
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
تَـــأَوَّبَ طَيْـــفٌ مِـــنْ ســـَمِيرَةَ زَائِرٌ
وَمَــا الطَّيْـفُ إِلَّا مَـا تُريـهِ الْخَـوَاطِرُ
طَــوَى سـُدْفَةَ الظَّلْمَـاءِ وَاللَّيْـلُ ضـَارِبٌ
بِـــأَرْوَاقِهِ وَالنَّجْــمُ بِــالأُفْقِ حَــائِرُ
فَيَــا لَــكَ مِــنْ طَيْــفٍ أَلَــمَّ وَدُونَـهُ
مُحِيــطٌ مِــنَ الْبَحْــرِ الْجَنُـوبِيِّ زَاخِـرُ
تَخَطَّــى إِلــيَّ الأَرْضَ وَجْــدَاً وَمَــا لَـهُ
ســِوَى نَــزَواتِ الشــَّوقِ حَــادٍ وَزَاجِـرُ
أَلَـــمَّ وَلَــمْ يَلْبَــثْ وَســَارَ وَلَيْتَــهُ
أَقَــامَ وَلَــوْ طَــالَتْ عَلَــيَّ الـدَّيَاجِرُ
تَحَمَّــــلَ أَهْــــوَالَ الظَّلامِ مُخَـــاطِراً
وَعَهْــدِي بِمَــنْ جَــادَتْ بِــهِ لا تُخَـاطِرُ
خُمَاسـِيَّةٌ لَـمْ تَـدْرِ مَـا اللَّيْـلُ وَالسُّرَى
وَلَــمْ تَنْحَسـِرْ عَـنْ صـَفْحَتَيْهَا السـَّتَائِرُ
عَقِيلَـــةُ أَتْـــرَابٍ تَــوَالَيْنَ حَوْلَهَــا
كَمَــا دَارَ بِالْبَـدْرِ النُّجُـومُ الزَّواهِـرُ
غَوَافِـــلُ لا يَعْرِفْـــنَ بُـــؤْسَ مَعِيشــَةٍ
وَلا هُـــنَّ بِـــالْخَطْبِ الْمُلِــمِّ شــَواعِرُ
تَعَــوَّدْنَ خَفْــضَ الْعَيْـشِ فِـي ظِـلِّ وَالِـدٍ
رَحِيـــمٍ وَبَيْـــتٍ شـــَيَّدَتْهُ الْعَنَاصــِرُ
فَهُـــنَّ كَعُنْقُـــودِ الثُّرَيَّـــا تَــأَلَّقَتْ
كَــواكِبُهُ فِــي الأُفْــقِ فَهْــيَ ســَوَافِرُ
تُمَثِّلُهَـــا الــذِّكْرَى لِعَيْنِــي كَــأَنَّنِي
إِلَيْهَــا عَلَــى بُعْــدٍ مِـنَ الأَرْضِ نَـاظِرُ
فَطَــوْرَاً أَخَــالُ الظَّــنَّ حَقَّــاً وَتَـارَةً
أَهِيـــمُ فَتَغْشـــَى مُقْلَتَــيَّ الســَّمَادِرُ
فَيَــا بُعْــدَ مَـا بَيْنِـي وَبَيْـنَ أَحِبَّتِـي
وَيَـا قُـرْبَ مـا الْتَفَّـتْ عَلَيـهِ الضَّمائِرُ
وَلَــوْلا أَمَــانِي النَّفْـسِ وَهْـيَ حَياتُهَـا
لَمَــا طَـارَ لِـي فَـوْقَ الْبَسـِيطَةِ طَـائِرُ
فَــإِنْ تَكُــنِ الأَيَّــامُ فَرَّقْــنَ بَيْنَنَــا
فَكُــلُّ امْـرِئٍ يَوْمَـاً إِلَـى اللَّـهِ صـَائِرُ
هِــيَ الــدَّارُ مَـا الأَنْفَـاسُ إِلَّا نَهَـائِبٌ
لَـــدَيْهَا ومــا الأَجْســَامُ إِلَّا عَقَــائِرُ
إِذَا أَحْســَنَتْ يَوْمــاً أَسـَاءَتْ ضـُحَى غَـدٍ
فَإِحْســَانُهَا ســَيْفٌ عَلَـى النَّـاسِ جَـائِرُ
تَــرُبُّ الْفَتَــى حَتَّــى إِذَا تَــمَّ أَمْـرُهُ
دَهَتْـــهُ كَمَـــا رَبَّ الْبَهِيمَــة جَــازرُ
لَهَــا تَــرَةٌ فِــي كُـلِّ حَـيٍّ وَمـا لَهَـا
عَلَـى طُـولِ مَـا تَجْنِـي عَلَى الْخَلْقِ وَاتِرُ
كَثِيـــرَةُ أَلْـــوَانِ الْـــوِدَادِ مَلِيَّــةٌ
بِــأَنْ يَتَوَقَّاهَــا الْقَرِيــنُ الْمُعَاشــِرُ
فَمَــنْ نَظَــرَ الــدُّنْيَا بِحِكْمَــةِ نَاقِـدٍ
دَرَى أَنَّهَـــا بَيْـــنَ الأَنَــامِ تُقَــامِرُ
صــَبَرْتُ عَلَــى كُـرْهٍ لِمَـا قَـدْ أَصـَابَنِي
وَمَــنْ لَــمْ يَجِـدْ مَنْدُوحَـةً فَهْـوَ صـَابِرُ
وَمـا الْحِلْـمُ عِنْـدَ الْخَطْبِ وَالْمَرْءُ عَاجِزٌ
بِمُسْتَحْســَنٍ كَــالْحِلْمِ وَالْمَــرْءُ قَــادِرُ
وَلَكِـــنْ إِذَا قَــلَّ النَّصــِيرُ وَأَعْــوَزَتْ
دَوَاعِـي الْمُنـى فَالصـَّبْرُ فِيـهِ الْمَعَاذِرُ
فَلا يَشـــْمَتِ الأَعْـــدَاءُ بِــي فَلَرُبَّمَــا
وَصــَلْتُ لِمَــا أَرْجُــوهُ مِمَّــا أُحَــاذِرُ
فَقَــدْ يَســْتَقِيمُ الأَمْـرُ بَعْـدَ اعْوِجَـاجِهِ
وَتَنْهَــضُ بِــالْمَرْءِ الْجُــدُوُد الْعَـوَاثِرُ
وَلِـي أَمـلٌ فِـي اللَّـهِ تَحْيَـا بِهِ الْمُنَى
وَيُشــْرِقُ وَجْــهُ الظَّــنِّ والْخَطْـبُ كَاشـِرُ
وَطِيــدٌ يَــزِلُّ الْكَيْــدُ عَنْــهُ وَتَنْقَضـِي
مُجَاهَـــدَةُ الأَيَّـــامِ وَهْـــوَ مُثَـــابِرُ
إِذَا الْمَرْءُ لَمْ يَرْكَنْ إِلَى اللَّهِ فِي الَّذِي
يُحَـــاذِرُهُ مِــنْ دَهْــرِهِ فَهْــوَ خَاســِرُ
وَإِنْ هُــوَ لَـمْ يَصـْبِرْ عَلَـى مـا أَصـَابَهُ
فَلَيْــسَ لَــهُ فِــي مَعْـرِضِ الْحَـقِّ نَاصـِرُ
وَمَــنْ لَــمْ يَـذُقْ حُلْـوَ الزَّمَـانِ وَمُـرَّهُ
فَمَــا هُــوَ إِلَّا طَــائِشُ اللُّــبِّ نَــافِرُ
وَلَــوْلا تَكَــالِيفُ الســِّيَادَةِ لَـمْ يَخِـبْ
جَبَــانٌ وَلَــمْ يَحْــوِ الْفَضــِيلَةَ ثَـائِرُ
تقــلُّ دَوَاعِــي النَّفْــسِ وَهْــيَ ضـَعِيفَةٌ
وَتَقْــوَى هُمُــومُ الْقَلْــبِ وَهْـوَ مُغَـامِرُ
وَكَيْـفَ يَبِيـنُ الْفَضـْلُ وَالنَّقْصُ فِي الْوَرَى
إِذَا لَــمْ تَكُـنْ سـَوْمَ الرِّجَـالِ الْمَـآثِرُ
وَمَــا حَمَــلَ الســَّيْفَ الْكَمِــيُّ لِزِينَـةٍ
وَلَكِـــنْ لأَمْـــرٍ أَوْجَبَتْـــهُ الْمَفَــاخِرُ
إِذَا لَــمْ يَكُــنْ إِلَّا الْمَعِيشــَةَ مَطْلَــبٌ
فَكُــلُّ زَهِيــدٍ يُمْســِكُ النَّفْــسَ جَــابِرُ
فَلَــوْلا الْعُلا مَـا أَرْسـَلَ السـَّهْمَ نَـازِعٌ
وَلا شـــَهَرَ الســَّيْفَ الْيَمَــانِيَّ شــَاهِرُ
مِــنَ الْعَـارِ أَنْ يَرْضـَى الدَّنِيَّـةَ مَاجِـدٌ
وَيَقْبَــلَ مَكْــذُوبَ الْمُنَــى وَهْـوَ صـَاغِرُ
إِذَا كُنْـتَ تَخْشـَى كُـلَّ شـَيءٍ مِـنَ الـرَّدى
فَكُـلُّ الَّـذِي فـي الْكَـوْنِ لِلنَّفْـسِ ضـَائِرُ
فَمِــنْ صــِحَّةِ الإِنْسـَانِ مـا فِيـهِ سـُقْمُهُ
وَمِــنْ أَمْنِــهِ مَــا فَاجَـأَتْهُ الْمَخَـاطِرُ
عَلَـــيَّ طِلابُ الْعِـــزِّ مِـــنْ مُســـْتَقَرِّهِ
وَلا ذَنْــبَ لِــي إِنْ عَارَضـَتْنِي الْمَقَـادِرُ
فَمَــا كُــلُّ مَحْلُــولِ الْعَرِيكَــةِ خَـائِبٌ
وَلا كُـــلُّ مَحْبُـــوكِ التَّرِيكَــةِ ظَــافِرُ
فَمَــاذَا عَســَى الأَعْــدَاءُ أَنْ يَتَقَوَّلُـوا
عَلــيَّ وعِرْضــِي نَاصــِحُ الْجَيْــبِ وَافِـرُ
فَلِــي فِــي مـرَادِ الْفَضـْلِ خَيْـرُ مَغَبَّـةٍ
إِذَا شـــَانَ حَيَّــاً بِالْخِيَانَــةِ ذَاكِــرُ
مَلَكْــتُ عُقَــابَ المُلــكِ وَهْــيَ كَسـِيرَةٌ
وَغَادَرْتُهَــا فِــي وَكْرِهَــا وَهْـيَ طَـائِرُ
وَلَــوْ رُمْــتُ مَــا رَام امْـرُؤٌ بِخِيَانَـةٍ
لَصــَبَّحنِي قِســْطٌ مِــنَ الْمَــالِ غَــامِرُ
وَلَكِــنْ أَبَــتْ نَفْســِي الْكَرِيمَـةُ سـَوْأَةً
تُعَــابُ بِهَــا والـدَّهْرُ فِيـهِ الْمعـايِرُ
فَلا تَحْســـَبَنَّ الْمَـــالَ يَنْفَـــعُ رَبَّــهُ
إِذَا هُــوَ لَــمْ تَحْمَـدْ قِـرَاهُ العَشـَائِرُ
فَقَــدْ يَســْتَجِمُّ الْمَـالُ وَالْمَجْـدُ غَـائِبٌ
وَقَــدْ لا يَكُـونُ الْمَـالُ والْمَجْـدُ حاضـِرُ
وَلَــوْ أَنَّ أَســْبَابَ الســِّيَادَةِ بِـالْغِنَى
لَكَــاثَرَ رَبَّ الْفَضــْلِ بِالْمَــالِ تَــاجِرُ
فَلا غَــرْوَ أَنْ حُــزْتُ الْمَكَــارِمَ عَارِيـاً
فَقَـدْ يَشـْهَدُ السـَّيْفُ الْـوَغَى وَهْـوَ حَاسِرُ
أَنَـا الْمَـرءُ لا يَثْنِيـهِ عَـنْ دَرَكِ الْعُلا
نَعِيـــمٌ وَلا تَعْــدُو عَلَيْــهِ الْمَفَــاقِرُ
قَــــؤُولٌ وَأَحْلامُ الرِّجَــــالِ عَـــوَازِبٌ
صـــَؤُولٌ وَأَفْــوَاهُ الْمَنَايَــا فَــوَاغِرُ
فَلا أَنَــا إِنْ أَدْنَــانِيَ الْوَجْــدُ بَاسـِمٌ
وَلا أَنَــا إِنْ أَقْصــَانِيَ الْعُــدْمُ بَاسـِرُ
فَمَـا الْفَقْـرُ إِنْ لَـمْ يَدْنَسِ الْعِرْضُ فَاضِحٌ
وَلا الْمَـالُ إِنْ لَـمْ يَشـْرُفِ الْمَـرْءُ سَاتِرُ
إِذَا مـا ذُبَـابُ السـَّيفِ لَـمْ يَـكُ مَاضِياً
فَحِلْيَتُــهُ وَصــْمٌ لَــدَى الْحَــرْبِ ظَـاهِرُ
فَــإِنْ كُنْــتُ قَــدْ أَصــْبَحْتُ فَـلَّ رَزِيَّـةٍ
تَقَاســَمَهَا فِــي الأَهْــلِ بَــادٍ وحَاضـِرُ
فَكَـــمْ بَطَــلٍ فَــلَّ الزَّمَــانُ شــَبَاتَهُ
وَكَـــمْ ســَيِّدٍ دَارتْ عَلَيْــهِ الــدَّوائِرُ
وَأَيُّ حُســــَامٍ لَـــمْ تُصـــِبْهُ كَلالَـــةٌ
وَأَيُّ جَـــوَادٍ لَـــمْ تَخُنْــهُ الْحَــوافِرُ
فَســَوْفَ يَبِيــنُ الحَــقُّ يَوْمــاً لِنَـاظِرٍ
وَتَنْــزُو بِعَــوْرَاءِ الْحقُــودِ السـَّرائِرُ
وَمَـــا هِــيَ إِلَّا غَمْــرَةٌ ثُــمَّ تَنْجَلِــي
غَيَابَتُهَــا وَاللَّــهُ مَــنْ شــَاءَ نَاصـِرُ
فَقَـدْ حَـاطَني فـي ظُلْمَـةِ الْحَبْـسِ بَعْدَما
تَرَامَــتْ بِــأَفْلاذِ الْقُلُــوبِ الْحَنَــاجِرُ
فَمَهْلاً بَنِــي الــدُّنْيا عَلَيْنَــا فَإِنَّنَـا
إِلَــى غَايَــةٍ تَنْفَــتُّ فِيهَـا الْمَـرائِرُ
تَطُــولُ بِهَــا الأَنْفَـاسُ بُهْـراً وَتَلْتَـوِي
عَلَــى فَلْكَـةِ السـَّاقَيْنِ فِيهَـا الْمـآزِرُ
هُنَالِــكَ يَعْلُــو الْحَــقُّ وَالْحَـقُّ وَاضـِحٌ
وَيَســْفُلُ كَعْــبُ الـزُّورِ وَالـزُّورُ عَـاثِرُ
وَعَمَّــا قَلِيــلٍ يَنْتَهِــي الأَمْــرُ كُلُّــهُ
فَمَـــــا أَوَّلٌ إِلَّا وَيَتْلُــــوهُ آخِــــرُ
محمود سامي باشا بن حسن حسين بن عبد الله البارودي المصري.أول ناهض بالشعر العربي من كبوته، في العصر الحديث، وأحد القادة الشجعان، جركسي الأصل من سلالة المقام السيفي نوروز الأتابكي (أخي برسباي).نسبته إلى ( إيتاي البارود)، بمصر، وكان لأحد أجداده في عهد الالتزام مولده ووفاته بمصر، تعلم بها في المدرسة الحربية.ورحل إلى الأستانة فأتقن الفارسية والتركية، وله فيها قصائد دعاء إلى مصر فكان من قواد الحملتين المصريتين لمساعدة تركيا.الأولى في ثورة كريد سنة1868، والثانية في الحرب الروسية سنة 1877، وتقلب في مناصب انتهت به إلى رئاسة النظار، واستقال.ولما حدثت الثورة العرابية كان في صفوف الثائرين، ودخل الإنجليز القاهرة، فقبض عليه وسجن وحكم بإعدامه، ثم أبدل الحكم بالنفي إلى جزيرة سيلان.حيث أقام سبعة عشر عاماً، أكثرها في كندا تعلم الإنجليزية في خلالها وترجم كتباً إلى العربية وكفَّ بصره وعفي عنه سنة 1317ه فعاد إلى مصر.أما شعره فيصح اتخاذه قاتحة للأسلوب العصري الراقي بعد إسفاف النظم زمناً غير معتبر.له (ديوان شعر -ط)، جزآن منه، (ومختارات البارودي -ط) أربعة أجزاء.