
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
عِــشْ فـي زَمانِـك وَاِحـذَر الإِنسـانا
يَكفيــكَ مِــن أَفعــالِهِ مـا كانـا
وَاصـرِم حبالَـكَ مِـن مُعاشـَرةِ الألـى
مَقتـوا النُفـوسَ وَغَيّـروا الأَبـدانا
قَـد طالَمـا يَـأتي الأَذى مِمَـن يُـري
ك صــَداقةً قَــد أَخفَــت البُهتانـا
فَمِــن المُحــالِ صـَفاءُ قَلـبٍ فاسـدٍ
مَــــن ذا يَصـــيِّرُ حنظلاً رُمّانـــا
فَاِسـخَر مِـنَ اَهـلِ الكِبرياءِ وَحالَهِم
فَــأَخو التَكَبُّــرِ لا يَــزال مُهانـا
يَكفيهــمُ عِنـدَ السـَلامِ بِـأَن غَـدَوا
بِنطــاحِهم قَـد أَشـبَهوا الثيرانـا
إِنَ الوَضــيعَ إِذا اِرتَقــى لِوظيفـةٍ
صــَعَدَ السـَماءَ اَن يَسـتَطِع طَيَرانـا
فَــالتّبرُ يُخفــي جُرمَـهُ فـي مـائِهِ
وَالتبــنُ يَظهــرُ طافيــاً وَمُهانـا
رَدِّد لحاظــكَ فـي العَـوالم لا تَـرى
إِلا صــــَديقاً غــــادَرا خوّانـــا
جَعَلــوا الدِيانـةَ لِلشـُرورِ وَسـيلةً
لِلأَبريـــاء وَأَلهبــوا النيرانــا
لا ديــن لا وَصــف المُـروءةِ عِنـدَهُم
بَــل خــالَفوا القُـرآن وَالـدّيّانا
داســوا الضــِعافَ بِأَرجُـلٍ أَفهكـذا
رَبُّ الأَنــــامِ عَلَيهُـــمُ أَوصـــانا
فَالنــاسُ يُولــونَ الغِنــيَّ كَرامـةً
وَلَــو اِرتَــدى مِـن لُـؤمِهِ قُمصـانا
فَــإِذا اِرتَقَيــتَ لِمَنصـبٍ فَجَليلَهُـم
وَحَقيرُهُــم نَحـوَ الحِمـى قَـد دانـا
وَسـَعَوا إَلَيـكَ بِمـا تَـروم وَتَشـتَهي
وَإِذا نُكِبـــتَ فَلا تَـــرى أَعوانــا
أَهــل التَمَلُّــقِ يَنتَمـونَ لِكُـلِّ مَـن
نــالَ الوَظيـفَ وَلَـو غَـدا شـَيطانا
أَهـلُ الدَسـائسِ وَالوَسـاوسِ إِن رَأوا
شــَراً لِقَــومٍ قــالوا مـا أَولانـا
قــالوا الشـُعورُ وَلا شـُعورَ لَـدَيهِمُ
إِلا شــــُعوراً أَشـــبَهت نِســـوانا
أَهـــلُ الحَميـــةِ مِنهُــم جَرِّبهُــمُ
إِن وُظِّفـــوا أَو قُلِّــدوا نيشــانا
وَأَنظـر لَهُـم مِـن بَعـدِ ذَلِك لَم تَجِد
شـَيئاً مِـن الأَمـر الَّـذي قَـد كانـا
لا تَعجَبَــنَّ مِــن الشـُرورِ إِذا بَـدَت
وَاعجــبْ لِخَيــرٍ فـي زَمانَـك بانـا
شــَتانَ بَيــنَ الســالفين وَفعلِهِـم
وَفِعالُنـــا فــي دَهرِنــا شــَتّانا
أَســلافُ خَيــرٍ لِلكَمــالِ تَســابقوا
بِعَزيمـــةٍ وَتَـــدرَّعوا الإِيمانـــا
كـــانتَ قُلــوبَهُمُ تَفيــضُ بَرَحمــةٍ
لَمــا اِهتَـدوا وَتَـدَبَّروا القُرآنـا
رَفَعـوا البِنـاءَ فَجـاءَ خَلـفٌ بَعدَهُم
نَشــَرَ الفَســادَ وَقَــوَّضَ البُنيانـا
خُلِـقَ العِبـادُ إِلى السَعادةِ وَالصَفا
لَكِــن لِســوء الحَــظِّ مـا أَشـقانا
مِـن عَهـد آدمَ وَالتَبـاغضُ قَـد سـَرى
قابيــلُ قَـد سـَفَكَ الـدِماء وَخانـا
بَعَــثَ الإِلَــهُ الأَنبيـاءَ لِنَشـرِ مـا
فيـهِ التَـآخي فَلـم نَـرَ إِلا خوانـا
حَســَدٌ وَبُغــضٌ وَاِغتيــابٌ قَـد فَشـا
بَيــنَ الشــُعوبِ وَهَــدَّمَ الأَركانــا
فَمباهــجُ الــدُنيا لَــدَينا كَـثرةٌ
يـا لَيـتَ شـِعري مـا الَّـذي أَبكانا
لَــو كــانَ فينــا ألفـةٌ وَتَحـاببٌ
مـا اِسـتَعبَدَتنا فـي الوَرى أَعدانا
فَــأرِحْ فُــؤادَكَ مِــن عَـذابٍ نـازلٍ
وَمَنــاظرٍ تَــدَع الفَــتى حَيرانــا
وَإِنـسَ بَهـرَ البَيـت وَاِتـرُك صـاحِباً
مُتَلَوِّنـــاً مِـــن خُبثِــهِ أَلوانــا
وَأَسـَعَد فَقَـد سـَعِد القُنـوعُ بِكَسـرةٍ
وَشــَقى مَليــكٌ قَــد حَـوى تيجانـا
نَسـجُ العَنـاكِبِ قَـد يَـروق لِنَـاظِري
فــي عُزلَــتي وَرِياضــَتي أَحيانــا
وَلَقــد أَرى بَيــنَ القُيــود مَسـَرةٌ
وَالحــيُّ يَجلــبُ لِلــوَرى أَحزانــا
ناجِ الطُيورَ عَلى الغُصون إِذا اِرتَقَت
وَدَعِ الــوَرى وَاِسـمَع لَهـا أَلحانـا
وَاِنظُــر إِلـى الأَوراقِ تَبسـطُ كَفَّهـا
شــُكراً إِلــى مَـن أَبـدَعَ الأَكوانـا
وَالشــَمسُ عِنــدَ مَغيبِهــا مُصــفَرةٌ
كَمَحيــا خُــودٍ عِشــقُها قَـد بانـا
وَتَـرى النُجـومَ مِـنَ السـَماءِ مُطلـةٌ
كَخـــرائدٍ قَــد غــازَلَت وَلهانــا
وَالبَـدرُ يَشـبَهُ وَجـهَ مَـن أَهواهُ في
إِشــــراقِهِ وَكَمــــالِهِ ســـُبحانا
لا تَجزَعَــنَّ مِــنَ الوحــوشِ فَإِنَّهــا
إن أُكرَمـــت لا تُنكـــرُ الإِحســانا
فَــالوَحشُ يَعطيــك الأَمــانَ حَقيقـةً
وَإِذا اِئتَمَنـــت إِبــنَ آدم خانــا
قَــد تَوجــدُ الأَخيــارُ لَكِـن نـادر
وَالفَحــصُ عَنهُــم يُتعِــبُ الأَبـدانا
دُنيــاك بَحــرٌ وَالعِبــادُ كَــأَنَّهُم
فــي أَكــلِ بَعضـِهِمُ غَـدوا حِيتانـا
وَالمَـــوتُ صـــَياد وَفيــهِ عِــبرةٌ
لِنُفوِســِنا عَجَبــاً فَمــا أَقســانا
مــا كــانَ أَحوَجَنــا لِحُسـنِ تَـآلفٍ
لَكِــن لِســوءِ الخَلـف قَـد أَردانـا
فَســَفينةُ الإِصــلاحِ فيهــا صــلّاحَنا
وَحَياتُنـــا لَــو صــادَفَت رُبانــا
حُــبُّ الرِئاســةِ قادَنــا لِمَهالــكٍ
وَقَضــى عَلــى مـا نَـأمَلوه هَوانـا
فَالبُخـلُ فينا عَلْى المَصالحِ قَد فَشا
لَكِــن عَلـى الشـَهواتِ مـا أَسـخانا
يــا أَيُّهــا الإِنسـانُ كُـن مُتَبَصـِّراً
مــا دُمـتَ حَيـاً فـي حِمـى دُنيانـا
وَاسـلك سـَبيلَ الخَيـرِ دَوماً وَاِبتَعد
عَــن جَمعِيــاتٍ شــَرُّها قَــد بانـا
صالح السويسي القيرواني.أديب، له شعر، مولده، ومنشؤه ووفاته بالقيروان، انتقل إلى تونس وقرأ فيها في جامع الزيتونة.وكان ظريفاً حاضر النكتة، يعد في أوائل من طرقوا الموضوعات الاجتماعية والوطنية من أدباء تونس.عاش في عصر وصف بالجمود الفكري، ولكن القيرواني تعرف على كل الطبقات الاجتماعية،وتأثر بالمصلحين، وكان يعتمد على الحجج التاريخية والعلم الذي اعتبره الركيزة الأساسية للنهضة.له كتب، طبع منها: (منجم التبر في النظم والنثر)، و (دليل القيروان) و (جامع اليتامى)، وغيرها.وهو واضع أول رواية في الأدب التونسي، سماها (الصفاء)، وسراج الليل، نشرت في مجلة خير الدين بتونس.