
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
مُتَمِّمُ بِنُ نُوَيْرَةَ اليَرْبُوعِيُّ التَّمِيمِيُّ، أَبُو نَهْشَلٍ، صَحابيٌّ وشاعِرٌ مُخَضْرَمٌ، أَشْهَرُ شِعْرِهِ فِي رِثاءِ أَخِيهِ مالِكٍ الّذي قَتَلَهُ خالِدُ بنُ الوَلِيدِ فِي حُرُوبِ الرِّدَّةِ، وَهُوَ مِنْ الشُّعَراءِ المُجِيدِينَ المُقدَّمِينَ، جَعَلَهُ ابنُ سَلّامٍ على رأسِ طَبَقَةِ أَصْحابِ المَراثِي، وَاخْتارَ المُفَضَّلُ الضَّبِّيُّ قَصِيدَتَيْنِ لمتمِّمٍ فِي مُفَضَّلِيّاتِهِ، تُوُفِّيَ نَحْوَ سَنَةِ 30 لِلهِجْرَةِ.
عَمْرُو بْنُ الحارِثِ بْنِ مُنَبِّهٍ النِهْمِيّ، اشْتُهِرَ بِاِبْنِ بَرّاقَةَ نِسْبَةً إِلَى أُمِّهِ، وَهُوَ مِنْ قَبِيلَةِ نِهْمِ الهَمْدانِيَّةِ، مِنْ الشُّعَراءِ الصَّعالِيكِ فِي الجاهِلِيَّةِ، وَقَدْ عُرفَ بِالشَّجاعَةِ وَالفَتْكِ وَكانَ مِنْ عَدّائِي العَرَبِ، أَدْرَكَ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَ وَوَفَدَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَهُوَ مِنْ الشُّعَراءِ المُقِلِّينَ، أَشْهَرُ شِعْرِهِ مِيمِيَّتُهُ الَّتِي مَطْلَعُها: (تَـقُـولُ سُلَيْـمَـى لا تَعَـرَّض لِتَلْفَـةٍ وَلَيْلُكَ عَنْ لَيْلِ الصَّعالِيـكِ نائِمُ)، تُوفِّيَ بعدَ السَّنةِ الحادية عشرةَ للهِجرةِ.
الحُطَيْئَةُ هُوَ جَرْولُ بنُ أَوسٍ العَبْسِيُّ، شاعِرٌ مُخَضْرَمٌ عاشَ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأَدْرَكَ الإِسْلامَ، وَهُوَ راوِيَةُ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى، وَعدّهُ ابنُ سلّامٍ فِي الطَبَقَةِ الثانِيَةِ في طبقاتِ فُحولِ الشُّعراءِ، وكانَ مِنْ أَكْثَرِ الشُّعَراءِ تَكَسُّباً بِشِعْرِهِ، وَهُوَ مِنْ أَهْجَى الشُّعَراءِ القُدامَى؛ فقد هَجا أُمَّهُ وَأَباهُ وَهَجاً نَفْسَهُ، وَقَدْ سَجَنَهُ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ رَضِيَ اللّٰهُ عَنْهُ لِهِجائِهِ الزِّبرِقانِ بنِ بَدْرٍ، أَدْرَكَ خِلافَةَ مُعاوِيَةَ بنَ أبيِ سُفْيانَ، وَتُوُفِّيَ نَحْوَ سَنَةِ 45هـ/ 665م.
قُطْبَةُ بْنُ أَوْسٍ، وَيُلَقَّبُ بِالحادِرَةِ أَوْ الحُوَيْدِرَةِ وَمَعْناهُ الضَّخْمِ، مِنْ قَبِيلَةِ بَنِي ثَعْلَبَةَ بْنِ سَعْدٍ، وَهُمْ بَطْنٌ مِنْ غَطْفانَ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مُقِلٌّ، أَشْهَرُ قَصائِدِهِ قصيدتُهُ العَيْنِيَّةُ ومَطْلَعُها (بَـكَــرَتْ سُـمَــيَّةُ غُدْوَةً فَتَـمَـتَّعِ / وَغَـدَتْ غُـدُوَّ مُـفــارِقٍ لَمْ يَرْجِـعِ) وَقَدْ اخْتارَها المُفَضَّلُ الضَّبِيَّ ضِمْنَ المُفَضَّلِيّاتِ، عُرِفَ بِمُهاجاتِهِ مَعَ زَبّانَ بْنِ سَيّار الفَزارِيّ، وَلا يُعْرِفُ تارِيخُ وَفاتِهِ إِلّا أَنَّ أَخْبارَهُ تُشِيرُ إِلَى أَنَّهُ عاشَ فِي أَواخِرِ العَصْرِ الجاهِلِيِّ.
الخَنْساءُ هِيَ تُماضِرُ بِنْتُ عَمرٍو بنِ الحارِثِ بنِ الشَّرِيدِ، مِن بَنِي سُلَيمٍ، شاعِرَةٌ مُخَضْرَمَةٌ، عاشَتْ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأَدْرَكَتْ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَتْ، وَوَفَدَتْ عَلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللّٰهُ عَليهِ وَسَلَّمَ مع قومِها، فَكانَ الرسول يَسْتَنْشِدُها وَيُعْجِبُهُ شِعْرُها، اشْتُهِرَتْ بِرِثائِها لِأَخَوَيْها صَخْرٍ وَمُعاوِيَةَ اللَّذَيْنِ قُتِلا فِي الجاهِلِيَّةِ، وَتُعَدُّ الخَنْساءُ أَشْهَرَ شاعِراتِ العَرَبِ، تُوُفِّيَتْ نَحْوَ عامِ 24ه/645م.
لَبِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ مالِكِ بْنِ جَعْفَرَ بْنِ كِلابٍ، مِنْ قَبِيلَةِ عامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، مِنْ شُعَراءِ الجاهِلِيَّةِ وَفُرْسانِهِمْ وَأَشْرافِهِمْ، وَكانَ كَرِيماً نَذَرَ أَلّا تَهُبَّ الصَّبا حَتَّى أَطْعَمَ وَنَحَرَ، أَدْرَكَ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَ، وَتَرَكَ قَوْلَ الشِّعْرِ بَعْدَ إِسْلامِهِ إِلّا بَيْتاً واحِداً، وَهُوَ مِنْ شُعَراءِ المُعَلَّقاتِ وَأَحَدِ المُعَمِّرِينَ عاشَ مِئَةً وَخَمْساً وَأَرْبَعِينَ سَنَةً أَوْ نَحْوَ ذلِكَ، سَكَنُ الكُوفَةَ بَعْدَ إِسْلامِهِ وَتُوُفِّيَ فِيها حَوالَيْ سَنَةِ 41 هـ المُوافِقَةِ لِسَنَةِ 661م.
حَسّانُ بْنُ ثابِتٍ الخَزْرَجِيُّ الأَنْصارِيُّ، صَحابِيٌّ جَلِيلٌ وَشاعِرٌ مُخَضْرَمٌ عاشَ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأسلم بعدَ دُخولِ الرّسولِ صلّى اللهُ عليهِ وَسلَّمَ إلى المَدينَةِ، وحظي حسانُ بِمنزلةٍ كَبيرةٍ فِي الإسلامِ؛ حيثُ كانَ شاعِرَ الرَسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُدافِعُ عَنْهُ وَيَهْجُو شُعَراءَ المُشْرِكِينَ، وَكانَ الرَّسُولُ يَقُولُ لَهُ: "اهْجُهُمْ وَرُوحُ القُدُسِ مَعَكَ"، عُرِفَ فِي الجاهِلِيَّةِ بِمَدْحِهِ لِلغَساسِنَةِ وَالمَناذِرَةِ، وتُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ مُعاوِيَةَ وَكانَ قَدْ عَمِيَ فِي آخِرِ حَياتِهِ، وَكانَ ذلِكَ فِي حَوالَيْ سَنَةِ 54هـ/674م.
دُرَيدُ بْنُ الصِمَّةِ بْنِ الحارِثِ بْنِ مُعاوِيَةَ، يَعُودُ نَسَبُهُ إِلَى هَوازِنَ مِنْ قَيْس عَيْلانَ، كانَ سَيِّدَ قَبيلَتِهِ بَني جُشَمَ وَشَاعِرَهُم وَفارِسَهُم، وَقد خاضَ مِئَةَ غَزْوَةٍ ما أخفقَ بِواحِدَةٍ مِنْها، وَفَقَدَ إِخْوَتَهُ الأَرْبَعَةَ فِي وَقْعاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ فَرْثاهُمْ، وَأَشْهَرُهُمْ عَبْدُ اللهِ الَّذِي رَثاهُ بِقَصِيدَتِهِ الدالِيَةِ (أَرَثَّ جَـدِيــدُ الْحَـبْــلِ مِنْ أُمِّ مَعْـبَـدِ / لِعَـــاقِــبَــةٍ أم أَخْـلَفَــتْ كُـلَّ مَـوْعِــدِ) وَعُمِّرَ دُرَيْدُ طَوِيلاً فَقِيلَ إِنَّهُ عاشَ مِئَتَيْ عامٍ أَوْ نَحْوَ ذلِكَ، وَقُتِلَ فِي مَعْرَكَةِ حُنَينٍ إِذْ أَخْرَجَهُ قَوْمُهُ تَيَمُّناً بِهِ، فَماتَ عَلَى شِرْكِهِ، وَكانَ ذلِكَ فِي السَّنَةِ الثّامِنَةِ لِلهِجْرَةِ.
قَيْسُ بنُ الخَطِيمِ، مِن قَبِيلَةِ الأَوْسِ، شاعِرٌ مُخَضْرَمٌ أَدْرَكَ الإِسْلامَ وَلَمْ يُسْلِمْ، نَشَأَ يَتِيماً إِذْ قُتِلَ أَبُوهُ وَجَدُّهُ وَهُوَ صَغِيرٌ، فَلَمّا بَلَغَ أَخَذَ بِثَأْرَيْهِما، وَكانَ فارِساً شُجاعاً شَهِدَ عَدَداً مِنْ الوَقائِعِ بَيْنَ الأَوْسِ وَالخَزْرَجِ، وَأَكْثَرَ شِعْرِهِ فِي يَوْمِ البُعاثِ، وَهُوَ مِنْ الشُّعَراءِ المُقَدَّمِينَ فِي الجاهِلِيَّةِ قَدَّمَهُ بَعْضُ الرُّواةِ وَعُلَماءُ الشِّعْرِ عَلَى حَسّانَ بنِ ثابِتٍ، وَهُوَ مِن طَبَقَةِ شُعَراءِ القُرَى فِي طَبَقاتِ ابنِ سَلامٍ. وقد قَتَلَهُ قَوْمٌ مِنْ الخَزْرَجِ بَعْدَ يَوْمِ البُعاثِ فِي حَوالَيْ السَّنَةِ الثّانِيَةِ قَبْلَ الهِجْرَةِ.
خِداشُ بنُ زُهيرٍ، مِن قَبيلَةِ عامِرِ بنِ صَعصعَةَ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مِن أشرافِ قومِهِ وفُرسانِهم، شَهدَ حربَ الفِجارِ ولهُ فِيها أخبارٌ، وهو شاعِرٌ مُجيدٌ مُتقدِّمٌ، عَدّهُ أَبو عَمرِو بنُ العلاءِ أَشْعرَ مِن لَبيدٍ، وَهوَ مِن شُعراءِ الطَّبقةِ الخامِسَةِ عندَ ابنِ سَلَّامٍ فِي طَبقاتِ فُحولِ الشُّعراءِ.
مُتمِّمُ بن نُوَيْرَةَ بنِ جمرةَ بن شَدَّادِ بنِ عبيدِ بنِ ثَعْلَبَةَ بن يَرْبُوع بنِ حَنظلةَ بنِ مالكِ بنِ زَيدِ مَناةَ بنِ تَميمِ بنِ مُرِّ بنِ أُدِّ بنِ طابِخةَ بنِ إِلياسَ بنِ مُضَرَ بنِ نِزارٍ. ويُكنَّى أَبا نَهشَلٍ ويُقالُ أَبا تَميمٍ ويُقالُ أَبا إِبراهِيمَ.
ويَربوعُ قبيلةُ مُتمِّم هِي إِحدَى بُطونِ قَبيلَةِ تَميمٍ، وأولادُ يَربوع هُم: رِياحُ، وثَعلبةُ والحارِثُ وعَمرٌو وصَبِيرٌ، ومتمّم من أولاد ثعلبةَ، ولِيربوع أَيَّامٌ فِي الجاهِلِيّةِ كَيومِ الصَّمدِ بَينَها وبَنِي شَيبانَ ويومِ ذاتِ كَهفٍ بَينَها والمَناذرةَ وغَيرِها مِنَ الأَيامِ والوَقائِعِ. ثُمّ كانتْ فِي الإِسلامِ مِنَ القبائلِ الّتي ارتدَّ بَعضُها وكانَ لَها ذِكرٌ فِي حُروبِ الرِّدَّةِ، وقدْ قُتِلَ فيها مالِكٌ أخو متمِّمٌ فَرثاهُ مُتَمِّمٌ بِقصائِدَ مِن غُرَرِ الشِّعرِ.
وقد تزوّجَ مُتمِّمٌ مِن امرأتينِ هما: هِندٌ وأُمُّ خالدٍ وذَكرهُما فِي شِعرِهِ، وأَشارَ ابنُ حزمٍ فِي (جَمهرةِ أنسابِ العَربِ) أَنَّ لِمُتَمِّمٍ ابنُ شاعِرٌ اسمُهُ داودُ بنُ مُتَمِّمٍ. وقالَ ابنُ قُتيبةَ فِي (الشِّعر والشُّعراء): وكانَ لِتَميمٍ ابنانِ إِبراهيمُ وداوودُ، وكانا شَاعِرينِ خَطيبينِ.
عاشَ مُتمِّمٌ ونَشَأَ فِي الجاهليّةِ ثمّ أدرك الإسلامَ وحَسُنَ إسلامُهُ، وذُكِرَتْ بعضُ أَخبارِهِ في الجاهليَّةِ فِي الأَيام التي وقعتْ بينَ قومِه وغيرِهم منِ َالقَبائلِ، وَكانَ مُتَمِّمٌ هُوَ أَخُوهُ مالِكٌ فارِسِينِ شاعِرِينِ، وَمِنْ الأَيّامِ الَّتِي صَحِبَ فِيها قَوْمَهُ يَوْمُ الحائِرِ -كَما وَرَدَ فِي (العقدِ الفَرِيدِ)- وَكانَ يَوْماً لِبَنِي يَرْبُوع عَلَى بِكْرٍ، وَأُسِرَ فِيهِ ابنُ عَنمةَ الضَّبِّيُّ الشَّاعِرَ وَكانَ مَعَ بَنِي شَيْبانَ، فَافْتَكَّهُ مُتَمِّمُ بنُ نُوَيْرَةَ، فَقالَ ابْنُ عنمةَ يَمْدَحُ مُتَمِّمَ بنَ نُوَيْرَةَ:
جَزَى اللّٰهُ رَبُّ النَّاسِ عَنِّي مُتَمِّماً بِخَيْرِ جَزاءٍ ما أَعَفَّ وَأَمْجَدا
أُجِيرَتْ بِهِ آباؤُنا وَبَناتُنا وَشارَكَ فِي إِطْلاقِنا وَتَفَرَّدا
أَبا نَهْشَلٍ إِنِّي لَكُمْ غَيْرُ كافِرٍ وَلا جاعِلٍ مِنْ دُونِكَ المالَ مَرْصَدا
وَفِي أحدِ أَيّامِهِمْ وَهُوَ يَوْمُ الشِّعْبِ أَغارَ عَلَيْهِمْ قَيْسُ بنُ شرفاءَ التَّغْلِبِيُّ وَأَسَرَ مُتَمِّماً، فَوَفَدَ مالِكُ بنُ نُوَيْرَةَ عَلَى قَيْسِ بنِ شرفاءَ فِي فِدائِهِ فَقالَ:
هَلْ أَنْتَ يا قَيْسُ بنُ شرفاءَ مُنْعِمٌ أَو الجَهْدُ إِنْ أُعْطِيْتَهُ أَنْتَ قابِلُه
فَلَمّا رَأَى وَسامَتَهُ وَحُسْنَ شارَتِهِ، قالَ: بَلْ مُنْعِمٌ. فَأَطْلَقَهُ لَهُ.
وَقَدْ أَسْلَمَ مُتَمِّمٌ وَحَسُنَ إِسْلامُهُ وَلَمْ يَكُنْ كَأَخِيهِ مالِكٍ الَّذِي قَتَلَهُ خالِدُ بنُ الوَلِيدِ فِي حُرُوبِ الرِّدَّةِ، وَتُعَدُّ حادِثَةُ مقتَلِ أخيهِ أَهَمَّ الحَوادِثِ الَّتِي أَثَّرَتْ عَلَى حَياةِ مُتَمِّمٍ، فَقَدْ حَزِنَ حُزْناً بالِغاً عَلَى فَقْدِ أَخِيهِ، وَوَرَدَ أَنَّهُ سُئلَ: ما بَلَغَ مِنْ حُزْنِكَ عَلَى أَخِيكَ؟ فَقالَ: أُصِبْتُ بِعَيْنِي [فقد كانَ أعور] فَما قَطرَتْ مِنْها قَطْرَةٌ عِشْرِينَ سَنَةً، فَلَمّا قُتِلَ أَخِي اسْتَهَلَّتْ.
وَعَمِدَ بَعْدَ ذلِكَ لِلمُطالَبَةِ بِدَمِ أَخِيهِ لِما أُثِيرَ حَوْلَ مَقْتَلِ مالِكٍ مِنْ شُبُهاتٍ، فَقَدْ جاءَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَوردَ أنّهُ صَلَّى مَعَهُ الصُّبْحَ ثُمَّ أَنْشَدَ:
نِعْمَ القتيلُ إِذا الرِّياحُ تَناوَحَتْ بَيْنَ البُيُوتِ قَتَلْتَ يا ابنَ الأَزْوَرِ
أَدَعَوتَهُ بِاللّٰهِ ثُمَّ قَتَلْتَهُ لَوْ هُو دَعاكُ بِذِمَّةٍ لَمْ يَغْدُرِ
لا يُضْمِرُ الفَحْشاءَ تَحْتَ رِدائِهِ حُلْوٌ شَمائِلُهُ عَفِيفُ المُئْزَرِ
ثُمَّ بَكَى حَتَّى سالَتْ عَيْنُهُ العَوْراءُ. فَقالَ أَبُو بَكْرٍ: ما دَعَوْتُهُ وَلا قَتَلْتُهُ. وَناشَدَهُ متمِّمٌ فِي دَمِهِ وَفِي سَبْيِهِمْ فَرَدَّ أَبُو بَكْرٍ السَّبْيَ وَوَدَى مالِكاً.
وَكانَتْ صِلَتُهُ بِعُمْرَ رَضِيَ اللّٰهُ عَنْهُ أشدَّ، وَرُبَّما لِأَنَّهُ كانَ مِمَّنْ طَعَنَ عَلَى خالِدٍ فِي قَتْلِهِ مالِكاً وَطَلَبَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ أن يعَزِلَ خالداً فَرَفَضَ أَبُو بَكْرٍ، فَلَمّا قامَ عُمَرُ بِالأَمْرِ وَفَدَ عَلَيْهِ مُتَمِّمٌ فَاسْتَعداهُ عَلَى خالِدٍ. فَقالَ: لا أَرُدُّ شَيْئاً صَنَعَهُ أَبُو بَكْرٍ. فَقَالَ مُتَمِّمٌ: قدْ كُنتَ تَزْعُمُ أَن لَو كُنتَ مَكَانَ أبِي بَكرٍ أَقَدْتَهُ بِهِ فَقَالَ عُمَرُ: لَو كُنتُ ذَلِكَ الْيَوْمَ بِمكانِي الْيَوْمَ لفَعَلتُ وَلَكِنِّي لَا أَرُدُّ شَيْئاً أَمْضَاهُ أَبُو بَكرٍ ورَدَّ عَلَيْهِ لَيلَى وَابْنهَا جَراد.
وذَكَرَ ابنُ قُتيبةَ فِي (الشِّعر والشُّعراء) أنَّهُ لمّا اسْتُشهِدَ زيدُ بنُ الخَطّابِ يومَ مُسيلمةَ ودَخَلَ مُتمِّمٌ على عُمرَ بنِ الخَطّابِ فقالَ لَهُ: أَنشدْنِي بعضَ ما قلتَ في أخيكَ، فأنْشدَهُ شِعرَهُ الَّذى يَقولُ فيهِ:
وكُنّا كَنَدْمانَيْ جَذيمةَ حِقبةً مِنَ الدَّهرِ حَتّى قِيلَ لنْ يَتصدَّعا
فَلمّا تَفرَّقْنا كَأَنِّي ومالِكاً لِطولِ اجْتماعٍ لمْ نَبِتْ لَيلةً مَعا
فَقالَ لَهُ عُمَرُ: يا مُتَمِّمُ، لَوْ كُنْتُ أَقُولُ الشِّعْرَ لَسَرَّنِي أَنْ أَقُولَ فِي زَيْدِ بنِ الخَطّابِ مِثْلَ ما قُلْتُ فِي أَخِيكَ، قالَ مُتَمِّمٌ: يا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، لَوْ قُتِلَ أَخِي قتلَةَ أَخِيكَ ما قُلْتُ فِيهِ شِعْراً أَبَداً، فَقالَ عُمَرُ: يا مُتَمِّمُ، ما عَزَّانِي أَحَدٌ فِي أَخِي بِأَحْسَنَ مِمّا عَزَّيْتَنِي بِهِ.
وَقد اتَّسَمَتْ حَياةُ مُتَمِّمٍ بَعْدَ مَقْتَلِ أَخِيهِ بِالحُزْنِ وَالأَسَى، وَظَلَّ وَفِيّاً لِذِكْرَى أَخِيهِ، وَانْعَكَسَ ذلِكَ عَلَى عَلاقتِهِ مَعَ زَوْجَتِهِ، فَقَدْ تَزَوَّجَ بَعْدَ مَقْتَلِ أَخِيهِ امْرَأَةً بِالمَدِينَةِ فَلَمْ تَرْضَ أَخْلاقَهُ لِشِدَّةِ حُزْنِهِ عَلَى أَخِيهِ فَطَلَّقَها وَقالَ:
أَقُولُ لِهِنْدٍ حِينَ لَمْ أَرْضَ فِعْلَها أَهذا دَلالُ الحُبِّ أَمْ فِعْلُ فارِكِ
أُمُّ الصَّرْمُ ما تَبْغِي، وَكُلُّ مُفارِقٍ يَسِيرٌ عَلَيْنا فَقْدُهُ بَعْدَ مالِكِ
ثُمَّ تَزَوَّجَ امْرَأَةً أُخْرَى اسْمُها أَمُّ خالِدٍ، فَبَينا هُوَ واضِعٌ رَأْسَهُ عَلَى فَخِذِها إِذْ بَكَى فَقالَتْ: لا إِلهَ إِلّا اللّٰهُ، أَما تَنْسَى أَخاكَ. فَأَنْشَأَ يَقُولُ:
أَقُولُ لَها لَمّا نَهَتْنِي عَنِ البُكَا أفِي مالِكٍ تَلْحِينَنِي أُمَّ خالِدِ
فَإِنْ كانَ إِخْوانِي أُصِيبُوا وَأَخْطَأَتْ بَنِي أُمكِ أسبابُ الحُتُوفِ الرَّواصِدُ
فَكُلُّ بَنِي أُمٍّ سَيُمسُونَ لَيْلَةً وَلَمْ يَبْقَ مِنْ أَعْيانِهِمْ غَيْرُ واحِدِ
لم يُحدَّدُ فِي المَصادِرِ الَّتي تَناولتْ حياةَ مُتمِّمٍ تاريخُ وَفاتِهِ، ولكنَّ المَعروفَ أَنَّهُ أَدركَ خِلافَةَ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنهُ ولهُ معهُ أَخبارٌ، وحدّدَ الزّركليُّ فِي (الأَعلام) وفاتَهُ بِنحوِ عامِ 30 لِلهجرةِ.
لَعَمْرِي وما دَهْرِي بتأْبِينِ هَالِكٍ ولا جَزَعٍ مِمَّا أَصَابَ فأَوْجَعَا
وكُنّا كَنَدْمانَيْ جَذيمةَ حِقبةً مِنَ الدَّهرِ حَتّى قِيلَ لنْ يَتصدَّعا
وعِشْنا بِخيرٍ فِي الحَياةِ وقَبلَنا أَصابَ المَنايا رَهْطَ كِسرَى وتُبَّعا
فَلمّا تَفرَّقْنا كَأَنِّي ومالِكاً لِطولِ اجْتماعٍ لمْ نَبِتْ لَيلةً مَعا
وَكُلُّ فَتىً فِي النَّاسِ بَعْدَ ابْنِ أُمِّهِ كَساقِطَةِ إِحْدَى يَدَيْهِ مِنَ الخَبْلِ
وَبَعْضُ الرِّجالِ نَخْلَةٌ لا جَنَى لَها وَلا حِملَ إِلّا أَنْ تُعَدَّ مِنَ النَّخْلِ
وَيُرْوَى أَنَّ عُمَرَ بنَ الخَطّابِ قالَ لِلحُطَيْئَةِ: هَلْ رَأَيْتَ أَوْ سَمِعْتَ بِأَبْكَى مِن هذا. فَقالَ: لا وَاللّٰهِ ما بَكَى بُكاءَهُ عَرَبِيٌّ قَطُّ وَلا يَبْكِيهِ.
(ابنُ الأثير/ أُسد الغابة).
(الآمدي/ المؤتلف والمختلف من أسماء الشعراء).