
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أَلَا يَا اسْلَمَا عَلَى التَّقادُمِ وَالْبِلَى
بِدُومَـــةِ خَبْـــتٍ أَيُّهـــا الطَّلَلانِ
فَلَـوْ كُنْـتُ مَحْصـُوباً بِدُومَـةَ مُدْنَفاً
أُســَقَّى بِرِيــقٍ مِـنْ سـُعَادَ شـَفَانِي
وَكَيْـفَ يُـدَاوِينِي الطَّبِيبُ مِنَ الْجَوَى
وَبَــرَّةُ عِنْــدَ الْأَعْـوَرِ ابْـنِ بَيَـانِ
أَيَجْعَـلُ بَطْنـاً مُنْتِـنَ الرِّيحِ مُقْفِراً
عَلَــى بَطْــنِ خَـوْدٍ دَائِمِ الْخَفَقَـانِ
يُنَهْنِهُنِـي الْحُـرَّاسُ عَنْهـا وَلَيْتَنِـي
قَطَعْــتُ إِلَيْهـا اللَّيْـلَ بِالرَّسـَفَانِ
فَهَلَّا زَجَــرْتَ الطَّيْــرَ لَيْلَـةَ جِئْتَـهُ
بِضــَيْقَةِ بَيْــنَ النَّجْـمِ وَالـدَّبَرانِ
أَبَـى الْقَلْبُ أَنْ يَنْسَى عَلَى مَا يَشُفُّهُ
قَـــوَاتِلَهُ مِـــنْ ســَالِمٍ وَأَبَــانِ
إِذَا قُلْــتُ أَنْســَى ذِكْرَهُـنَّ تَعَرَّضـَتْ
حَبـائِلُ أُخْـرَى مِـنْ بَنِـي الْجَلَفـانِ
خَلِيلَــيَّ لَيْـسَ الـرَّأْيُ أَنْ تَـذَرَانِي
بِدَوِّيَّــةٍ يَعْــوِي بِهــا الصــَّدَيانِ
وَأَرَّقَنِـي مِـنْ بَعْـدِ مَـا نِمْـتُ نَوْمَةً
وَعَضـْبٌ جَلَـتْ عَنْـهُ الْقُيُـونُ بِطَـاني
تَصــَاخُبُ ضــَيْفَي قَفْـرَةٍ يَعْرِفَانِهـا
غُـــــرَابٍ وَذِئْبٍ دَائِمِ الْعَســــَلَانِ
إِذَا حَضـَرَانِي عِنْـدَ زَادِيَ لَـمْ أَكُـنْ
بَخِيلاً وَلَا صــــَبّاً إِذا تَرَكَــــانِي
إِذا ابْتَـدَرا مَـا تَطْرَحُ الْكَفُّ فَاتَهُ
بِـــهِ حَبَشـــِيٌّ كَيِّـــسُ اللَّحَظــانِ
يُبَاعِــدُهُ مِنْــهُ الْجَنَــاحُ وَتَـارَةً
يُـــرَاوِحُ بَيْــنَ الْخَطْــوِ وَالْحَجَلانِ
إِذا غَشـِيانِي هِيلَـتِ النَّفْـسُ مِنْهُما
قُشـــَعْرِيرَةً وَازْدَدْتُ خَــوْفَ جَنَــانِ
وَلَمَّــا رَأَيْـتُ الْأَرْضَ فِيهـا تَضـايُقٌ
رَكِبْــتُ عَلَــى هَــوْلٍ لِغَيْــرِ أَوَانِ
جُمَالِيَّــةً غُــولَ النَّجــاءِ كَأَنَّهـا
بَنِيَّـــةُ عَقْــرٍ أَوْ قَرِيــعُ هِجــانِ
إِذَا عَاقَبَتْهـا الْكَفُّ بِالسَّوْطِ رَاوَحَتْ
عَلَـى الْأَيْـنِ بِالتَّبْغِيـلِ وَالْخَطَـرَانِ
بِــذِي خُصــَلٍ سـَبْطِ الْعَسـِيبِ كَـأَنَّهُ
عَلَـى الْحـاذِ وَالْأَنْسـَاءِ غُصـْنُ إِهَانِ
كَــأَنَّ مَقَــذَّيْها إِذَا مَــا تَحَـدَّرا
عَلَــى وَاضــِحٍ مِــنْ لِيتِهـا وَشـَلَانِ
كَــأَنِّي وَأَجْلَادِي عَلَــى ظَهْـرِ مِسـْحَلٍ
أَضــَرَّ بِمَلْســاءِ الســَّرَاةِ حِصــَانِ
رَعَاهــا بِصــَحْرَاوَيْنِ حَتَّـى تَقَيَّظَـتْ
وَأَقْبَـــلَ شــَهْراً وَقْــدَةٍ وَعِكَــانِ
وَمَـا هَاجَهـا لِلْـوِرْدِ حَتَّـى تَرَكَّـزَتْ
رِيــاحُ السـَّفَا فِـي صَحِصـَحٍ وَمِتَـانِ
فَصــَاحَبَ تِســْعاً كَالْقِسـِيِّ ضـَرَائِراً
يُثِــرْنَ تُــرَابَ الْقُــفِّ بِالنَّـدَفانِ
تَصــَدَّعُ أَحْيانــاً وَحِينــاً يَصـُكُّها
كَمَـا صـَكَّ دَلْـوَ الْماتِـحِ الرَّجَـوانِ
تَصــُكُّ الْهَــوادِي مَنْكِبَيْـهِ وَرَأْسـَهُ
فَبِالـــدَّمِ لِيتــا عُنْقِــهِ خَضــِلَانِ
فَلَـوْلَا يَزِيـدُ ابْـنُ الْإِمَـامِ أَصَابَنِي
قَــوَارِعُ يَجْنِيهــا عَلَــيَّ لِســَانِي
وَلَـمْ يَـأْتِنِي في الصُّحْفِ إِلَّا نَذِيرُكُمْ
وَلَــوْ شــِئْتُمُ أَرْســَلْتُمُ بِأَمَــانِي
فَــآلَيْتُ لَا آتِــي نَصـِيبِينَ طَائِعـاً
وَلَا الســِّجْنَ حَتَّـى يَمْضـِيَ الْحَرَمـانِ
لَيــالِيَ لَا يُجْـدِي الْقَطـا لِفِرَاخِـهِ
بِـــذِي أَبْهَــرٍ مــاءً وَلَا بِحِفَــانِ
يُقَلِّــصُ عَــنْ زُغْــبٍ صـِغَارٍ كَأَنَّهـا
إِذَا دَرَجَــتْ تَحْــتَ الظِّلَالِ أَفَــانِي
كَـأَنَّ بَقَايـا الْمُـحِّ مِـنْ حَيْثُ دَرَّجَتْ
مُفَــرَّكُ حُــصٍّ فِــي مَبِيــتِ قِيَــانِ
إِلَــى كُــلِّ قَيْضــِيٍّ ضـَئِيلٍ كَأَنَّمـا
تَفَلَّـــقَ فِـــي أُفْحُوصــِهِ صــَدَفانِ
أَتَــانِي وَأَهْلِــي بِــالْأَزَاغِبِ أَنَّـهُ
تَتَـابَعَ مِـنْ أَهْـلِ الصـَّرِيحِ ثَمَـانِي
جُمِعْـنَ فَخَـصَّ اللـهُ بِالسـَّبْقِ أَهْلَـهُ
عَلَــى حِينِــهِ مِــنْ مَحْفَـلٍ وَرِهـانِ
وَلَمَّــا عَلَــوْنَ الْأَرْضَ شـَرْقِيَّ مُعْنِـقٍ
ضـَرَحْنَ الْحَصـَى الْحَمْصـِيِّ كُـلَّ مَكَـانِ
وَلَمَّــا ذَرَعْـنَ الْأَرْضَ تِسـْعِينَ غَلْـوَةً
تَمَطَّـــرَتِ الـــدَّهْماءُ بِالصــَّلَتانِ
كَأَنَّهُمــا لَمَّــا اسـْتَحَمَّا وَأَشـْرَفا
ســَلِيبانِ مِــنْ ثَوْبَيْهِمــا صـَرِدانِ
كَــأَنَّ ثِيــابَ الْبَرْبَــرِيِّ تُطِيــرُهُ
أَعَاصـــِرُ رِيـــحٍ حَرْجَــفٍ زَفَيَــانِ
وَلَمَّـا نَـأَى الْغَايَـاتُ جَـدّا كِلَاهُما
فَلَا وِرْدَ إِلَّا دُونَ مَــــا يَــــرِدَانِ
الأَخْطَلُ هُوَ غِياثُ بنُ غَوثٍ، مِن بَنِي تَغلبَ، شاعِرٌ مِنْ فُحولِ الشُّعراءِ الأُمويِّينَ، وقد اتُّفِقَ عَلى أنَّهُ والفرزدقَ وجريراً فِي الطَّبقةِ الأُولى مِنَ الشُّعراءِ الإِسلامِيِّينَ، نَشأَ في بادِيَةِ الجَزيرةِ الفُراتيَّةِ فِي العِراقِ، وظلَّ هُوَ وقومُهُ على النّصرانيَّةِ ولمْ يَدْخُلوا الإِسلامَ، وقد امْتازَ شِعرُهُ بِالصَّقلِ والتّشْذِيبِ مِن غَيرِ تَكَلُّفٍ، وَشُبِّهَ بِالنَّابِغَةِ الذُّبيانيِّ لِصِحَّةِ شِعرِهِ، وَكانَ الأخطلُ مُقرَّباً مِن خُلفاءِ بَنِي أُميَّةَ وأَكْثَرَ مِنْ مَدْحِهم وهجاءِ أعدائِهم، توفيَ فِي حُدودِ سَنَةِ 90 لِلْهِجْرَةِ.