
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
ســـَكَنَ الْفُــؤَادُ وَجَفَّــتِ الآمَــاقُ
وَمَضــَتْ عَلَــى أَعْقَابِهَــا الأَشـْوَاقُ
وَنَزَعْـتُ عَـنْ نَـزَقِ الشَّبِيبَةِ وَالصِّبَا
بَعْــدَ الْمَشــِيبِ وَلِلشــَّبَابِ نِـزَاقُ
لا الـدَّارُ دَارٌ بَعْـدَ مَا رَحَلَ الصِّبَا
عَنِّــي وَلا تِلْــكَ الرِّفَــاقُ رِفَــاقُ
وَلَقَـدْ جَرَيْـتُ مَـعَ الْغَوَايَةِ وَالصِّبَا
جَــرْيَ الْكُمَيْــتِ وَلِلْغَــرَامِ سـِبَاقُ
وَلَبِسـْتُ هَـذَا الـدَّهْرَ مِـنْ أَطْرَافِـهِ
وَنَزَعْتُــــــهُ وَقَمِيصــــــُهُ أَخْلاقُ
فَـإِذَا الشـَّبَابُ وَدِيعَةٌ وَإِذَا الْفَتَى
هَــدْيٌّ لِفَــاغِرَةِ الْمَنُــونِ يُســَاقُ
لِلَّـــهِ أَيَّـــامٌ لَنَـــا مَعْرُوفَــةٌ
ســـَبَقَتْ وَلَيْــسَ لِســَبْقِهِنَّ لحَــاقُ
حَيْـثُ الصـِّبَا نَهْـبٌ وَسَلْسـَالُ الْهَوَى
عَـــذْبٌ وَآنِيَــةُ الســُّرُورِ دِهَــاقُ
فِــي جَنَّــةٍ خَضــْرَاءَ وَرْدُ خُـدُودِهَا
زَاهٍ وَغَيْـــثُ مُـــدَامِهَا غَيْـــدَاقُ
سـَفَرَتْ بِهَـا الأَقْمَـارُ مِـنْ أَطْوَاقِهَا
وَتَجَمَّعَـــتْ بِفِنَائِهَـــا الْعُشـــَّاقُ
فَــالنُّطْقُ جَهْــرٌ وَالتَّحِيَّــةُ قُبْلَـةٌ
بَيْـــنَ الأَحِبَّــةِ وَالســَّلامُ عِنَــاقُ
لا يَســْأَمُونَ اللَّهْــوَ بَيْــنَ مَلاعِـبٍ
قَــدْ قَــامَ فِيهَــا لِلْخَلاعَـةِ سـَاقُ
يَفْتَـنُّ عَقْـلُ الْمَـرْءِ فِـي تَصـْوِيرِهَا
وَتَحَــارُ فِــي تَمْثِيلِهَــا الأَحْـدَاقُ
فَعَلَـى الْمُـرُوجِ مِـنَ الْخَمَائِلِ رَفْرَفٌ
وَعَلَــى الْخَمَــائِلِ لِلْغُيُــومِ رُوَاقُ
بَعَــثَ الرَّبِيـعُ لَهُـنَّ مِـنْ أَنْفَاسـِهِ
فَســـَمَتْ طِبَـــاقٌ فَــوْقَهُنَّ طِبَــاقُ
دُنْيَــا نَعِيــمٍ لا بَقَــاءَ لِحُسـْنِهَا
وَنَعِيــمُ دُنْيَــا مَـا لَهَـا مِيثَـاقُ
فَلَقَــدْ مَضـَى ذَاكَ الزَّمَـانُ بِحُسـْنِهِ
وَســـَمَا إِلَــيَّ الْهَــمُّ وَالإِيــرَاقُ
وَغَــدَوْتُ حَــرَّانَ الْفُــؤَادِ كَأَنَّمَـا
ضـــَاقَتْ عَلَــيَّ بِرُحْبِهَــا الآفَــاقُ
نَفِسـَتْ عَلَـيَّ بَنُـو الزَّمَـانِ شَمَائِلِي
فَلَهُـــمْ بِـــذَلِكَ خِفَّـــةٌ وَنِــزَاقُ
حَسـِبُوا التَّحَـوُّلَ فِي الطِّبَاعِ خَلِيقَةً
وَتَحَــــوُّلُ الأَخْلاقِ لَيْـــسَ يُطَـــاقُ
تَــاللَّهِ أَهْــدَأُ أَوْ تَقُـومُ قِيَامَـةٌ
فِيهَـا الـدِّمَاءُ عَلَـى الدِّمَاءِ تُرَاقُ
تَرْتَـدُّ عَيْـنُ الشـَّمْسِ فِـي سـَتَرَاتِهَا
وَيَضــِلُّ فِــي هَبَوَاتِهَــا الإِشــْرَاقُ
شــَعْوَاءُ تَلْتَهِـمُ الْفَضـَاءَ وَيَرْتَقِـي
مِنْهَــا عَلَـى حُبُـكِ السـَّمَاءِ نِطَـاقُ
أَنَــا لا أَقَـرُّ عَلَىالْقَبِيـحِ مَهَابَـةً
إِنَّ الْقَــرَارَ عَلَـى الْقَبِيـحِ نِفَـاقُ
قَلْبِــي عَلَــى ثِقَــةٍ وَنَفْسـِي حُـرَّةٌ
تَـــأْبَى الـــدَّنِيَّ وَصـــَارِمِي ذَلَّاقُ
فَعَلامَ يَخْشــَى الْمَـرْءُ فُرْقَـةَ رُوحِـهِ
أَوَ لَيْــسَ عَاقِبَــةُ الْحَيَـاةِ فِـرَاقُ
فَـارْغَبْ بِنَفْسـِكَ وَهْـيَ فِـي أَثْوابِهَا
إِنْ لَــمْ تَكُــنْ شـَامٌ فَتِلْـكَ عِـرَاقُ
لا خَيْـرَ فِـي عَيْـشِ الْجَبَـانِ يَحُـوطُهُ
مِـــنْ جَـــانِبَيهِ الـــذُّلُّ وَالإِمْلاقُ
عَــابُوا عَلَــيَّ حَمِيَّتِــي وَنِكَـايَتِي
وَالنَّــارُ لَيْــسَ يَعِيبُهَـا الإِحْـرَاقُ
فَاضــْرَحْهُمُ ضـَرْحَ الْعُيُـونِ قَـذَاتَهَا
وَحَـــذَارِ لا تَعْلَـــقْ بِـــكَ الْعُلَّاقُ
فَالنَّــاسُ أَشــْبَاهٌ وَشــَتَّى بَيْنَهُـمْ
تَـــدْنُو الْجُســُومُ وَتَبْعُــدُ الأَخْلاقُ
فَــاعْرِفْهُمُ وَاحْـذَرْ تَشـَابُهَ أَمْرِهِـمْ
لا تَســـــْتَوِي الأَغْلالُ وَالأَطْــــوَاقُ
لا تَحْســَبَنَّ الرِّفْــقَ يَنْــزِعُ غِلَّهُـمْ
الشـــَّرُّ دَاءٌ مَـــا لَــهُ إِفْــرَاقُ
شـَرُوا الضـَّلالَةَ بِالْهُـدَى وَاغْتَرَّهُـمْ
لِيــنُ الْحَيَـاةِ وَمَاؤُهَـا الرَّقـرَاقُ
فَتَـرَى الْفَتَـى مِنْهُـمْ كَـأَنَّ بِرَأْسـِهِ
نَــزْغَ الْجُنُـونِ فَلَيْـسَ فِيـهِ لَيَـاقُ
مُتَلَـــوِّنُ الأَخْلاقِ بَيْـــنَ عَشـــِيرِهِ
جَهْلاً كَمَـــا يَتَلَـــوَّنُ الشـــِّقْرَاقُ
لَهِــجٌ بِعَارِيَـةِ الْحَيَـاةِ وَمَـا دَرَى
أَنَّ الْحَيَــاةَ إِلَـى الْمَنُـونِ مَسـَاقُ
لَوْ كَانَ يَسْلَمُ فِي الزَّمَانِ مِنَ الرَّدَى
حَـــيٌّ لَعَـــاشَ بِجَــوِّهِ الســَّيْذَاقُ
أَرْبَــى عَلَـى شـِمْرَاخِ أَرْعَـنَ بَـاذِخٍ
ســَامٍ لَــهُ فَــوْقَ السـَّحَائِبِ طَـاقُ
نَهْمَــانُ يَعْتَلِــقُ الْقَطَـا بِمَخَـالِبٍ
حُجْـــنٍ لَهُـــنَّ بِوَقْعِهَــا تَصــْعَاقُ
لا يَســْتَقِرُّ بِــهِ الْجَنَــاحُ وَطَرْفُـهُ
مُتَقَلِّـــبٌ يَســـْمُو بِــهِ الإِرْشــَاقُ
بَيْنَــا كَــذَلِكَ إِذْ أَصــَابَ عِصـَابَةً
لِلطَّيْــرِ أَرْســَلَهَا صــَدَىً مِحْــرَاقُ
فَســَمَا فَحَلَّــقَ فَاســْتَدَارَ فَصـَكَّهَا
بِمُـــذَرَّبٍ تَمْكُـــو لَــهُ الأَعْنَــاقُ
تَسـْمُو فَيَتْبَعُهَـا فَتَهْـوِي وَهْـوَ فِـي
آثَارِهَـــا مَــرَّ الشــِّهَابِ حِــرَاقُ
مَـذْعُورَةٌ تَبْغِـي الْفِـرَارَ مِنَ الرَّدَى
إِنَّ الْفِــرَارَ مِــنَ الْمَنُـونِ وَثَـاقُ
حَتَّـى إِذَا فَتَـرَتْ وَحَـطَّ بِهَـا الْوَنَى
ســَقَطَتْ فَلَيْــسَ لِنَفْســِهَا أَرْمَــاقُ
فَـأَتَى فَمَزَّقَهَـا كَمَـا حَكَـمَ الـرَّدَى
وَلِكُـــلِّ نَفْـــسٍ مَـــرَّةً إِزْهَـــاقُ
أَفَــذَاكَ أَمْ ضــِرْغَامُ خِيــسٍ مُـدْهِسٌ
تَنْجَــابُ عَــنْ أَنْيَــابِهِ الأَشــْدَاقُ
مَنَــعَ الطَّرِيـقَ فَمَـا تَجُـوسُ خِلالَـهُ
فِــي ســَيْرِهَا الطُّــرَّاقُ وَالْمُـرَّاقُ
غَضـــْبَانُ يَضــْرِبُ ذَيْلَــهُ وَيَلُفُّــهُ
مِـــنْ جَـــانِبَيْهِ كَــأَنَّهُ مِخْــرَاقُ
عَصـَفَتْ عَلَيْـهِ النَّائِجَـاتُ وَخَـابَ مِنْ
هَــامِ الْوُحُــوشِ لَـهُ حَشـاً وَصـِفَاقُ
فَســَمَا فَأَبْصــَرَ رَاعِيَيْــنِ تَخَلَّفَـا
بِــالْعِيرِ تَصــْدَحُ بَيْنَهُــنَّ نِيَــاقُ
فَـــأَجَمَّ قُـــوَّتَهُ وَشـــَدَّ بِوَثْبَــةٍ
صـــُمُّ الصـــُّخُورِ لِوَقْعِهَـــا أَفْلاقُ
حَتَّـى إِذا اعْتَـرَضَ الرِّحَالَ إِذَا بِهَا
يَقِــــظٌ تَلِيـــنُ لِكَفِّـــهِ الأَرْزَاقُ
مُتَقَلِّـــدٌ ســـَيْفَاً تَــرِفُّ مُتُــونُهُ
رَفَّ الْمَصــــَابِحِ شـــَفَّهُنَّ لِيَـــاقُ
فَتَصــَاوَلا حَتَّـى إِذَا مَـا اسـْتَنْفَدَا
مَــا كَــانَ عِنْـدَهُمَا وَضـَاقَ خِنَـاقُ
هَمَّــا بِبَعْضــِهِمَا فَمَاتَــا مِيتَــةً
لَهُمَــا بِهَـا حَتَّـى الْمَعَـادِ وِفَـاقُ
أَمْ أَرْقَـــشٌ مَــرِسٌ يَســِيلُ كَــأَنَّهُ
بَيْـــنَ الْخَمَــائِلِ جَــدْوَلٌ دَفَّــاقُ
يَتَنَــاذَرُ الرَّاقُــونَ ســُمَّ لُعَـابِهِ
رُعْبـــاً فَلَيْـــسَ لِمَســِّهِ دِرْيَــاقُ
تَســـِمُ الظَّلامَ ذُبَالَتَــانِ بِرَأْســِهِ
تَقِــدَان لَيْــسَ عَلَيْهِمَــا أَطْبَــاقُ
يَســْرِي فَيَقْتَحِـمُ السـِّرَارَ وَيَرْتَمِـي
بِســـَنَاهُمَا الْمُتَنَبِّــلُ الْمِرْشــَاقُ
تَـرَكَ الْوُحُـوشُ لَـهُ الْفَلاةَ وَأَوْغَلَـتْ
طَلَــبَ النَّجَــاةِ فَجَمْعُهــا أَحْـذَاقُ
حَتَّــى إِذَا ظَــنَّ الظُّنُــونَ بِنَفْسـِهِ
تِيهــاً بِهَــا وَخَلَـتْ لَـهُ الأَعْمَـاقُ
أَنْحَــى فَأَقْصــَدَهُ الزَّمَـانُ بِسـَهْمِهِ
إِنَّ الزَّمَـــانَ لَنَابِـــلٌ مِيفَـــاقُ
حِكَــمٌ تَحَيَّــرَتِ الْبَرِيَّــةُ دُونَهَــا
وَتَنَـــازَعَتْ أَســـْبَابَهَا الْحُــذَّاقُ
فَاســْمَعْ فَمَــا كُــلُّ الْكَلامِ بِطَيِّـبٍ
وَلِكُــلِّ قَــوْلٍ فِـي السـَّمَاعِ مَـذَاقُ
نَــزَلَ الْكَلامُ إِلَــيَّ مِــنْ شـُرُفَاتِهِ
وَتَمَثَّلَــــتْ بِحَــــدِيثِيَ الآفَـــاقُ
محمود سامي باشا بن حسن حسين بن عبد الله البارودي المصري.أول ناهض بالشعر العربي من كبوته، في العصر الحديث، وأحد القادة الشجعان، جركسي الأصل من سلالة المقام السيفي نوروز الأتابكي (أخي برسباي).نسبته إلى ( إيتاي البارود)، بمصر، وكان لأحد أجداده في عهد الالتزام مولده ووفاته بمصر، تعلم بها في المدرسة الحربية.ورحل إلى الأستانة فأتقن الفارسية والتركية، وله فيها قصائد دعاء إلى مصر فكان من قواد الحملتين المصريتين لمساعدة تركيا.الأولى في ثورة كريد سنة1868، والثانية في الحرب الروسية سنة 1877، وتقلب في مناصب انتهت به إلى رئاسة النظار، واستقال.ولما حدثت الثورة العرابية كان في صفوف الثائرين، ودخل الإنجليز القاهرة، فقبض عليه وسجن وحكم بإعدامه، ثم أبدل الحكم بالنفي إلى جزيرة سيلان.حيث أقام سبعة عشر عاماً، أكثرها في كندا تعلم الإنجليزية في خلالها وترجم كتباً إلى العربية وكفَّ بصره وعفي عنه سنة 1317ه فعاد إلى مصر.أما شعره فيصح اتخاذه قاتحة للأسلوب العصري الراقي بعد إسفاف النظم زمناً غير معتبر.له (ديوان شعر -ط)، جزآن منه، (ومختارات البارودي -ط) أربعة أجزاء.