
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
هَـوَىً كَانَ لِي أَنْ أَلْبَسَ الْمَجْدَ مُعْلَمَا
فَلَمَّـا مَلَكْـتُ السـَّبْقَ عِفْـتُ التَّقَدُّمَا
وَمَـنْ عَـرفَ الـدُّنْيَا رَأَى مَـا يَسـُرُّهُ
مِـنَ الْعَيْـشِ هَمّاً يَتْرُكُ الشَّهْدَ عَلْقَمَا
وَأَيُّ نَعِيــمٍ فِــي حَيَــاةٍ وَرَاءَهَــا
مَصــَائِبُ لَــوْ حَلَّــتْ بِنَجْـمٍ لأَظْلَمَـا
إِذَا كَــانَ عُقْبَــى كُــلِّ حَـيٍّ مَنِيَّـةٌ
فَسـِيَّانِ مَـنْ حَـلَّ الْوِهَـادَ وَمَـنْ سَمَا
وَمِـنْ عَجَـبٍ أَنَّـا نَـرَى الْحَـقَّ جَهْـرَةً
وَنَلْهُــو كَأَنَّــا لا نُحَــاذِرُ مَنْـدَمَا
يَـوَدُّ الْفَتَـى فِـي كُـلِّ يَـوْمٍ لُبَانَـةً
فَــإِنْ نَالَهَـا أَنْحَـى لأُخْـرَى وَصـَمَّمَا
طَمَاعَـةُ نَفْـسٍ تُـورِدُ الْمَـرْءَ مَشـْرَعاً
مِــنَ الْبُـؤْسِ لا يَعْـدُوهُ أَوْ يَتَحَطَّمَـا
أَرَى كُــلَّ حَــيٍّ غَــافِلاً عَـنْ مَصـِيرِهِ
وَلَـوْ رَامَ عِرْفَـانَ الْحَقِيقَـةِ لانْتَمَـى
فَـأَيْنَ الأُلَى شَادُوا وَبَادُوا أَلَمْ نَكُنْ
نَحُــلُّ كَمَــا حَلُّـوا وَنَرْحَـلُ مِثْلَمَـا
مَضــَوْا وَعَفَـتْ آثَـارُهُمْ غَيْـرَ ذُكْـرَةٍ
تُشــِيدُ لَنَـا مِنْهُـمْ حَـدِيثاً مُرَجَّمَـا
ســَلِ الأَوْرَقَ الْغِرِّيــدَ فِـي عَـذَبَاتِهِ
أَنَــاحَ عَلَــى أَشــْجَانِهِ أَمْ تَرَنَّمَـا
تَرَجَّـحَ فِـي مَهْـدٍ مِـنَ الأَيْـكِ لا يَنِـي
يَمِيـــلُ عَلَيْـــهِ مَــائِلاً وَمُقَوَّمــا
يَنُـوحُ عَلَـى فَقْـدِ الْهَـديلِ وَلَمْ يَكُنْ
رَآهُ فَيَـــا لِلَّـــهِ كَيْــفَ تَهَكَّمَــا
وَشـَتَّانَ مَـنْ يَبْكِـي عَلَـى غَيْـرِ عِرْفَةٍ
جِزَافــاً وَمَـنْ يَبْكِـي لِعَهْـدٍ تَجَرَّمَـا
لَعَمْـرِي لَقَـدْ غَـالَ الـرَّدَى مَنْ أُحِبُّهُ
وَكَــانَ بِــوُدِّي أَنْ أَمُــوتَ وَيَسـْلَمَا
وَأَيُّ حَيَـــاةٍ بَعْـــدَ أُمٍّ فَقَـــدْتُهَا
كَمَـا يَفْقِدُ الْمَرْءُ الزُّلالَ عَلَى الظَّمَا
تَـوَلَّتْ فَـوَلَّى الصـَّبْرُ عَنِّـي وَعَـادَنِي
غَــرَامٌ عَلَيْهَـا شـَفَّ جِسـْمِي وَأَسـْقَمَا
وَلَــمْ يَبْـقَ إِلَّا ذُكْـرَةٌ تَبْعَـثُ الأَسـَى
وَطَيْـفٌ يُـوَافِينِي إِذَا الطَّـرْفُ هَوَّمَـا
وَكَــانَتْ لِعَيْنِــي قُــرَّةً وَلِمُهْجَتِــي
سـُرُوراً فَخَـابَ الطَّرْفُ وَالْقَلْبُ مِنْهُمَا
فَلَــوْلا اعْتِقَـادِي بِالْقَضـَاءِ وَحُكْمِـهِ
لَقَطَّعْـــتُ نَفْســِي لَهْفَــةً وَتَنَــدُّمَا
فَيَــا خَبَـرَاً شـَفَّ الْفُـؤَادَ فَأَوْشـَكَتْ
ســـُوَيْدَاؤُهُ أَنْ تَســْتَحِيلَ فَتَســْجُمَا
إِلَيْــكَ فَقَــدْ ثَلَّمْـتَ عَرْشـاً مُمَنَّعـاً
وَفَلَّلْــتَ صَمْصــَاماً وَذَلَّلْــتَ ضـَيْغَمَا
أَشـَادَ بِـهِ النَّـاعِي وَكُنْـتُ مُحَارِبَـاً
فَـأَلْقَيْتُ مِـنْ كَفِـي الْحُسَامَ الْمُصَمِّمَا
وَطَـارَتْ بِقَلْبِـي لَوْعَـةٌ لَـوْ أَطَعْتُهَـا
لأَوْشــَكَ رُكْــنُ الْمَجْــدِ أَنْ يَتَهَـدَّمَا
وَلَكِنَّنِــي رَاجَعْــتُ حِلْمِــي لأَنْثَنِــي
عَـنِ الْحَـرْبِ مَحْمُـودَ اللِّقَـاءِ مُكَرَّمَا
فَلَمَّـا اسـْتَرَدَّ الْجُنْدَ صِبْغٌ مِنَ الدُّجَى
وَعَـادَ كِلا الْجَيْشـَيْنِ يَرْتَـادُ مَجْثِمَـا
صــَرَفْتُ عِنَــانِي رَاجِعَــاً وَمَـدَامِعِي
عَلَـى الْخَـدِّ يَفْضَحْنَ الضَّمِيرَ الْمُكَتَّمَا
فَيَــا أُمَّتَـا زَالَ الْعَـزَاءُ وَأَقْبَلَـتْ
مَصــَائِبُ تَنْهَـى الْقَلْـبَ أَنْ يَتَلَوَّمَـا
وَكُنْـتُ أَرَى الصـَّبْرَ الْجَمِيـلَ مَثُوبَـةً
فَصــِرْتُ أَرَاهُ بَعْــدَ ذَلِــكَ مَأْثَمَــا
وَكَيْــفَ تَلَــذُّ الْعَيْـشَ نَفْـسٌ تَـدَرَّعَتْ
مِـنَ الْحُـزْنِ ثَوْبـاً بِالدُّمُوعِ مُنَمْنَمَا
تَــأَلَّمْتُ فِقْــدَانَ الأَحِبَّــةِ جَازِعَــاً
وَمَــنْ شــَفَّهُ فَقْـدُ الْحَبِيـبِ تَأَلَّمَـا
وَقَــدْ كُنْـتُ أَخْشـَى أَنْ أَرَاكِ سـَقِيمَةً
فَكَيْـفَ وَقَـدْ أَصْبَحْتِ فِي التُرْبِ أَعْظُمَا
بَلَغْـتِ مَـدَى تِسـْعِينَ فِـي خَيْـرِ نِعْمَةٍ
وَمَــنْ صــَحِبَ الأَيَّـامَ دَهْـراً تَهَـدَّمَا
إِذَا زَادَ عُمْــرُ الْمَـرْءِ قَـلَّ نَصـِيبُهُ
مِـنَ الْعَيْـشِ وَالنُّقْصـَانُ آفَةُ مَنْ نَمَا
فَيَـا لَيْتَنَـا كُنَّـا تُرَابَـاً وَلَمْ نَكُنْ
خُلِقْنَـا وَلَمْ نَقْدَمْ إِلَى الدَّهْرِ مَقْدَمَا
أَبَـى طَبْـعُ هَـذَا الـدَّهْرِ أَنْ يَتَكَرَّمَا
وَكَيْـفَ يَـدِي مَـنْ كَانَ بِالْبُخْلِ مُغْرَمَا
أَصـــَابَ لَــدَيْنَا غِــرّةً فَأَصــَابَنَا
وَأَبْصـــَرَ فِينَـــا ذَلّــةً فَتَحَكَّمَــا
وَكَيْــفَ يَصـُونُ الـدَّهْرُ مُهْجَـةَ عَاقِـلٍ
وَقَـدْ أَهْلَـكَ الْحَيَّيْـنِ عَـادَاً وَجُرْهُمَا
هُـوَ الأَزْلَـمُ الْخَـدَّاعُ يَخْفِـرُ إِنْ رَعَى
وَيَغْـدِرُ إِنْ أَوْفَـى وَيُصـْمِي إِذَا رَمَـى
فَكَـمْ خَـانَ عَهْـدَاً وَاسـْتَبَاحَ أَمَانَـةً
وَأَخْلَــفَ وَعْــدَاً وَاســْتَحَلَّ مُحَرَّمَــا
فَــإِنْ تَكُـنِ الأَيَّـامُ أَخْنَـتْ بِصـَرْفِهَا
عَلَــيَّ فَــأَيُّ النَّـاسِ يَبْقَـى مُسـَلَّمَا
وَإِنِّـــي لأَدْري أَنَّ عَاقِبَـــةَ الأَســَى
وَإِنْ طَــالَ لا يُــرْوِي غَلِيلاً تَضــَرَّمَا
وَلَكِنَّهَــا نَفْــسٌ تَـرَى الصـَّبْرَ سـُبَّةً
عَلَيْهَــا وَتَرْضــَى بِـالتَّلَهُّفِ مَغْنَمَـا
وَكَيْــفَ أَرَانِــي نَاسـِياً عَهْـدَ خُلَّـةٍ
أَلِفْــتُ هَوَاهَــا نَاشــِئاً وَمُحَكَّمَــا
وَلَـوْلا أَلِيـمُ الْخَطْـبِ لَـمْ أَمْرِ مُقْلَةً
بِــدَمْعٍ وَلَــمْ أَفْغَـرْ بِقَافِيَـةٍ فَمَـا
فَيَـا رَبَّـةَ الْقَبْـرِ الْكَرِيمِ بِمَا حَوَى
وَقَتْـكِ الـرَّدَى نَفْسـِي وَأَيْـنَ وَقَلَّمَـا
وَهَـلْ يَسـْتَطِيعُ الْمَـرْءُ فِدْيَـةَ رَاحِـلٍ
تَخَرَّمَــهُ الْمِقْــدَارُ فِيمَــنْ تَخَرَّمَـا
ســَقَتْكِ يَـدُ الرِّضـْوَانِ كَـأْسَ كَرَامَـةٍ
مِـنَ الْكَـوْثَرِ الْفَيَّاضِ مَعْسُولَةَ اللَّمَى
وَلا زَالَ رَيْحَــانُ التَّحِيَّــةِ نَاضــِرَاً
عَلَيْــكِ وَهَفَّــافُ الرِّضــَا مُتَنَســَّمَا
لِيَبْـكِ عَلَيْـكِ الْقَلْـبُ لا الْعَيْنُ إِنَّنِي
أَرَى الْقَلْـبَ أَوْفَـى بِالْعُهُودِ وَأَكْرَمَا
فَــوَاللَّهِ لا أَنْســَاكِ مَـا ذَرَّ شـَارِقٌ
وَمَــا حَــنَّ طَيْـرٌ بِـالأَرَاكِ مُهَيْنِمَـا
عَلَيْـــكِ ســـَلامٌ لا لِقَــاءَةَ بَعْــدَهُ
إِلَى الْحَشْرِ إِذْ يَلْقَى الأَخِيرُ الْمُقَدَّمَا
محمود سامي باشا بن حسن حسين بن عبد الله البارودي المصري.أول ناهض بالشعر العربي من كبوته، في العصر الحديث، وأحد القادة الشجعان، جركسي الأصل من سلالة المقام السيفي نوروز الأتابكي (أخي برسباي).نسبته إلى ( إيتاي البارود)، بمصر، وكان لأحد أجداده في عهد الالتزام مولده ووفاته بمصر، تعلم بها في المدرسة الحربية.ورحل إلى الأستانة فأتقن الفارسية والتركية، وله فيها قصائد دعاء إلى مصر فكان من قواد الحملتين المصريتين لمساعدة تركيا.الأولى في ثورة كريد سنة1868، والثانية في الحرب الروسية سنة 1877، وتقلب في مناصب انتهت به إلى رئاسة النظار، واستقال.ولما حدثت الثورة العرابية كان في صفوف الثائرين، ودخل الإنجليز القاهرة، فقبض عليه وسجن وحكم بإعدامه، ثم أبدل الحكم بالنفي إلى جزيرة سيلان.حيث أقام سبعة عشر عاماً، أكثرها في كندا تعلم الإنجليزية في خلالها وترجم كتباً إلى العربية وكفَّ بصره وعفي عنه سنة 1317ه فعاد إلى مصر.أما شعره فيصح اتخاذه قاتحة للأسلوب العصري الراقي بعد إسفاف النظم زمناً غير معتبر.له (ديوان شعر -ط)، جزآن منه، (ومختارات البارودي -ط) أربعة أجزاء.