرئٍ كَلِـفٍ بحُبّـكَ مُولـعٍ
برجــا نوالــكَ خُصــّهم بتفقُّــدِ
ومــن الأنـامِ صـغيرهمْ وكـبيرهِمْ
موجـودهمْ طُـراً ومَـن لـمْ يوجَـدِ
مـا هَـاجَ ذكـرُك مُغرَمـاً في مَغربٍ
فَفَـرى إلـى شـَرْقٍ أديـمَ الفَدْفَدِ
ذا مُقلــةٍ تهمــي إليـكَ ولوعـةٍ
مَهْمــا تــرُشّ بِعَبْــرَةٍ تتوقّــدِ
محمد بن محمد بن أحمد بن مسعود (أو سعود) أبو عبد الله الحاحي المشهور بالعبدري نسبة إلى عبد الدار : صاحب الرّحلة المعروفة باسمه. أصله من بلنسية بالأندلس وكان يسكن في بلدة (حاحة) بالمغرب الأقصى فنسب إليها. وقبره معروف فيها ويطلق عليه اسم (سيدي أبو البركات)خرج في رحلته لأداء فريضة الحج مع ابنه يوم 25 ذي القعدة سنة 668 هجرية الموافق 11 كانون الأول ديسمبر 1289م. وبعد قضائه فريضة الحج وبعد أداء فريضة الحج عرّج على فلسطين وزار بعض مدنها وأقام فيها بعض الوقت "كما أقام في القاهرة والإسكندرية والتقى هناك شرف الدين الدمياطي وابن دقيق العيد وغيرهما ثم قفل راجعا إلى بلده عن طريق الجزائر وتلمسان وفاس ومكناس حتى بلغ أزمور التي تقع على شاطئ المحيط الأطلسي حيث لحقت به أسرته".وتوفي نحو سنة 725هجرية 1325م.واعتبر كلامه عن بونة مجانبا للصواب فتصدى للرد عليه أحمد بن قاسم البوني بكتابه : (التعريف ببونة افريقية بلد أبي مروان الشريف)وكان المستشرق الفرنسي فانسان أول من نوّه في العصر الحديث بقيمة رحلة العبدري: في مقالة نشره بالجريدة الآسيوية (سنة1845م)ثم تحدث عنها بإعجاب المستشرق الفرنسي شربونو في مقالة نشره بالجريدة الآسيوية سنة1854م وأتبعه بترجمة بعض فصولها ووالى كبار المستشرقين الإشارة إليها والإشادة بها.ويبدو أن الأمر قد التبس على الزركلي إذ جعل له ترجمتين متتاليتين على أنهما شخصان مختلفان ووقع في الوهم نفسه عمر رضا كحالة في "معجم المؤلفين"عن : كتاب الرحلة المغربية من تحقيق الأستاذ الدكتور سعد بوفَلاَقة وكتاب الرحلة المغربية للمحقق الدكتور علي إبراهيم كردي. تقديم الدكتور شاكر الفحام رئيس مجمع اللغة العربية بدمشق. و(ديوان العبدري) سلسلة ذخائر التراث الأدبي المغربي