
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أَيَــدَ الْمَنُـونِ قَـدَحْتِ أَيَّ زِنَـادِ
وَأَطَــرْتِ أَيَّــةَ شــُعْلَةٍ بِفُــؤَادِي
أَوْهَنْـتِ عَزْمِـي وَهْـوَ حَمْلَـةُ فَيْلَـقٍ
وَحَطَمْــتِ عُـودِي وَهْـوَ رُمْـحُ طِـرَادِ
لَـمْ أَدْرِ هَـلْ خَطْـبٌ أَلَـمَّ بِسـَاحَتِي
فَأَنَــاخَ أَمْ ســَهْمٌ أَصـابَ سـَوَادِي
أَقْـذَى الْعُيُـونَ فأَسـْبَلَتْ بِمَـدَامِعٍ
تَجْــرِي عَلَـى الْخَـدَّيْنِ كَالْفِرْصـَادِ
مــا كُنْـتُ أَحْسـَبُنِي أُرَاعُ لِحَـادِثٍ
حَتَّــى مُنِيــتُ بِــهِ فَــأَوْهَنَ آدِي
أَبْلَتْنِـيَ الحَسـَراتُ حَتَّـى لَـمْ يَكَدْ
جِســْمِي يَلُــوحُ لأَعْيُــنِ الْعُــوَّادِ
أَســْتَنْجِدُ الزَّفَـراتِ وَهْـيَ لَوَافِـحٌ
وَأُســَفِّهُ الْعَبَــرَاتِ وَهْـيَ بِـوَادِي
لا لَـوْعَتِي تَـدَعُ الْفُـؤَادَ وَلا يَـدِي
تَقْـوَى عَلَـى رَدِّ الحَبِيـبِ الْغَـادِي
يـا دَهْـرُ فِيـمَ فَجَعْتَنِـي بِحَلِيلَـةٍ
كَــانَتْ خُلاصــَةَ عُــدَّتِي وَعَتَــادِي
إِنْ كُنْـتَ لَـمْ تَرْحَـمْ ضَنَايَ لِبُعْدِهَا
أَفَلا رَحِمْـــتَ مِــنَ الأَســى أَوْلادِي
أَفْرَدْتَهُــنَّ فَلَــمْ يَنَمْــنَ تَوَجُّعَـاً
قَرْحَــى الْعُيُـونِ رَوَاجِـفَ الأَكْبَـادِ
أَلْقَيْــنَ دُرَّ عُقُــودِهِنَّ وَصـُغْنَ مِـنْ
دُرِّ الــــدُّمُوعِ قَلائِدَ الأَجْيَــــادِ
يَبْكِيــنَ مِــنْ وَلَـهٍ فِـرَاقَ حَفِيَّـةٍ
كَــانَتْ لَهُــنَّ كَثِيــرَةَ الإِســْعَادِ
فَخُــدُودُهُنَّ مِــنَ الــدُّمُوعِ نَدِيَّـةٌ
وَقُلُــوبُهُنَّ مِــنَ الْهُمُـومِ صـَوَادِي
أَســَلِيلَةَ الْقَمَرَيْــنِ أَيُّ فَجِيعَــةٍ
حَلَّـتْ لِفَقْـدِكِ بَيْـنَ هَـذَا النَّـادِي
أَعــزِزْ عَلَــيَّ بِـأَنْ أَرَاكِ رَهِينَـةً
فِــي جَـوْفِ أَغْبَـرَ قَـاتِمِ الأَسـْدَادِ
أَوْ أَنْ تَبِينِـي عَـنْ قَـرَارَةِ مَنْـزِلٍ
كُنْــتِ الضــِيَاءَ لَـهُ بِكُـلِّ سـَوَادِ
لَـوْ كَـانَ هَـذَا الدَّهْرُ يَقْبَلُ فِدْيَةً
بِــالنَّفْسِ عَنْـكِ لَكُنْـتُ أَوَّلَ فَـادِي
أَوْ كَـانَ يَرْهَـبُ صـَوْلَةً مِـنْ فَاتِـكٍ
لَفَعَلْـتُ فِعْـلَ الْحَـارِثِ بْـنِ عُبَـادِ
لَكِنَّهَــا الأَقْــدَارُ لَيْــسَ بِنَـاجِعٍ
فِيهــا ســِوَى التَّســْلِيمِ وَالإِخْلادِ
فَبِــأَيِّ مَقْــدِرَةٍ أَرُدُّ يَــدَ الأَسـَى
عَنِّــي وَقَـدْ مَلَكَـتْ عِنَـانَ رَشـَادِي
أَفَأَســْتَعِينُ الصـَّبْرَ وَهْـوَ قَسـَاوَةٌ
أَمْ أَصـْحَبُ السـُّلْوَانَ وَهْـوَ تَعَـادِي
جَـزَعُ الْفَتَـى سـِمَةُ الْوَفَاءِ وصَبْرُهُ
غَــدْرٌ يَــدُلُّ بِــهِ عَلَـى الأَحْقَـادِ
وَمِـنَ الْبَلِيَّـةِ أَنْ يُسَامَ أَخُو الأَسَى
رَعْــيَ التَّجَلُّـدِ وَهْـوَ غَيْـرُ جَمَـادِ
هَيْهَــاتَ بَعْـدَكِ أَنْ تَقَـرَّ جَـوَانِحِي
أَســَفاً لِبُعْـدِكِ أَوْ يَلِيـنَ مِهَـادِي
وَلَهِــي عَلَيــكِ مُصـاحِبٌ لِمَسـِيرَتِي
وَالـــدَّمْعُ فِيــكِ مُلازِمٌ لِوِســَادِي
فَـإِذَا انْتَبَهْـتُ فَـأَنْتِ أَوَّلُ ذُكْرَتِي
وَإِذَا أَوَيْــتُ فَــأَنْتِ آخِــرُ زَادِي
أَمْسـَيْتُ بَعْـدَكِ عِبْـرَةً لِـذَوِي الأَسَى
فِــي يَــوْمِ كُــلِّ مُصـِيبَةٍ وَحِـدَادِ
مُتَخَشــِّعَاً أَمْشـِي الضـَّرَّاءَ كَـأَنَّنِي
أَخْشـَى الْفُجَـاءَةَ مِـنْ صِيَالِ أَعَادِي
مَـا بَيْـنَ حُـزْنٍ بَـاطنٍ أَكَلَ الْحَشَا
بِلَهِيــبِ ســَوْرَتِهِ وَســُقْمٍ بَــادِي
وَرَدَ الْبَرِيــدُ بِغَيْـرِ مـا أَمَّلْتُـهُ
تَعِـسَ الْبَرِيـدُ وشـَاهَ وَجْهُ الْحَادِي
فَســَقَطْتُ مَغْشــِيَّاً عَلَــيَّ كَأَنَّمَــا
نَهَشــَتْ صـَمِيمَ الْقَلْـبِ حَيَّـةُ وَادِي
وَيْلُمِّـــهِ رُزءَاً أَطَـــارَ نَعِيُّـــهُ
بِــالْقَلْبِ شــُعْلَةَ مَــارِجٍ وَقَّــادِ
قَـدْ أَظْلَمَـتْ مِنْـهُ الْعُيُـونُ كَأَنَّما
كَحَــل الْبُكَــاءُ جُفُونَهـا بِقَتَـادِ
عَظُمَــتْ مُصـِيبَتُهُ عَلَـيَّ بِقَـدْرِ مَـا
عَظُمَــتْ لَــدَيَّ شــَمَاتَةُ الْحُســَّادِ
لامُـوا عَلَـى جَزَعِـي وَلَمَّـا يَعْلَمُوا
أَنَّ الْمَلامَـــةَ لا تَـــرُدُّ قِيَــادِي
فَلَئِنْ لَبِيــدُ قَضــَى بِحَـوْلٍ كَامِـلٍ
فِـي الْحُـزْنِ فَهْـوَ قَضَاءُ غَيْرِ جَوَادِ
لَبِـسَ الزَّمَـانَ عَلَـى اخْتِلافِ صُرُوفِهِ
دُوَلاً وَفَــــلَّ عَـــرَائِكَ الآبَـــادِ
كَــمْ بَيْــنَ عَــادِيٍّ تَمَلَّـى عُمْـرَهُ
حِقَبـــاً وَبَيْــنَ حَدِيثَــةِ الْمِيلادِ
هَـذَا قَضـَى وَطَـرَ الْحَيَاةِ وتِلْكَ لَمْ
تَبْلُــغْ شـَبِيبَةَ عُمْرِهَـا الْمُعْتَـادِ
فَعَلامَ أَتْبَــعُ مَـا يَقُـولُ وَحُكْمُـهُ
لا يَســـْتَوِي لِتَبَـــايُنِ الأَضــْدَادِ
سـِرْ يَـا نَسـِيمُ فَبَلِّغِ الْقَبْرَ الَّذِي
بِحِمَــى الإِمَــامِ تَحِيَّتِــي ووِدَادِي
أَخْبِــرْهُ أَنِّــي بَعْـدَهُ فـي مَعْشـَرٍ
يَســـْتَجْلِبُونَ صـــَلاحَهُمْ بِفَســَادِي
طُبِعُـوا علـى حَسـَدٍ فَـأَنْتَ تَرَاهُـمُ
مَرْضــَى الْقُلُــوبِ أَصـِحَّةَ الأَجْسـَادِ
وَلَـوَ انَّهُـمْ عَلِمُوا خَبِيئَةَ ما طَوَى
لَهُـمُ الـرَّدَى لَـمْ يَقْـدَحُوا بِزِنادِ
كُـــلُّ امْــرِئٍ يَوْمــاً مُلاقٍ رَبَّــهُ
والنَّـاسُ فِـي الـدُّنْيَا عَلى مِيعَادِ
وَكَفَـى بِعَادِيَـةِ الْحَـوَادِثِ مُنْـذِراً
لِلْغَـافِلِينَ لَـوِ اكْتَفُـوا بِعَـوَادِي
فَلْيَنْظُــرِ الإِنْســَانُ نَظْـرَةَ عَاقِـلٍ
لِمَصـــَارِعِ الآبـــاءِ وَالأَجْـــدَادِ
عَصـَفَ الزَمَـانُ بِهِـمْ فَبَـدَّدَ شَمْلَهُمْ
فِــي الأَرْضِ بَيْــنَ تَهَـائِمٍ وَنِجَـادِ
دَهْــرٌ كَأَنَّــا مِـنْ جَـرَائِرِ سـِلْمِهِ
فِـــي حَــرِّ يَــوْمِ كَرِيهَــةٍ وجِلادِ
أَفْنَـى الْجَبَـابِرَ مِـنْ مَقَاوِلِ حِمْيَرٍ
وأُولِـي الزَّعَامَـةِ مِـنْ ثَمُودَ وَعَادِ
وَرَمَـى قُضـَاعَةَ فَاسـْتَبَاحَ دِيارَهَـا
بِالسـُّخْطِ مِـنْ سـابُورَ ذِي الأَجْنَـادِ
وَأَصـَابَ عَـنْ عُـرْضٍ إِيـادَ فَأَصـْبَحَتْ
مَنْكُوســـَةَ الأَعْلامِ فِـــي ســِنْدَادِ
فَسـَلِ الْمَـدَائِنَ فَهْـيَ مَنْجَـمُ عِبْرَةٍ
عَمَّــا رَأَتْ مِــنْ حَاضـِرٍ أَوْ بَـادِي
كَـرَّتْ عَلَيْهَـا الْحَادِثَـاتُ فَلَمْ تَدَعْ
إِلَّا بَقَايَــــا أَرْســـُمٍ وَعِمَـــادِ
وَاعْكُفْ عَلَى الْهَرَمَيْنِ واسْأَلْ عَنْهُمَا
بَلْهِيـبَ فَهْـوَ خَطِيـبُ ذَاكَ الْـوَادِي
تُنْبِئْكَ أَلْسـِنَةُ الصـُّمُوتِ بِمَـا جَرَى
فـي الـدَّهْرِ مِـنْ عَـدَمٍ ومِنْ إِيْجَادِ
أُمَــمٌ خَلَـتْ فَاسـْتَعْجَمَتْ أَخْبَارُهـا
حَتَّــى غَــدَتْ مَجْهُولَــةَ الإِســْنَادِ
فَعَلامَ يَخْشـَى الْمَـرْءُ صـَرْعَةَ يَـوْمِهِ
أَوَلَيْـــسَ أَنَّ حَيَـــاتَهُ لِنَفَـــادِ
تَعَـسَ امْـرُؤٌ نَسِيَ الْمَعَادَ وَمَا دَرَى
أَنَّ الْمَنُــونَ إِلَيْــهِ بِالْمِرْصــَادِ
فَاسـْتَهْدِ يَـا مَحْمُـودُ رَبَّكَ وَالْتَمِسْ
مِنْـهُ الْمَعُونَـةَ فَهْـوَ نِعْمَ الْهَادِي
وَاسـْأَلْهُ مَغْفِـرَةً لِمَـنْ حَـلَّ الثَّرَى
بِــالأَمْسِ فَهْـوَ مُجِيـبُ كُـل مُنَـادِي
هِــيَ مُهْجَـةٌ وَدَّعْـتُ يَـوْمَ زِيَالِهَـا
نَفْســِي وَعِشــْتُ بِحَســْرَةٍ وَبِعَــادِ
تَـاللهِ مـا جَفَّـتْ دُمُـوعي بَعْـدَمَا
ذَهَـبَ الـرَّدَى بِـكِ يَا بْنَةَ الأَمْجَادِ
لا تَحْسـَبِينِي مِلْـتُ عَنْـكِ مَعَ الْهَوَى
هَيْهَـاتَ مَـا تَـرْكُ الْوَفـاءِ بِعَادِي
قَـدْ كِـدْتُ أَقْضـِي حَسْرَةً لَوْ لَمْ أَكُنْ
مُتَوَقِّعَــاً لُقْيَــاكِ يَــوْمَ مَعَـادِي
فَعَلَيْـكِ مِـنْ قَلْبِـي التَّحِيَّـةُ كُلَّمَا
نَــاحَتْ مُطَوَّقَــةٌ عَلَــى الأَعْــوَادِ
محمود سامي باشا بن حسن حسين بن عبد الله البارودي المصري.أول ناهض بالشعر العربي من كبوته، في العصر الحديث، وأحد القادة الشجعان، جركسي الأصل من سلالة المقام السيفي نوروز الأتابكي (أخي برسباي).نسبته إلى ( إيتاي البارود)، بمصر، وكان لأحد أجداده في عهد الالتزام مولده ووفاته بمصر، تعلم بها في المدرسة الحربية.ورحل إلى الأستانة فأتقن الفارسية والتركية، وله فيها قصائد دعاء إلى مصر فكان من قواد الحملتين المصريتين لمساعدة تركيا.الأولى في ثورة كريد سنة1868، والثانية في الحرب الروسية سنة 1877، وتقلب في مناصب انتهت به إلى رئاسة النظار، واستقال.ولما حدثت الثورة العرابية كان في صفوف الثائرين، ودخل الإنجليز القاهرة، فقبض عليه وسجن وحكم بإعدامه، ثم أبدل الحكم بالنفي إلى جزيرة سيلان.حيث أقام سبعة عشر عاماً، أكثرها في كندا تعلم الإنجليزية في خلالها وترجم كتباً إلى العربية وكفَّ بصره وعفي عنه سنة 1317ه فعاد إلى مصر.أما شعره فيصح اتخاذه قاتحة للأسلوب العصري الراقي بعد إسفاف النظم زمناً غير معتبر.له (ديوان شعر -ط)، جزآن منه، (ومختارات البارودي -ط) أربعة أجزاء.