
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أَنـاخَ عَلـيَّ الهَـمُّ مِـن كُـلِّ جـانِب
بَيـاضُ عَـذارى فـي سـَوادِ المَطالِبِ
وَكُنـــتُ أَظُــنُّ الأَربَعيــنَ تَصــُدُّهُ
فَمــا قُبِلَـت فيهـا شـَهادَةُ حَاسـِبِ
طَلَبـتُ الصـِّبا مِـن بَعـدِها فَكَأَنَّما
عَلِقـتُ بِأَعجـازِ النُّجـومِ الغَـوارِبِ
وَمـا سـاءَني فَقـدُ الشـَّبابِ وَإِنَّما
بَكَيـتُ عَلـى شـَطرٍ مِـنَ العُمرِ ذاهِبِ
وَلا راعَنــي شـَيبُ الـذَّوائِبِ بَعـدَهُ
وَعِنـدي هُمـومٌ قَبـلَ خَلـقِ الذَّوائِبِ
وَلَكِنَّـهُ وافـى وَمـا أَطلَـقَ الصـِّبا
عَنــاني وَلا قَضـّى الشـَّبابُ مَـآرِبي
وَمـا كُنـتُ مِـن أَصـحابِهِ غَيـرَ أَنَّهُ
وَفَـى لِـيَ لَمّـا خـانَني كُـلُّ صـاحِبِ
بَكَـى النّـاسُ أَطلالَ الدِّيارِ وَلَيتَني
وَجَــدتُ ديـاراً لِلـدُّموعِ السـَّواكِبِ
وَقــالوا زِيــادٌ راحَ عـازِبَ هِمَّـةٍ
وَمَـن لِفُـؤادي بِـالهُمومِ العَـوازِبِ
أَأَحبابَنـا هَـل تَسمَعونَ عَلى النَّوى
تَحِيَّـــةَ عــان أَو شــَكِيَّةَ عــاتِبِ
وَلَـو حَمَلَـت ريـحُ الشـَّمالِ إِلَيكُـمُ
سـَلاماً طَلَبنـا مِثلَـهُ فـي الجَنائِبِ
ذَكَرتُكُــمُ مِــن بَعـدِ عِشـرينَ حِجَّـةً
لَقَـد دَرَسـَت أَسـرارُكُم في التَّرائِبِ
وَمــا أَدَّعــي أَنّــي أَحِـنُّ إِلَيكُـمُ
وَيَمنَعُنـي الأَعـداء مِـن كُـلِّ جـانِبِ
وَلا أَنـا بِالمُشـتاقِ إِن قُلتُ بَينَنا
طِـوالُ العَـوالي أَو طِوالُ السَّباسِبِ
فَمــا لِقُلــوبِ العاشــِقينَ مَزِيَّـةٌ
إِذا نَظَـرَت أَفكارُهـا فـي العَواقِبِ
وَلا الشــَّوقُ إِلَّا فـي صـُدورٍ تَعَـوَّدَت
لِقـاء الأَعـادي فـي لِقاء الحَبائِبِ
جَزى اللَّهُ عَنّا العِيسَ خَيراً فَطالَما
فَرَقـتُ بِهـا بَينـي وَبَيـنَ النَّوائِبِ
كَفَتنـا ثَقيـلَ الهَـمِّ حَتّـى كَأَنَّمـا
رَمَينـا بِـهِ فَـوقَ الذُرى وَالغَوارِبِ
وَإِن صـَدَقَت في ناصِرِ الدَّولَةِ المُنى
فَمـا هِـيَ إِلَّا مِـن أَيـادي الرَّكائِبِ
فَـتى حـارَتِ الأَقـدارُ مِـن عَزَمـاتِهِ
عَلــى أَنَّهــا مَعرُوفَـةٌ بِالعَجـائِبِ
وَأَدرَكَ أَعقـــابَ الأُمــورِ بِفِكــرِهِ
كَـأَنَّ لَهـا عَينـاً عَلـى كُـلِّ غـائِبِ
لَــهُ نَســَبٌ كَالشـَّمسِ أَشـرَقَ نـورُهُ
عَلـى طـولِ أَيّـامِ السِّنينِ الذَّواهِبِ
إِذا دَجَــتِ الأَحســابُ لاحَـت نُجـومُهُ
ثَـواقِبَ مِـن قَبـلِ النُّجومِ الثَّواقِبِ
جِيـادُكَ يَـومَ النِّيـلِ ذَكَّـرنَ أَهلَـهُ
بِمــا صـَنَعَت أَمَّلتُهـا فـي قُبـاقِبِ
سـَقَت تِلـكَ أَكنـافَ المَشـارِقِ وابِلَ
الـدِّماءِ وَجـادَت هَـذِهِ في المَغارِبِ
تَرَكــنَ دِيــاراً لا تَــبين لِعـارِف
وَخُضــنَ بِحــاراً لا تَحِــلُّ لِشــارِبِ
وَقَـد سـَمِعوا أَخبارَهـا فـي سِواهُمُ
فَمــا قَنِعـوا إِلَّا بِبَعـضِ التَّجـارِبِ
إِذا كـانَ عَقـلُ المَـرءِ أَدنى خِلالِهِ
فَمــا هــوَ إِلَّا ثَغــرَة لِلمَصــائِبِ
وَكَــم حَبَـسَ القُمـرِيَّ حُسـنُ غِنـائِهِ
وَقَيَّــدَتِ البــازِيَّ حُجـنُ المَخـالِبِ
طَلَعــتَ عَلَيهِــم وَالسـُّيوفُ كَأَنَّهـا
ضـَرائِبُ مِمّـا كَسـَّرَت فـي الضـَّرائِبِ
بَقِيَّـــةُ آثــارِ اللِّقــانِ وَآلِــسٌ
وَفَضــلَةُ أَيّـامِ الحِمَـى وَالـذَّنائِبِ
تُحَـدِّثُ عَـن تِلـكَ المَنايـا فُلولُها
وَقَـد كُتِبَـت أَخبارهـا في الكَتائِبِ
قَواضــِبُ إِلَّا أَنَّهــا فــي أَنامِــلٍ
تَكـادُ تَقُـدُّ الهـامَ قَبـلَ القَواضِبِ
حَمَيـتَ بِهـا سـِربَ الخِلافَـةِ بَعدَ ما
تَرامَـت بِـهِ أيدي العَبيدِ اللَّواعِبِ
وَأَبعَـدتَ عَـن تَـدبيرِها كُـلَّ مـائِقٍ
حَـديثُ المُنـى فيها حَديثُ المُناسِبِ
وَكُنـتَ إِذا أَشـرَعتَ رَأيَكَ في العِدى
طَعَنـتَ بِـهِ قَبـلَ الرِّمـاحِ السَّوالِبِ
وَقَـد يُبصِرُ الرَّأيَ الفَتى وَهوَ عاجِزٌ
وَرُبَّ حُســـام ســَلَّهُ غَيــرُ ضــارِبِ
كَـأَنَّ المَـدى فـي كُـلِّ شـَيء طَلَبتَهُ
دَنـا لَـكَ حَتَّـى نِلتَـهُ غَيـرَ طـالِبِ
يَظُـنُّ العِـدى أَنِّـي مَـدَحتُكَ لِلغِنـى
وَما الشِّعرُ عِندي مِن كَريم المَكاسِبِ
وَمــا شــِئتُ إِلَّا أَن تَتِــمَّ صـِفاتُهُ
وَلِلـدُّرِّ مَعنـىً فـي نَحـورِ الكَواعِبِ
كَــأَنِّي إِذا أَنشــَدتُ فيـكَ قَصـيدَة
نَثَــرتُ عَلَيهِـم طالِعـاتِ الكَـواكِبِ
وَلَكِنَّهــا مَنســِيَّةُ الــذِّكرِ فيكُـمُ
تُســائِلُ عَـن أَحسـابِكُم كُـلَّ راكِـبِ
وَوَاللَّـهِ مـا صـِدقُ الثَّنـاءِ بِضائع
عَلَيــكَ وَلا حُســنُ الرَّجـاءِ بِخـائِبِ
وَفيكُـم رَوى النَّـاسُ المَديحَ وَمِنكُمُ
تَعَلَّـمَ فيـهِ القَـومُ بَـذلَ الرَّغائِبِ
أَعِنِّـي عَلى نَيلِ الكَواكِبِ في العُلا
فَـأَنتَ الَّـذي صـَيَّرتَها فـي مَطالِبي
وَدَعنـي وَصـِدقُ القَـولِ فيـكَ لَعَلَّـهُ
يُكَفِّـرُ عَـن تِلـكَ القَوافي الكَواذِبِ
غَــرائِبُ مَيــنٍ فـي سـِواكَ كَـثيرَة
وَلَكِنَّنــــي مِنهُـــنَّ أَوَّلُ تـــائِبِ
وَمـا كُنـتُ لَمّا أَعرَض البَحرُ زاخِراً
أقلـبُ طَرفـي فـي جَهـام السـَّحائِبِ
طَــوَيتُ إِلَيــكَ البـاخِلينَ كَأَنَّمـا
سـَرَيتُ إِلى شَمسِ الضُّحى في الغَياهِبِ
وَكـانَ سَبيلُ الجودِ في الأَرضِ واحِداً
فَمـا عَـرَفَ النَّـاسُ اِختِلافَ المَذاهِبِ
وَشــَرَّفَني قَصــدي إِلَيــكَ وَإِنَّمــا
يُبَيـنُ بِقَصـدِ البَيـتِ فَضلُ المُحارِبِ
فَمَـن كانَ يَبغي في المَديحِ مَواهِباً
فَـإِنَّ مَـديحي فيـكَ بَعـضُ المَـواهِبِ
عبد الله بن محمد بن سعيد بن سنان، أبو محمد الخفاجي الحلبي.شاعر، أخذ الأدب عن أبي العلاء المعري وغيره، وكانت له ولاية بقلعة (عزاز) من أعمال حلب وعصي بها، فاحتيل عليه بإطعامه أكلة تدعى (خشكناجة) مسمومة، فمات وحمل إلى حلب.