
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أمِـنْ أجـل أن أعفـاك دهـرُك تطمعُ
وتـأمن فـي الـدنيا وأنتَ المروَّعُ
فـإنْ كنـتَ مغـروراً بمـن سمحتْ به
صـروف اللّيـالي فهـي تُعطي وتمنعُ
شــفاءٌ وأســقامٌ وفقــرٌ وثَــرْوَةٌ
وبَعْـــدَ اِئتِلافٍ نَبـــوَةٌ وتصـــدُّعُ
تأمّـلْ خليلـي هـل تـرى غيرَ هالكٍ
وإلّا مُبقــــىً هُلْكُــــهُ متوقّـــعُ
فَمـا بالُنـا نَبغـي الحياةَ وإنّما
حيـاةُ الفتى نَهجٌ إلى الموتِ مَهْيَعُ
لنـا كـلَّ يـومٍ صاحبٌ في يد الرّدى
ومـاضٍ إلـى دار البِلـى ليس يرجعُ
ومَغْنـى جميـعٍ فـرّق الـدَّهر بينهم
ودارُ أنيــسِ أوحَشــَتْ فهـي بَلْقَـعُ
وخَـــرْقٌ نُرجِّيـــه بســدِّ فروجِــهِ
وآخــرُ لا يخفــى ولا هــو يُرقَــعُ
تحسـَّى الـرّدى لَخْـمٌ وأبنـاءُ حِمْيَرٍ
وقيــدَ إلـى الأجـداث عـادٌ وتُبَّـعُ
وآلُ نِــزارٍ زَعْزَعــتْ مـن عروشـهمْ
بأيدي الرَّزايا السّود هوجاءُ زَعْزعُ
ولـم يبـق مـن أبناء ساسانَ مُخبرٌ
ولـم يبـدُ مـن أولادِ قيصـر مُسـمِعُ
ولــم يُنجهــمْ منـه عديـدٌ مُجمّـع
ولــم يَثْنِهــمْ عنـه مَشـيدٌ مُرَفَّـعُ
فلا مِعْصـــَمٌ فيــه ســِوارٌ مُعَطَّــنٌ
ولا مَفْــرِقٌ يَعلــوه تــاجٌ مُرَصــَّعُ
كَـــأنّهُمُ بعـــدَ اِعتِلاءٍ وَصـــولةٍ
أَديــمٌ مفــرّىً أَو هَشــيمٌ مُذَعْـذَعُ
وَلَيـــس لَهــمْ إلّا بِنــاءٌ مُهَــدَّمٌ
وركــنٌ بمَــرِّ الحادثــاتِ مُضَعْضـَعُ
وَقَطّــع عنّــي معشــري وأصــادِقي
وَشـَملُ اِمـرئٍ فـاتَ الـرّدى متقطّـعُ
وكــانوا وعـزَّاتُ الزَّمـانِ ذليلـةٌ
لــديهمْ وأجفــانُ المنيَّـاتِ هُجَّـعُ
مـتى عجِموا كانوا الصّخورَ وإنْ هُمُ
دُعـوا يومَ مكروهٍ أجابوا فأسرعوا
وإنْ شـهدوا الهيجـاءَ والسُّمرُ شُرَّعٌ
فَــذاكَ عريــنٌ لا أبـاً لـك مُسـبِعُ
تفــانَوْا فمـاضٍ بـانَ غيـرَ مـودَّعٍ
تعــاجَلَهُ صــرفُ الـرّدى أو مـودَّعٌ
أَلا قُــلْ لِنـاعِي جعفـرِ بـنِ محمّـدٍ
وأسـمَعني يـا ليـت لـم أكُ أسـمعُ
فمــا لـك منِّـي اليـومَ إلّا تَلَهُّـفٌ
وإلّا زَفيـــرٌ أو حنيـــنٌ مُرَجَّـــعُ
وإلّا عِضــاضٌ للأبــاهِم مــن جــوىً
وهـل نـافعٌ أنْ أدْمِيَـتْ لِـيَ إصـبعُ
ولـو كـانت الأقدار تُوقَى وقَتكَ مِن
نُيــوبِ الـرّدى أيـدٍ طـوالٌ وأَذرُعُ
وَقَــومٌ إِذا مـا أَطعَمـوا بـأكفّهمْ
طِـوالَ القَنا لحمَ التَّرائبِ أشبعوا
كِــرامٌ إذا ضـَنَّ الغمـامُ تـدفّقوا
وإنْ أقحـطَ العامُ الشّماليُّ أمْرَعوا
وَإنْ طَلبـوا صَعْباً منَ الأمرِ أرهقوا
وإنْ طرقـوا بـابَ العظيمةِ قعقعوا
مَعــاقِلهمْ مـا فيهـمُ مِـن بسـالةٍ
وَلَيـس لَهـمْ إِلّا القنا السُّمْرَ أدْرُعُ
وبيضــاً تراهـنّ العيـون وعهـدُها
بَعيــدٌ بأيمــانِ الصـّياقلِ تلمـعُ
ومـا فيهـمُ والحـربُ تقتنصُ الطُّلى
بِأَيـدي الظّبـا إِلّا الغلامُ المُشـَيَّعُ
صــحبتُ بـه عصـرَ الشـّبابِ وطيبَـه
وكنـتُ إلـى نجـواه في الهمِّ أفزعُ
وللســّرِّ منّـي بيـن جنـبيه مَسـكَنٌ
حمـــيٌّ أبـــيٌّ شـــاحطٌ مُتمنِّـــعُ
وكـم رامـه منّـي الرّجـالُ وإنّمـا
يرومـون نجمـاً غاربـاً ليـس يطلعُ
فلِـي جَـزَعٌ باقٍ عليه وإن عفا الت
تَجمّــل مـا فـي أضـلُعي والتّصـنُّعُ
ولـم أسـْلُهُ لكـنْ تجلّـدت كـي يرى
شــَموتٌ بِحُزْنِــي أنّ صــدرِيَ أوسـعُ
وقـالوا عهـدنا منـك صبراً وحِسْبَةً
وفـي الـرُّزءِ لا يجري لعينيك مدمَعُ
فقلــتُ مصــيباتُ الزّمـان كـثيرةٌ
وبعـض الرّزايـا فيـه أدهى وأوجعُ
ذكرتُـك والعينـان لا غَـرْبَ فيهمـا
فلـم تبـقَ لِـي لمّـا ذكرتُـك أدمُعُ
وَما زُلتَ عن قلبي وإنْ زُلت عن يدي
وقـد تنـزع الأقـدار ما ليس يُنزعُ
فـإنْ تـرقَ عينـي مـن بكاءٍ تجمّلاً
فمــن دونهـا قلـبٌ بفقـدك موجَـعُ
وَإنْ غبتَ عن عَيني فما غبتَ عن حَشىً
مُقَلْقِلَــةٍ تحنــو عليــك وأضــلعُ
ومـا بعـد يـومٍ أمطَرَتْـكَ مـدامعي
لعينِــيَ مَبْكــىً أو لقلـبيَ مَجـزَعُ
وكــم قلّبـتْ كفّـاي مـن ذي مـودّةٍ
فَلـم يَلقَنِـي إلّا الملـومُ المقـرَّعُ
عرفتُـك لمّـا أنْ وفَيْـتَ ومـا وَفَوْا
وحيـن حفظـتَ العهـدَ منِّـي وضيّعوا
فنعـمَ مشـيراً أنـتَ والـرّأيُ ضـيِّقٌ
ونعـم ظهيـراً أنـت والخطـب أشنعُ
وإنّ غنــاءً بعــد هُلْكِــكَ أصــْلَمٌ
وإنّ وفــاءً بعــد فقــدك أجْــدَعُ
وليـس لإخـوانِ الزّمـان وقـد سُقوا
فراقَــك صــِرْفاً مـن يضـرّ وينفـعُ
عهـدتُك لا تعنـو لبـأسٍ ولـم تَبِـتْ
وخـدُّك مـن شـكوى الشـّدائد أضـرعُ
وَعَــزّ علــى قلــبي بأنّـك مفـردٌ
أُناجيـك لَهْفـاً نائمـاً ليـس تسمعُ
وَأَنّــك مِــن بعـدِ اِمتِنـاعٍ وعـزّةٍ
تُحَـطُّ علـى أيـدي الرّجـالِ وتُرفـعُ
فَمــا لَــكَ مَهجـوراً وأنـتَ مُحبَّـبٌ
ومــا لـك مبـذولاً وأنـت المُمَنَّـعُ
وقـد كنـتَ صَعْباً شامسَ الظّهر آبياً
وأنــتَ لرَحْـلِ المـوت عَـوْدٌ مُوَقَّـعُ
ومـا ذاك عـن عجـزٍ ولا ضـَعْفِ قـوّةٍ
وَلَكنّــه الأمـر الّـذي ليـس يُـدفعُ
ومــا سـرّني أنّـي نبـذتُك طائحـاً
بغـــبراءَ لا تـــدنو ولا تتجمّــعُ
وأودعــتُ بطـنَ الأرضِ منـك نفيسـةً
وهـلْ مـودَعٌ فـي التُّربِ إلّا المُضَيَّعُ
سـَقى قَـبرَك الثّـاوي بِمَلساءَ قفرةٍ
غَــزائرُ مـن نسـجِ العشـيّات هُمَّـعُ
كـأنّ السـّحابَ الجَـوْنَ يَنطِـفُ فوقه
ركــائبُ يحملــن الهــوادجَ ضـُلَّعُ
وَلا زالَ مَطلــولَ التّــراب وحـولهُ
مِـنَ الـرّوض مُخضـرُّ السّباسـب مُمْرِعُ
وجِيـــد بريحـــانٍ وَرَوْحٍ ورحمــةٍ
ونـاء بمـا فيـه الشـّفيعُ المشفّعُ
علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن إبراهيم أبو القاسم.من أحفاد علي بن أبي طالب، نقيب الطالبيين، وأحد الأئمة في علم الكلام والأدب والشعر يقول بالاعتزال مولده ووفاته ببغداد.وكثير من مترجميه يرون أنه هو جامع نهج البلاغة، لا أخوه الشريف الرضي قال الذهبي هو أي المرتضى المتهم بوضع كتاب نهج البلاغة، ومن طالعه جزم بأنه مكذوب على أمير المؤمنين.له تصانيف كثيرة منها (الغرر والدرر -ط) يعرف بأمالي المرتضى، و(الشهاب بالشيب والشباب -ط)، و(تنزيه الأنبياء -ط) و(الانتصار -ط) فقه، و(تفسير العقيدة المذهبة -ط) شرح قصيدة للسيد الحميري، و(ديوان شعر -ط) وغير ذلك الكثير.