
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
قَــوِّض رِحالَــك عَــن أَرضٍ تُضـامُ بِهـا
فَالضـَيمُ إِن دامَ نَفـسُ الحُـرِّ يَرديهـا
وَاِسـكُن بُيوتـاً إِذا راقَ المُقـامُ بِها
فَــاِمكُث وَإِلا خَفيــف الحَمـل يَطويهـا
فَفــي البَـداوةِ رَبّـاتُ السـُفورِ وَقَـد
يُشــرقن كَالشــَمسِ لا غَيــمٌ يُغَطِّيهــا
يَرتَعــنَ فــي فلَــواتٍ حُسـنُ مَنظَرِهـا
خُضـــر النَبــات بِأَزهــارٍ يوشــّيها
يَحمِلــنَ جَــرّاتِ مــاءٍ يَنثنيـنَ بِهـا
مِثـلَ الغُصـونِ إِذا مـا الرّيحُ تحنيها
يَلبَســنَ زُرقَ ثيــابٍ كَــالكَواكبِ فـي
ثَــوبِ الســَماءِ بِحُسـنٍ فـاقَ تَشـبيها
فَاِنظُر إِلى الشَمسِ في وَقتِ الطُلوعِ لَها
ثَــوبٌ مِــنَ التّــبر لَمّــاعٍ يَحليهـا
تَرمـي الشُعاعَ عَلى الكَونِ البَديعِ وَإن
حـانَ الغُـروبُ اِختَفَـت سـُبحانَ مُخفيها
يَبــدو الهِلالُ مُشــيراً نَحــوَ أَنجُمِـهِ
إِشـــارةً ســابِحات الأُفــقِ تَــدريها
حَتّـى إِذا صـارَ فـي دَورِ الكَمـالِ بَدا
مِنـهُ الضـِياءُ عَلـى الدُنيا وَمَن فيها
تَــرَ الجِبـالَ تُنـاجي السـَحبَ شـاهِقةً
دَلَّــت عَلــى قُــوَةِ الجَبـارِ مُرسـيها
مَــرُّ الرِيـاحِ عَلـى الأَشـجارِ يُنعِشـُها
بِنَفحـــةٍ زَهــراتُ الغــابِ تُهــديها
تِلــكَ الصــَحائفُ لِلتَوحيــدِ لا كُتــب
مَشـائخُ العلـمِ طـولُ الـدَهرِ تقريهـا
لَـو يَسـكُن المُلحـدُ المَغـرورُ باديـةً
شـــَهراً وَأَفكــارُهُ مِنهــا يُغَــذّيها
وَيُرســلُ الطَـرفَ فـي أَبهـى مَحاسـِنها
لَقـــالَ أَشــهَدُ أَنَّ اللَــهَ باريهــا
إِن الطَبيعــــةَ دَرسٌ لِلعُقــــول وَإن
زاغَــت إِلــى طُـرق الإِيمـان تَهـديها
كُـن فـي بَـدائعِ صـُنعِ اللَـهِ مُعتَبِـراً
وَلا تَكُـــن حَيوانــاً راتِعــاً فيهــا
فَـالجودُ كَـالنَهرِ أَرضُ البَـدوِ مَنبَعُـهُ
وَكَــم بُيـوت بِهـا الشـُجعانُ تَحميهـا
لا مَجلـــسٌ بِلَـــديٌّ حَـــلَّ ســـاحتَها
وَلا غُبــارُ عُيــونِ القَــومِ يعميهــا
وَلا دِيــارٌ لأَجــلِ الفُحــشِ قَـد فُتِحَـت
وَلا خُمــورٌ إِلــى الأَلبــابِ تُؤذيهــا
وَلا قِمــارٌ خَلَــت مِنــهُ الـدِيارُ وَلا
فِســـقٌ وَلا تَـــرَفٌ لِلنَفــسِ يُضــنيها
إِنَّ الهَــــواءَ نطاســــيٌ شـــَهادَتهُ
دونَ الشـَهاداتِ بـاري الخَلـقِ مُعطيها
فَــأَجلس عَلــى بُسـُطِ الأَزهـارِ لا بَسـط
مَبســوطة مِـن قصـورِ حـازَ مـن فيهـا
فَمَنظــرُ البيــد وَالأَغنــامُ ســارحةٌ
مَــعَ الأَبــاعرِ فــي أَبهـى مَراعيهـا
أَشــهى وَأَســلَمَ مِــن جَمــعٍ بـواطِنُهُ
مُســـيئةٌ وِنِفــاقُ القَــولِ يُخفيهــا
فَـــالكَلبُ يَحفَـــظُ مَــولاهُ وَيَحرَســهُ
طــول اللَيـالي إِن أِسـوَدَّت دَياجيهـا
وَفــي العِبــادِ نُفـوسٌ طالَمـا غَـدَرَت
بِــأَنفُسٍ حُــرةٍ مــا كـانَت تُواسـيها
فَالحقــدُ وَالغَــدرُ يَبـدو كُـلّ آونـةٍ
فـي الأَرضِ يـا لَيـتَ شـعري مَن يُصفّيها
عَســى تَهــبُّ عَلَينــا نَفحــةٌ وَبِهــا
تَزكــو النُفـوسُ وَرَبُّ الخَلـقِ يَهـديها
يـا سـاكنَ البيـدِ دُم لِلعَيـشِ مُغتَبِطاً
وَكُــن صــَبوراً قَنوعـاً بِالَّـذي فيهـا
عَيـشُ البَسـاطةِ نَفسـي قَـد تَميـلُ لَـهُ
وَكُـــلُّ بادِيَـــةٍ شـــِعري يُحيِّيهـــا
صالح السويسي القيرواني.أديب، له شعر، مولده، ومنشؤه ووفاته بالقيروان، انتقل إلى تونس وقرأ فيها في جامع الزيتونة.وكان ظريفاً حاضر النكتة، يعد في أوائل من طرقوا الموضوعات الاجتماعية والوطنية من أدباء تونس.عاش في عصر وصف بالجمود الفكري، ولكن القيرواني تعرف على كل الطبقات الاجتماعية،وتأثر بالمصلحين، وكان يعتمد على الحجج التاريخية والعلم الذي اعتبره الركيزة الأساسية للنهضة.له كتب، طبع منها: (منجم التبر في النظم والنثر)، و (دليل القيروان) و (جامع اليتامى)، وغيرها.وهو واضع أول رواية في الأدب التونسي، سماها (الصفاء)، وسراج الليل، نشرت في مجلة خير الدين بتونس.