
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
لعمــري ومـا دهـري بتـأبين هالـكٍ
ولا جَـــزِعٍ ممـــا أصــابَ فأَوجعــا
لقــد كفّــنَ المنهــالُ تحـت ردائهِ
فـتىً غيـرَ مِبطـانِ العشـياتِ أروعـا
ولا بَرمــاً تهــدي النســاء لعرسـه
اذا القشـع مـن برد الشتاء تقعقعا
لــبيبٌ أعــانَ اللُّــبَّ منـه سـماحَةٌ
خصـيبٌ اذا مـا راكـبُ الجـدب أوضعا
تــراه كصـَدرِ السـيفِ يهـتزُ للنـدى
اذا لم تَجد عند امرىءِ السَّوءِ مطمعا
ويومـاً اذا مـا كظَّـكَ الخَصمُ ان يكن
نصــيركَ منهـم لا تكـن انـتَ أضـيعا
وان تَلقَـهُ فـي الشـَربِ لا تَلقَ فاحشاً
علــى الكــأسِ ذا قـاذورةٍ مُتَزَّبعـا
وإن ضــَرَّسَ الغــزوُ الرجـالَ رأيتَـهُ
أخـا الحربِ صَدقاً في اللِّقاءِ سَمَيدَعا
ومـا كـان وقّافـاً اذا الخيلُ أَحجمت
ولا طائشــاً عنــد اللّقــاءِ مُـدَفّعا
ولا بكَهـــامٍ بَـــزّه عـــن عـــدوّهِ
اذا هــو لاقــى حاســراً أو مقنّعـا
فعينــــيَّ هلاّ تبكيــــانِ لمالـــكٍ
اذا أذرَتِ الريـحُ الكنيـفَ المرفَعـا
وهَبّــت شــمالاً مــن تجــاه أظـايفٍ
اذا صــادفَت كــفَّ المفيــض تقفعـا
وللشــَربِ فــابكي مالكــاً ولبُهمَـةٍ
شــديد نــواحيه علــى مـن تَشـَجَّعا
وضــيفٍ اذا أرغــى طروقــاً بعيـرَه
وعـانِ ثـوى فـي القـدِّ حـتى تكنّعـا
وأرملـــةٍ تمشـــي بأشــعَثَ مُحثــلِ
كفَــرخِ الحُبـارى رأسـه قـد تصـوَعا
اذا جَــرّدَ القـومُ القـداح واوقـدت
لهـم نـارُ ايسـارٍ كفـى مـن تضـجعا
وإن شــَهِدَ الايسـار لـم يُلـفَ مالـكٌ
علـى الفَـرثِ يحمي اللحم ان يتوزَعا
أبــي الصـبرَ آيـاتٌ أراهـا واننـي
أرى كــلَّ حبــلٍ دون حبلــكَ اقطعـا
وقـد كـان مجـذاماً الى الحرب ركضه
سـريعاً الـى الـداعي اذا هو أفزَعا
وانّـي مـتى مـا أدعُ باسـمكَ لا تُجِـب
وكنــتَ جــديراً ان تجيــبَ وتُسـمِعا
وكــان جنــاحي ان نَهضــتُ أقلّنــي
ويحـوي الجنـاحُ الريـشَ ان يتنَزعـا
وعشـنا بخيـرٍ فـي الحيـاة وقبلنـا
أصـابَ المنايـا رهـطَ كسـرى وتبّعـا
وكنـــا كنــدماني جذيمــةَ حقبــةً
مـن الـدهر حـتى قيـل لـن يتصـدعا
فلمـــا تَفَرّقنــا كــأني ومالكــاً
لطـول اجتمـاعِ لـم نَبـت ليلـةٌ معا
فــان تكــن الايــامُ فَرَّقـنَ بيننـا
فقـد بـان محمـوداً أخـي حيـن ودَعا
فــتىً كـان أحيـا مـن فتـاةٍ حييـةٍ
واشــجعَ مــن ليـثٍ اذا مـا تَمتَعـا
أقـول وقـد طـار السـنا فـي ربابه
وجــون يَســُحُ المَــاءَ حيـن تريّعـا
سـقى اللـه أرضـاً حلِّهـا قـبرُ مالكٍ
ذهـابَ الغـوادي المـدجناتِ فأمرَعـا
وآثَـــرَ ســيلَ الــواديين بديمــةٍ
تُرشــِحُ وســمياً مـن النَبـتِ خِروعـا
فمجتمــعَ الاســدامِ مـن حـول شـارعٍ
فــروّى جبــال القريــتينِ فَضـَلفَعا
فـوا اللـهِ مـا أُسـقي البلادَ لحبِّها
ولكننــي أســقي الحـبيبَ المودَّعـا
تحيتُـــهُ منــي وان كــان نائيــاً
وأمســى ترابـاً فـوقَهُ الارضُ بلقعـا
تقـول ابنـةُ العمـريِّ ما لكَ بعد ما
أراكَ حــديثاً نـاعمَ البـالِ أفرَعـا
فقلـتُ لهـا طـولُ الاسـى اذ سـألتني
ولوعــةُ حـزنٍ تـتركُ الـوجهَ اسـفعا
وفقــدُ بنـي أمٍّ تَـداعَوا فلـم أكـن
خِلافَهُــــمُ أن اســـتكين وأضـــرَعا
ولكننــي أمضــي علــى ذاك مُقـدماً
اذا بعـضُ مـن يلقـى الحروب تكعكعا
وغَيّرنــي مــا غـالَ قيسـاً ومالكـاً
وعمــراً وجَــزءً بالمُشــَقَّرِ ألمعــا
ومــا غـال نُـدماني يزيـد وليتنـي
تمليتــه بالأهــلِ والمــالِ أجمعـا
وإنّــي وإن هــازلتني قـد أصـابني
مـن البـثّ ما يُبكي الحزين المفجَعا
ولسـتُ اذا مـا الـدهرُ أحـدثَ نكبـةً
ورزءً بـــزوّار القـــرائبِ أخضــعا
قعيــــدكِ الاّ تُســــمعيني ملامَـــةً
ولا تَنكــثي قَــرحَ الفـؤادِ فييجعـا
فَقَصــرَكِ انّـي قـد شـهدتُ فلـم أجـد
بكفـــيّ عنهـــم للمنيــة مَــدفعا
فلا فَرِحــاً إن كنــتُ يومــاً بغبطـة
ولا جَزِعــاً ممــا أصــابض فأوجعــا
فلــو أن مـا ألقـى يصـيب مُتالعـاً
أو الركـن مـن سـلمى اذا لتضعضـعا
ومــــا وَجـــدُ أظَـــآرٍ ثلاث روائمٍ
أصــبَنَ مجَــراً مــن حـوار ومَصـرعَا
يــذكرَن ذا البــثّ الحزيــنَ ببثِّـه
اذا حَنّــت الاولـى سـَجعنَ لهـا معـا
اذا شــارف منهــنّ قــامت فرجَعــت
حنينـا فـابكى شـجوها البَركَ أجمعا
بأوجــدَ منــي يــوم قــامَ بمالـكٍ
منــادٍ بصــير بــالفراق فأســمعا
فــان يــكُ حــزن أو تتـابعُ عـبرةٍ
أذابـت عبيطـاً مـن دم الجوفِ مُنقَعا
تجرعتهــا فــي مالــكٍ واحتسـيتها
لاعظــم منهــا مـا احتسـى وتجرَّعـا
ألــم تـأتِ أخبـارُ المحـلّ سـراتكم
فَيغضـَب منكـم كـلُ مـن كـان موجعـا
بمشــمته إذ صــادفَ الحتـفُ مالكـاً
ومشــهده مــا قــد رأى ثـم ضـَيّعا
أأَثـــرتَ هِـــدماً باليــاً وســويّةً
وجئتَ بهــا تعــدو بريــداً مُقَزَّعـا
فلا تَفرحَــن يومــاً بنفســك اننــي
ارى المـوتَ وقّاعـاً علـى مـن تَشَجّعا
لعلَّـــكَ يومـــاً ان تُلِـــمَّ مُلّمَــةٌ
عليــك مــن اللآئي يــدعنك أجـدَعا
نعيـتَ امـرءً لـو كـان لحمُـك عنـدَه
لآواه مجموعـــاً لـــه أو مُمَزَّعـــا
فلا يُهنيــء الواشــين مقتـلُ مالـكٍ
فقــد آبَ شــانيه إيابــاً فوَدّعــا
مُتَمِّمُ بِنُ نُوَيْرَةَ اليَرْبُوعِيُّ التَّمِيمِيُّ، أَبُو نَهْشَلٍ، صَحابيٌّ وشاعِرٌ مُخَضْرَمٌ، أَشْهَرُ شِعْرِهِ فِي رِثاءِ أَخِيهِ مالِكٍ الّذي قَتَلَهُ خالِدُ بنُ الوَلِيدِ فِي حُرُوبِ الرِّدَّةِ، وَهُوَ مِنْ الشُّعَراءِ المُجِيدِينَ المُقدَّمِينَ، جَعَلَهُ ابنُ سَلّامٍ على رأسِ طَبَقَةِ أَصْحابِ المَراثِي، وَاخْتارَ المُفَضَّلُ الضَّبِّيُّ قَصِيدَتَيْنِ لمتمِّمٍ فِي مُفَضَّلِيّاتِهِ، تُوُفِّيَ نَحْوَ سَنَةِ 30 لِلهِجْرَةِ.